الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَاف فيهمَا للتشبيه وَالْكَاف صفة لمصدر مَحْذُوف أَي: انتظرني انتظاراً مثل إتياني لَك أَي: ف لي بالانتظار كَمَا أَفِي لَك بالإتيان وانته عَن شتم النَّاس كانتهائهم عَن شتمك. انْتهى.
وَقَوله: لَا تَشْتُم لَا: ناهية. وَقَوله: كَمَا لَا تَشْتُم بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَرفع الْفِعْل.
وَهُوَ من أرجوزة لرؤبة بن العجاج وَتَقَدَّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد الْخَامِس من أول الْكتاب.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)
وَهُوَ من شَوَاهِد س:
(وَإِنَّا لمما نضرب الْكَبْش ضَرْبَة
…
على رَأسه تلقي اللِّسَان من الْفَم)
على أَن من الجارة لما كفت بِمَا تغير مَعْنَاهَا وَصَارَت بِمَعْنى رُبمَا مفيدة للتكثير أَو للتقليل على خلاف فِي مدلولها.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب من أَبْوَاب أَن الَّتِي تكون وَالْفِعْل بِمَنْزِلَة مصدره مَا نَصه: وَتقول: إِنِّي مِمَّا أَن أفعل ذَاك كَأَنَّهُ قَالَ: أَنِّي من الْأَمر أَو من الشَّأْن أَن أفعل ذَاك. فَوَقَعت مَا فِي هَذَا الْموضع كَمَا تَقول الْعَرَب: بئْسَمَا يُرِيدُونَ بئس الشَّيْء. إِلَى أَن قَالَ: وَإِن شِئْت قلت: إِنِّي مِمَّا أفعل فَتكون مَا مَعَ من بِمَنْزِلَة كلمة وَاحِدَة نَحْو: رُبمَا. قَالَ أَبُو حَيَّة النميري: وَإِنَّا لمما نضرب الْكَبْش
…
...
…
... . الْبَيْت انْتهى.
قَالَ الأعلم: الشَّاهِد فِي قَوْله: لمما وَمَعْنَاهُ لربما وَهِي من زيدت إِلَيْهَا مَا وَجعلت مَعهَا على معنى رُبمَا فركبت تركيبها. انْتهى.
وَفِي البغداديات لأبي عَليّ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: إِن أَرَادَ سِيبَوَيْهٍ أَن مَا كَافَّة لمن أَنَّهَا كَافَّة لرب فَهُوَ كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ. وَإِن أَرَادَ أَنه للتقليل كَمَا أَن رُبمَا للتقليل كَانَ ذَلِك مسوغاً إِذا ثَبت مسموعاً.
وَيبعد ذَلِك فِي الْبَيْت فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون غير مقلل لضربه للكبش على رَأسه انْتهى. وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَن رب وَرُبمَا عِنْده لَا تفِيد إِلَّا الْقلَّة. وَكَأن أَبَا حَيَّان لم يقف على مَا قدمْنَاهُ.
قَالَ فِي الارتشاف: وَزعم السيرافي والأعلم وَابْن طَاهِر وَابْن خروف
أَن من إِذا كَانَ بعْدهَا مَا كَانَت بِمَعْنى رُبمَا وَزَعَمُوا أَن سِيبَوَيْهٍ يُشِير إِلَى هَذَا الْمَعْنى فِي كَلَامه.
وَأنكر الْأُسْتَاذ أَبُو عَليّ وَأَصْحَابه ذَلِك وردوه وتأولوا مَا زعموه من ذَلِك. هَذَا كَلَامه.
وَتَبعهُ ابْن هِشَام فِي موضِعين من الْمُغنِي أَحدهمَا: فِي من قَالَ عِنْد مَعَانِيهَا: الْعَاشِر مرادفة رُبمَا وَإِنَّا لمما نضرب الْكَبْش الْبَيْت
قَالَه السيرافي وَابْن خروف وَابْن طَاهِر والأعلم وَخَرجُوا عَلَيْهِ قَول سِيبَوَيْهٍ: إِنَّهُم مِمَّا يحذفون كَذَا. وَالظَّاهِر أَن من فيهمَا ابتدائية وَمَا مَصْدَرِيَّة وَأَنَّهُمْ جعلُوا كَأَنَّهُمْ خلقُوا من الضَّرْب والحذف مثل: خلق الْإِنْسَان من عجل. انْتهى.)
وَثَانِيهمَا: فِي مَا الكافة قَالَ: إِنَّهَا تتصل بأحرف فتكفها من عمل الْجَرّ. الرَّابِع: من كَقَوْل أبي حَيَّة: وَإِنَّا لمما نضرب الْكَبْش الْبَيْت قَالَه ابْن الشجري. وَالظَّاهِر أَن مَا مَصْدَرِيَّة وَأَن الْمَعْنى مثله فِي: خلق الْإِنْسَان من عجل وَقَوله:
وضنت علينا والضنين من الْبُخْل فَجعل الْإِنْسَان والبخيل مخلوقين من الْعجل وَالْبخل مُبَالغَة. انْتهى.
وَسِيَاق الْكَلَام مِنْهُمَا ظَاهر فِي أَن الْمَعْنى الأول لم يقل بِهِ سِيبَوَيْهٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء استنبطه خدمَة كِتَابه من كَلَامه وَلَيْسَ كَذَلِك.
وَتَخْرِيج ابْن هِشَام فَاسد وَذَلِكَ أَن فعل الصِّلَة فِي المثالين الْأَوَّلين مُسْند إِلَى ضمير الْمُحدث عَنهُ فَيلْزم عِنْد السبك إِضَافَة الْمصدر إِلَى ذَلِك الضَّمِير
فيؤول الْأَمر إِلَى جعلهم كَأَنَّهُمْ خلقُوا من ضَربهمْ وَمن حذفهم. وَذَلِكَ غير مُتَصَوّر الْبَتَّةَ. وَلَا يلْزم هَذَا فِي الْآيَة وَالْبَيْت الْأَخير.
والكبش هُنَا: الرئيس وَسيد الْقَوْم لِأَنَّهُ يقارع دونهم ويحميهم. قَالَ ابْن النّحاس: وَإِن شِئْت جعلت مَا بِمَعْنى الَّذِي وَرفعت الْكَبْش. انْتهى.
أَقُول: هَذَا لَا يَصح. فَتَأمل. وَمثل هَذَا الْبَيْت قَول الفرزدق:
(وَإِنَّا لمما نضرب الْكَبْش ضَرْبَة
…
على رَأسه وَالْحَرب قد لَاحَ نارها)
وَالظَّاهِر أَن أَبَا حَيَّة ألم بِبَيْت الفرزدق فَإِنَّهُ قبل أبي حَيَّة وَأَبُو حَيَّة توفّي فِي بضع وَثَمَانِينَ وَمِائَة.
قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء: وَكَانَ يروي عَن الفرزدق. وَهُوَ بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة. وصحفه ابْن الملا بِالْمُوَحَّدَةِ قَالَ: وَرَأَيْت من صحفه بمثناة تحتية. انْتهى.
واسْمه الْهَيْثَم بن الرّبيع وَيَنْتَهِي نسبه إِلَى نمير بن عَامر بن صعصعة.
-
قَالَ صَاحب الأغاني: وَهُوَ شَاعِر مجيد مُتَقَدم من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. وَقد مدح الْخُلَفَاء فيهمَا جَمِيعًا. وَكَانَ فصيحاً مقصداً راجزاً من سَاكِني الْبَصْرَة. وَكَانَ أهوج جَبَانًا بَخِيلًا كذابا مَعْرُوفا بذلك أجمع. وَكَانَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء يقدمهُ.
وَقيل: إِنَّه كَانَ يصرع. وَكَانَ من أكذب النَّاس: حدث يَوْمًا أَنه يخرج إِلَى الصَّحرَاء فيدعو)
الْغرْبَان فَتَقَع حوله فَيَأْخُذ مِنْهَا
مَا شَاءَ. فَقيل: يَا أَبَا حَيَّة أَفَرَأَيْت إِن أخرجناك إِلَى الصَّحرَاء فدعوتها فَلم تأتك فَمَاذَا تصنع بك قَالَ: أبعدها الله إِذن وَحدث يَوْمًا قَالَ: عَن لي ظَبْي يَوْمًا فرميته فرَاغ عَن سهمي فعارضه السهْم ثمَّ راغ فعارضه فَمَا زَالَ وَالله يروغ ويعارضه حَتَّى صرعه بِبَعْض الجبانات.
وَإِلَى هَذَا السهْم لمح ابْن نباتة الْمصْرِيّ بقوله:
(وبديع الْجمال لم ير طرفِي
…
مثل أعطافه وَلَا طرف غَيْرِي)
(كلما حدت عَن هَوَاهُ أَتَانِي
…
سهم ألحاظه كسهم النميري)
وَقَالَ يَوْمًا: رميت وَالله ظَبْيَة فَلَمَّا نفذ سهمي عَن الْقوس ذكرت بالظبية حَبِيبَة لي فعدوت خلف السهْم حَتَّى قبضت على قذذة قبل أَن يُدْرِكهَا.
وَكَانَ لأبي حَيَّة سيف يُسَمِّيه: لعاب الْمنية لَيْسَ بَينه وَبَين الْخَشَبَة فرق. وَكَانَ أجبن النَّاس حدث جَار لَهُ قَالَ: دخل لَيْلَة إِلَى بَيته كلب فَظَنهُ لصاً فَأَشْرَفت عَلَيْهِ وَقد انتضى سَيْفه لعاب الْمنية وَهُوَ وَاقِف فِي وسط الدَّار وَهُوَ يَقُول: أَيهَا المغتر بِنَا والمجترئ علينا بئس وَالله مَا اخْتَرْت لنَفسك: خير قَلِيل وَسيف صقيل لعاب الْمنية الَّذِي سَمِعت بِهِ
مَشْهُور ضَربته لَا تخَاف نبوته اخْرُج بِالْعَفو عَنْك قبل أَن أَدخل بالعقوبة عَلَيْك. إِنِّي وَالله إِن أدع قيسا إِلَيْك لَا تقم لَهَا وَمَا قيس تملأ وَالله الفضاء خيلاً ورجلاً سُبْحَانَ الله مَا أَكْثَرهَا وأطيبها.
فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذْ الْكَلْب قد خرج فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي مسخك كَلْبا وكفاني حَربًا وَنَظِير هَذِه الْحِكَايَة مَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق الحصري صَاحب زهر الْآدَاب
فِي كتاب الْجَوَاهِر فِي الْملح والنوادر قَالَ: نزل أَعْرَابِي من بني نهشل يكنى أَبَا الْأَغَر على بني أُخْت لَهُ من قُرَيْش بِالْبَصْرَةِ وَذَلِكَ فِي شهر رَمَضَان فَخرج الرِّجَال إِلَى ضياعهم وَخرج النِّسَاء يصلين فِي الْمَسْجِد وَلم يبْق فِي الدَّار إِلَّا الْإِمَاء فَدخل كلب فَرَأى بَيْتا فدخله وانصفق الْبَاب فَسمع الْإِمَاء حَرَكَة فظنن أَن لصاً قد دخل الدَّار فَذَهَبت إِحْدَاهُنَّ إِلَى أبي الْأَغَر فَأَخْبَرته فَأخذ عَصا وَجَاء حَتَّى وقف على بَاب الْبَيْت فَقَالَ: أَيهَا اللص وَالله أما إِنِّي بك لعارف فَهَل أَنْت من لصوص بني مَازِن شربت نبيذاً حامضاً خبيثاً حَتَّى إِذا دارت الأقداح فِي رَأسك منتك نَفسك الْأَمَانِي. فَقلت: أطرق دور بني عَمْرو وَالرِّجَال خلوف وَالنِّسَاء يصلين فِي مسجدهن فأسرقهن سوءة لَك وَالله مَا يفعل هَذَا)
الْأَحْرَار بئْسَمَا منتك نَفسك فَاخْرُج بِالْعَفو عَنْك وَإِلَّا دخلت بالعقوبة عَلَيْك وَايْم الله لتخْرجن أَو لأهتفن هتفة
يلتقي فِيهَا الْحَيَّانِ: عَمْرو وحَنْظَلَة وتسيل عَلَيْك الرِّجَال من هُنَا وَلَئِن فعلت لتكونن أشأم مَوْلُود فِي بني تَمِيم فَلَمَّا رأى أَنه لَا يجِيبه أَخذه باللين فَقَالَ: اخْرُج بِأبي أَنْت مصوناً مَسْتُورا إِنِّي وَالله مَا أَرَاك تعرفنِي وَلَئِن عَرفتنِي لقد وثقت بِقَوْلِي واطمأننت