الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قب من التعداء حقب فِي سوق
…
لواحق الأقراب فِيهَا كالمقق)
أَي: هَذِه الأتن قب. وَالْجُمْلَة استئنافية. والقب: جمع أقب وقباء من القبب ودقة الخصر وضمر الْبَطن أَي: هن خماص من كَثْرَة عدوهن. والتعداء: مصدر عدا من بَاب قَالَ وَهُوَ أبلغ من الْعَدو.
والحقب خبر بعد خبر وَهُوَ جمع حقباء وَتقدم شَرحه. والسوق بِفتْحَتَيْنِ: طول السَّاق.)
والأسوق: الطَّوِيل السَّاقَيْن وَقَالَ ابْن دُرَيْد: غليظهما وَقيل: حسنهما. وَهِي سوقاء. ولواحق خبر ثَالِث.
-
فَظهر بسوق هَذِه الأبيات أَن الْبَيْت الشَّاهِد فِي وصف الأتن الوحشية لَا فِي وصف الْخَيل.
وَالله أعلم. وترجمة رؤبة تقدّمت فِي الشَّاهِد الْخَامِس من أول الْكتاب.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: فَأَصْبحُوا مثل كعصف مَأْكُول قَالَ ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة: وَأما قَوْله:
فصيروا مثل كعصف مَأْكُول فَلَا بُد من زِيَادَة الْكَاف فَكَأَنَّهُ قَالَ: فصيروا مثل عصف مَأْكُول فأكد الشّبَه بِزِيَادَة الْكَاف كَمَا أكد الشّبَه بِزِيَادَة الْكَاف فِي قَوْله تَعَالَى: لَيْسَ كمثله
شَيْء إِلَّا أَنه فِي الْآيَة أَدخل الْحَرْف على الِاسْم وَهَذَا سَائِغ وَفِي الْبَيْت أَدخل الِاسْم على الْحَرْف فَشبه شَيْئا بِشَيْء. انْتهى.
وأنشده سِيبَوَيْهٍ على أَنَّهَا فِيهِ اسْم لضَرُورَة الشّعْر قَالَ: إِن نَاسا من الْعَرَب إِذا اضطروا فِي الشّعْر جعلوها بِمَنْزِلَة مثل. قَالَ الراجز: فصيروا مثل كعصف مَأْكُول وَقَالَ الآخر: وصاليات ككما يؤثفين قَالَ الأعلم: أَدخل مثلا على الْكَاف إِلْحَاقًا لَهَا بنوعها من الْأَسْمَاء ضَرُورَة. وَجَاز الْجمع بَينهمَا جَوَازًا حسنا لاخْتِلَاف لفظيهما مَعَ مَا قَصده من الْمُبَالغَة فِي التَّشْبِيه. وَلَو كرر الْمثل لم يحسن.
وَقَالَ صَاحب الْكَشَّاف عِنْد قَوْله: لَيْسَ كمثله شَيْء: وَلَك أَن تزْعم أَن كلمة التَّشْبِيه كررت للتَّأْكِيد كَمَا كررها من قَالَ. وَأنْشد الْبَيْت وَمَا بعده.
وَأورد عَلَيْهِ أَن الْكَاف تفِيد كَونهَا التَّشْبِيه لَا تَأْكِيد النَّفْي وَنفي الْمُمَاثلَة الْمُهْملَة أبلغ من نفي الْمُمَاثلَة الْمُؤَكّدَة فَلَيْسَتْ الْآيَة نظيراً للبيت. وَأجِيب بِأَنَّهَا
تفِيد تَأْكِيد التَّشْبِيه إِن سلباً فسلب وَإِن إِثْبَاتًا فإثبات.
قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث وَهُوَ أَن الْكَاف ومثلاً لَا زَائِد مِنْهُمَا. ثمَّ اخْتلف)
فَقيل: مثل بِمَعْنى الذَّات. وَقيل: بِمَعْنى الصّفة وَقيل: الْكَاف اسْم مُؤَكد بِمثل كَمَا عكس ذَلِك من قَالَ: فصيروا مثل كعصف مَأْكُول
وَأورد عَلَيْهِ الدماميني بِأَنَّهُ يلْزم عَلَيْهِ إِضَافَة الْمُؤَكّد إِلَى التَّأْكِيد والبصريون لَا يعتدون بهَا لِأَنَّهَا فِي غَايَة الندرة فَلَا يَنْبَغِي تَخْرِيج التَّنْزِيل عَلَيْهَا.
وَالشَّارِح الْمُحَقق لما حكم بِزِيَادَة الْكَاف فِي الْبَيْت ورد عَلَيْهِ سُؤال وَهُوَ مَا مجرور مثل فَأجَاب بجوابين: أَولهمَا: لِابْنِ جني فِي سر الصِّنَاعَة وَثَانِيهمَا: مَأْخُوذ أَيْضا من تَقْرِيره وَقد بسط الْكَلَام فِيهِ فَلَا بَأْس بإيراده لِكَثْرَة فَوَائده قَالَ: فَإِن قَالَ قَائِل: إِذا جر العصف أَبَا لكاف الَّتِي تجاوره أم بِإِضَافَة مثل إِلَيْهِ على أَنه فصل بِالْكَاف بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ فَالْجَوَاب: أَنه لَا يجوز أَن يكون مجروراً إِلَّا بِالْكَاف وَإِن كَانَت زَائِدَة كَمَا أَن من وَجَمِيع حُرُوف الْجَرّ فِي أَي مَوضِع وقعن زَوَائِد فَلَا بُد من أَن يجررن مَا بعدهن.
فَالْجَوَاب: أَن مثلا وَإِن لم تكن مُضَافَة فِي اللَّفْظ فَإِنَّهَا مُضَافَة فِي الْمَعْنى وجارة لما هِيَ مُضَافَة إِلَيْهِ فِي التَّقْدِير. وَذَلِكَ أَن التَّقْدِير: فصيروا مثل عصف
فَلَمَّا جَاءَت الْكَاف تولت جر العصف وَبقيت مثل غير جَارة وَلَا مُضَافَة فِي اللَّفْظ وَكَانَ احْتِمَال هَذِه الْحَال فِي الِاسْم الْمُضَاف أسوغ مِنْهُ فِي الْحَرْف الْجَار.
وَذَلِكَ أَنا لَا نجد حرفا جاراً مُعَلّقا غير عَامل فِي اللَّفْظ وَقد نجد بعض الْأَسْمَاء مُعَلّقا عَن الْإِضَافَة جاراً فِي الْمَعْنى غير جَار فِي اللَّفْظ وَذَلِكَ نَحْو قَوْلهم: جِئْت قبل وَبعد وَقَامَ زيد لَيْسَ غير. وَقَالَ:
بَين ذراعي وجبهة الْأسد أَي: بَين ذراعي الْأسد وجبهته. وَهَذَا كثير. وَإِنَّمَا أردْت أَن أوجدك أَن الْأَسْمَاء تعلق عَن الْإِضَافَة فِي ظَاهر اللَّفْظ وَأَن الْحُرُوف لَا يُمكن أَن تعلق عَن الْجَرّ فِي اللَّفْظ الْبَتَّةَ.
فَأَما قَول الشَّاعِر:
(جِيَاد بني أبي بكر تسامى
…
على كَانَ المسومة العراب)
فَإِنَّمَا جَازَ الْفَصْل بكان من قبل أَنَّهَا زَائِدَة مُؤَكدَة فجرت مجْرى مَا الْمُؤَكّدَة فِي نَحْو قَوْله: فبمَا نقضهم ميثاقهم وعَمَّا قَلِيل)
وَلَا يجوز فِي قَوْله: ككما يؤثفين أَن تكون مَا مجرورة بِالْكَاف الأولى لِأَن الْكَاف الثَّانِيَة عاملة للجر وَلَيْسَت كَانَ جَارة فتجري مجْرى الْكَاف فِي ككما.
فَإِن قبل: فَمن أَيْن جَازَ تَعْلِيق الْأَسْمَاء عَن الْإِضَافَة فِي اللَّفْظ وَلم يجز فِي حُرُوف الْجَرّ إِلَّا أَن تتصل بالمجرور فَالْجَوَاب أَن ذَلِك جَائِز فِي الْأَسْمَاء من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن الْأَسْمَاء أقوى وأعم تَصرفا من الْحُرُوف وَهِي الأول الْأُصُول فَغير مُنكر أَن يتجوز فِيهَا مَا لَا يتجوز فِي الْحُرُوف.
أَلا ترى أَن تَاء التَّأْنِيث فِي الِاسْم نَحْو: مسلمة قد أبدلوها هَاء فِي الْوَقْف وَلم يبدلوها فِي ربت وثمت. وَالْفِعْل أَيْضا فِي هَذَا جَار مجْرى الْحَرْف.
وَالثَّانِي: أَن الْأَسْمَاء لَيست فِي أول وَضعهَا مَبْنِيَّة على أَن تُضَاف ويجر بهَا وَإِنَّمَا الْإِضَافَة فِيهَا ثَان لَا أول فَجَاز فِيهَا أَن تعرى فِي اللَّفْظ من الْإِضَافَة وَإِن كَانَت الْإِضَافَة فِيهَا منوية.
وَأما حُرُوف الْجَرّ فَوضعت على أَنَّهَا للجر الْبَتَّةَ وعَلى أَنَّهَا لَا تفارق الْمَجْرُور لِضعْفِهَا وَقلة استغنائها عَن الْمَجْرُور فَلم يُمكن تَعْلِيقهَا عَن الْجَرّ وَالْإِضَافَة لِئَلَّا يبطل الْعرض.
فَإِن قيل: فَمن أَيْن جَازَ للاسم أَن يدْخل على الْحَرْف فِي قَوْله: مثل كعصف فَالْجَوَاب: أَنه إِنَّمَا جَازَ لما بَين الْكَاف وَمثل من المضارعة فِي الْمَعْنى فَكَمَا حَاز أَن يدخلُوا الْكَاف على الْكَاف فِي ككما يؤثفين لمشابهته لمثل حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: كَمثل مَا يؤثفين كَذَلِك أدخلُوا مثلا على الْكَاف فِي قَوْله: كعصف وَجعلُوا ذَلِك تَنْبِيها على قُوَّة الشّبَه بَين الْكَاف وَمثل.
فَإِن قيل: فَهَل تجيز أَن تكون الْكَاف مجرورة بِإِضَافَة مثل إِلَيْهَا وَيكون العصف مجروراً بِالْكَاف فَتكون قد أضفت كل وَاحِد من مثل والْكَاف فيزول عَنْك الِاعْتِذَار بتركهم مثلا غير مُضَافَة وَيكون جر الْكَاف بِإِضَافَة مثل إِلَيْهَا كجرها بِدُخُول الْكَاف على الْكَاف فِي ككما يؤثفين فَكَمَا أَن الْكَاف الثَّانِيَة
هُنَا مجرورة بِالْأولَى كَمَا انجرت بعلى فِي قَوْله: على كالقطا الْجونِي
فَالْجَوَاب: أَن قَوْله: مثل كعصف قد ثَبت أَن مثلا أَو الْكَاف فِيهِ زَائِدَة كَمَا أَن إِحْدَاهمَا زَائِدَة فِي لَيْسَ كمثله شَيْء وَإِذا ثَبت ذَلِك فَلَا يجوز أَن تكون مثل هِيَ الزَّائِدَة لِأَنَّهَا اسْم والأسماء لَا تزاد إِنَّمَا تزاد الْحُرُوف فالزائد الْكَاف فَإِذا كَانَت هِيَ الزَّائِدَة فَهِيَ حرف وَإِذا)
كَانَت حرفا بَطل أَن تكون مجرورة وَإِذا لم تكن مجرورة بَطل أَن تكون مثل مُضَافَة إِلَيْهَا.
على أَن أَبَا عَليّ قد كَانَ أجَاز أَن تكون مثل مُضَافَة إِلَى الْكَاف وَتَكون الْكَاف هُنَا مجرورة اسْما. وَفِيه عِنْدِي ضعف لما ذكرته.
وَأما قَوْله: ككما يؤثفين فقد استدللنا بِدُخُول الْكَاف الأولى على الثَّانِيَة أَن الثَّانِيَة اسْم وَأَن الأولى حرف قد جر الثَّانِيَة وَهُوَ مَعَ ذَلِك زَائِد. وَلَا يُنكر وَإِن كَانَ زَائِدا أَن يكون جاراً. انْتهى كَلَام ابْن جني.
وَكَأن الدماميني لم يقف على كَلَام الشَّارِح الْمُحَقق وَلَا على كَلَام ابْن جني فَقَالَ فِي الْحَاشِيَة الْهِنْدِيَّة: يَنْبَغِي أَن تكون الْكَاف فِي الْبَيْت اسْما أضيف إِلَيْهِ مثل فَيكون عمل كل من الْكَلِمَتَيْنِ موفراً. أما إِذا جعلت حرفا وَجعل مثل مُضَافا إِلَى عصف لزم قطع الْحَرْف الْجَار عَن عمله بِلَا كَاف اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال: ينزل منزلَة الْجُزْء من الْمَجْرُور. هَذَا كَلَامه.
قَالَ الْعَيْنِيّ: الْبَيْت من شعر لرؤبة بن العجاج.
وَقَبله:
(ومسهم مَا مس أَصْحَاب الْفِيل
…
ولعبت طير بهم أبابيل)
(ترميهم حِجَارَة من سجيل
…
فصيروا مثل كعصف مَأْكُول)
وَلم يذكر مَا مرجع الضَّمِير وَمن الَّذين جرى عَلَيْهِم هَذَا الْأَمر.
وَأَصْحَاب الْفِيل: أَبْرَهَة بن الصَّباح الأشرم ملك الْيمن من قبل أَصْحَمَة النَّجَاشِيّ وجيشه.
وَكَانَ من أَمر أَبْرَهَة أَنه بنى كَنِيسَة بِصَنْعَاء وَأَرَادَ صرف الْحَاج إِلَيْهَا فَخرج رجل من بني كنَانَة فَقضى حَاجته فِيهَا فأغضبه ذَلِك وَحلف ليهدمن الْكَعْبَة. فَخرج بجيشه وَمَعَهُ الفيلة وفيل قوي يُسمى مَحْمُودًا فَلَمَّا نهي لدُخُول الْحرم عبى جَيْشه وَقدم الْفِيل فَكَانَ كلما وجهوه إِلَى الْحرم برك وَلم يبرح وَإِذا وجهوه إِلَى الْيمن أَو إِلَى جِهَة أُخْرَى هرول.
فَأرْسل الله طيراً أبابيل فِي منقار كل مِنْهَا حجر وَفِي رجلَيْهِ حجران أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة فرمتهم فَكَانَ الْحجر يَقع فِي رَأس الرجل فَيخرج من دبره. فهلكوا جَمِيعًا.
السجيل: الطين المتحجر. مُعرب: سنك كل. والأبابيل: الْجَمَاعَات من الطير جمع إبالة بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد الْمُوَحدَة وَهِي الحزمة الْكَبِيرَة شبهت بهَا الْجَمَاعَة من الطير لتضامها. وَقيل: هِيَ الْجَمَاعَات من الطير لَا وَاحِد لَهَا.
-
وَقَوله: فَأَصْبحُوا رُوِيَ بدله: فصيروا بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول. وَبِه اسْتشْهد ابْن هِشَام فِي شرح الألفية)
لتعدية صير إِلَى مفعولين: أَحدهمَا: نَائِب الْفَاعِل.
وَثَانِيهمَا: مثل. والعصف قَالَ صَاحب الْعباب: قَالَ الْفراء: هُوَ بقل الزَّرْع. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: الزَّرْع الَّذِي أكل حبه وَبَقِي تبنه.
وترجمة رؤبة تقدّمت فِي الشَّاهِد الْخَامِس من أول الْكتاب.
وَأنْشد بعده: وصاليات ككما يؤثفين
وَلَا للما بهم أبدا دَوَاء أَوله: فَلَا وَالله لَا يلفى لما بِي وَتقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده: يَا تيم تيم عدي تَمَامه:
(
…
...
…
... . . لَا أَبَا لكم
…
لَا يلقينكم فِي سوءة عمر)
وَتقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ بعد الْمِائَة.