الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الثَّمَانمِائَة)
(تالله يبْقى على الْأَيَّام ذُو حيد
…
بمشمخر بِهِ الظيان والآس)
على أَنه حذف من يبْقى لَا وَالتَّقْدِير: تالله لَا يبْقى. وأنشده سِيبَوَيْهٍ بِلَفْظ: لله يبْقى على الْأَيَّام الْبَيْت على أَن اللَّام فِيهِ حرف قسم وتعجب وَهَذَا نَصه: وَقد تَقول: تالله وفيهَا معنى التَّعَجُّب.
وَبَعض الْعَرَب يَقُول فِي هَذَا الْمَعْنى: لله فَيَجِيء بِاللَّامِ وَلَا يَجِيء إِلَّا أَن يكون فِيهِ معنى التَّعَجُّب. وَأنْشد الْبَيْت. وَهُوَ من قصيدة أَولهَا:
(يَا مي إِن تفقدي قوما ولدتهم
…
أَو تخلسيهم فَإِن الدَّهْر خلاس)
(عَمْرو وَعبد منَاف وَالَّذِي عهِدت
…
بِبَطن عرعر آبى الضيم عَبَّاس)
(يَا مي إِن سِبَاع الأَرْض هالكة
…
والعفر والأدم والآرام وَالنَّاس)
(تالله لَا يعجز الْأَيَّام مبترك
…
فِي حومة الْمَوْت رزام وفراس)
(يحمي الصريمة أحدان الرِّجَال لَهُ
…
صيد ومستمع بِاللَّيْلِ هجاس)
ثمَّ وصف الْأسد بِثَلَاثَة أَبْيَات فَقَالَ:
ثمَّ وصف الوعل إِلَى آخر القصيدة فِي سَبْعَة أَبْيَات والبيتان الْأَوَّلَانِ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ.
قَالَ الأعلم: الشَّاهِد فِي قطع عَمْرو وَمَا بعده مَا قبله وَحمله على الِابْتِدَاء. وَلَو نصب على الْبَدَل من الْقَوْم لجَاز.
وَمعنى تخلسيهم بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول: تسلبيهم. والخلس: أَخذ الشَّيْء بِسُرْعَة. أَي: إِن أفقدك الدَّهْر إيَّاهُم فَذَلِك شَأْنه.
وَأَرَادَ بِعَمْرو: عَمْرو بن عبد منَاف بن قصي وَهُوَ هَاشم بن عبد منَاف. وَأَرَادَ بِالْعَبَّاسِ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب. وَإِنَّمَا ذكرهم وَقَالَ: ولدتهم لأَنهم كلهم من ولد مدركة بن إلْيَاس بن مُضر.
وعرعر: مَوضِع. وَرُوِيَ بدله: بِبَطن مَكَّة. وآبي من الإباء وَهُوَ الِامْتِنَاع. والضيم: الظُّلم.
وَقد تقدم شرحهما فِي الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتِّينَ بعد الثلثمائة.
وَقَوله: والعفر والأدم
…
إِلَخ العفر بِضَم الْمُهْملَة: الظباء. والأدم: المسر مِنْهَا والآرام: الْبيض مِنْهَا.)
وَقَوله: تالله لَا يعجز الْأَيَّام مَعَ الْبَيْت بعده هما من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ. قَالَ
الأعلم: الشَّاهِد فيهمَا جري الصِّفَات على مَا قبلهَا مَعَ مَا فِيهَا من معنى التَّعْظِيم وَلَو نصب لجَاز.
قَالَ السكرِي: الْأَيَّام هُنَا: الْمَوْت. والمتبرك: الْمُعْتَمد وَهُوَ الْأسد. وحومة الْمَوْت: الْموضع الَّذِي يَدُور فِيهِ الْمَوْت لَا يبرح مِنْهُ. والرزام: المصوت.
يُقَال: رزم الْأسد يرزم. وَإِذا برك الْأسد على فريسة رزم. وفراس: يدق مَا يُصِيبهُ.
والصريمة: مَوضِع. وأحدان الرِّجَال: الَّذين يَقُول أحدهم: أَنا الَّذِي لَا نَظِير لَهُ فِي الشجَاعَة والبأس. يَقُول: هَذَا الْأسد يصيد هَؤُلَاءِ الَّذين يدلون بالشجاعة وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا ينجو من الْمَوْت. وَقَوله: يَا مي لَا يعجز الْأَيَّام ذُو حيد هَكَذَا وَقع فِي جَمِيع الرِّوَايَات وَلَكِن سِيبَوَيْهٍ ثِقَة وَالْقَوْل مَا قَالَت حذام. وَقَوله: ذُو حيد رَوَاهُ الْمبرد بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة والمثناة التَّحْتِيَّة وَجعله مصدرا بِمَنْزِلَة العوج والأود وَهُوَ اعوجاج يكون فِي قرن الوعل.
وَرَوَاهُ ثَعْلَب بِكَسْر الْمُهْملَة وَكَذَا السكرِي وَفَسرهُ بِجمع حيدة مثل حيض جمع حَيْضَة.
والحيدة: الْعقْدَة فِي قرن الوعل. وَمِنْهُم من جعله جمع حيد وَهُوَ كل نتوء فِي الْقرن والجبل وَغَيرهمَا.
وَقَالَ بَعضهم: هُوَ مصدر حاد يحيد حيداً بِالسُّكُونِ فحركه للضَّرُورَة وَمَعْنَاهُ الروغان.
-
وَرُوِيَ: ذُو جيد بِالْجِيم وَهُوَ جنَاح مائل من الْجَبَل. وَقيل: يَعْنِي بِهِ الظبي. والوعل: التيس الْجبلي.
وروى الْحلْوانِي بدله: ذُو خدم بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة. وَقَالَ: الخدم: الْبيَاض المستدير فِي قَوَائِم الثور وَاحِدهَا خدمَة.
المشمخر: الْجَبَل الشامخ العالي. وَالْبَاء بِمَعْنى فِي مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف هُوَ صفة لذِي حيد.
وَجُمْلَة بِهِ الظيان: صفة لمشمخر. والظيان بالظاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة: ياسمين الْبر.
والآس: الريحان. وَإِنَّمَا ذكرهمَا إِشَارَة إِلَى أَن الوعل فِي خصب فَلَا يحْتَاج إِلَى الإسهال فيصاد.
وَقَالَ الْحلْوانِي: الآس: نقط من الْعَسَل تقع من النَّحْل على الْحِجَارَة فيستدلون بِهِ أَحْيَانًا.
وَهَذَا الْبَيْت تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ أَيْضا فِي الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتِّينَ بعد الثلثمائة.)
وَهَذِه القصيدة نَسَبهَا السكرِي إِلَى أبي ذُؤَيْب الْهُذلِيّ وَتَقَدَّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتِّينَ. وَعَزاهَا الْحلْوانِي إِلَى مَالك بن خَالِد الخناعي.
وخناعة بِضَم الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف النُّون هُوَ خناعة بن سعد بن هُذَيْل. ونسبها غَيرهمَا إِلَى أُميَّة ابْن أبي عَائِذ الْهُذلِيّ كَمَا تقدم هُنَاكَ. وَقد تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخمسين بعد الْمِائَة.
وَقد وَقع المصراع الأول كَمَا رَوَاهُ الشَّارِح الْمُحَقق فِي قصيدة لساعدة بن جؤية الْهُذلِيّ ميمية هَكَذَا:
(تالله يبْقى على الْأَيَّام ذُو حيد
…
أدفى صلود من الأوعال ذُو خدم)
قَالَ السكرِي: يُرِيد: وَالله لَا يبْقى.
وَقَوله: ذُو حيد يَعْنِي الوعل. والحيد: كعوب فِي الْقرن. والأدفى: الَّذِي يذهب قرنه إِلَى نَحْو ذَنبه. والصلود: الَّذِي يقرع الْجَبَل بظلفه. والخدم: خطوط فِي قوائمه.
وَهَذِه قصيدة طَوِيلَة رثى بهَا جمَاعَة وغالب ألفاظها ومعانيها على النمط الأول.
وترجمة سَاعِدَة بن جؤية تقدّمت فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده: تنفك تسمع مَا حييّ ت بهالك حَتَّى تكونه على أَنه يجوز حذف لَا من أَخَوَات زَالَ كَمَا هُنَا فَإِن التَّقْدِير: لَا تنفك تسمع. وَفِي غَيرهَا لَا يجوز.
وَهَذَا وَإِن كَانَ فِي غير جَوَاب الْقسم خَاص بزال وَأَخَوَاتهَا. وَسمع فِي الشّعْر حذف لَا فِي غَيرهَا.
(وَقَوْلِي إِذا مَا أطْلقُوا عَن بعيرهم
…
تلاقونه حَتَّى يؤوب المنخل)
وخرجه ابْن مَالك على تَقْدِير قسم مُقَدّر أَي: وَالله لَا تلاقونه.
قَالَ الدماميني: وَالظَّاهِر أَن رَأْيه أولى ليَكُون من قبيل مَا حذف بِقِيَاس.
وَقَوله: وَقَوْلِي مَعْطُوف على أبدالي فِي بَيت قبله وَهُوَ قَوْله:
(لعمري لقد أنْكرت نَفسِي ورابني
…
مَعَ الشيب أبدالي الَّتِي أتبدل)
وأبداله: هِيَ الشيب بعد الشَّبَاب والضعف بعد الْقُوَّة والهزال بعد المسن والسقم بعد)
الصِّحَّة. وَالْمقول هُوَ لَا تلاقونه
…
إِلَخ. أَي: لَا تلاقون الْبَعِير بعد إطلاقكم إِيَّاه حَتَّى يؤوب المنخل.
وَهَذَا القَوْل فِي نفس الْأَمر مِمَّا يريب كَأَنَّهُ يدل على ذُهُول عقل وخرف فَإِن الْبَعِير إِذا أطلق لَيْسَ فِي مسكه جهد عَظِيم.
والمنخل بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة: اسْم شَاعِر كَانَ النُّعْمَان بن الْمُنْذر اتهمه مَعَ امْرَأَته فدفنه حَيا فَلم يعرف خَبره إِلَى الْآن. وَالْعرب تضرب الْمثل بِهِ لغَائِب لَا طمع فِي رُجُوعه.
وَبعده:
(فيضحى قَرِيبا غير ذَاهِب غربَة
…
وَأرْسل أيماني فَلَا أتحلل)
الغربة بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْمُوَحَّدَة: الْبعد أَي: يصير الْبَعِير الَّذِي أَطْلقُوهُ
قَرِيبا مِنْهُم وَلَا يذهب ذهَاب بعد وَمَعَ ذَلِك أَنا أذهل وَأَقُول لَهُم ذَلِك القَوْل فَأرْسل أيماني وَلَا أقيدها باستثناء وَلَا أتحلل بقول إِن شَاءَ الله.
وَهَذَا الْبَيْت من أَبْيَات الْمُغنِي وَلم يشرحه شراحه وَلِهَذَا شرحته إِجْمَالا.
والنمر بن تولب صَحَابِيّ عَاشَ دهراً طَويلا. وَقد ترجمناه فِيمَا مضى. وَأما قَوْله: تنفك تسمع مَا حييت
…
...
…
...
…
. الْبَيْت فقد تقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ بعد السبعمائة.
وَأنْشد بعده: فَلَا وَأبي دهماء زَالَت عزيزةً