الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما قراءة الكسر دون تنوين فقرأ بها أبو جعفر، وشيبة، وهي لغة
تميم وأسد، ووجهها أنها مبنيّة، وكسرت على أصل التقاء الساكنين.
وأما قراءة التنوين مع الكسر فقرأ بها خالد بن إلياس، ووجهها أنها
مبنيّة كما تقدّم، والتنوين للتنكير.
تتميم:
اختلف في إفراد هيهات وجمعها، أما إذا كانت مفتوحة فلا خلاف
في إفرادها، واستدلّوا على ذلك بكتبها بالهاء كما تكتب المفردات
كأرْطاة. ومن كتبها بالتاء فهو ككَتْب بعض المفردات بالتاء، نحو
(وَجَنَّتُ نَعِيم) .
وأمّا في حالة الضمّ فمذهب أبي عليّ أنها جمع، وكان يكتبها بالتاء.
ومذهب ابن جنّي أنّها مفردة بمعنى البعد، ويكتبها بالهاء، والضمّة عنده
محتملة للبناء والإعراب وكلُّ مَن أعربَها ولم ينوّن جعلها مصدراً ممنوع
الصرف للتعريف والتأنيث: بَرّة علماَ للمَبَرَّة،
وأمّا حالة الكسر فمذهب سيبويه أنها جمع سلامة: مسلمات.
ومفردها هيهاة، وكان الأصل أن يقال هَيْهَيات بقلب الألف ياء كأرْطَيات.
لكن ضعف عن تصحيح الياء لبنائها، على الصحيح، وحُكمُ المبنيّ ألا
يُقلبَ فيه الألف ياء؛ ألا ترى أنهم قالوا في هذا: هذان، ولم يقولوا:
هذيان. والكسرة عنده كسرة بناء، لأن الكسرة في جمع المؤنث السالم
نظيرة الفتحة في المفرد، فكما أن الفتحة في هيهات فتحة بناء فكذلك
الكسرة في جمعها.
واختار الشيخ أبو حيَّان أنها مفردة في جميع أحوالها، وقال: لا حجّة
في كتبها بالتاء، لكون بعض المفردات يكتب بالتاء.
واختلف في إعراب (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)
فمذهب الأكثر أن (هيهات) اسم فعل، وهو بمعنى بَعُد، وكُرر توكيدا، وهو الصحيح.
واختلفوا في فاعلها: فمنهم من جعله (ما) أي: بَعُدَ الذي توعدونه.
واللام زائدة، وتؤيّده قراءة ابن أبي عبلة:(هيهات هيهات ما توعدون) بإسقاط اللام.
ومنهم من جعل الفاعل ضميراً يعود إلى
"الإخراج " المفهوم من قوله الله تعالى: (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) .
واللام في (لِمَا تُوعَدُونَ) للبيان، أي: أعني لما توعدون، نحو: سقياً لك.
ومنهم من جعل الضمير يعود إلى التصديق المفهوم من المعنى.
ومنهم من قدَّر الضمير في كليهما.
ومنهم من جعل ذلك من باب الإعمال.
ومنهم من جعل (هيهات) مبتدأ، و (لِمَا تُوعَدُونَ) الخبر، وقد تقدّم ردّه. ويمكن تخريجه على مذهب الفرّاء، فيكون الفاعل مرتفعاً بهما، كمذهبه في: قام وقعد زيد.
واختلف في (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ) فمنهم من جعل الثاني تأكيداً، وهو
الأكثر، وقد تقدم.
ومنهم من جعلهما مركَّبَين: بيت بيت، فعلى هذا
يرتفع الفاعل بهما معاً، وهو مذهب ثعلب.
واعلم أن في (هيهات) لغات، ذكر الصاغاني اللغويّ منها ستًا وثلاثين لغة: هيهات، وأيهات، وهيهان، وأيهان، وهايهات،
وآيهات، كلّ واحد من هذه الستّ مضمومة الآخر، ومفتوحته.
ومكسورته، وكلّ واحدة منوّنة وغير منوّنة، فذلك ستّ وثلاثون لغة من
ضرب ستّة في ستّة.
وفيه زيادة على الستّ والثلاثين خمس لغات: أيهاكَ، وأيها بحذف الكاف، وأيهاً بالتنوين، وهيها، وهيهاتْ بالسكون.
وبه قرأ عيسى بن عمر الهمداني.
واعلم أن الجمهور على أن ألف هيهات أصليّة منقلبة عن ياء، وأصله
هَيْهَيَة فوزنه " فَعْلَلَة " كزلزلة، فيكون من باب المضاعف، وهو باب واسع.
ومنهم من جعلها زائدة للإلحاف بأرْطاة، فوزنها " فَعْلاة "، ودخلوا بها
في باب سلس، وهو قليل، ولم يحكموا بزيادة الياء، لأنه يلزم من
الدخول في باب بَبر، أي كون الفاء والعين من جنس واحد، وهو قليل
جدا.
والبَبْر حيوان يكون بين يدي الأسد.
ومن أحكام هيهات أنه لا يستعمل في الأكثر إلاّ مكرّراً كالآية، وقد
يستعمل غير مكرّر.
قال الشاعر: