الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[وأما الكمة والقلنسوة والقناع]
فقال خالد بن يزيد الكزبري، حدثنا عاصم بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى اللَّه عنها: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانت له كمّة بيضاء.
وعن عبد اللَّه بن أبى بكر عن أنس، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يلبس كمة بيضاء. والكمّة، بضم الكاف وتشديد الميم وفتحها: القلنسوة، يقال: إنه حسن الكمّة بكسر الكاف، أي التكمم، كما تقول: إنه لحسن الجلسة [ (1) ] .
ولأبى داود [ (2) ] والترمذي [ (3) ] ، من حديث أبى الحسن العسقلاني، عن أبى جعفر بن محمد بن ركانة عن أبيه، أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم، قال ركانة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن فرق ما بيننا وبين المشركين: العمائم على القلانس [ (4) ] .
[ (1) ](لسان العرب) : 12/ 527.
[ (2) ](سنن أبى داود) : 4/ 340- 341، كتاب اللباس، باب (24) في العمائم، حديث رقم (4078) .
[ (3) ](سنن الترمذي) : 4/ 217، كتاب اللباس، باب (42) العمائم على القلانس، حديث رقم (1784) .
[ (4) ] أي الفارق بيننا معشر المسلمين وبين المشركين لبس العمائم فوق القلانس، فنحن نعتمّ على القلانس وهم يكتفون بالعمائم، ذكره الطيبي وغيره من الشراح، وتبعهما ابن الملك، كذا في (المرقاة) . وقال العزيزي: فالمسلمون يلبسون القلنسوة وفوقها العمامة، ولبس القلنسوة وحدها زي المشركين. وكذا نقل الجزري عن بعض العلماء، وبه صرح القاضي أبو بكر في شرح الترمذي. وقال
قال الترمذي: هذا حديث غريب، وإسناده ليس بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني، ولا ابن ركانة.
والقلنسوة، والقلساة والقلنسوة والقلنسية والقلنساة والقلنسية من ملابس الرأس. وجمع القلنسوة والقلنسية قلاس، وجمع القلنساة قلاس لا غير، لم يسمع فيها قلسا [ (1) ] .
[ () ] ابن القيم في (زاد المعاد) : وكان يلبسها- يعنى العمامة ويلبس تحتها القلنسوة، وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة. وفي (الجامع الصغير)، برواية الطبراني عن ابن عمر قال: كان يلبس قلنسوة بيضاء، قال العزيزي: إسناده حسن، وفيه برواية الروياني، وابن عساكر عن ابن عباس: كان يلبس القلانس تحت العمائم وبغير العمائم، ويلبس العمائم بغير قلانس، وكان يلبس القلانس تحت اليمانية، وهن البيض المضربة، ويلبس القلانس ذوات الآذان في الحرب، وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه
…
قال المباركفوري: لم أقف على إسناد رواية ابن عباس هذه، فلا أدرى هل هي صالحة للاحتجاج أم لا؟ (تحفة الأحوذي) : 5/ 393، أبواب اللباس، باب (41) ، حديث رقم (1844) .
وقال الحفاظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: حديث: كان يلبس القلانس تحت العمائم وبغير عمامة وربما نزع قلنسوته من رأسه فجعلها سترة بين يديه ثم يصلّى إليها. أخرجه الطبراني وأبو الشيخ والبيهقي في (شعب الإيمان) من حديث ابن عمر: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يلبس قلنسوة بيضاء.
ولأبى الشيخ من حديث ابن عباس: كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاث قلانس: قلنسوة بيضاء مضربة، وقلنسوة برد حبرة، وقلنسوة ذات آذان يلبسها في السفر، فربما وضعها بين يديه إذا صلّى، وإسنادهما ضعيف، ولأبى داود والترمذي من حديث ركانة: فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس.
قال الترمذي: غريب وليس إسناده بالقائم. (المغنى عن الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار) : 2/ 584.
قال السخاوي- وقد ذكر أحاديث العمائم ومنها: «فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس- قال: وبعضه أو هي من بعض. (المقاصد الحسنة) : 465- 466، حديث رقم (717)، (كشف الخفاء ومزيل الالتباس) : 2/ 72- 73، حديث رقم (1783)، (شعب الإيمان) :
5/ 172- 177، باب في الملابس والأواني، فصل العمائم.
[ (1) ](لسان العرب) : 6/ 181.
وروى البلاذري عن عباس بن هشام عن أبيه عن جده، عن أبى صالح عن ابن عباس رضى اللَّه عنه أنه قال: كانت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قلنسوة أسماط، يعنى جلودا، وكانت فيها نقبة.
وقال هشام بن عمار: حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت يوم خيبر على بغلته الشهباء، وعليه ممطر سيجان، وعليه عمامة، وعلى العمامة قلنسوة من الممطر السيجان.
قال هشام: والساج: الطيلسان الأسود [ (1) ] . وروى أنه عليه السلام ترك
[ (1) ] الطيلسان: شبه الأردية، يوضع على الرأس والكتفين والظهر، وهو بفتح اللام، واحد الطيالسة، والهاء في الجمع للعجمة، لأنه فارسي معرب، وهو الساج أيضا، وقال ابن خالويه في (شرح الفصيح) : يقال للطيلسان الأخضر: الساج، وفي (المجمل) لابن فارس: الطاق الطيلسان. فقال ابن القيم: لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه لبسه، ولا أحد من أصحابه، بل ثبت في (صحيح مسلم) ، من حديث النواس بن سمعان، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الدجال فقال: يخرج معه سبعون ألفا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة. ورأى أنس جماعة عليهم الطيالسة فقال: ما أشبههم بيهود خيبر.
قال: ومن هاهنا كره جماعة من السلف والخلف، لما
روى أبو داود، والحاكم في (المستدرك)، أنه قال:«من تشبه بقوم فهو منهم» ،
وفي الترمذي: «ليس منا من تشبه بغيرنا» .
وأما ما جاء في حديث الهجرة أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى أبى بكر رضى اللَّه عنه متقنّعا بالهاجرة، فإنما فعله صلى الله عليه وسلم تلك السّاعة ليختفى بذلك للحاجة، ولم يكن عادته صلى الله عليه وسلم التقنع.
وقد ذكر أنس عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر القناع. وهذا إنما كان يفعله للحاجة من الحرّ ونحوه. وقال شيخ الإسلام الولي ابن العراقي في (شرح تقريب الأسانيد) : التقنّع معروف، وهو تغطية الرأس بطرف العمامة أو بردائه أو نحو ذلك. وقال ابن الحاج في (المدخل) : وأما قناع الرجل فهو أن يغطى رأسه بردائه، ويرد طرفه على أحد كتفيه.
وأما قول ابن القيم: إنه صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك للحاجة، فيرد عليه حديث سهل بن سعد، أنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر القناع، رواه البيهقي في (الشّعب) ، والترمذي. وللبيهقي في (الشعب) أيضا، وابن سعد في (الطبقات)، من حديث أنس بلفظ: يكثر التقنع، فهذا وما أشبهه يرد قول ابن القيم: أنه لم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم لبسه.
قلانس صفار الأطبية ثلاثا.
وخرج أبو محمد بن حبان من حديث العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي، عن ابن عمر رضى اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يلبس قلنسوة بيضاء [ (1) ] ومن حديث أبى حذيفة، عن عطاء بن أبى رباح، عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: رأيت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قلنسوة بيضاء شامية.
ومن حديث مفضل بن فضالة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة رضى اللَّه عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس من القلانس في السفر ذوات الآذان، وفي الحضر المضمّرة، يعنى الشامية [ (2) ] .
[ () ] وأما قوله: ولا أحد من أصحابه، فيرده ما أخرجه الحاكم في (المستدرك) ، بسند على شرط الشيخين، عن مرة بن كعب قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يذكر فتنة فقربها، فمر رجل مقنع في ثوب، فقال: هذا يومئذ على الهدى، فقمت، فإذا هو عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه.
وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن أبى العلاء قال: رأيت الحسن بن على يصلّى وهو مقنع رأسه. وأخرج ابن سعد عن سليمان بن المغيرة قال: رأيت الحسن يلبس الطيالسة، وأخرج عن عمارة ابن زاذان قال: رأيت على الحسن طيلسانا أندقيا [نسبة إلى أندق قرية في سمرقند] .
وأما ما ذكره ابن القيم من قصة اليهود، فقال الحافظ ابن حجر: إنما يصلح الاستدلال به في الوقت الّذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة، فصار ذلك داخلا في عموم المباح، وقد ذكره ابن عبد السلام في (أمثلة البدعة المباحة) ، وقد يصير، من شعار قوم فيكون تركه من الإخلال بالمروءة، وقيل: إنما أنكر أنس ألوان الطيالسة لأنها كانت صفراء، واللَّه تعالى أعلم.
(المواهب اللدنية) : 2/ 449- 450، (طبقات ابن سعد) : 1/ 460، (شعب الإيمان) :
5/ 172- 177، (المستدرك) : 4/ 211- 212، حديث رقم (: 7401/ 48) من كتاب اللباس.
[ (1) ](شعب الإيمان) : 5/ 175، باب في الملابس والأواني، فصل في العمائم، حديث رقم (6259)، وقال في آخره: تفرد به ابن خراش هذا وهو ضعيف.
[ (2) ](إتحاف السادة المتقين) : 8/ 254- 255، كتاب آداب المعيشة وأخلاق النبوة، وأشار إلى ضعفهم،
ومن حديث أبى عبد الرحمن محمد بن عبيد اللَّه []، عن عطاء عن ابن عباس رضى اللَّه عنه قال: كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاث قلانس:
قلنسوة بيضاء مضرّبة، وقلنسوة لاطية، وقلنسوة ذات آذان يلبسها في السفر.
ومن حديث عتبة بن الوليد، عن الأوزاعي، عن خويلد بن عثمان قال:
لقيت عبد اللَّه بن يسر فقال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وله قلنسوة مضربة، وقلنسوة لها آذان، وقلنسوة لاطية.
وللترمذي من حديث وكيع، حدثنا الربيع بن صبيح، عن سويد بن أبان عن أنس: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه، وتسريح لحيته، ويكثر القناع، كأن ثوبه ثوب زيّات [ (1) ] .
[ () ] ثم قال: أجود إسناد في القلانس، ما رواه أبو الشيخ عن عائشة:«كان صلى الله عليه وسلم يلبس القلانس في السفر ذوات الآذان، وفي الحضر المضمرة» يعنى الشامية.
[ (1) ](الشمائل المحمدية) : 51 باب ما جاء في ترجل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (33) ، 114، باب ما جاء في تقنع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (127)، قوله:«كثر دهن رأسه» : الدّهن هو استعمال الدّهن من زيت وغيره في تجميل الشعر وتحسينه، قوله:«حتى كأن ثوبه ثوب زيات» : يحتمل أن يراد بالثوب هنا القناع الّذي يوضع على الرأس بعد دهنها، والزيات: بائع الزيت. وهذا الحديث تفرد به الترمذي، وفي إسناده الربيع بن صبيح وفيه ضعف، فهو وإن كان صدوقا عابدا مجاهدا إلا أنه سيئ الحفظ، وكذلك يزيد بن أبان الرقاشيّ القاصّ الزاهد: ضعيف.
وقد أخرجه ابن سعد في (الطبقات) : وأبو الشيخ في (أخلاق النبي) صلى الله عليه وسلم، والبغوي في (شرح السنة) كلهم من طريق الربيع بن صبيح به، وزاد السيوطي نسبته في (الجامع الصغير) للبيهقي، وضعفه الحافظ العراقي في (المغنى عن الأسفار)، وقال ابن كثير: فيه غرابة ونكارة.
وقد أخرج الذهبي في (ميزان الاعتدال) نحوه في ترجمة الحسن بن دينار من طريقه عن قتادة عن أنس، وقال الحافظ الذهبي: هذا خبر منكر جدا، والحسن بن دينار، قال ابن حبان: تركه وكيع وابن المبارك، فأما أحمد ويحيى فكانا يكذبانه، وفي إسناده أيضا بكر بن السميدع، ولا يعرف، كما قال الذهبي.
وقال البلاذري: حدثني أحمد بن هشام بن بهرام، حدثنا أبو صالح شعيب بن حرب، عن الربيع، عن يزيد عن أنس، كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقنع رأسه، حتى ننظر إلى حاشية ثوبه كأنها ثوب زيّات. القنعة: غطاء الرأس، والقناع: أوسع منها. وقال بعضهم: كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس قناعا، لأن القنع أهيب من الحاسر [ (1) ] .
[ (1) ] راجع التعليق السابق.