الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر السهولة:
يا رب سهل طريقي في زيارته
…
من قبل أن تعتريني شدة الهرم
السهولة: ذكرها التيفاشي مضافة إلى باب الظرافة، وشركها قوم بالانسجام، وذكرها ابن سنان الخفاجي في كتاب:"سر الفصاحة"، فقال في مجمل كلامه: هو خلوص اللفظ من التكلف، والتعقيد والتعسف في السبك.
وقال التيفاشي: السهولة أن يأتي الشاعر بألفاظ سهلة تتميز على ما سواها عند من له أدنى ذوق من أهل الأدب، وهي تدل على رقة الحاشية، وحسن الطبع وسلامة الروية.
ومن ألطف الأمثلة، "عليها" قول الشاعر:
أليس وعدتني يا قلب أني
…
إذا ما تبت عن ليلى تتوب
فها أنا تائب عن حب ليلى
…
فما لك كلما ذكرت تذوب
ومنه قول أبي العتاهية:
أتته الخلافة منقادة
…
إليه تجرر أذيالها
فلم تكن تصلح إلا له
…
ولم يك يصلح إلا لها
ومذهبي: أن البهاء زهير، قائد عنان هذا النوع وفارس ميدانه، فمن ذلك قوله:
ومدام من رضاب
…
بحباب من ثنايا
كان ما كان ومنه
…
بعد في النفس بقايا
مثله قوله:
إن أمري لعجيب
…
ما يُرى أعجب منه
كلّ أرض لي فيها
…
غائب أسأل عنه
ومثله قوله:
شوقي إليك شديد
…
كما علمت وأزيد
وكيف تنكر شيئًا
…
به ضميرك يشهد
ومثله قوله:
أوحشتني والله يا مالكي
…
قطعت يومي كله لم أرك
هذا جفاء منك ما اعتدته
…
فليتني أعرف من غيرك
ومثله قوله:
سيدي قلبي عندك
…
سيدي أوحشت عبدك
أترى تذكر عهدي
…
مثل ما أذكر عهدك
أترى تحفظ ودي
…
مثل ما أحفظ ودك
قم بنا إن شئت عندي
…
مسرعًا أو شئت عندك
أنا في داري وحدي
…
فتفضل أنت وحدك
ومنه قوله:
هذا كتاب محب
…
قد زاد فيك غرامه
أضناه فرط اشتياق
…
فرقّ حتى كلامه
أما ترى كيف أضحى
…
مثل النسيم سلامه
ومنه قوله:
كلمني والمدام في فمه
…
قد نفحت من حباب مبسمه1
وماس كالغصن في تمايله
…
سكران يشتط في تحكمه2
بالله يا برق هل تحدثه
…
عن نار وجدب وعن تضرّمه3
وهل نسيم سري يبلغه
…
رسالة من فمي إلى فمه
عجبت من بخله عليّ وما
…
يذكره الناس من تكرمه
هم علموه فصار يهجرني
…
رب خذ الحق من معلمه
وقال، ويكاد يسيل رقة وسهولة:
كتبت إليك أشكو في كتابي
…
أمورًا من فراقك أشتكيها
وفي سوق الهوان عرضت نفسي
…
رخيصًا لم أجد من يشتريها
فهل وعد إلى سنة فإن لم
…
يكن فيها يكن فيما يليها
وقد أنهيت من شوقي فصولًا
…
لمولانا علوُّ الرأي فيها
ومثله في الرقة والسهولة قوله:
ملكتموني رخيصًا
…
فانحط قدري لديكم
1 الحباب: المحبوب.
2 ماس: تمايل. يشتط: يجور.
3 الوجد: شدة الشوق. التضرم: شدة الاشتعال.
فأغلق الله بابًا
…
دخلت منه إليكم
حتى ولا كيف أنتم
…
ولا السلام عليكم
وألطف منه قوله:
أنا أدري بأنني
…
قل قسمي لديكم
فإلى كم تطلعي
…
والتفاتي إليكم
كان ما كان بيننا
…
وسلام عليكم
وألطف منه قوله:
أما تقرّر أنا
…
فلم تأخرت عنا
وما الذي كان حتى
…
حللت ما قد عقدنا
ولم يكن لك عذر
…
ولو يكون علمنا
فلا تلمنا فإنا
…
قلنا وقلنا وقلنا
ومنه قوله:
قال ما ترجع عني قلت لا
…
قال ما تطلب مني قلت شيّ
فانثنى يحمر مني خجلًا
…
وثناه التيه عني لا إليّ1
كدت بين الناس أن ألثمه
…
آه لو أفعل ما كان عليّ
ومنه قوله:
قالوا كبرت عن الصبا
…
وقطعت تلك الناحية
فدع الصبا لرجاله
…
واخلع ثياب العارية
ونعم كبرت وإنما
…
تلك الشمائل باقية
ويميلني نحو الصبا
…
قبل رقيق الحاشية
فيه من الطرب القديـ
…
ـم بقية في الزاوية
وقال، وزنًا وقافية وسال برقته:
من لي بقلب أشتريـ
…
ـه من القلوب القاسيه
وإليك يا ملك الملا
…
ح وقفت أشكو حاليه
وإني لأطلب حاجة
…
ليست عليك بخافيه
أنعم علي بقبلة
…
هبة وإلا عاريه2
1 ثنى: ردّ. التيه: الخيلاء والتكبر.
2 عارية: إعارة.
وأعيدها لك لا عدمـ
…
ـت بعينها وكما هيه
وإذا أردت زيادة
…
خذها ونفسي راضيه
ومنه قوله:
إن شكا القلب هجركم
…
مهد الحب عذركم
لو أمرتم بما عسى
…
ما تعديت أمركم
قصروا عمر ذا الجفا
…
طوّل الله عمركم
كنت أرجو بأنكم
…
شهركم لي ودهركم
قد نسيتم وإنما
…
أنا لم أنس ذكركم
قد رأيتم محلكم
…
من فؤادي لسركم
لو وصلتم محبكم
…
ما الذي كان ضركم
ومن المرقص في هذا الباب قوله:
تعيش أنت وتبقى
…
أنا الذي مت عشقا
حاشاك يا نور عيني
…
تلقى الذي أنا ألقى
ولم أجد بين موتي
…
وبين هجرك فرقا
يا أنعم الناس بالًا
…
إلى متى فيك أشقى
سمعت عنك حديثًا
…
يا رب لا كان صدقا
وما عهدتك إلا
…
من أكرم الناس خلقا
لك الحياة فإني
…
أموت لا شك حقّا
يا ألف مولاي مهلًا
…
يا ألف مولاي رفقا1
قد كان ما كان مني
…
والله خير وأبقى
وبيت الشيخ صفي الدين في السهولة قوله:
وقلت هذا قبول جاءني سلفًا
…
ما ناله أحد قبلي من الأمم
والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. ولا وجدته في بديعية الشيخ عز الدين الموصلي، إلا أن يكون في نسخة غير التي نقلت منها، وعلى كل تقدير فالشيخ عز الدين قدم العقادة في بيته على السهولة.
وبيت بديعيتي:
يا رب سهّل طريقي في زيارته
…
من قبل أن تعتريني شدة الهرم
1 الرّفق: اللطف والتمهل.