المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الحادي والستون بعد الثمانمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ١٠

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الْحُرُوف المشبهة بِالْفِعْلِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثمانمانة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السِّتُّونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الثنمانمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

الفصل: ‌(الشاهد الحادي والستون بعد الثمانمائة)

على أَن اللَّام الْمُعَلقَة محذوفة وَالْأَصْل: إِنِّي وجدت لملاك.

وَتقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد السبعمائة.

وَهُوَ عجز وصدره: كَذَاك أدبت حَتَّى صَار من خلقي وَأنْشد بعده

(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

لهنا لمقضي علينا التهاجر

على أَن بعض الْعَرَب يَقُول: لهنك لرجل صدق بلامين كَمَا فِي المصراعين. وَقد تحذف الثَّانِيَة فَيُقَال: لهنك رجل صدق كَمَا فِي الْبَيْت. وَيُرِيد أَن الثَّانِيَة لَام الِابْتِدَاء الَّتِي تكون مَعَ إِن.

وَلَا وَجه لتقييد الْحَذف بالقلة إِذْ لم يغلب ذكرهَا مَعَ إِن وَلم يكثر حَتَّى يُقَال إِن حذفهَا قَلِيل قَالَ ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة: وَإِذا كَانَت إِن مُشَدّدَة فَأَنت فِي إِدْخَال اللَّام فِي الْخَبَر وَتركهَا مُخَيّر فَإِن خففت لَزِمت اللَّام لِئَلَّا تَلْتَبِس بإن النافية. وَأما اللَّام الأولى فَهِيَ مَعَ الْهَاء على قَول الْفراء والمفضل بن سَلمَة بَقِيَّة لفظ الْجَلالَة.

وَأما على قَول سِيبَوَيْهٍ بِجعْل الْهَاء بَدَلا من همز إِن فَلم يظْهر من كَلَام الشَّارِح مَا هِيَ عِنْده.

وَرُبمَا يُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّهَا زَائِدَة عِنْده وَلِهَذَا أورد كَلَامه فِي ذيل مَبْحَث اللَّام الزَّائِدَة.

ص: 335

وَهُوَ مَذْهَب ابْن مَالك. قَالَ فِي التسهيل: وَرُبمَا زيدت اللَّام قبل همزتها مبدلة مَعَ هَاء مَعَ تَأْكِيد الْخَبَر وتجريده.

وَهَذَا ظَاهر قَول الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح: اللَّام الأولى للتوكيد وَالثَّانيَِة لَام إِن.

وَهَذَا لَيْسَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَإِنَّمَا هِيَ عِنْده لَام جَوَاب قسم مُقَدّر وَهَذَا نَصه وَنَقله ابْن السراج فِي الْأُصُول: لهنك لرجل صدق: هَذِه كلمة تَتَكَلَّم بهَا الْعَرَب فِي حَال الْيَمين وَلَيْسَ كل الْعَرَب يتَكَلَّم بهَا فَهِيَ إِن وَلَكنهُمْ أبدلوا الْهَاء مَكَان الْألف كَقَوْلِك: هرقت.

وَلَحِقت هَذِه اللَّام إِن كَمَا لحقت مَا حِين قلت: إِن زيدا لما لينطلقن فلحقت إِن اللَّام فِي الْيَمين كَمَا لحقت مَا.)

فَاللَّام الأولى فِي لهنك لَام الْيَمين وَالثَّانيَِة لَام إِن وَفِي: لما لينطلقن اللَّام الأولى لإن وَالثَّانيَِة

وَفِي شرح قديم لهَذِهِ الْمُقدمَة: مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِي اللَّام الْوَاحِدَة: أَنَّهَا لَام التَّأْكِيد دخلت على إِن لما غيرت بإبدال همزتها هَاء. وَفِي اللامين: أَن الأولى جَوَاب قسم وَالثَّانيَِة لتأكيد الْخَبَر.

انْتهى.

وَيدل مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ قَول المرار الفقعسي: وَأما لهنك من تذكر أَهلهَا لعلى شفا يأس وَإِن لم تيأس وَوجه الدَّلِيل أَن أما بِالتَّخْفِيفِ يكثر الْإِتْيَان بهَا قبل الْقسم.

وَجوزهُ أَبُو عَليّ فِي التَّذْكِرَة القصرية قَالَ: وَيجوز أَن تكون اللَّام فِي لهنك اللَّام فِي لَأَفْعَلَنَّ الَّتِي لَا تدخل إِلَّا على الْفِعْل. وَيدل على ذَلِك لُزُوم لهنك للْيَمِين وَأَنَّهَا لَا تقال إِلَّا فِي الْيَمين.

فَإِن قلت: لَام لَأَفْعَلَنَّ لَا تقع إِلَّا

ص: 336

على الْفِعْل. قلت: إِنَّمَا جَازَ لهنك وَإِن لم يكن فعلا لِأَن الْجُمْلَة الاسمية وَقعت موقع الْجُمْلَة الفعلية. انْتهى.

وَذهب الزّجاج إِلَى أَن اللَّام الأولى هِيَ لَام إِن وَاللَّام الثَّانِيَة زَائِدَة. وَاخْتَارَهُ أَبُو عَليّ فِي التَّذْكِرَة القصرية وأيده وأوضحه. وَتَبعهُ تِلْمِيذه أَبُو الْفَتْح بني جني.

والتذكرة القصرية: هِيَ الْمسَائِل الَّتِي جرت بَينه وَبَين صَاحبه أبي الطّيب مُحَمَّد بن طوسي الْمَعْرُوف بالقصري قَالَ فِيهَا: لهنك لرجل صدق بِمَنْزِلَة مَا جَاءَ على أَصله من العينات المعتلة أوقعت اللَّام الَّتِي كَانَت فِي الْخَبَر إِنَّك لرجل صدق قبل إِن ليدل ذَلِك على أَن حَقّهَا أَن تقع قبل إِن فَأتوا بِهَذَا على أَصله وأبدلوا الْهمزَة هَاء فِرَارًا من إِيقَاع اللَّام قبل إِن فَغير اللَّفْظ على ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ يَخْلُو امتناعهم من إِيقَاع اللَّام قبل إِن من أَن يكون ذَلِك من جِهَة الْمَعْنى أَو من جِهَة اللَّفْظ.

-

فَلَا يجوز أَن يكون من جِهَة الْمَعْنى بِدلَالَة قَوْلهم: إِن فِي الدَّار لزيداً فَاللَّام قد وليت إِن من جِهَة الْمَعْنى فَثَبت أَن الْمَكْرُوه لَفْظهمَا فإبدال الْهمزَة هَاء بِمَنْزِلَة الْفَصْل بَين إِن وَاللَّام بالظرف فَجَاز لهنك.

ويؤكد أَن اللَّام فِي لهنك لَام الِابْتِدَاء بإبدال الْهَاء من الْهمزَة. وإبدال الْهَاء من الْهمزَة يُؤَكد أَن اللَّام غير زَائِدَة وَاللَّام الَّتِي فِي لرجل زَائِدَة لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يَكُونَا جَمِيعًا غير زائدتين لِأَنَّك إِن فعلت ذَلِك لزمك أَن تدخل اللَّام فِي لرجل على اللَّام الَّتِي فِي لهنك.)

ص: 337

فَإِن قلت: أجعَل لَام لهنك زَائِدَة. قلت: ذَلِك غير جَائِز لِأَن لَام لهنك قد وَقعت موقعها فَلَا يَسْتَقِيم أَن تقدرها أَنَّهَا لَيست وَاقعَة فِي غير هَذَا الْموضع وَهَذَا يجوز فِي لَام لرجل لِأَنَّهَا لم تقع موقعها الَّذِي هُوَ قبل إِن.

وَمثل امْتنَاع تَقْدِير لَام لهنك زَائِدَة لِأَنَّهَا قد وَقعت موقعها فَلَا يَسْتَقِيم أَن يقدر بهَا غير ذَلِك قَوْلك: ضرب زيدا غُلَامه لَا يجوز فِيهِ أَن تَقول: ضرب غُلَامه زيدا لِأَن الْغُلَام قد وَقع موقعه فَلَا يَسْتَقِيم أَن يقدر بِهِ غير ذَلِك. انْتهى.

وحققه ابْن جني أَيْضا فِي بَاب إصْلَاح اللَّفْظ من الخصائص وَقَالَ: وَيدل على أَن مَوضِع اللَّام فِي خبر إِن أول الْجُمْلَة قبل إِن أَن الْعَرَب لما جَفا عَلَيْهَا اجْتِمَاع هذَيْن الحرفين قلبوا الْهمزَة هَاء ليزول لفظ إِن فيزول أَيْضا مَا كَانَ مستكرهاً من ذَلِك فَقَالُوا: لهنك قَائِم.

وَعَلِيهِ قَوْله فِيمَا روينَاهُ عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن أبي الْعَبَّاس:

(أَلا يَا سنا برق على قلل الْحمى

لهنك من برق عَليّ كريم)

فَإِن قلت: فَمَا تصنع بقول الآخر:

(ثَمَانِينَ حولا لَا أرى مِنْك رَاحَة

لهنك فِي الدُّنْيَا لباقية الْعُمر)

وَمَا هَاتَانِ اللامان قيل: أما الأولى فلام الِابْتِدَاء على مَا تقدم. وَأما الثَّانِيَة

فِي لباقية الْعُمر فزائدة كزيادتها فِي قِرَاءَة سعيد بن جُبَير: أَلا إِنَّهُم ليأكلون الطَّعَام.

ص: 338

فَإِن قلت: فَلم لَا تكون الأولى هِيَ الزَّائِدَة وَالْأُخْرَى غير زَائِدَة قيل: يفْسد ذَلِك من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَنَّهَا قد ثبتَتْ فِي قَوْله: لهنك من برق عَليّ كريم وَثَانِيهمَا: أَنَّك لَو جعلت الأولى هِيَ الزَّائِدَة لَكُنْت قد قدمت الْحَرْف الزَّائِد والحروف إِنَّمَا تزاد لضرب من الاتساع. فَإِذا كَانَت للاتساع كَانَ آخر الْكَلَام أولى بهَا من أَوله.

أَلا تراك لَا تزيد كَانَ مُبتَدأَة وَإِنَّمَا تزيدها حَشْوًا أَو آخرا. انْتهى.

وَقد رَجَعَ أَبُو عَليّ عَن هَذَا التَّحْقِيق وزيفه فِي كِتَابه نقض الهاذور وَهُوَ كتاب نقض مَا طعن بِهِ ابْن خالويه على كتاب الأغفال لأبي عَليّ الَّذِي صنفه إصلاحاً لمسائل الزّجاج.

وَاخْتَارَ مَذْهَب الْفراء وأيده وأدرج فِيهِ مَذْهَب الْمفضل بن سَلمَة وجعلهما قولا وَاحِدًا وَنسبه إِلَى أبي زيد الْأنْصَارِيّ. وَهَذِه عِبَارَته.)

قَالَ أَبُو زيد: قَالَ أَبُو أدهم الْكلابِي: لَهُ رَبِّي لَا أَقُول ذَلِك بِفَتْح اللَّام وَكسر الْهَاء فِي الإدراج.

وَمَعْنَاهُ: وَالله رَبِّي لَا أَقُول ذَلِك.

-

وَأنْشد أَبُو زيد:

(لهني لأشقى النَّاس إِن كنت غارماً

لدومة بكرا ضيعته الأراقم)

ص: 339

وَأنْشد أَيْضا:

(أبائنة حبى نعم وتماضر

لهنا لمقضي علينا التهاجر)

قَالَ: يَقُول لله إِنَّا.

(وَأما لهنك من تذكر عهدها

لعلى شفا يأس وَإِن لم تيأس)

وَأنْشد غير أبي زيد:

(لهنك من عبسية لوسيمة

على هنوات كَاذِب من يَقُولهَا)

وَوجه الدّلَالَة أَن اللَّام لَا تَخْلُو من أَن تكون الجارة من قَوْلهم: لله أَو الَّتِي للتعريف أَو الَّتِي هِيَ عين الْفِعْل.

فَلَا يجوز أَن تكون الَّتِي للتعريف لِأَن تِلْكَ سَاكِنة وَهَذِه متحركة.

فَإِن قلت: ألْقى عَلَيْهَا حَرَكَة الْهمزَة. قلت: لَا يجوز ذَلِك لِأَن حَرَكَة الْهمزَة كسرة وَاللَّام مَفْتُوحَة لِأَن أَبَا زيد قَالَ بِفَتْح اللَّام.

وَلَا يجوز أَن تكون الجارة لِأَنَّهَا مَكْسُورَة.

ص: 340

-

فَإِن قلت: إِن أُنَاسًا فتحُوا الجارة مَعَ الْمظهر. قلت: ذَلِك لَا يجوز لِئَلَّا يبْقى الِاسْم على حرف وَاحِد وَلَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المتمكنة اسْم على حرف وَاحِد.

فَثَبت أَنَّهَا عين الْفِعْل وَأَن الْهمزَة فَاء حذفت كَمَا حذفت من قَوْله:

(يابا الْمُغيرَة رب أَمر معضل

فرجته بالنكر مني والدها)

فَإِن قلت: يكون قَوْله: لَهُ من القَوْل الآخر فِي الِاسْم لَا من القَوْل الَّذِي الْهمزَة فِيهِ فَاء الْفِعْل.

قلت: هَذَا بعيد لِأَنَّهُ يحذف على هَذَا التَّقْدِير عين الْفِعْل وَالْعين لم تحذف إِلَّا فِيمَا لَا حكم لَهُ وَلَا اعْتِدَاد بِهِ قلَّة فَإِذا كَانَ كَذَلِك وَجب الْعُدُول بِهِ والاعتداد لَهُ وَكَانَ الْأَخْذ بالْقَوْل الآخر أولى لِأَن الْألف تحذف فِيهِ كَمَا يقصر الْمَمْدُود. وَهَذَا قد جَاءَ فِي كَلَامهم.

أَلا تراهم قَالُوا: الحصد والحصاد. وَقد جَاءَ ذَلِك فِي الِاسْم نَفسه فِي قَوْله:)

(أَلا لَا بَارك الله فِي سُهَيْل

إِذا مَا الله بَارك فِي الرِّجَال)

فعلى هَذَا حذفت الْألف فِي الِاسْم من قَوْله: لَهُ رَبِّي على أَن القَوْل الآخر فِي الِاسْم لَيْسَ بالشائع وَلم نعلم أحدا من السّلف ذهب إِلَيْهِ.

وَهَذَا القَوْل قد رُوِيَ مُسْندًا عَن ابْن عَبَّاس فروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ

وَسلم أَن عِيسَى بن مَرْيَم

ص: 341

قَالَ لرجل: أَتَدْرِي مَا الله الله إِلَه الْآلهَة. وَعَن ابْن عَبَّاس: الله ذُو الألوهية والعبودية على خلقه أَجْمَعِينَ.

فَإِن قلت: هلا قلت إِن قَوْله: لهني لأشقى النَّاس ولهنا لمقضي علينا إِنَّمَا هُوَ لإني ولإنا خلافًا لأبي زيد قلت: هَذَا لَا يسوغ لِأَنَّهُ يجمع فِيهِ بَين إِن وَاللَّام وَلم يجمعوا بَينهمَا.

أَلا تراهم أخروها إِلَى الْخَبَر من قَوْلهم: إِن زيدا لمنطلق وفصلوا فِي نَحْو: إِن فِي ذَلِك لآيَة.

فَإِن قلت: يكون الْقلب فِيهَا بالتغيير لَهَا كالفصل بَينهمَا قلت: لَا يَصح لِأَن الْبَدَل فِي حكم الْمُبدل مِنْهُ عِنْدهم. أَلا ترى أَنَّك لَو سميت رجلا بهرق لم تصرفه كَمَا لَا تصرفه لَو كَانَت الْهمزَة نَفسهَا ثَابِتَة.

أَلا ترى أَن الْهمزَة فِي حَمْرَاء لما كَانَت منقلبة عَن ألف التَّأْنِيث كَانَ حكمهَا حكمهَا فِي منع الصّرْف فَكَذَلِك يكون الْبَدَل فِي لهنك فِي حكم الْمُبدل مِنْهُ فِي الِامْتِنَاع من الْجمع بَينهمَا.

على أَن هَذَا السُّؤَال لَا يلْزم من وَجه آخر وَهُوَ أَن مَا حَكَاهُ أَبُو زيد من قَوْله: لَهُ رَبِّي لَا يجوز أَن يظنّ فِيهِ أَن الْهَاء بدل من الْهمزَة فَإِذا كَانَ كَذَلِك رددت الْمَوَاضِع إِلَى هَذَا الْموضع الَّذِي لَا يجوز فِيهِ إِبْدَال وَعلمت أَن الْمَعْنى: لله إِنِّي.

فَإِن قلت: لم لَا تَقول فِي قَوْلهم: لهنا ولهني ولهنك: إِنَّمَا هُوَ لَهُ إِنَّا لِأَن قطرباً قد حكى أَنهم يَقُولُونَهُ بالإسكان وَإِذا كَانَت الْهَاء سَاكِنة وألقيت عَلَيْهَا حَرَكَة الْهمزَة وَجب أَن تَقول: لهنا فَتكون الأبيات على هَذَا التَّأْوِيل لَا على الْوَجْه الَّذِي ذكرته قلت: يفْسد هَذَا تحريكها الْهَاء بِالْجَرِّ فِي لَهُ رَبِّي.

-

فَكَمَا كَانَت متحركة فِي الْجَرّ وَلَا همزَة مَكْسُورَة بعْدهَا فتحذف وتلقى حركتها عَلَيْهَا

ص: 342

كَذَلِك تكون الكسرة فِي لهني ولهنك ولهنا الجرة لَا حَرَكَة الْهمزَة المحذوفة للتَّخْفِيف على مَا حَكَاهُ قَالَ ابْن جني فِي الخصائص: وَأما من قَالَ: إِن لهنك أَصله لله إِنَّك فقد ذكرنَا مَا عَلَيْهِ فِيهِ فِي)

مَوضِع آخر. على أَن أَبَا عَليّ قد كَانَ قواه بِأخرَة وَفِيه تعسف. انْتهى.

وَرَأَيْت فِي شرح قديم لهَذِهِ الْمُقدمَة: وَمذهب أبي زيد وَقواهُ أَبُو عَليّ أَن أصل لهنك لاه إِنَّك فحذفت همزَة إِن وَألف لاه فَبَقيَ لهنك.

وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أقوى لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا إِبْدَال الْهمزَة وَفِي هَذَا توالى حذفان بعد حذف سَابق فِي لاه. انْتهى.

أَقُول: مَا نسبه أَبُو عَليّ إِلَى أبي زيد لَعَلَّه فِي غير النَّوَادِر وَإِلَّا فَمَا فِي النَّوَادِر مُوَافق لسيبويه.

وَهَذَا مَا فِي نوادره.

قَالَ المرار بن سعيد الفقعسي وَهُوَ إسلامي: وَأما لهنك من تذكر أَهلهَا الْبَيْت يُرِيد: أما إِنَّك. أَبُو حَاتِم: لهنك يُرِيد لله إِنَّك فَحذف ثمَّ حذف. انْتهى.

قَالَ الْأَخْفَش فِيمَا كتب على النَّوَادِر: قَول أبي حَاتِم لَيْسَ بِشَيْء عِنْد أَصْحَابه الْبَصرِيين لِأَنَّهُ حذف مخل بالْكلَام. وَذَلِكَ أَنه حذف حرف الْجَرّ وَجُمْلَة من الِاسْم الْمَجْرُور.

وَهَذَا لَا يجوز عِنْد أهل الْعَرَبيَّة وَلَا نَظِير لَهُ وَلَكِن تَأْوِيل لهنك بلإنك صَحِيح وَفِيه إِبْدَال

ص: 343

وَنقل صَاحب الصِّحَاح عَن أبي عبيد أَن مَا نسبه أَبُو عَليّ لأبي زيد هُوَ قَول الْكسَائي قَالَ: قَالَ أَبُو عبيد:

أنشدنا الْكسَائي:

(لهنك من عبسية لوسيمة

على هنوات كَاذِب من يَقُولهَا)

وَقَالَ: أَرَادَ لله إِنَّك من عبسية فَحذف اللَّام الأولى من الله وَالْألف من إِنَّك كَمَا قَالَ الآخر: لاه ابْن عمك لَا أفضلت فِي حسب أَرَادَ: لله ابْن عمك. وَالْقَوْل الأول أصح أَي: القَوْل بِأَن أَصله لإنك ذكره مَادَّة لَهُنَّ.

وَنقل أَبُو حَيَّان فِي تَذكرته الْمذَاهب الثَّلَاثَة طبق مَا نَقله الشَّارِح الْمُحَقق إِلَّا أَنه نسب الثَّالِث للمفضل بن سَلمَة كَابْن الْأَنْبَارِي فِي مسَائِل الْخلاف لَا أَنه حَكَاهُ عَن بَعضهم.

وَاعْلَم أَن المصراع الشَّاهِد عجز بَيت وصدره مَا أوردهُ أَبُو عَليّ وَهُوَ: أبائنة حبى نعم وتماضر وَلم أر من ذكره غَيره وَلم أَقف على قَائِله.

والهمزة: للاستفهام. وبَائِنَة: اسْم فَاعل من الْبَين وَهُوَ الْفِرَاق والهجر. وبائنة: مُبْتَدأ)

-

اسْتغنى بمرفوعه وَهُوَ حبى عَن الْخَبَر لاعتماده على الِاسْتِفْهَام. وحبى: بِضَم الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمُوَحدَة بعْدهَا ألف مَقْصُورَة من أَعْلَام النِّسَاء غير منصرف.

وَكَذَلِكَ تماضر: علم امْرَأَة بِضَم الْمُثَنَّاة

ص: 344

الْفَوْقِيَّة بعْدهَا مِيم فألف فضاد معدمة مَكْسُورَة.

مَنْقُول من فعل مضارع من المضر مصدر مُضر اللَّبن كنصر وَفَرح وكرم أَي: حمض. وَهُوَ مَعْطُوف على حبى عطفا تلقينياً. ونعم تَصْدِيق للاستفهام. والْمقْضِي: اسْم مفعول من قضى عَلَيْهِ قَضَاء بِالْمدِّ وَيقصر.

وَالْقَضَاء: الحكم والحتم. والتهاجر: نَائِب الْفَاعِل وَهُوَ تفَاعل من الهجر.

وَيَنْبَغِي أَن نشرح الأبيات الَّتِي أوردهَا أَبُو عَليّ تكميلاً للفائدة. فَقَوله: لهني لأشقى النَّاس إِن كنت غارماً يَأْتِي شَرحه بعد هَذَا وَقَوله: وَأما لهنك من تذكر عهدها نسبه أَبُو زيد للمرار كَمَا تقدم وَقَالَ: شفا الشَّيْء: حرفه وناحيته وشرفه. وَيُقَال: هُوَ على شرف خير أَو شَرّ.

وَقَوله: لهنك من عبسية لوسيمة

(وَبِي من تباريح الصبابة لوعة

قتيلة أشواقي وشوقي قتيلها)

وروى المصراع الثَّانِي غير الْكسَائي كَذَا:

(لهنك من عبسية لوسيمة

على كَاذِب من وعدها ضوء صَادِق)

ص: 345

وَلم أَقف على قائلهما. وعبسية: امْرَأَة منسوبة إِلَى عبس وَهُوَ أَبُو قَبيلَة وَهُوَ تَمْيِيز مجرور بِمن. والوسيمة: الجميلة خبر لهنك. والهنوات: الفعلات القبيحة جمع هنة وَهُوَ مَا يستهجن التَّصْرِيح بِذكرِهِ. وكَاذِب: صفة سَبَبِيَّة لهنوات ومن فَاعل هنوات.

وَأنْشد أَبُو زيد:)

لَهُنَّ الَّذِي كلفتني ليسير وَهُوَ من شعر رَوَاهُ أَبُو بكر التاريخي وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن اليمني كل مِنْهُمَا فِي طَبَقَات النُّحَاة فِي تَرْجَمَة الرياشي لِأَنَّهُ قَالَ: أَنْشدني غُلَام إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أَيُّوب بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ لبني سليم:

(وَقَالَت: أَلا هَل تقضم الْحبّ موهناً

من اللَّيْل إِن الكاشحين حُضُور)

والقضم: الْأكل بأطراف الْأَسْنَان وَفعله من بَاب علم. والْحبّ بِفَتْح الْمُهْملَة: حب الْبِطِّيخ وَنَحْوه. والموهن بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْهَاء: نَحْو من نصف اللَّيْل.

وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ حِين يدبر اللَّيْل. وأقتلد بِالْقَافِ قَالَ اليمني: القلد: الشّرْب.

وَفِي الْقَامُوس: قلد المَاء فِي الْحَوْض وَاللَّبن فِي السقاء وَالشرَاب فِي الْبَطن يقلده: جمعه فِيهِ.

-

وَأنْشد أَبُو زيد أَيْضا: لهنك فِي الدُّنْيَا لباقية الْعُمر هُوَ خطاب لمؤنث وصدره: ثَمَانِينَ حولا لَا أرى مِنْك رَاحَة

ص: 346