الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده: جاؤوا بمذق هَل رَأَيْت الذِّئْب قطّ على أَن جملَة هَل رَأَيْت
…
إِلَخ فِي مَوضِع الصّفة لمذق بِتَأْوِيل وَهُوَ أَن تكون محكية بقول مَحْذُوف هُوَ الْوَصْف وَالتَّقْدِير: جاؤوا بمذق مقول فِيهِ: هَل رَأَيْت إِلَخ.
وَتقدم شَرحه فِي الشَّاهِد السَّادِس وَالتسْعين.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)
(وَلَو أَرَادَت لقالت وَهِي صَادِقَة
…
إِن الرياضة لَا تنصبك للشيب)
على أَن الْجُمْلَة الطلبية يجوز أَن تقع خَبرا ل إِن كَمَا هُنَا فَإِن جملَة النَّهْي وَهِي جملَة: لَا تنصبك خبر إِن. وَكَذَا قَالَ أَبُو عَليّ فِي كتاب الشّعْر وَأنْشد هَذَا الْبَيْت: وَفِي الارتشاف: وَفِي دُخُول إِن على مَا خَبره نهي خلاف صحّح ابْن عُصْفُور جَوَازه فِي شَرحه الصَّغِير للجمل وَتَأَول ذَلِك فِي شَرحه الْكَبِير فِي قَوْله: إِن الرياضة لَا تنصبك للشيب
وعَلى الْمَنْع نُصُوص شُيُوخنَا.
وَقَالَ فِي شَرحه الصَّغِير لكتاب الْجمل: أما الْجُمْلَة غير المحتملة للصدق وَالْكذب فَفِي وُقُوعهَا خَبرا لهَذِهِ الْحُرُوف خلاف وَالصَّحِيح أَنَّهَا تقع فِي مَوضِع خَبَرهَا. انْتهى.
فَأطلق. وَلَا يَصح أَن يكون فِي لَيْت وَلَعَلَّ وَلَا كَأَن. وَإِن ألحق لَكِن بإن فَيمكن. انْتهى.
وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يضم إِلَى هَذِه الثَّلَاثَة أَن الْمَفْتُوحَة الْهمزَة كَمَا بَينه الشَّارِح الْمُحَقق. فَظهر أَن وُقُوع الطلبية فِي إِن الْمَكْسُورَة فِيهِ خلاف: مِنْهُم من أجَاز وَمِنْهُم من منع.
-
وَلم يصب ابْن هِشَام فِي النَّقْل عَن النَّحْوِيين أَنهم منعُوا وُقُوع الطلبية خَبرا لَهَا وأضمر القَوْل فِي قَوْله:
(إِن الَّذين قتلتم أمس سيدهم
…
لَا تحسبوا ليلهم عَن ليلكم نَامَا)
وَقَول الآخر:
(إِنِّي إِذا مَا الْقَوْم كَانُوا أنجيه
…
واضطرب الْقَوْم اضْطِرَاب الأرشيه)
وَالْبَيْت من قصيدة عدتهَا اثْنَا عشر بَيْتا للجميح الْأَسدي ذكر فِيهَا نشوز امْرَأَته لقلَّة مَاله أوردهَا الْمفضل الضَّبِّيّ فِي المفضليات وأولها:
(أمست أُمَامَة صمتا مَا تكلمنا
…
مَجْنُونَة أم أحست أهل خروب)
(مرت بِرَاكِب ملهوز فَقَالَ لَهَا
…
ضري الجميح ومسيه بتعذيب)
(وَلَو أَصَابَت لقالت وَهِي صَادِقَة
…
إِن الرياضة لَا تنصبك للشيب)
أُمَامَة: زوج الجميح. وصمتاً: مصدر وَقع حَالا. وَأهل خروب بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء: قَومهَا.)
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي شَرحه: يَقُول: مَا لَهَا أمست صامتة أَي: سَاكِنة لَا تكلمنا أخالطها جُنُون أم لقِيت أهل خروب وهم قَومهَا فأفسدوها فَغضِبت.
وَقَوله: مرت بِرَاكِب
…
إِلَخ يَقُول: مرت بِرَاكِب جمل ملهوز فأفسدها على زَوجهَا. والملهوز: الموسوم فِي أصل لحييْهِ أَي: أمرهَا بمضارة زَوجهَا ليُطَلِّقهَا فيتزوجها.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: ملهوز: مَوْسُوم بِغَيْر ميسمه. يَقُول: مرت بِرَجُل من أعدائه وَمن ميسمه غير ميسمي فَأمرهَا بمضارتي.
وَيُقَال: مرت بِرَجُل من قَومهَا فأفسدها عَلَيْهِ ليتزوجها. وضري بِضَم الضَّاد: أَمر بالضر.
ومسيه بِفَتْح الْمِيم أَي: أوصلي إِلَيْهِ الْعَذَاب. فِي الْمِصْبَاح: مَسسْته من بَاب تَعب وَفِي لُغَة مَسسْته مساً من بَاب قتل: أفضيت إِلَيْهِ من غير حَائِل. هَكَذَا قيدوه.
وَقَوله: وَلَو أَرَادَت لقالت رِوَايَة ابْن الْأَنْبَارِي: وَلَو أَصَابَت لقالت. والرياضة: تَهْذِيب الْأَخْلَاق النفسية.
وتنصبك: مضارع أنصبه إنصاباً أَي: أتعبه متعدي نصب نصبا من بَاب فَرح إِذا تَعب وأعيا. وللشيب مُتَعَلق برياضة وَهُوَ جمع أشيب.
-
فِي الْمِصْبَاح: شَاب يشيب شيباً وَشَيْبَة وَالرجل أشيب على غير قِيَاس وَالْجمع شيب. وَلَا يُقَال: امْرَأَة شيباء وَإِن قيل: شَاب رَأسهَا.
والمشيب: الدُّخُول فِي حد الشيب. وَقد يسْتَعْمل المشيب بِمَعْنى الشيب وَهُوَ ابيضاض الشّعْر المسود.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: يَقُول: أَنا شيخ مجرب
لَا أحفل بمضارتها لعلمي بإرادتها. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله: لَا تنصبك للشيب نَهَاهُ عَن رياضة المسان.
يَقُول: وَلَو أَصَابَت الصَّوَاب ووفقت لَهُ لقالت للرجل الَّذِي أمرهَا بمضارتي: لَا جعلك الله مِمَّن ينصب برياضة المسان فَإِن رياضتك إيَّاهُم عناء عَلَيْك وتعب لَا يجدي عَلَيْك شَيْئا لأَنهم قد يئسوا عَن ذَلِك وجربوا فَلَا يسمعُونَ مَا يؤمرون بِهِ لما مَعَهم من التجربة. وَهَذَا دُعَاء فِي صُورَة النَّهْي.
قَالَ بعض الْمُحدثين:
(كبر الْكَبِير عَن الْأَدَب
…
أدب الْكَبِير من التَّعَب))
والجميح بِضَم الْجِيم وَفتح الْمِيم مصغر قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: هُوَ لقب واسْمه منقذ بن الطماح بن قيس بن طريف بن عَمْرو بن قعين بن طريف بن الْحَارِث بن ثَعْلَبَة بن دودان بن أَسد بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان.
قَالَ أَحْمد: والطماح بن منقذ هُوَ صَاحب امْرِئ الْقَيْس الَّذِي دخل مَعَه بِلَاد الرّوم ووشى بِهِ إِلَى قَيْصر فَصَارَ سَببا لهلاكه.
وإياه عَنى امْرُؤ الْقَيْس بقوله:
(لقد طمح الطماح من بعد أرضه
…
ليلبسني من دائه مَا تلبسا)
انْتهى.
-
وَقَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي شرح أمالي القالي: الجميح لقبه واسْمه منقذ بن الطماح بن قيس الْأَسدي. وَهُوَ فَارس شَاعِر جاهلي قتل يَوْم جبلة. انْتهى.
إِن الَّذين قتلتم أمس سيدهم إِلَخ
لم يعرفهُ شرَّاح الْمُغنِي.
وَقد أوردهُ أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي فِي ضَالَّة الأديب من جملَة أَبْيَات. قَالَ: خرج غُلَام من بني سعد بن ثَعْلَبَة وَغُلَام من بني مَالك بن مَالك فِي إبل لَهما وَمَعَ السَّعْدِيّ سيف لَهُ فَقَالَ الْمَالِكِي: وَالله مَا فِي سَيْفك هَذَا خير لَو ضربت بِهِ عنقِي مَا قطعه.
قَالَ: فَمد عُنُقك. فَفعل فَضرب السَّعْدِيّ عُنُقه فَقَطعه. فَخرجت بَنو مَالك بن مَالك وَأخذُوا السَّعْدِيّ فَقَتَلُوهُ فاحتربت بَنو سعد بن ثَعْلَبَة وَبَنُو مَالك بن مَالك فمشت السفراء بَينهم فَقَالَت بَنو يعد بن ثَعْلَبَة: لَا نرضى حَتَّى نعطى مائَة من صاحبنا وتعطى بَنو مَالك سبعين.
فَغَضب لَهُم بَنو سعد بن مَالك فَقَالَ أَبُو مكعت أَخُو بني سعد بن مَالك:
(إِن الَّذين قتلتم أمس سيدهم
…
لَا تحسبوا ليلهم عَن ليلكم نَامَا)
(من يولهم صَالحا نمسك بجانبه
…
وَمن يضمهم فإيانا إِذن ضاما)
(أَدّوا الَّذِي نقضت سبعين من مائَة
…
أَو ابْعَثُوا حكما بِالْحَقِّ علاما)
أَي: أدونا مائَة كَامِلَة فَإِذا وضعت سبعين من مائَة بقيت ثَلَاثُونَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَدّوا الدِّيَة الَّتِي التزمتم مِنْهَا سبعين من مائَة.
(أبلغ بني مَالك عني مغلغلةً
…
أَن السنان إِذا مَا أكره اعتاما))
وَأَبُو مكعت هُوَ الَّذِي كَانَ يحيض فِي الْجَاهِلِيَّة. انْتهى.