الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر العقد:
قد صح عقد بياني في مناقبه
…
وإنّ منه لسحرًا غير سحرهم
العقد ضد الحل؛ لأن العقد نظم المنثور والحل نثر المنظوم. ومن شرائط العقد أن يؤخذ المنثور بجملة لفظه أو بمعظمه، فيزيد الناظم فيه وينقص ليدخل في وزن الشعر، ومتى أخذ بعض المنثور دون لفظه كان ذلك نوعًا من أنواع السرقات، ولا يسمى عقدًا إلا إذا أخذ الناظم المنثور برمته، وإن غير منه طريقًا من الطرق التي قدمناها كان المتبقي منه أكثر من المغير، بحيث يعرف من البقية صورة الجميع، كما فعل أبو تمام، في كلام عزى به الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- الأشعثَ بن قيس، في ولده، وهو: إن صبرت صبر الأحرار، وإلا سلوت سلوّ البهائم، فعقده أبو تمام شعرًا فقال:
وقال علي في التعازي لأشعثٍ
…
وخاف عليه بعض تلك المآثم
أتصبر للبلوى عزاءً وحِسبة
…
فتؤجر أم تسلو سلوّ البهائم1
وبيت الشيخ صفي الدين قوله:
ما شب من خصلتي حرصي ومن أملي
…
سوى مديحك في شيبي وفي هرمي
المقصود، في هذا البيت، من العقد، قول النبي، صلى الله عليه وسلم: يشيب ابن آدم ويشب فيه خصلتان: الحرص وطول الأمل.
والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين في بديعيته قوله:
1حِسبة: أي تحتسب أجر الصبر عند الله سبحانه وتعالى.
عقد اليقين صلاتي والسلام على
…
محمد دائمًا مني بلا سأم
قلت: أما الشيح صفي الدين فإني لم أصادف في بيته من عقد الحديث النبوي محلًا، ولكن ذكر فيه حكاية حاله. وأما الشيخ عز الدين -غفر الله- له فإنه ذكر، في شرحه أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال صلى الله عليه وسلم:"قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم". وفي حديث آخر: "قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم". وفي الحديث: "أكثروا من الصلاة عليَّ".
ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} 1. وذكر أنه عقد الآية والحديث، ولم يظهر لي حل هذا العقد في أي موضع هو من البيت.
وبيت بديعيتي:
قد صح عقد بياني في مناقبه
…
وإن منه لسحرًا غير سحرهم
العقد هنا قوله صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرًا". والله أعلم.
1 الأحزاب: 33/ 56.