الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر المساواة:
تمت مساواة أنواع البديع به
…
لكن يزيد على ما في بديعهم
هذا النوع -أعني: المساواة- مما فرعه قدامة من ائتلاف اللفظ مع المعنى، وشرحه بأن قال: هو أن يكون اللفظ مساويًا للمعنى، بحيث لا يزيد عليه ولا ينقص عنه، وهذا من البلاغة التي وصف بها بعض الوصاف بعض البلغاء فقال: كأن ألفاظه قوالب لمعانيه، ومعظم آيات الكتاب العزيز كذلك.
واعلم أن البلاغة قسمان: إيجاز وإطناب، والمساواة معتبرة في القسمين معًا. فأما الإيجاز فكقوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} 1. والإطناب في هذا المعنى كقوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} 2. وقال سبحانه وتعالى، في قسم الإيجاز من غير هذا المعنى:{خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} 3. وقال عز من قائل، في الإطناب: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} 4. الآية.
ولا بد من الإتيان بهذا الفصل، لئلا يتوهم المتأمل أن الإطناب لا يوصف بالمساواة. ومن الشواهد على المساواة قول امرئ القيس:
فإن تكتموا الداء لا نخفه
…
وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
وإن تقتلونا نقتلكم
…
وإن تقصدوا الذم لا نقصد
1 البقرة: 2/ 179.
2 الإسراء: 17/ 33.
3 الأعراف: 7/ 199.
4 النحل: 16/ 90.
وقول زهير:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
…
وإن خالها تخفى على الناس تعلم1
وقول طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا
…
ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته قوله:
وقد مدحت بما تم البديع به
…
مع حسن مفتتح منه ومختتم
والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين الموصلي في بديعيته قوله:
خطت مساواة معناه وصورته
…
في الحسن شاهده في نون والقلم2
وبيت بديعيتي في المساواة قولي:
تمت مساواة أنواع البديع به
…
لكن يزيد على ما في بديعهم
1 الخليقة: العادة والخصلة، والخلق. خال: ظن.
2 نون والقلم: سورة القلم من القرآن الكريم.