الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الاعتراض:
فلا اعتراض علينا في محبته
…
وهو الشفيع ومن يرجوه يعتصم
هذا النوع، أعني الاعتراض، هو عبارة عن جملة تعترض بين الكلامين، تفيد زيادة في معنى غرض المتكلم. ومنهم من سماه الحشو، وقالوا في المقبول منه: حشو اللوزينج، وليس بصحيح، والفرق بينهما ظاهر، وهو أن الاعتراض يفيد زيادة في غرض المتكلم والناظم، والحشو إنما يأتي لإقامة الوزن لا غير. وفي الاعتراض من المحاسن المكملة للمعاني المقصودة ما يتميز به على أنواع كثيرة، ومن معجزه في القرآن:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} 1. ومنه قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} 2 ومن الشواهد الشعرية قول بعضهم:
إن الثمانين وبلغتها
…
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
فقوله: وبلغتها، من الاعتراضات التي زادت المعنى فائدة في غرض الشاعر، وهو الدعاء للمخاطب، وأمثلته كثيرة، وبيت الشيخ صفي الدين الحلي يقول فيه عن النبي، صلى الله عليه وسلم.
فإن من أنفذ الرحمن دعوته
…
وأنت ذاك لديه الجار لم يضم3
1 البقرة: 2/ 24
2 الواقعة: 56/ 76.
3 أنفذ: جح. يضم: يصاب بالضيم وهو الضيق والهوان.
فقوله: وأنت ذاك، هو الاعتراض بعينه، فإنه زاد المعنى. وسماه قدامة التفاتًا، وهو قريب.
والعميان ما نظموه. وبيت الشيخ عز الدين:
فلا اعتراض علينا في السؤال به
…
أعني الرسول لكي ننجو من الضرم1
فقول الشيخ عز الدين: أعني الرسول، هو الاعتراض الذي أراده. وبيت بديعيتي أقول فيه عن النبي، صلى الله عليه وسلم:
فلا اعتراض علينا في محبته
…
وهو الشفيع ومن يرجوه يعتصم
فقولي، بين الكلامين: هو الشفيع، هو الاعتراض البديع المتمكن، فإن في قول عز الدين: أعني الرسول، ركة تدل على ضعف التركيب، وكذلك قول الشاعر في مخلص مديحه: أعني فلانًا، يدل على ضعف رويته وقلة تصرفه، فإنهم عدوا ذلك من المخالص الواهية، ولم يجنح إليه إلا عوام أهل الأدب، ومثل الشيخ عز الدين ينتقد عليه ذلك والله أعلم.
1 الضرم: النار والاحتراق بها.