الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(من أحكام الأطعمة)
4 -
(4) قوله عز وجل: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173].
* أقولُ: ذكَر اللهُ جل جلاله في هذه الآية (1) أعيانًا من المُحَرَّمات، وخاطب العربَ بتحريمِها على ما يتعارفونَ من عادتِهم في استعمالِ هذهِ الأعيانِ، وسيأتي تفصيلُهُ وبيانُه في "سورةِ النَّحْل" -إن شاء الله تعالى-
وخُصّ لحمُ الخِنزير بالذِّكْرِ، وإنْ كانَ شحمُه وعظمُه وشعرُه محرمًا كلحمِه؛ لأنه المقصودُ منه غالبًا (2).
* وأطلقَ اللهُ تحريمَ الدَّمِ هنا، وقيَّدَهُ في "سورةِ الأنعامِ". فقال:{أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145].
- فمنهم من خَصَّصَ هذا العُمومَ بمفهومِ التقييد (3).
(1)"الآية" ليست في "أ".
(2)
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 80)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (2/ 903)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (1/ 2/ 209).
(3)
نُقل الإجماع على تخصيص هذا العموم بذلك المفهوم، وهناك من لم يذكر فيه خلافًا.
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 79)، و"أحكام القرآن" للجصاص =
- ومنهم من أبقاهُ على إطلاقه وعمومه، ورأى أن مفهوم الخطاب لا يقاوِمُ العمومَ (1)، وسيأتي الكلامُ على هذا في "سورة المائدة" إن شاء الله تعالى.
* ثم بينَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن اللهَ لم يُرِدْ جميعَ الميتةِ، فقال:"أُحِلَّتْ لنا مَيْتَتانِ ودَمانِ، المَيْتَتانِ: الحوتُ والجَرادُ، والدَّمانِ: الكَبِدُ والطِّحالُ"(2) وقال -وقد سُئلَ عن ماءِ البحرِ فقال-: "هو الطهورُ ماؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ"(3).
وإلى التخصيصِ ذهبَ عامةُ أهلِ العلمِ، وإن (4) اختلفوا في تفصيله:
وذهبَ أبو حنيفةَ إلى تحريم الميتةِ مطلقًا (5)، عملًا بالقياس المقصود
= (1/ 151)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (1/ 2/ 209)، و"تفسير ابن كثير (2/ 478).
قال ابن رشد: فمن ردَّ المطلق إلى المقيد، اشترط في التحريم السفح، ومن رأى أن الإطلاق يقتضي حكما زائدًا على التقييد، وأن معارضة المقيد للمطلق إنما هو من باب دليل الخطاب، والمطلق عام، والعام أقوى من دليل الخطاب، قضى بالمطلق على المقيد، وقال: يحرم قليل الدم وكثيره. انظر: "بداية المجتهد"(2/ 904).
(2)
رواه ابن ماجه (3314)، كتاب: الأطعمة، باب: الكبد والطحال، والإمام الشافعي في "مسنده"(1/ 340)، والإمام أحمد في "مسنده"(2/ 97)، وعبد بن حميد في "مسنده"(1/ 260)، والدارقطني في "سننه"(4/ 271)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 254)، عن عبد الله بن عمر.
(3)
رواه أبو داود (83)، كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر، والنسائي (59)، كتاب: الطهارة، باب: ماء البحر، والترمذي (69)، كتاب: أبواب الطهارة، باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور، وابن ماجه (386)، كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر، عن أبي هريرة.
(4)
"وإن" ليست في "أ".
(5)
قلت: هذا الإطلاق عن الحنفية غير سديد؛ لأن الحنفية إنما يحرمون السمك =
بالعموم، واستثنى ما لا نفس له سائلةً (1)، وسيأتي الكلام على هذا في "سورة المائدة" إن شاءَ اللهُ تعالى.
* وبَيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن غيرَ هذه المحرمات في معناها، فبينها عن اللهِ -سبحانه-، كما أمره الله تعالى، فحرَّمَ الحُمُرَ الأهليَّةَ، وكلَّ ذي نابٍ من السِّباعِ، وكلَّ ذي مِخْلَبٍ من الطَّيْر (2).
فإن (3) قال القائل: فقد نصَّ اللهُ -سبحانه- على تحريم هذه الأعيان بلفظ يوجبُ الحَصْرَ هنا، وذكرها في "سورة الأنعام" بلفظٍ أوضحَ من هذا الحَصْرِ والتنصيص، وهو النفي بـ (لا)، والإثبات بـ (إِلا)(4)، والمذهبُ الصحيحُ عند محقًّقي الأصوليين أنُه لا يجوزُ نسخُ الكتابِ بالسّنَّةِ.
قلنا:
- ذهبَ قومٌ من أهلِ العلم إلى التعارضِ بينَ الآيةِ والآثارِ الواردَةِ، ثم اختلف هؤلاء، فمنهم من نسخ الآية بها (5)، ومنهم مَنْ أحكَمَها وعَمِلَ
= الطافي فقط، أما الجراد فهو عندهم حلال، ولو كان ميتًا.
انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 132)، و"البناية" للعيني (9/ 97).
(1)
كالجراد مثلًا.
(2)
تقدم تخريج حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا.
(3)
في "أ": "وإن".
(4)
في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ
…
}.
(5)
لم تذكر المصادر من قال بذلك. وانظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (2/ 291)، و"أحكام القرآن" للجصاص (4/ 188)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (4/ 105). وانظر أيضًا:"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: 336)، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 136)، و"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (ص: 218).
بخصوصِها (1)، وسيأتي الكلام معهم في "سورة الأنعام" إن شاء الله تعالى.
وذهبَ قومٌ إلى الجمعِ بين الآية والآثار (2).
فإن قيلَ: فما وجهُ الجَمْعِ؟
قلنا: له وجوهٌ:
أحدها: قال الشافعيُّ -رحمه اللهُ تعالى- وأهلُ التفسيرِ، أو مَنْ سمعتُ منهم يقول في قول الله تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] يعني: مما كنتم تأكلون؛ فإن العرب قد كانت تحرم أشياءَ على أنها من الخبائِثِ، وتُحِلُّ أشياءَ على أنها من الطيباتِ عندهم (3)، إلا ما استثني، وحُرِّمتْ عليهمُ الخبائثُ عندهم. قال اللهُ عز وجل: {وَيُحِلُّ لَهُمُ
(1) وقال: لا يحرم إلا ما ذكر في هذه الآية، وروي هذا عن ابن عباس وعائشة وابن عمر والشعبي وسعيد بن جبير، وهو إحدى الروايتين عن الإمام مالك.
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (2/ 291)، و"أحكام القرآن" للجصاص (4/ 186)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (4/ 105)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 818)، و"سبل السلام" للصنعاني (4/ 144).
(2)
يعني: عمل بالآية، وأضاف إليها ما جاءت به السنة من المحرمات؛ لعدم التعارض.
وهو قول الجمهور من السلف وغيرهم، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد، ومالك في أصح الروايتين عنه، وهو ما ذكره في "الموطأ".
انظر: "الموطأ"(1/ 2/ 496)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (2/ 292)، و"أحكام القرآن" للجصاص (4/ 185)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 215)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (4/ 105)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 818).
(3)
انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (4/ 185).
الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (1)[الأعراف: 157].
ثانيها: يجوز لقائل أن يقولَ: إن الله -سبحانه- لم يُرِدِ الحصرَ في كتابه العزيز، وإنما قصدَ التعظيمَ والتفخيمَ لتحريمِ هذه الأعيانِ، والمبالغة في الزَّجْرِ عنها، وهذا معروف في لسان العرب؛ كما نقول: إن الجواد حاتمٌ، ولا سيف إلا ذو الفقار، وأنتَ لا تريدُ نفيَ ذلك عن غيرهما، وإنما تريد تفخيمَ أمرِهما، وتعظيمَ شأنهما.
ثالثها: أن يُقالَ: إنما قصدَ اللهُ -سبحانه- الردَّ على المشركين، وذلك أنهم كانوا يحللون هذه الأشياء، ويحرمون غيرها؛ مثل البَحيرةِ (2) والسائبةِ (3) وغيرِهما، فرد عليهم فقالَ: قُلْ يا محمد (4): لا أجدُ فيما أُوحيَ إلىَّ مُحَرَّمًا إلَّا كذا أو كذا (5)، فلا حرامَ فيما أوحي إليَّ إلا
(1) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (2/ 241)، و"أحكام القرآن" للكياالهراسي (2/ 88).
(2)
البحيرة: البحرُ هو شقُّ الأذن، والبحيرةُ: هي الناقة أو الشاة المشقوقة الأذن، وقد كان الجاهليون إذا نتجت الناقة أو الشاةُ عشرة أبطن بحروها، وتركوها ترعى، وحرَّموا لحمها إذا ماتت على نسائهم، وأكلها الرجال أو التي خُليت بلا راع، أو التي إذا أنتجت خمسة أبطن والخامس ذكرٌ نحروه، فأكله الرجال والنساء وإذا كانت أنثى نحروا أذنها، فكان حرامًا عليهم لحمها ولبنها وركوبها، فإذا ماتت حلت للنساء، أو هي ابنة السائبة وحكمها حكم أمها.
انظر: "القاموس"(مادة: بحر)(ص: 312).
(3)
السائبة: هي المهملة، وكانت الناقة تُسيَّب في الجاهلية لنذر أو نحوه، أو كانت إذا ولدت عشرة أبطن كلهنَّ إناث سُيبتْ. انظر:"القاموس"(مادة: سيب)(ص: 92).
(4)
في "ب" زيادة "قل".
(5)
"كذا" ليست في "أ".
ما حَلَّلْتموهُ، ولا حلالَ إلا ما حَرَّمْتُموه (1).
وهذا أرجحُ المعاني وأقربُها.
ويدلُّ عليهِ أنَّ الله جل جلاله ذكرَ هذهِ الأعيانَ المذكورةَ في مواضِعَ أُخَرَ من كتابه بِمِثْل ما ذكره هنا، فقال:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 115].
ثم قال عقبه: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: 116]، الآية.
ويدلُّ عليه -أيضًا- أن الآيةَ من "سورةِ الأنعام"، وهي مكيةٌ نزلت قبل تشريع الأحكام (2).
فإن قلتَ: قد عرفتُ وجهَ الجمع، فهل تجدُ دليلًا في الكتابِ على ما ادَّعَيتَ من عدمِ الحصرِ؟
قلتُ: نعم، ذكر الله -تعالى- هذهِ الأعيانَ في "سورةِ المائدةِ"، وزاد عليها: المنخنقةَ، والموقوذةَ (3)، والمتردِّيَةَ، والنطيحةَ، وما أكلَ السَّبُعُ (4)، فلو كانتْ آيةُ البقرةِ للحصرِ، لعارضَتها هذه، ووجبَ نسخُ
(1) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (2/ 293)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (4/ 104)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 820).
(2)
وذلك في قول أكثر أهل العلم. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (4/ 105)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 820)، و"الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي (1/ 38).
(3)
الموقوذة: هي الشاةُ التي قُتلت ضربًا بالخشب. انظر: "القاموس"(مادة: وقذ)(ص:307)
(4)
في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ
…
} [المائدة: 3].
إحداهُما بالأخرى، ولا قائلَ بذلكَ من أهلِ العلمِ بالقرآنِ.
فإن قال: هذهِ الأعيانُ المذكورةُ في سورةِ المائدةِ هي أفراد المَيْتَةِ، فذكر اللهُ -سبحانه- المَيْتَةَ في إحدى المواضِع مُجْمَلَةً، وفي الأخرى مفصلةً، بدليل أن إنهارَ الدمِ علَّةٌ للتحليل، توجدُ بوجوده، وتعدم بعدمه، وخصت هذه الأعيان بالذكر دفعًا لتوهم متوهِّمٍ أنَّ علَّةَ تحريمِ لحمِ الميتةِ فسادُ لحمها وتغيُّرهُ عندَ الموت، وهذه (1) لا تغيُّرَ في لحمِها ولا فساد، والذي أَكَلَهُ السَّبُعُ هُريقَ دمُهُ بالسِّنِّ، وما ذُكِّيَ بالسِّنِّ، فقد ألحقه الشارعُ بالميتةِ في التحريم (2).
قلتُ: قد حَرَّم اللهُ -سبحانه- الخَمْرَ بعد أن كانَ حلالًا عندَ نُزولِ قولِه تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145]، وقد اتفق أهلُ العلم بالقرآن والنظر والاستدلال على (3) أنه لا تَعارُضَ بين هاتين الآيتينِ، وإذا جاز أن يضاف إليها تحريمُ عينٍ غيرِها، ثبتَ أنها ليستْ للحصر والتعيين، وعلمنا أن الله -سبحانَه- ذكر المُحَرَّماتِ بعضَها في كتابهِ نَصًّا، ووَكَلَ بيانَ بعضِها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فمن قَبِلَ عنه صلى الله عليه وسلم، فعنِ الله قَبِلَ؛ لِما فرضَ اللهُ تعالى من طاعته، وقَبولِ ما جاء به صلى الله عليه وسلم، وسيأتي الكلام في "سورة المائدة" على ما أهِلَّ به لغيرِ اللهِ إن شاءَ الله تعالى.
* قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} .
أي: غير خارج على السلطان، ولا عادٍ، أي: مُتَعَدٍّ عاصٍ بسفره؛ بأن يخرج لقطع الطريقِ، أو لفسادٍ في الأرض.
(1) في "أ ": "وهذا".
(2)
كما قال ذلك ابن العربي دفاعًا عما ذهب إليه من كون المحرمات هي ما ذكر في الآية، وغيرها يرجع إليها. انظر:"أحكام القرآن" له (2/ 293).
(3)
"على" ليست في "أ".
وقيل: فيه تأويلاتٌ أُخَرُ (1)، وكلُّها راجعةٌ إلى مَعْنًى واحدٍ، وهو مَعْنى قوله تعالى:{غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} [المائدة: 3].
* وقد أجمعت الأمةُ على جوازِ أكل المَيْتَةِ للمضطرِّ، وربما اختلفوا في وجوبِ أَكْلِها، والأصَحُّ عندَ الشافعيَّة الوجوبُ؛ لما فيه من حفظِ النفسِ (2) المَعْصومة عن الهلاكِ والتلفِ (3).
* وفي الآية دليلٌ على أن العاصيَ بسفرِهِ لا يَتَرَخَّصُ بأكل الميتة، وبه قال مالك والشافعي (4).
وقالَ أبو حنيفةَ: لهُ أَنْ يأكلَ، وهو المشهورُ والصحيح عند المالكية (5).
(1) انظر هذه التأويلات في: "تفسير الطبري"(2/ 86)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 84)، و"أحكام القرآن" للجصاص (1/ 156)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (1/ 2/ 218)، و"تفسير ابن كثير"(1/ 361).
(2)
"النفس" ليس في "ب".
(3)
اختلف العلماء في حكم أكل الميتة عند الاضطرار على ثلاثة أقوال:
الأول: الوجوب، وهو قول جمهور العلماء من الحنفية، وقول عند المالكية، والشافعية على الأصح، والحنابلة على الصحيح.
الثاني: الإباحة، وهو قول أبي يوسف من الحنفية، وسحنون من المالكية، وأبي إسحاق الشيرازي من الشافعية، ووجه عند الحنابلة.
الثالث: الندب، وهو قول بعض الحنابلة.
انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 175)، و"الذخيرة" للقرافي (4/ 110) و"حاشية الدسوقي"(2/ 182)، و"المجموع" للنووي (9/ 43)، و"المغني" لابن قدامة (13/ 331)، و"الإنصاف" للمرداوي (10/ 370).
(4)
وهو قول الحنابلة؛ انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (1/ 2/ 218)، و"المغني" لابن قدامة (13/ 333)، و"المجموع" للنووي (9/ 53).
(5)
انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 157)، و"الجامع لأحكام القرآن" =
وربَّما استدلُوا بقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]. فإن إتلافَهُ لنفسه أعظمُ عصيانًا من ارتكابِ أكل الميتة (1)، ولا حجّة لهم؛ فإنهُ مكلَّفٌ باجتناب ما نهى الله -سبحانه-، ويُمْكِنهُ حفظ نَفْسِه بأنْ يتوبَ ويأكلَ، وإذا لم يتبْ، فلا يمتنع أن يكونَ مكلفًا بالأمرينِ جميعًا.
وغير {غَيْرِ} تحتمل (2) أن يكون معناها الاستثناء، فتكونُ دلالتُها نصًّا، ويحتمل أن يكونَ معناها الحالَ والصفةَ، فتكون دلالتها ظاهرة بطريق المعهود (3).
وإذا تمَّ هذا، فجائر أن يقاسَ عليهِ جميعُ رُخَصِ السفرِ وفاقًا وخلافًا؛ لوجود المَعْنى.
* واختلف العلماء في مقدارِ ما يَحِلُّ للمضطرِّ أَكلْهُ من الميتةِ.
- فقالَ بعضُهم: مقدار ما يسدُّ رَمَقَهُ، وبهِ قالَ أبو حنيفةَ والشافعيُّ في أحدِ قوليه (4).
- وقال بعضهم: مقدار الشِّبَع، وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ في القول الآخر (5).
= للقرطبي (1/ 2/ 219)، و"الذخيرة" للقرافي (4/ 110)، و"حاشية الدسوقي"(2/ 182).
(1)
انظر وجه الاستدلال لذلك: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 157)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (1/ 2/ 219).
(2)
في "ب": "محتمل".
(3)
انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (1/ 217).
(4)
وهو قول الحنابلة أيضًا؛ انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 160)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 82)، و"المجموع" للنووي (9/ 44)، و"المغني" لابن قدامة (13/ 330).
(5)
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 82)، و"الذخيرة" للقرافي (4/ 109) و"المجموع" للنووي (9/ 44).
والأول أقرب إلى المعنى؛ لأنَّ الله -سبحانه- عَلَّقَهُ على الضَّرورةِ، ومتى زالت الضرورةُ زالتِ الإباحة، فهو (1) كتعليقِ المَعْلولِ بعلَّتِهِ.
وحينئذٍ فالخلافُ آيِلٌ إلى أن الميتة هل تصيرُ في حال الضرورةِ مباحةً، ويرتفعُ التحريمُ حتى يحلَّ الشبعُ (2)، أو أنها مُحَرَّمَةٌ والتحريمُ باقٍ، وإنما المرتفعُ الإثمُ، فلا يحلُّ الشبع؟ وإلى هذا يرشدُ قوله تعالى:{فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} .
* واختلفوا -أيضًا- هل يقاسُ على ضرورة التغذِّي ضرورةُ التداوي؟
- فمنهم من جَوَّزَهُ؛ للقياسِ (3)، ولأن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أباح لعبدِ الرحمنِ بن عَوْفٍ لُبْسَ الحرير للحكَّة (4).
- ومنهم من منعه (5)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن اللهَ لم يَجْعَلْ شِفاءَ أُمَّتي فيما حرّمَ عليها"(6).
(1)"فهو" ليس في "ب".
(2)
انظر هذا التعليل في: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 83)، و"أحكام القرآن" للجصاص (1/ 160)، و"المغني" لابن قدامة (13/ 330).
(3)
وهو المعتمد عند الحنفية والشافعية، واستثنى الشافعية من التداوي بالنجس: الخمر، فلا يتداوى بها. انظر:"رد المحتار" لابن عابدين (1/ 325)، و"المجموع" للنووي (9/ 54).
(4)
رواه البخاري (2762)، كتاب: الجهاد، باب: الحرير في الحرب، ومسلم (2076)، كتاب: اللباس والزينة، باب: إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة. عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميص من حرير؛ من حكة كانت بهما.
(5)
وهو قول المالكية والحنابلة. انظر: "التفريع" لابن الجلاب (1/ 408)، و"المغني" لابن قدامة (13/ 343).
(6)
رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1912)، والطبراني في "المعجم الكبير"=