الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* والمجازُ على أنواعٍ كثيرةٍ (1)، ولْنَذْكُر منها هاهنا -أيضًا- تسعةَ أنواعٍ؛ لكثرةِ دورها ودلالتِها على غيرها:
النوع
الأول: الاستعارةُ:
وهو أن يضعَ الكلمةَ للشيء يستعيرُها له من مَواضِعَ أُخَرَ لِمُشابَهَةٍ بينَهُما؛ كقولِه تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77] وقوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29] وقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} [الشعراء: 225]، وقوله تعالى:{أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف: 131]، وكقولهم: انشقَّتْ عَصا القوم؛ إذا تفرقوا، وذلك غير منحصر في كلامهم.
الثاني: التّشبيهُ:
كقوله تَعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22] وكقولِ الشاعِر (2): [البحر الطويل]
دُفِعْتُ إلى شَيْخٍ بِجَنْبِ فَتَاتِهِ
…
هو العَيْرُ (3) إلا أنّه يَتكلَّمُ
الثالثُ: الزيادَةُ:
قالَ بعضُ أهلِ اللِّسانِ: إن العربَ تَزيد في كلامِها أسماءً وأَفْعالا وحُروفاً:
- أمّا الأسماءُ، فثلاثة: الاسمُ والوَجْهُ والمِثْلُ.
فالاسمُ، في قولِ القائلِ: باسمِ الله، إنما أراد: بالله، ولكنّه لما أشبهَ القسمَ، زِيدَ فيه الاسْمُ.
(1) وهي ما يسمى في علم البلاغة: علاقة المجاز المرسل. انظر ذلك في المصادر التالية: "المحصول" للرازي (1/ 323)، و"المسودة" لآل تيمية (1/ 374)، و"البحر المحيط" للزركشي (2/ 198)، و"المحلي مع البناني"(1/ 317)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (1/ 219).
(2)
هو ابن الأعرابي كما أسنده إليه الرامهرمزي في "أمثال الحديث"(ص: 90).
(3)
في "ب": "القبر".
والوجهُ، كقولِ القائِل: وَجْهي إليه، وفي كتابِ الله عز وجل:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27]، قال الشاعر:[البحر البسيط]
أستغفرُ الله ذَنْباً لَسْتُ مُحْصِيَهُ
…
رَبَّ العِبادِ إليهِ الوَجْهُ والعَمَلُ (1)
والمِثْل، في كتابِ الله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وقولُه تعالى:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10]، قال الشاعر:[البحر السريع]
يا عاذِلي دَعْنِيَ مِنْ عَذْلِكا
…
إذْ مِثْلِي لا تقْبَلُ مِنْ مِثْلِكا
- وأما الأفعالُ، فقولُهم: كادَ، قال الله تعالى:{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} [طه: 15]، قال الشاعر (2):[البحر البسيط]
حتى تبادل كلباً في دِيارِهِمُ
…
وكادَ يَسمو إلى الجُرْفَيْنِ فارْتَفَعا
أراد: وَسَما، ألا ترى أنه قال: فارتفعا.
- وأما الحروفُ، فزيادَتُها مشهورةٌ، وربما قيل باختصاصِ الزيادِة بها، فمنها حروف المعَاني، وزيادتُها كثيرةٌ منتشرةٌ؛ كقوله تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159] وقوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25]، وكقوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
(1) استشهد به سيبويه (1/ 17) على أن الأصل (من ذنبٍ) فحذفَ (من)، و (استغفر) يتعدى إلى المفعول الثاني بـ (من)، والبيت من الأبيات الخمسين في سيبويه التي لا يعرف قائلها، وانظر:"خزانة الأدب"(1/ 486).
(2)
هو الأعشى كما نسب إليه في "المقاييس"(1/ 449). وروايته فيه:
حتى تناول كلبًا في ديارهم
…
وكان يسمو إلى الجُرفين فارتفعا