الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر التسميط:
تسميط جوهره يلقى بأبحره
…
ورشف كوثره يروي لكل ظمي1
هذا النوع -أعني التسميط- هو أن يجعل الشاعر كل بيت، بسمطه، أربعة أقسام ثلاثة منها على سجع واحد، بخلاف قافية البيت، كقول مروان بن أبي حفصة:
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا
…
أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
والفرق بين التسميط والتسجيع، كون أجزاء التسميط غير ملتزم أن تكون على روي البيت، وكون أجزائه متزنة فيكون عددها محصورًا، والفرق بين التفويف وبينه تسجيع بيت التسميط. قال ابن أبي الأصبع: ما خالفوا بين قافية البيت وأسجاع التسميط إلا لتكون القافية كالسمط، والأجزاء المسجعة بمنزلة حب العقد؛ لأن السمط يجمع حب العقد، والمراد بأجزاء التسميط بعض أجزاء التقطيع ويسمى تسميط التبعيض، ومن التسميط نوع آخر يسمى تسميط التقطيع، وهو أن تسجع جميع أجزاء التفعيل على روي يخالف القافية، كقول ابن أبي الأصبع:
وأسمر مثمر من مزهر نضر
…
من مقمر مسفر عن منظر حسن
فجاءت جميع أجزاء التفعيل من هذا البيت، من سباعيها وخماسيها، مسجعة على خلاف سجعة الجزء الذي هو قافية البيت.
1 التسميط: في اللغة أن تجعل الجواهر سماطًا أو عقدًا. والرشف: الشرب على مهل. والكوثر: النهر العذب الماء الصافي. والظمي: الظامئ: العطشان.
وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته على التسميط:
فالحق في أفق والشرك في نفق
…
والكفر في فرق والدين في حرم
والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين الموصلي في بديعيته قوله:
تسميط ذي أدب تنظيم ذي أرب
…
تحقيق ذي غلب بالنصر ملتزم1
وبيت بديعيتي أشرت فيه إلى نظمي ونثري، ترفعًا بمدح النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم بقولي:
سجعي ومنتظمي قد أظهرا حكمتي
…
وصرت كالعلم في العرب والعجم
وقلت بعده مشيرًا إلى النظم:
تسميط جوهره يلفى بأبحره
…
ورشف كوثره يروي لكل ظمي
التورية في التسميط هنا منتظمة في سلك الجواهر، وقد تقرر أن السمط هو الذي يجمع حب العقد، ولهذا قلت: تسميط جوهره، والمناسبة البديعية حاصلة بقولي: يلفى بأبحره، فمحاسنه غير خافية بعد ذكر الجوهر، مثل ذلك الرشف للكوثر والري للظامئ، وتمكين القافية ظاهر. والله أعلم.
1 الأرب: الحاجة، والبغية والأمنية، والمهارة.