الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)
(أَفِي حق مواساتي أَخَاكُم
…
بِمَالي ثمَّ يظلمني السريس)
على أَن مَجِيء فِي مَعَ حق يدل على أَن حَقًا إِنَّمَا ينصب على الظَّرْفِيَّة بِتَقْدِير فِي. وَهَذَا ظَاهر.
وَالْبَيْت من قصيدة لأبي زبيد الطَّائِي النَّصْرَانِي أَولهَا:
(أَلا أبلغ بني عَمْرو بن كَعْب
…
بِأَنِّي فِي مودتكم نَفِيس)
وفيهَا يَقُول:
(فَمَا أَنا بالضعيف فتظلموني
…
وَلَا حظي اللفاء وَلَا الخسيس)
(أَفِي حق مواساتي أَخَاكُم
…
بِمَالي ثمَّ يظلمني السريس)
كَانَ أخوال أبي زبيد تغلب وَكَانَ يُقيم فيهم أَكثر أَيَّامه وَكَانَ لَهُ غُلَام يرْعَى إبِله فغزت بهراء بني تغلب فَمر بَنو تغلب بغلامه فَدفع إِلَيْهِم إبل أبي يزبيد وَقَالَ: انْطَلقُوا أدلكم على عَورَة الْقَوْم وأقاتل مَعكُمْ. والتقوا فانهزمت بهراء وَقتل الْغُلَام وَلم يبْعَث إِلَيْهِ بَنو تغلب دِيَة غُلَامه وَمَا ذهب لَهُ من إبِله. فَقَالَ فِي ذَلِك هَذِه القصيدة. ونَفِيس: رَاغِب فِيهِ لنفاسته يُقَال: نفست فِيهِ نفاسة أَي: رغبت فِيهِ ونافست فِي الشَّيْء مُنَافَسَة ونفاساً إِذا رغبت فِيهِ على وَجه المباراة فِي الْكَرم.
واللفاء بِفَتْح اللَّام بعْدهَا فَاء قَالَ صَاحب الصِّحَاح: هُوَ الخسيس من الشَّيْء وكل شَيْء يسير حقير فَهُوَ لفاء. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت وَقَالَ: يُقَال: رَضِي فلَان من الْوَفَاء باللفاء أَي: من حَقه الوافي بِالْقَلِيلِ. وَيُقَال: لفاه حَقه أَي: بخسه. الخسيس: الدنيء. والْمُوَاسَاة: مصدر واساه بِمَالِه قَالَ صَاحب الصِّحَاح: آسيته بِمَالي مؤاساة أَي: جعلته أسوتي فِيهِ. وواسيته لُغَة ضَعِيفَة فِيهِ. وَفِي الْمِصْبَاح: آسيته بنفسي بِالْمدِّ: سويته.
وَيجوز إِبْدَال الْهمزَة واواً فِي لُغَة الْيمن فَيُقَال: واسيته. والسريس بسينين مهملتين قَالَ صَاحب الصِّحَاح: هُوَ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاء. قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ الْعنين. د وَأنْشد لأبي زبيد الطَّائِي: أَقُول: أنْشدهُ أَبُو عبيد فِي الْغَرِيب المُصَنّف.
قَالَ شَارِح أبياته ابْن السيرافي: يَقُول: أَيكُون فِي الْحق أَن أبذل مَالِي وأتفضل بِإِعْطَاء مَا لَا)
يسْتَحق عَليّ ثمَّ أظلم وَأَمْنَع مَالِي وَيتم عَليّ ذَلِك من رجل سريس. يُرِيد أَن الَّذِي ظلمه لَيْسَ بكامل من الرِّجَال. انْتهى.
-
وَفِي درة الغواص للحريري: الْعَرَب تسمي الْعنين السريس كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
(أَلا حييت عَنَّا يَا لميس
…
عَلَانيَة فقد بلغ النسيس)
(رغبت إِلَيْك كَيْمَا تنكحيني
…
فَقلت بِأَنَّهُ رجل سريس)
(وَلَو جربتني فِي ذَاك يَوْمًا
…
رضيت وَقلت: أَنْت الدردبيس)
انْتهى. ولميس: اسْم امْرَأَة. والنسيس بالنُّون بعْدهَا سين مُهْملَة: بَقِيَّة الرّوح. والدردبيس: الداهية.
وترجمة أبي زبيد تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّانِي والثمانين بعد الْمِائَتَيْنِ.
وَأنْشد بعده: أحقاً بني أَبنَاء سلمى بن جندل تهددكم إيَّايَ وسط الْمجَالِس فِي أَنه مثل قَوْله: أَفِي حق مواساتي أَخَاكُم فِي أَن تهددكم فَاعل أحقاً أَو مُبْتَدأ وأحقاً ظرف وَقع خَبرا لَهُ. وَكَذَلِكَ مواساتي
فَاعل والظرف قبله خَبره. وَقد جَاءَ فيهمَا الْفَاعِل الصَّرِيح أَو الْمُبْتَدَأ الصَّرِيح مَوضِع أَن المؤولة بِأَحَدِهِمَا. وبني: منادى. وَقد أنْشد الشَّارِح هَذَا الْبَيْت ابْتِدَاء فِي بَاب الْمُبْتَدَأ وَفِي بَاب الْمَفْعُول الْمُطلق وَفِي بَاب الْحَال وَلِهَذَا قَالَ الْبَيْت وَلم ينشده كَامِلا. وَقد شرحناه فِي الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتِّينَ.