الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الكاف
فمن ذلك قوله تعالى في سورة " الفاتحة ":
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
.
قرئ بخفض الكاف ورفعها ونصبها دون ألف.
وقرىء (مَالِكِ) بالألف مع الحركات الثلاث في الكاف، وقرئ (مليك) على وزن شريف مع الحركات الثلاث في الكاف:
فأما قراءة الخفض دون ألف فقرأ بها السبعةُ إلا عاصماً والكسائي.
وقرأ بها جماعة من الصحابة والتابعين، ووجهها أنه صفة (لله) ولا
إشكال؛ إذ إضافته مَحْضة، وقيل: هو بدل، وهو ضعيف لكونه مشتقّاً.
وأما قراءة الرفع فقرأ بها سعد بن أبي وقّاص، وعائشة، ومُوَرِّق
العِجلي، ووجهها أنه مرفوع على القطع، أي: هو ملك.
وأما قراءة النصب فقرأ بها أنس بن مالك، وأبو نوفل عمرو بن
مُسلم، وأبو حَيوة، وعليها جماعة من القرّاء، ووجهها أنه منصوب على
القطع، أي: أمدح مَلِكَ يوم الدين.
وأما قراءة (مالِكِ) بالألف وخفض الكاف فقرأ بها عاصم، والكسائي
من السبعة، واجتمع على قراءتها العشرةُ إلا طلحة والزبير، وعليها
جماعة من الصحابة والتابعين، ووجهها أنه نعت (لله) ، وهو اسم فاعل
أُريد به المضيّ، فإضافتُه مَحْضة فلا إشكالَ، لنعت المعرفة بالمعرفة.
ويؤيّد أن المراد به المضى قراءةُ من قرأ (مَلَكَ) فعلاً ماضياً، فإن أُريد به
الاستقبال وهو الظاهر لكون اليوم عبارة عن يوم القيامة ففيه إشكال، لأنّ
إضافته غير محضة، فيَلزم منه نعتُ المعرفة بالنكرة.
فالجواب أن يقال: كلّ ما إضافته غير محضة إلا الصفة المشبهة قد يُنوى فيه المحضة فيلحظ فيه أن الموصوف صار معروفاً بذلك الوصف من غير نظر إلى
زمان.
قال الشيخ أبو حيَّان: وهذا الوجه غريب النقل لا يعرفه إلاّ من له
اطلاع على كتاب سيبويهِ وتنقيبٌ على لطائفه.
وأما قراءة (مالكَ) بالألف والنصب فقرأ بها الأعمش، وابن السَّمَيْفَع.
وعثمان بن أبي سليمان، ووجهها أنه منصوب على القطع، أو على
النداء، فقد روي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في بعض غزواته:" يا مالكَ يومِ الدين ".
وأما قراءة (مالكُ) بالألف ورفع الكاف فقرأ بها أبو هريرة، وأبو حَيوة.
وعمر بن عبد العزيز، ووجهها أنه مرفوع على القطع، أي: هو مالك.
وأمّا قراءة (مَليك) على وزن شريف من أمثلة المبالغة فنسبها الشيخ
أبو حيان إلى أُبيّ، وأبي هريرة، وأبي رجاء العُطاردي، ولم ينصّ على
حركات الكاف.
وقال أبو البقاء: ويقرأ (مليك يوم الدين) رفعاً ونصباً وجرّاً.
أما الرفع والنصب فعلى القطع، وأما الخفض فإن كان بمعنى مَلَك
أو من أمثلة المبالغة والمراد به المُضِيّ فلا إشكالَ لكون الإضافةِ مَحضة.
وإن كان المراد به الاستقبال ففيه الإشكال المقدّم، والجواب عنه ما
تقدم.
فهذه تسع قراءات، كلّها على الإضافة إلى (يوم) من باب الإضافة إلى
الظرف، والإضافة إضافة اللام خلافاً لمن أثبت " في ".
وحيث كان المراد المِلك بكسر الميم فهو على حذف مضاف، التقدير: أمر يوم الدين، أو على حذف المفعول، التقدير: مالك يوم الدين أمر الناس، فيكون من باب:
طبَّاخِ ساعاتِ الكرى زادَ الكَسَلْ
وحيث كان المراد المُلك بضم الميم فلا حذف.
واعلم أن العرب تقول: مَلِكٌ بيّن المُلْك بضم الميم، ومالك بيّن