الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(معاملة اليتامي)
27 -
(27) قوله جل جلاله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 220].
* أقول: عظم اللهُ سبحانَهُ أمرَ اليتامى، وشدّدَ فيه، وأنزلَ في شأنهم آيات كثيرةً، بعضُها يفسِّرُ بعضاً، وهذه الآيةُ مِنْ أَجْمَعِها وأَبْيَنِها، فقالَ جل جلاله:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9]، وقال سبحانَهُ:{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 34]، وقال سبحانهُ:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: 2]، وقالَ جل جلاله:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]، وقال تعالى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6].
فنهى الله سبحانه وتعالى عن قهرهم، وحَرَّمَ أكلَ مالِهم في بعض الآيات تحريماً مطلقاً، وقيدَهُ في بعضِ الآيات بما إذا كان على جهةِ الظُّلم والتَّعَدِّي والإسراف، وأما إذا كانَ على جهةِ الإصلاح بالمعروف، وبالتي هي أحسنُ، فالأكلُ مُباح للفقير؛ لِما فيه من إصلاح القَيِّمِ لماله.
وكذا يجوز ضربه للتأديبِ والتعليمِ؛ لِما فيه من الإصلاح (1).
وأباح الله تعالى خُلْطتَهُمْ ومُشاركتَهم مخالفةً لتحريجِ (2) الجاهليّةِ بذلك.
* وفي الآيةِ دليلٌ على أن القيّم (3) أمينٌ على ما يدَّعيه بالمَعْروفِ، ولقوله تعالى:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]، فوكل اللهُ الأمرَ إلى تقوى القَيمِ وأمانتِه (4).
وسيأتي مزيدُ كلامٍ فيهم في سورة النساءِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
* * *
(1) انظر: "تفسير الرازي"(3/ 2/ 55)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 13).
(2)
في "ب": "لتحرج".
(3)
في "أ": "الفقير".
(4)
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 217)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 61).