الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الاشتقاق:
محمد أحمد المحمود مبعثه
…
كل من الحمد تبيين اشتقاقهم
هذا النوع، أعني الاشتقاق، استخرجه الإمام أبو هلال العسكري، وذكره في آخر أنواع البديع من كتابه المعروف "بالصناعتين"، وعرفه بأن قال: هو أن يشتق المتكلم من الاسم العلم معنى، في غرض يقصده، من مدح أو هجاء أو غيره، كقول ابن دريد في نفطويه:
لو أوحي النحو إلى نفطويه
…
ما كان هذا العلم يعزى إليه
أحرقه الله بنصف اسمه
…
وصير الباقي صياحًا عليه1
وهذا النوع، ما ذكره القاضي جلال الدين القزويني في "التلخيص" ولا في "الإيضاح"، ولا ذكره الشهاب محمود في "حسن التوسل"، ولا نظمته العميان ولا غيرهم من أصحاب البديعيات، غير الشيخ صفي الدين الحلي، وبيت بديعيته، التي ذكر أنه جمعها من سبعين كتابًا، قوله:
لم يلق مرحب مني مرحبًا ورأى
…
ضد اسمه عند هدّ الحصن والأطم2
الشيخ صفي الدين اشتق من اسم مرحب، الترحاب، حتى يقابله بضده، وهذا هو الغرض الذي أراده الناظم، وبيت الشيخ عز الدين في المعارضة قوله:
1 ذلك أن النصف الأول لاسمه هو: نفط ومعناه البترول تلك المادة المشتعلة، والنصف الآخر: ويه وهي للندبة.
2 الأطم: الحصون. ومرحب هو الفارس اليهودي الذي قتله الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه يوم فتح حصن خيبر.
ميم وحا في اشتقاق الاسم محوُ عِدا
…
والميم والدال مد الخير للأمم
هذا البيت يشق عليّ أن أشرح اشتقاقه، وأذكر ما فيه من التعسف والزيادة، وعدم القبول للتجريد، فإنه أراد أن يمشي على طريق ابن دريد في الاشتقاق، فلم يأتِ بغير الشقاق، وما ذاك إلا أن اسم نفطويه سداسي، قسمه الناظم في الاشتقاق نصفين: جعل النصف الأول نفطًا، والثاني صياحًا، وهذا الاشتقاق صحيح على هذا التفصيل، وقالوا هو في محمد رباعي من أين للشيخ عز الدين -غفر الله له- هذا حتى تصح معه لفظة محو، مع أني راجعت شرحه فوجدته قال: الميم والحاء، من اسم محمد صلى الله عليه وسلم فيهما محو لأعدائه، وأيضًا فلم نجد أحدًا استشهد، في بيت من بيوت بديعيته وصدر بيته، بقوله: ميم وحا في اشتقاق الاسم محو عدا، إلا الشيخ عز الدين، فإن المراد من بيت البديعية أن يكون صالِحًا للتجريد خاليًا من العقادة، ليصح الاستشهاد به على ذلك النوع.
وبيت بديعيتي أقول فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
محمد أحمد المحمود مبعثه
…
كل من الحمد تبيين اشتقاقهم
قد تقدم تقرير أبي هلال العسكري، في هذا النوع، وهو أن يشتق المتكلم معنى لغرض يقصده. والغرض هنا، إن كلًّا من محمد وأحمد وصفتهما المحمودة مشتق من الحمد، وشرف هذا المدح ظاهر. والله أعلم.