الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّاهِد التسعين بعد الستمائة وهما جاهليان. وَأما كَعْب فَفِي الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد السبعمائة.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)
(وقائله أسيت فَقلت جير
…
أسي إِنَّنِي من ذَاك إِنَّه)
على أَنه اسْتدلَّ من ذهب إِلَى اسمية جير بِالتَّنْوِينِ اللَّاحِق لَهُ كَمَا هُنَا.
وَقَالَ الشَّارِح الْمُحَقق: هِيَ حرف والتنوين لضَرُورَة الشّعْر.
وَهَذَا أحد أجوبة ثَلَاثَة عَنهُ.
ثَانِيهَا: أَنه يحْتَمل أَن يكون من تَنْوِين الترنم تَشْبِيها لآخر النّصْف بآخر الْبَيْت ذكره الشلوبين.
وتنوين الترنم غير مُخْتَصّ بِالِاسْمِ. والوصل بنية الْوَقْف. وَهُوَ وتنوين الغالي كهاء السكت إِنَّمَا يلحقان الْكَلِمَة وَقفا لَا وصلا.
ثَالِثهَا: يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ توكيد جير بإن الَّتِي بِمَعْنى نعم فَحذف همزتها وخففت بِحَذْف النُّون الثَّانِيَة. وَهُوَ بعيد.
وَقد ذكر ابْن مَالك فِي شرح كافيته هَذِه الْأَوْجه الثَّلَاثَة وَقَالَ: الصَّحِيح أَنَّهَا حرف بِمَعْنى نعم لِأَن كل مَوضِع وَقعت فِيهِ جير يصلح أَن تقع
فِيهِ نعم وَلَيْسَ كل مَوضِع وَقعت فِيهِ يصلح أَن يَقع حَقًا. فإلحاقها بنعم أولى.
وَقيل: إِن جير ظرف بِمَعْنى أبدا بني لقلَّة نمكنه. وَقيل اسْم فعل. فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَقْوَال ذكرهَا ابْن أبي الرّبيع فِي الملخص.
وَالْقَائِل بِأَنَّهَا اسْم فعل هُوَ أَبُو عَليّ وَقد نَقله ياقوت الْحَمَوِيّ فِي مُعْجم الأدباء فِي تَرْجَمَة أبي عَليّ فِي ضمن حِكَايَة رَأينَا إيرادها هُنَا مناسباً قَالَ ياقوت: وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الْعَلَاء الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن سهلويه فِي كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ أَجنَاس الْجَوْهَر: كنت بِمَدِينَة السَّلَام أختلف إِلَى أبي عَليّ الْفَارِسِي وَكَانَ السُّلْطَان رسم لَهُ أَن ينْتَصب لي كل أُسْبُوع يَوْمَيْنِ لتصحيح كتاب التَّذْكِرَة لخزانة كَافِي الكفاة.
فَكُنَّا إِذا قَرَأنَا أوراقاً مِنْهُ تجارينا فِي فنون الْآدَاب واجتنينا من فَوَائِد ثمار الْأَلْبَاب ورتعنا فِي رياض أَلْفَاظه ومعانيه والتقطنا الدّرّ المنثور من فِيهِ فَأجرى يَوْمًا بعض الْحَاضِرين ذكر الْأَصْمَعِي وأسرف فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وفضله على أَعْيَان وَكَانَ مِمَّا ذكر فِي محاسنه أَن قَالَ: من ذَا الَّذِي يَجْسُر أَن يُخطئ الفحول من الشُّعَرَاء غَيره فَقَالَ أَبُو عَليّ: وَمَا الَّذِي رد عَلَيْهِم فَقَالَ الرجل: قد أنكر على ذِي الرمة مَعَ إحاطته بلغَة الْعَرَب ومعانيها وَفضل مَعْرفَته بأغراضها ومراميها وَأَنه سلك نهج الْأَوَائِل فِي صوف المفاوز إِذا لعب)
السراب فِيهَا ورقص الْآل فِي نَوَاحِيهَا. ونعت الحرباء وَقد شبه على جذله
والظليم وَكَيف ينفر من ظله وَذكر الركب وَقد مَالَتْ طلاهم من غَلَبَة الْمَنَام حَتَّى كَأَنَّهُمْ صرعتهم كؤوس المدام فطبق مفصل الْإِصَابَة فِي كل بَاب وساوى الصَّدْر الأول من أَرْبَاب الفصاحة وجار القروم البزل من أَصْحَاب البلاغة. فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَبُو عَليّ: وَمَا الَّذِي أنكر على ذِي الرمة فَقَالَ: قَوْله:
وقفنا فَقُلْنَا إيه عَن أم سَالم لِأَنَّهُ كَانَ يجب أَن ينونه. فَقَالَ: أما هَذَا فالأصمعي مُخطئ فِيهِ. وَذُو الرمة مُصِيب.
وَالْعجب أَن يَعْقُوب بن السّكيت قد وَقع عَلَيْهِ هَذَا السَّهْو فِي بعض مَا أنْشدهُ. فَقلت: إِن رأى الشَّيْخ أَن يصدع لنا بجلية هَذَا الْخَطَأ تفضل بِهِ. فأملى علينا: أنْشد ابْن السّكيت:
(وقائلة أسيت فَقلت جير
…
أسي إِنَّنِي من ذَاك إِنَّه)
(أَصَابَهُم الحما وهم عواف
…
وَكن عَلَيْهِم تعساً لهنه)
(وَكَيف تجيب أصداء وهام
…
وأبدان بدرن وَمَا نخرنه)
قَالَ يَعْقُوب: قَوْله: جير أَي: حَقًا وَهِي مخفوضة غير منونة فَاحْتَاجَ إِلَى التَّنْوِين.
قَالَ أَبُو عَليّ: هَذَا سَهْو مِنْهُ لِأَن هَذَا يجْرِي مجْرى الْأَصْوَات وَبَاب الْأَصْوَات كلهَا والمبنيات بأسرها لَا ينون إِلَّا مَا خص مِنْهَا بعلة الْفرْقَان فِيهَا من نكرتها ومعرفتها التَّنْوِين فَمَا كَانَ مِنْهَا معرفَة جَاءَ بِغَيْر تَنْوِين فَإِذا نكرته نونته.
من ذَلِك أَنَّك تَقول فِي الْأَمر: صه ومه تُرِيدُ السُّكُوت يَا فَتى فَإِذا نكرت قلت: صه ومه تُرِيدُ سكُوتًا. وَكَذَلِكَ قَول الْغُرَاب: غاق أَي: الصَّوْت الْمَعْرُوف من صَوته وَقَول الْغُرَاب غاق أَي: صَوتا. وَكَذَلِكَ إيه يَا رجل تُرِيدُ الحَدِيث. وإيه تُرِيدُ حَدِيثا.
وَزعم الْأَصْمَعِي أَن ذَا الرمة أَخطَأ فِي قَوْله: وقفنا فَقُلْنَا إيه عَن أم سَالم وَكَانَ يجب أَن ينونه. وَهَذَا من أوابد الْأَصْمَعِي الَّتِي يقدم عَلَيْهَا من غير علم. فَقَوله: جير بِغَيْر تَنْوِين فِي مَوضِع قَوْله: فَقلت الْحق. وتجعله نكرَة فِي مَوضِع آخر فتنونه فَيكون مَعْنَاهُ: قلت حَقًا. وَلَا مدْخل للضَّرُورَة فِي ذَلِك إِنَّمَا التَّنْوِين للمعنى الْمَذْكُور وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. وتنوين هَذَا الشَّاعِر على هَذَا التَّقْدِير.)
قَالَ يَعْقُوب: قَوْله أَصَابَهُم الحما يُرِيد: الْحمام. وَقَوله: يدرن أَي: طعن فِي بوادرهم بِالْمَوْتِ.
والبادرة: النَّحْر.
وَقَوله: فَجئْت قُبُورهم بدءاً أَي: سيداً. وبدء الْقَوْم: سيدهم. وبدء الْجَزُور: خير أنصبائها.
وَقَوله: وَلما أَي: وَلم أكن سيداً حِين مَاتُوا فَإِنِّي
سدت بعدهمْ.
هَذَا مَا أوردهُ ياقوت بِحُرُوفِهِ. وَأورد ابْن فَارس فِي كتاب فقه اللُّغَة هَذِه الأبيات عَن الْمفضل وَزَاد فِي أولهنَّ بَيْتا وَهُوَ:
(أَلا يَا طَال بالغربات ليلِي
…
وَمَا يلقِي بَنو أَسد بهنه)
وَيَا حرف نِدَاء والمنادى مَحْذُوف أَي: يَا قوم وَنَحْوه. والغربات بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمُهْملَة بعْدهَا مُوَحدَة: جمع غربَة بِضَمَّتَيْنِ وَهِي الامرأة
الغريبة. وَبِدُون هَاء: الرجل الْغَرِيب.
يُرِيد التَّزَوُّج بالغربيات.
وليلي فَاعل طَال. وَقَالَ ابْن الملا فِي شرح الْمُغنِي: الغربات: مَوضِع. وَيَردهُ الضَّمِير فِي بهنه.
وَالْبَاء سَبَبِيَّة وَالْهَاء للسكت.
وَقَوله: وقائلة الْوَاو: وَاو رب وقائلة: صفة مجرور رب الْمَحْذُوف أَي: رب امْرَأَة قائلة.
وأسيت: بِالْخِطَابِ جَوَاب رب. والأسى: الْحزن. يُقَال: أسي يأسى أسىً كرضي يرضى وأسي: حَزِين وزنا وَمعنى وَهُوَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالتَّقْدِير: أَنا أسي وَخبر إِنَّنِي مَحْذُوف مَدْلُول عَلَيْهِ بِمَا قبله وَمن مُتَعَلقَة بالمحذوف تعليلية أَي: إِنَّنِي أسي من أجل مَا لَقِي بَنو أَسد بِسَبَب التَّزَوُّج بالغربيات من المصائب.
فاسم الْإِشَارَة رَاجع إِلَى مَا لَقِي بَنو أَسد بسببهن. وَإنَّهُ بِمَعْنى نعم وَالْهَاء للسكت.
وَقَالَ ابْن الملا: الْإِشَارَة للحزن أَي: إِنَّنِي مَخْلُوق من الْحزن قصدا للْمُبَالَغَة. وَإِن الثَّانِيَة تَأْكِيد للأولى. هَذَا كَلَامه.
وَقَوله: أَصَابَهُم الحما بِكَسْر الْحَاء أَصله: الْحمام وَهُوَ الْمَوْت حذف مِنْهُ الْمِيم للضَّرُورَة وَهِي مَا وَقع فِي الشّعْر وَإِن كَانَ عَنهُ مندوحة. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي تَفْسِير الضَّرُورَة فَلَا يرد قَول ابْن الملا: وَلَك أَن تَقول: أَيْن الضَّرُورَة وَهُوَ مُتَمَكن من أَن يَقُول:
أَصَابَهُم الْحمام فهم عواف بِسُكُون الْمِيم من غير وصل على الأَصْل.)
وعواف: جمع عاف شذوذاً أَو جمع عَافِيَة بِمَعْنى جمَاعَة عَافِيَة من عَفا الْقَوْم بِمَعْنى كَثُرُوا.
وَفِي التَّنْزِيل: حَتَّى عفوا.
-
قَالَ صَاحب الْمِصْبَاح: أَي كَثُرُوا. وَعَفا النبت وَالشعر وَغَيره يعْفُو فَهُوَ عاف: كثر وَطَالَ.
وَفِي حَدِيث مُصعب بن عُمَيْر: إِنَّه غُلَام عاف أَي: وافي اللَّحْم كَثِيره. وَجُمْلَة: وهم عواف: حَالية.
وَلم يتَنَبَّه ابْن الملا لهَذَا الْمَعْنى وَظن انه من عَفا الْمنزل بِمَعْنى درس ففسره بالرمم البالية وشطب الْوَاو بقلمه وَنزل فَاء على هم وَجعلهَا فهم عواف.
وَهَذَا غير جَائِز فِي تَفْسِير الرِّوَايَة على حسب المُرَاد وَضمير جمع الْمُذكر فِي جَمِيع الْمَوَاضِع لبني أَسد وَالنُّون فِي كن ضمير النِّسَاء الغربيات.
وَقَوله: تعساً لهنه دُعَاء عَلَيْهِنَّ وَمَعْنَاهُ: أتعسهن الله. قَالَ صَاحب الْمِصْبَاح: التعس: مصدر تعس تعساً من بَاب نفع: أكب على وَجهه فَهُوَ تاعس. وتعس تعساً من بَاب تَعب لُغَة فَهُوَ تعس مثل تَعب.
وتتعدى هَذِه بالحركة وبالهمزة فَيُقَال: تعسه الله بِالْفَتْح وأتعسه. وَفِي الدُّعَاء: تعساً لَهُ وتعس وانتكس.
فالتعس: أَن يخر لوجهه. والنكس: أَن لَا يسْتَقلّ بعد سقطته حَتَّى يسْقط ثَانِيَة وَهِي أَشد من الأولى. وَاللَّام فِي لهنه مَبْنِيَّة للْمَفْعُول مثل سقيا لزيد وَالْهَاء للسكت.
-
وَرُوِيَ أَيْضا:
فنحساً خبر كن وَهُوَ ضد السعد. ولعنه بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول من اللَّعْن وَالْهَاء للسكت وَالْجُمْلَة دُعَاء عَلَيْهِنَّ.
وَقَوله: فَجئْت قُبُورهم بدءاً
…
إِلَخ البدء بِفَتْح الْمُوَحدَة وَسُكُون الدَّال بعْدهَا همزَة: السَّيِّد والشاب الْعَاقِل. ومجزوم لما مَحْذُوف.
قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: الْخَامِس أَي: من الْأُمُور الَّتِي تفارق لما فِيهَا لم: أَن منفي لما جَائِز الْحَذف لدَلِيل كَقَوْلِه: فَجئْت قُبُورهم بدءاً وَلما أَي: وَلما أكن بدءاً قبل ذَلِك أَي: سيداً وَلَا يجوز وصلت إِلَى بَغْدَاد وَلم تُرِيدُ: وَلم أدخلها.)
انْتهى.
وَقَوله: وَكَيف تجيب أصداء
…
إِلَخ هَذَا استبعاد مِنْهُ لإجابة الْقُبُور لَهُ.
وصحف ابْن الملا هَاتين الْكَلِمَتَيْنِ فَكتب بِخَطِّهِ: وَكنت بدل كَيفَ وبحيث بدل تجيب. وَيَنْبَغِي أَن يسْأَل مِنْهُ مَا هَذِه الْحَيْثِيَّة والأصداء: جمع صدىً بِالْقصرِ وَهُوَ ذكر البوم يسكن الْقُبُور.
وَكَذَلِكَ الْهَام وَهُوَ جمع هَامة وَهُوَ من طير اللَّيْل.
وَقَوله: وأبدان بدرن رُوِيَ أَيْضا: وأجسام بدرن بِضَم الْبَاء وَكسر الدَّال أَي: طعن فِي بوادرهم
وَقَوله: وَمَا نخرنه من نخر الْعظم نخراً من بَاب تَعب إِذا بلي وتفتت. وَالنُّون: ضمير الْأَبدَان أَو الْأَجْسَام على اخْتِلَاف الرِّوَايَة. وَالْهَاء للسكت.
وَأنْشد بعده: فأقسم لَو شَيْء أَتَانَا رَسُوله