الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمخشاة: مصدر ميمي بِمَعْنى الخشية وَهِي الْخَوْف. والوجيب: السُّقُوط والخفقان وَالِاضْطِرَاب.
وَقَوله: وَلَا خير فِيمَن لَا يوطن نَفسه قَالَ الْمبرد: نَظِيره قَول كثير:
(أَقُول لَهَا يَا عز كل مُصِيبَة
…
إِذا وطنت يَوْمًا لَهَا النَّفس ذلت)
وَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان يَقُول: لَو كَانَ هَذَا الْبَيْت فِي صفة الْحَرْب لَكَانَ أشعر النَّاس.
وَحكي عَن بعض الصَّالِحين أَن ابْنا لَهُ مَاتَ فَلم ير بِهِ جزع فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ: هَذَا أَمر كُنَّا نتوقعه فَلَمَّا وَقع لم ننكره.
وَقَوله: إِذا لم تعد الشَّيْء أَي: إِذا لم تتعده وتتجاوزه. ويريب من أراب الشَّيْء إِذا أوقع فِي رِيبَة وشبهة.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)
أم الْحُلَيْس لعجوز شهربه
على أَنه دُخُول اللَّام على خبر الْمُبْتَدَأ الْمُؤخر مُجَردا من إِن كَمَا هُنَا. وَقدر
بَعضهم: لهي عَجُوز لتَكون فِي التَّقْدِير دَاخِلَة على الْمُبْتَدَأ.
قَالَ ابْن السراج فِي الْأُصُول: قَالَ أَبُو عُثْمَان: وَقَرَأَ سعيد بن جُبَير: إِلَّا أَنهم ليأكلون الطَّعَام فتح أَن وَجعل اللَّام زَائِدَة كَمَا زيدت فِي قَوْله:
(أم الْحُلَيْس لعجوز شهربه
…
ترْضى من اللَّحْم بِعظم الرقبه)
انْتهى.
وَعند ابْن جني غير زَائِدَة لَكِنَّهَا فِي الْبَيْت ضَرُورَة. قَالَ فِي سر الصِّنَاعَة: وَأما الضَّرُورَة الَّتِي تدخل لَهَا اللَّام فِي غير خبر إِن فَمن ضرورات الشّعْر وَلَا يُقَاس عَلَيْهَا. وَالْوَجْه أَن يُقَال: لأم الْحُلَيْس عَجُوز شهربه كَمَا يُقَال: لزيد قَائِم.
وَقَالَ الآخر: فَهَذَا يحْتَمل أَمريْن: أَحدهمَا: أَن يكون أَرَادَ: لخالي أَنْت فَأخر اللَّام إِلَى الْخَبَر ضَرُورَة.
وَالْآخر: أَن يكون أَرَادَ: لأَنْت خَالِي فَقدم الْخَبَر على الْمُبْتَدَأ وَإِن كَانَت فِيهِ اللَّام ضَرُورَة.
وَأَخْبرنِي أَبُو عَليّ أَن أَبَا الْحسن حكى: إِن زيدا وَجهه لحسن. فَهَذِهِ أَيْضا ضَرُورَة. وَرُبمَا أدخلوها فِي خبر أَن الْمَفْتُوحَة أخبرنَا عَليّ بن مُحَمَّد يرفعهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى قطرب:
(ألم تكن حَلَفت بِاللَّه الْعلي
…
أَن مطاياك لمن خير الْمطِي)
وَالْوَجْه هُنَا كسر إِن لنزول الضَّرُورَة إِلَّا أَنا سمعناها مَفْتُوحَة الْهمزَة. انْتهى.
وَكَذَا عد هَذَا ابْن عُصْفُور من الضرائر مَعَ أَنه أورد الْآيَة وَمَا حَكَاهُ أَبُو الْحسن الْأَخْفَش وجعلهما من الشاذ.
وَأما التَّخْرِيج على إِضْمَار الْمُبْتَدَأ فَلم يرتضه ابْن جني لما فِيهِ من الْجمع بَين حذف الْمُؤَكّد وتوكيده.
قَالَ بعد مَا نقلنا عَنهُ: وَأخْبرنَا أَبُو عَليّ أَن أَبَا إِسْحَاق ذهب فِي قَوْله تَعَالَى: إِن هَذَانِ لساحران إِلَى أَن إِن بِمَعْنى نعم وَهَذَانِ مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَأَن اللَّام فِي لساحران دَاخِلَة فِي)
موضعهَا على غير ضَرُورَة وَالتَّقْدِير على هَذَا: نعم هَذَانِ لَهما ساحران.
وَحكي عَن أبي إِسْحَاق أَنه قَالَ: هَذَا الَّذِي عِنْدِي فِيهِ. وَالله أعلم. وَكنت عرضته على عالمنا مُحَمَّد بن يزِيد وعَلى إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق فقبلاه وذكرا أَنه أَجود مَا سمعناه.
وَاعْلَم أَن هَذَا الَّذِي رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَدْخُول غير صَحِيح وَأَنا أذكرهُ لتقف مِنْهُ على مَا فِي قَوْله.
وَوجه الْخَطَأ فِيهِ أَن هما المحذوفة الَّتِي قدرهَا مَرْفُوعَة بِالِابْتِدَاءِ لم تحذف إِلَّا بعد الْعلم بهَا والمعرفة بموضعها.
وَكَذَلِكَ كل مَحْذُوف لَا يحذف إِلَّا مَعَ الْعلم بِهِ وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ فِي حذفه مَعَ
الْجَهْل بمكانه ضرب من تَكْلِيف علم الْغَيْب للمخاطب. وَإِذا كَانَ مَعْرُوفا فقد استغني بمعرفته عَن تأكيده بِاللَّامِ.
أَلا ترى أَنه يقبح أَن تَأتي بالمؤكد وتترك
الْمُؤَكّد فَلَا تَأتي بِهِ أَو لَا ترى أَن التَّأْكِيد من مَوَاضِع الإسهاب والإطناب والحذف من مَوَاضِع الِاكْتِفَاء والاختصار فهما إِذن لما ذكرت من ذَلِك ضدان لَا يجوز أَن يشْتَمل عَلَيْهِمَا عقد كَلَام.
ويزيدك وضوحاً امْتنَاع أَصْحَابنَا من تَأْكِيد الضَّمِير الْمَحْذُوف الْعَائِد على الْمُبْتَدَأ فِي نَحْو: زيد ضربت فِيمَن أجَازه فَلَا يجيزون: زيد ضربت نَفسه على أَن تجْعَل النَّفس توكيداً للهاء المرادة فِي ضَربته لِأَن الْحَذف لَا يكون إِلَّا بعد التحقق وَالْعلم وَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فقد استغني عَن تأكيده.
ويؤكد عنْدك مَا ذكرت لَك أَن أَبَا عُثْمَان وَغَيره من النَّحْوِيين حملُوا قَول الشَّاعِر: ام الْحُلَيْس لعجوز شهربه على أَن الشَّاعِر أَدخل اللَّام على الْخَبَر ضَرُورَة. وَلَو كَانَ مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق جَائِزا لما عدل عَنهُ النحويون وَلَا حملُوا الْكَلَام على الِاضْطِرَار إِذا وجدوا لَهُ وَجها ظَاهرا قَوِيا.
وَحذف الْمُبْتَدَأ وَإِن كَانَ سائغاً فِي مَوَاضِع كَثِيرَة فَإِنَّهُ إِذا نقل عَن أول الْكَلَام قبح حذفه.
أَلا ترى إِلَى ضعف قِرَاءَة من قَرَأَ: تَمامًا على الَّذِي أحسن قَالُوا: وَوجه قبحه انه حذف الْمُبْتَدَأ فِي مَوضِع الْإِيضَاح وَالْبَيَان لِأَن الصِّلَة وَقعت فِي الْكَلَام فَغير لَائِق بِهِ الْحَذف. وَإِذا طَال الْكَلَام جَازَ فِيهِ من الْحَذف مَا لَا يجوز فِيهِ إِذا قصر.)
أَلا ترى إِلَى مَا حَكَاهُ الْخَلِيل من قَوْلهم: مَا أَنا بِالَّذِي قَائِل لَك شَيْئا. وَلَو قلت:
مَا أَنا بِالَّذِي قَائِم لقبح. انْتهى.
وَذهب صَاحب اللّبَاب إِلَى أَن اللَّام إِنَّمَا دخلت على الْخَبَر لتوهم ذكر إِن فَكَأَنَّهُ قيل: إِن أم الْحُلَيْس.
وَهَذَا الْبَيْت نسبه الصَّاغَانِي فِي الْعباب إِلَى عنترة بن عروس قَالَ فِي مَادَّة شهرب: الشهربة: الْعَجُوز الْكَبِيرَة مثل الشهبرة.
قَالَ عنترة بن عروس: أم الْحُلَيْس الْبَيْت. قَالَ بعض النَّاس: اللَّام مقحمة فِي لعجوز.
وَأنْشد الْآمِدِيّ فِي تَرْجَمَة عنترة هَذَا: رب عَجُوز من سليم شهربه انْتهى.
وَقد رجعت إِلَى المؤتلف والمختلف من أَسمَاء الشُّعَرَاء للآمدي وَلم أر فِيهِ الْبَيْت الَّذِي نَقله عَنهُ. وَهَذَا مَا فِيهِ: وَمِنْهُم: عنترة بن عروس مولى ثفيف وَكَانَ عروس مولداً ولد فِي بِلَاد أَزْد شنُوءَة شَاعِرًا.
وَكَانَ يزِيد بن ضبة الثَّقَفِيّ هجاه فَقَالَ يهجو عمَارَة امْرَأَة يزِيد:
(تَقول عمَارَة لي يَا عنترة
…
شقّ حري هَذَا الْعَظِيم الحوثره)
وَهِي أَبْيَات تِسْعَة وقافيتها رائية خلاف مَا نقل. وَالله أعلم.
وعروس فِيهِ بِلَفْظ الْعَرُوس الْمَعْرُوف لَا بالشين الْمُعْجَمَة على وزن جَعْفَر كَمَا فِي خطه.