الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَام التَّعْرِيف من الشَّحْم لما وَمعنى بجل حسب يُقَال: بجلي كَذَا أَي: حسبي. انْتهى.
وَالْبَيْت غفل لم يحل قَائِله. وَقَالَ الْعَيْنِيّ: قَائِله غيلَان بن حُرَيْث الربعِي الراجز.
وَقَوله: وألحقنا فِي رِوَايَة سِيبَوَيْهٍ: وألزقنا وَضبط بعض شرَّاح أبياته بخل بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَرَادَ بِهِ الْخلّ الْمَعْهُود. وَالْبَاء فِيهِ حرف جر. وَهَذَا أقرب إِلَى الْمَعْنى. انْتهى. وَلم أر مَا ذكره.
وَالله أعلم.
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
الطَّوِيل وبالنسر عِنْدَمَا هُوَ قِطْعَة من بَيت وَهُوَ:
(أما والدماء المائرات تخالها
…
على قنة الْعُزَّى وبالنسر عِنْدَمَا)
على أَن لَام التَّعْرِيف قد تزاد فِي الْعلم.
قَالَ ابْن الشجري فِي أَمَالِيهِ: نسرٌ: الصَّنَم الَّذِي كَانَ قوم نوح يعبدونه وَقد ذكره الله تَعَالَى فِي
وَأدْخل فِيهِ الشَّاعِر الْألف وَاللَّام زِيَادَة للضَّرُورَة فِي قَوْله: وبالنسر عِنْدَمَا الْبَيْت. انْتهى.
وَقَالَ ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة: أنشدنا أَبُو عَليّ هَذَا الْبَيْت وَقَالَ: اللَّام فِي النسْر زَائِدَة. وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَن نسراً بِمَنْزِلَة عَمْرو.
وَقَالَ ابْن جني قبل هَذَا: وَأما اللات والعزى فَذهب أَبُو الْحسن إِلَى أَن اللَّام فيهمَا زَائِدَة. وَالَّذِي يدل على صِحَة مذْهبه أَن اللات والعزى علمَان بِمَنْزِلَة يَغُوث ويعوق ونسر وَمَنَاة وَغير ذَلِك من أَسمَاء الْأَصْنَام.
فَهَذِهِ كلهَا أَعْلَام وَغير محتاجةٍ فِي تعرفها إِلَى اللَّام وَلَيْسَت من بَاب الْحَارِث وَالْعَبَّاس الَّتِي نقلت فَصَارَت أعلاماً وأقرت فِيهَا لَام التَّعْرِيف على ضربٍ من توهم رَوَائِح الصّفة فِيهَا فَتحمل على ذَلِك. فَوَجَبَ أَن تكون فِيهَا زَائِدَة ويؤكد زيادتها فِيهَا أَيْضا لُزُومهَا إِيَّاهَا كلزوم لَام الْآن وَالَّذِي وبابه.
فَإِن قلت: فقد حكى أَبُو زيد: لَقيته فينة والفينة وَقَالُوا للشمس: إلاهة والإلاهة. وَلَيْسَت فينة وَلَا إلاهة بصفتين فَيجوز تعريفهما وَفِيهِمَا اللَّام كالحارثوالعباس.
فَالْجَوَاب: أَن فينة والفينة وإلاهة والإلاهة مِمَّا اعتقب عَلَيْهِ تعريفان: أَحدهمَا: بِالْألف وَاللَّام وَالْآخر: بِالْوَضْعِ والعلمية وَلم نسمعهم يَقُولُونَ: لات وعزى بِغَيْر لَام
ومحصلة أَن اللَّام فِي النسْر زَائِدَة بعد وضع العلمية وَأَن اللَّام فِي اللات والعزى زَائِدَة فيهمَا عِنْد وضع العلمية وَأَن اللَّام فِي الفينة والإلاهة للتعريف وَلَيْسَت زَائِدَة.
وَلِهَذَا لم ينشد الشَّارِح الْمُحَقق الْبَيْت بِتَمَامِهِ لتعين الزَّائِد الطَّارِئ للضَّرُورَة من الزَّائِد غير المنفك إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه: الطَّوِيل)
(عزاي شدي شدَّة لَا تكذبني
…
على خالدٍ والقي الْخمار وشمري)
وَبَيت الشَّاهِد أول أَبْيَات ثَلَاثَة لعَمْرو بن عبد الْجِنّ وَبعده: الطَّوِيل
(وَمَا سبح الرهبان فِي كل ليلةٍ
…
أبيل الأبيلين الْمَسِيح بن مريما)
(لقد هز مني عامرٌ يَوْم لعلعٍ
…
حساماً إِذا مَا هز بالكف صمما)
كَذَا أنْشد هَذِه الأبيات أَبُو عَليّ فِي التَّذْكِرَة القصرية عَن ابْن الْأَعرَابِي وَابْن الْأَنْبَارِي فِي مسَائِل الْخلاف وَابْن الشجري فِي أَمَالِيهِ.
وَقَوله: أَلا والدماء إِلَخ أَلا: كلمة يستفتح بهَا الْكَلَام
التَّنْبِيه وَالْوَاو للقسم والدماء مقسم بِهِ وَالْبَيْت الثَّالِث جَوَاب الْقسم. والمائرات: المترددات من مار الدَّم على وَجه الأَرْض يمور إِذا تردد.
ويروى: أما وَدِمَاء مائرات بِدُونِ لَام. وتخالها: تظنها. وعِنْدَمَا الْمَفْعُول الثَّانِي. وقنة الْعُزَّى: رَوَاهُ أَبُو عَليّ فِي الْحجَّة: أما ودماءٍ لَا تزَال كَأَنَّهَا
وَقَالَ انتصاب عندم بِأحد شَيْئَيْنِ: أَحدهمَا: مَا فِي كَانَ من معنى الْفِعْل وَالْآخر: أَن يَجْعَل على قنة الْعُزَّى مُسْتَقرًّا فَيكون الْحَال عَنهُ. فَإِن نصبت بِالْأولِ فذو الْحَال الضَّمِير الَّذِي فِي كَأَنَّهَا وَإِن نصبته عَن المستقر فذو الْحَال الذّكر الَّذِي فِي المستقر وَالْمعْنَى على حذف الْمُضَاف كَأَنَّهُ مثل عندم. انْتهى.
وَقَوله: وَمَا سبح إِلَخ الْوَاو عاطفة على الدِّمَاء ومَا: مَصْدَرِيَّة وسبح بِمَعْنى نزه والرهبان: فَاعله وأبيل مَفْعُوله وَفِي كل لَيْلَة مُتَعَلق بسبح.
وروى: فِي كل بيعَة أَي: وتسبيح الرهبان أبي الأبيلين. والْبيعَة بِكَسْر الْبَاء: متعبد النَّصَارَى. وأبيل الأبيلين: رَاهِب الرهبان.
قَالَ ابْن فَارس والصاغاني فِي الْعباب: الأبيل: رَاهِب النَّصَارَى وَكَانُوا يسمون عِيسَى عليه السلام أبي الأبيلين وَمَعْنَاهُ رَاهِب الراهبين. وَعِيسَى: بدلٌ أَو عطف
بَيَان لَهُ. والأبيل بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمُوَحدَة كأمير: الراهب سمي بِهِ لتأبله عَن النِّسَاء وَترك غشيانهن. وَالْفِعْل مِنْهُ أبل يأبل إبالة ككتب كِتَابَة إِذا تنسك وترهب.
وَمَا سبح الرهبان فِي كل بيعَة
…
...
…
... . . الْبَيْت)
وَقَالَ الآخر: الطَّوِيل
وَمَا صك ناقوس النَّصَارَى أبيلها وَقَالُوا: أيبلي. قَالَ: المتقارب
(وَمَا أيبلي على هيكلٍ
…
بناه وصلب فِيهِ وصارا)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أيبلي: صَاحب أبيل وَهِي عَصا الناقوس. انْتهى. والأيبلي هُوَ بِتَقْدِيم الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة الساكنة وَتَأْخِير الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة وَيجوز ضمهَا وَيجوز إِبْدَال الْألف هَاء فَيُقَال: هيبلي وَيجوز إِبْدَال الْيَاء التَّحْتِيَّة ألفا فَيُقَال آبلي.
وَقد جمع صَاحب الْقَامُوس هَذِه اللُّغَات فَقَالَ:
الأبيل كأمير: الْعَصَا والحزين بالسُّرْيَانيَّة وَرَئِيس النَّصَارَى أَو الراهب أَو صَاحب الناقوس كالأيبلي بِضَم الْبَاء وَفتحهَا والهيبلي والآبلي بِضَم الْبَاء والأبيل بِضَم الْبَاء وَفتحهَا. انْتهى.
وَقَوله: وَمَا أيبليٌّ على هيكل هُوَ من قصيدةٍ للأعشى مَيْمُون. قَالَ الصَّاغَانِي فِي الْعباب: قيل أَرَادَ أبيلي كأميري فَلَمَّا اضْطر قدم الْيَاء كَمَا قَالُوا أينق وَالْأَصْل أنوق.
قَالَ عدي بن زيد الْعَبَّادِيّ: الرمل وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الأبيل: ضَارب الناقوس.
وَأنْشد: وَمَا صك ناقوس النَّصَارَى أبيلها
انْتهى.
وَنقل الْعَيْنِيّ عَن ابْن الْأَثِير أَنه رُوِيَ أَيْضا: أبيل الأبيليين عِيسَى بن مريما على النّسَب.
وَقَوله: هز مني عَامر إِلَخ هَذَا من قبيل التَّجْرِيد يُرِيد أَن عَامِرًا وجدني حساماً فِي ذَلِك الْيَوْم.
وروى الصَّاغَانِي فِي الْعباب: لقد ذاق مني. ولعلع: كجعفر: مَوضِع قَالَ ابْن ولاد: لعلعٌ آخر السوَاد إِلَى الْبر مَا بَين الْبَصْرَة والكوفة.
وَقَالَ غَيره: لعلعٌ: بِبَطن فلج وَهِي لبكر وَائِل وَقيل: هِيَ من الجزيرة. كَذَا فِي مُعْجم مَا)
استعجم للبكري. وصمم: مضى يُقَال: صمم الرجل فِي الْأَمر إِذا جد فِيهِ.
والأبيات لعَمْرو بن عبد الْجِنّ. كَذَا قَالَ الصَّاغَانِي فِي الْعباب وَغَيره. وَفِي جمهرة الْأَنْسَاب لِابْنِ الْكَلْبِيّ أَنه تنوخي. وَهُوَ عَمْرو بن عبد الْجِنّ بن عَائِذ الله بن أسعد بن سعد بن كثير بن غَالب بن جرم. وَأسد بن ناعصة بن عَمْرو بن عبد الْجِنّ كَانَ فَارِسًا فِي الْجَاهِلِيَّة.
قَالَ: وَرَأَيْت رجلا من بني عبد الْجِنّ بِالْكُوفَةِ شجاعاً قطعت رجله فَجعلت لَهُ من فضَّة. وتنوخ: قبيلةٌ من قبائل الْيمن.
تَتِمَّة الْعُزَّى فِي الأَصْل: تَأْنِيث الْأَعَز وَقد يكون الْأَعَز بِمَعْنى الْعَزِيز والعزى بِمَعْنى العزيزة.
قَالَ فِي الصِّحَاح: الْعُزَّى: اسْم صنم كَانَ لقريش وَبني كنَانَة وَيُقَال الْعُزَّى: سَمُرَة كَانَت لغطفان يعبدونها وَكَانُوا بنوا عَلَيْهَا بَيْتا وَأَقَامُوا لَهَا سدنة فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ خَالِد بن الْوَلِيد فهدم الْبَيْت وأحرق السمرَة وَهُوَ يَقُول: الرجز
(يَا عز كُفْرَانك لَا سُبْحَانَكَ
…
إِنِّي رَأَيْت الله قد أَهَانَك)
وَلَا بَأْس بإيراد شيءٍ من أَخْبَار الْأَصْنَام وَسبب اتِّخَاذ الْعَرَب لَهَا وَكَيف أزالها النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ.
قَالَ أَبُو الْمُنْذر هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ فِي كتاب الْأَصْنَام: حَدثنِي أبي وَغَيره أَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِمَا وَسلم لما سكن مَكَّة وَولد لَهُ بهَا أولادٌ كَثِيرَة حَتَّى ملؤوا مَكَّة وَنَفَوْا من كَانَ فِيهَا من العماليق ضَاقَتْ عَلَيْهِم مَكَّة وَوَقعت بَينهم الحروب
والعداوات وَأخرج بَعضهم بَعْضًا فتفسحوا فِي الْبِلَاد والتماس المعاش.
وَكَانَ الَّذِي سلخ بهم إِلَى عبَادَة الْأَوْثَان وَالْحِجَارَة أَنه كَانَ لَا يظعن من مَكَّة ظاعنٌ إِلَّا احْتمل مَعَه حجرا من حِجَارَة الْحرم تَعْظِيمًا للحرم وصبابة بِمَكَّة فَحَيْثُمَا حلوا وضعوه وطافوا بِهِ كطوافهم بِالْكَعْبَةِ تيمناً مِنْهُم بهَا وصبابةً بهَا وحباً وهم على إِرْث أَبِيهِم إِسْمَاعِيل: من تَعْظِيم الْكَعْبَة وَالْحج والاعتمار.
ثمَّ سلخ ذَلِك بهم إِلَى أَن عبدُوا مَا استحبوا ونسوا مَا كَانُوا عَلَيْهِ واستبدلوا بدين إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل غَيره فعبدوا الْأَوْثَان وصاروا إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأُمَم من قبلهم كقوم نوح وَفِيهِمْ بقايا على دين أَبِيهِم إِسْمَاعِيل مَعَ إدخالهم فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.)
فَكَانَ أول من غير دين إِسْمَاعِيل عليه السلام فنصب الْأَوْثَان وسيب السائبة
وَوصل الوصيلة وبحر الْبحيرَة وَحمى الحامية: عَمْرو بن ربيعَة وَهُوَ لحي ابْن حَارِثَة بن عَمْرو بن عَامر الْأَزْدِيّ وَهُوَ أَبُو خُزَاعَة.
وَكَانَ الْحَارِث هُوَ الَّذِي يَلِي أَمر الْكَعْبَة. فَلَمَّا بلغ عَمْرو بن لحي نازعه فِي الْولَايَة وَقَاتل جرهماً ببني إِسْمَاعِيل فظفر بهم وأجلاهم عَن الْكَعْبَة ونفاهم من بِلَاد مَكَّة وَتَوَلَّى حجابة الْبَيْت.
فَأَتَاهَا فاستحم بهَا فبرأ وَوجد أَهلهَا يعْبدُونَ الْأَصْنَام فَقَالَ: مَا هَذِه فَقَالُوا: نستسقي بهَا الْمَطَر ونستنصر بهَا على الْعَدو. فَسَأَلَهُمْ أَن يعطوه مِنْهَا فَفَعَلُوا فَقدم بهَا مَكَّة ونصبها حول الْكَعْبَة.
وَحدث الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَن إسافاً ونائلة رجلٌ من
جرهم يُقَال لَهُ: إساف بن يعلى ونائلة بنت زيد من جرهم وَكَانَ يتعشقها فِي أَرض الْيمن فَأَقْبَلُوا حجاجاً فدخلا الْكَعْبَة فوجدا غَفلَة من النَّاس وخلوة من الْبَيْت ففجر بهَا فِي الْبَيْت فمسخا فوجدوهما مسخين فأخرجوهما فوضعوهما موضعهما فعبدتهما خُزَاعَة وقريش وَمن حج الْبَيْت بعد من الْعَرَب.
وَكَانَ أول من اتخذ تِلْكَ الْأَصْنَام من ولد إِسْمَاعِيل وَغَيرهم وسَموهَا بأسمائها على مَا بَقِي فيهم من ذكرهَا حِين فارقوا دين إِسْمَاعِيل هُذَيْل بن مدركة.
اتَّخذُوا سواعاً فَكَانَ لَهُم برهاطٍ من أَرض يَنْبع. وينبع عرضٌ من أَعْرَاض الْمَدِينَة وَكَانَت سدنته بني لحيان.
واتخذت كلبٌ: ودا بدومة الجندل.
واتخذت مذْحج وَأهل جرش: يَغُوث واتخذت خيوان: يعوق فَكَانَ بقريةٍ لَهُم يُقَال لَهَا: خيوان واتخذت حمير: نسراً فعبدوه بأرضٍ يُقَال لَهَا: بلخع وَلم أسمع حمير سمت بِهِ أحدا وَلم أسمع لَهُ ذكرا فِي أشعارها وَلَا أشعار أحد من الْعَرَب. وأظن ذَلِك كَانَ لانتقال حمير أَيَّام تبع عَن عبَادَة الْأَصْنَام إِلَى الْيَهُودِيَّة.
وَكَانَ لحمير أَيْضا بَيت بِصَنْعَاء يُقَال لَهُ: رئام بِهَمْزَة بعد الرَّاء
الْمَكْسُورَة يعظمونه ويتقربوه عِنْده بالذبائح وَكَانُوا فِيمَا يذكرُونَ يكلمون مِنْهُ. فَلَمَّا انْصَرف تبع من مسيره الَّذِي سَار فِيهِ انْصَرف تبع من مسيره الَّذِي سَار فِيهِ إِلَى الْعرَاق قدم مَعَه الحبران اللَّذَان صحباه من الْمَدِينَة فأمراه بهدم)
رئام. وتهود تبع وَأهل الْيمن.
فَمن ثمَّ لم أسمع بِذكر رئام وَلَا نسرٍ فِي شيءٍ من الْأَشْعَار وَلَا الْأَسْمَاء. وَلم تحفظ الْعَرَب من أشعارها إِلَّا مَا كَانَ قبيل الْإِسْلَام.
قَالَ هِشَام أَبُو الْمُنْذر: وَلم أسمع فِي رئام وَحده شعرًا وَقد سَمِعت فِي الْبَقِيَّة.
هَذِه الْخَمْسَة الْأَصْنَام الَّتِي كَانَ يَعْبُدهَا قوم نوح وَذكرهَا الله فِي كِتَابه: وَلَا تذرن ودا وَلَا سواعاً وَلَا يَغُوث ويعوق ونسراً.
فَلَمَّا صنع هَذَا عَمْرو بن لحيٍّ دَانَتْ الْعَرَب للأصنام وعبدوها واتخذوها.
فَكَانَ أقدمها مَنَاة. وَسميت الْعَرَب عبد مَنَاة وَزيد مَنَاة. وَكَانَ مَنْصُوبًا على سَاحل الْبَحْر من وَكَانَت الْعَرَب جَمِيعًا تعظمه وتذبح حوله وَكَانَ أَشد إعظاماً لَهُ الْأَوْس والخزرج.
وَكَانَ أَوْلَاد معدٍّ على بَقِيَّة من دين إِسْمَاعِيل وَكَانَت ربيعَة وَمُضر على بَقِيَّة من دينه.
وَمَنَاة هِيَ الَّتِي ذكرهَا الله: وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى. وَكَانَت
لهذيلٍ وخزاعة. وقريش وَجَمِيع الْعَرَب تعظمها إِلَى أَن خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ من الْمَدِينَة سنة ثَمَان من الْهِجْرَة وَهُوَ عَام الْفَتْح.
فَلَمَّا سَار من الْمَدِينَة أَربع لَيَال أَو خمس لَيَال بعث عليا إِلَيْهَا فَهَدمهَا وَأخذ مَا كَانَ لَهَا فَأقبل بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ وَكَانَ فِيمَا أَخذ سُفْيَان كَانَ الْحَارِث بن أبي شمرٍ ملك غَسَّان أهداهما لَهَا أَحدهمَا اسْمه مخذم وَالْآخر رسوب فوهبهما لعَلي فَيُقَال: إِن ذَا الفقار سيف عليٍّ أَحدهمَا
وَيُقَال: إِن عليا وجدهما فِي الْفلس: صنم لطييء حِين بَعثه النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فهدمه.
ثمَّ اتَّخذُوا اللات بِالطَّائِف وَكَانَت صَخْرَة مربعة وَكَانَ يهوديٌّ يلت عِنْدهَا السويق وَكَانَت سدنتها من ثَقِيف بَنو عتاب بن مَالك وَكَانُوا بنوا عَلَيْهَا بِنَاء وَكَانَت قريشٌ وَسَائِر الْعَرَب تعظمها.
وسمت زيد اللات وتيم اللات وَكَانَت فِي مَوضِع مَنَارَة مَسْجِد الطَّائِف الْيُسْرَى الْيَوْم.
فَلم تزل كَذَلِك حَتَّى أسلمت ثَقِيف فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَهَدمهَا وحرقها بالنَّار.
ثمَّ اتَّخذُوا الْعُزَّى وَسمي بهَا عبد الْعُزَّى بن كَعْب وَكَانَ الَّذِي اتخذها ظَالِم بن أسعد وَكَانَت)
بوادٍ من نَخْلَة الشآمية يُقَال لَهُ: حراضٌ عَن يَمِين المصعد إِلَى
الْعرَاق من مَكَّة فَوق ذَات عرق إِلَى الْبُسْتَان بِتِسْعَة أَمْيَال فَبنى عَلَيْهَا بَيْتا وَكَانُوا يسمعُونَ فِيهِ الصَّوْت.
وَكَانَت أعظم الْأَصْنَام عِنْد قُرَيْش وَكَانَت تَطوف بِالْكَعْبَةِ وَتقول: وَاللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى فَإِنَّهُنَّ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى.
وَكَانُوا يَقُولُونَ: بَنَات الله تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَهن يشفعن إِلَيْهِ.
فَلَمَّا بعث الله رَسُوله أنزل عَلَيْهِ: أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى ألكم الذّكر وَله الْأُنْثَى الْآيَة.
وحمت لَهَا قريشٌ شعبًا من وَادي حراض يُقَال لَهُ: سقام يضاهون بِهِ حرم الْكَعْبَة. وَكَانَ لَهَا منحرٌ ينحرون فِيهِ هَدَايَاهَا يُقَال لَهُ: الغبغب وَكَانَت قُرَيْش تخصها بالإعظام فَلذَلِك قَالَ زيد بن عَمْرو بن نفَيْل وَكَانَ قد تأله فِي الْجَاهِلِيَّة وَترك عبَادَة الْأَصْنَام: الوافر
(تركت اللات والعزى جَمِيعًا
…
كَذَلِك يفعل الْجلد الصبور)
(وَلَا هبلاً أَزور وكَانَ رَبًّا
…
لنا فِي الدَّهْر إِذْ حلمي صَغِير)
وَكَانَ سدنة الْعُزَّى بني شَيبَان من بني سليم وَكَانَ آخر من سدنها مِنْهُم دبية فَلم تزل كَذَلِك حَتَّى بعث الله نَبينَا صلى الله عليه وسلم َ فعاب
الْأَصْنَام ونهاهم عَن عبادتها وَنزل الْقُرْآن فِيهَا فَاشْتَدَّ ذَلِك على قُرَيْش فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح دَعَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ خَالِد بن الْوَلِيد فَقَالَ: انْطلق إِلَى شجرةٍ بِبَطن نَخْلَة فاعضدها. فَانْطَلق فَقتل دبية.
وحَدثني أبي عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْعُزَّى شَيْطَانَة تَأتي ثَلَاث سمُرَات بِبَطن نَخْلَة فَلَمَّا بعث النَّبِي خَالِد بن الْوَلِيد قَالَ لَهُ: ائْتِ بطن نَخْلَة فَإنَّك تَجِد ثَلَاث سمُرَات فاعضد الأولى. فَأَتَاهَا فعضدها فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ عليه الصلاة والسلام ُ فَقَالَ: هَل رَأَيْت شَيْئا قَالَ: لَا. قَالَ: فاعضد الثَّانِيَة.
فعضدها ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ: هَل رَأَيْت شَيْئا قَالَ: لَا. قَالَ: فاعضد الثَّالِثَة.
فَأَتَاهَا فَإِذا هِيَ بحبشيةٍ نافشة شعرهَا واضعةٍ ثديها على عاتقها تصرف بأنيابها وَخَلفهَا دبية السّلمِيّ وَكَانَ سادنها فَلَمَّا نظر إِلَى خَالِد قَالَ: الطَّوِيل
(عزاي شدي شدَّة لَا تكذبي
…
على خالدٍ ألقِي الْخمار وشمري)
(فَإنَّك إِن لَا تقتلي الْيَوْم خَالِدا
…
تبوئي بذلٍّ عَاجلا وتنصري))
(يَا عز كُفْرَانك لَا سُبْحَانَكَ
…
إِنِّي رَأَيْت الله قد أَهَانَك)
ثمَّ ضربهَا ففلق رَأسهَا فَإِذا حممة ثمَّ عضد الشَّجَرَة وَقتل دبية السادن ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَأخْبرهُ فَقَالَ: تِلْكَ الْعُزَّى وَلَا عزى بعْدهَا للْعَرَب.
قَالَ أَبُو الْمُنْذر: وَلم تكن قُرَيْش وَمن بِمَكَّة يعظمون شَيْئا من الْأَصْنَام إعظامهم الْعُزَّى ثمَّ اللات ثمَّ مَنَاة.
فَأَما الْعُزَّى فَكَانَت تخصها دون غَيرهَا بالزيارة والهدية.
وَكَانَت ثَقِيف تخص اللات وَكَانَت الْأَوْس والخزرج تخص مَنَاة وَكلهمْ كَانَ مُعظما للعزى وَلم يَكُونُوا يرَوْنَ فِي الْخَمْسَة الْأَصْنَام الَّتِي رَفعهَا عَمْرو بن لحي كرأيهم فِي هَذِه.
وَكَانَت لقريش أصنامٌ فِي جَوف الْكَعْبَة وحولها وَكَانَ أعظمها عِنْدهم هُبل وَكَانَ فِيمَا بَلغنِي من عقيقٍ أَحْمَر على صُورَة إِنْسَان مكسور الْيَد الْيُمْنَى أَدْرَكته قريشٌ كَذَلِك فَجعلُوا لَهُ يدا من الذَّهَب.
وَكَانَ أول من نَصبه خُزَيْمَة بن مدركة وَكَانَ يُقَال لَهُ: هُبل خُزَيْمَة وَكَانَ قدامه سَبْعَة أقدح مكتوبٍ فِي أَولهَا: صريحٌ وَالْآخر: ملصقٌ. فَإِذا شكوا فِي مولودٍ أهدوا لَهُ هَدِيَّة ثمَّ ضربوا بِالْقداحِ فَإِن خرج: صَرِيح ألحقوه وَإِن كَانَ مُلْصقًا دفعوه. وَقَدحًا على الْمَيِّت وَقَدحًا على النِّكَاح وَثَلَاثَة لم تفسر لي.
فَإِذا اخْتَصَمُوا فِي أمرٍ أَو أَرَادوا سفرا أَو عملا أَتَوْهُ فاستقسموا بِالْقداحِ عِنْده فَمَا خرج عمِلُوا بِهِ وانتهوا إِلَيْهِ.
وَكَانَ لَهُم إسافٌ ونائلة لما مسخا حجرين وضعا عِنْد الْكَعْبَة ليتعظ النَّاس بهما فَلَمَّا طَال مكثهما وعبدت الْأَصْنَام عبدا مَعهَا وَكَانَ أَحدهمَا بلصق الْكَعْبَة وَالْآخر فِي مَوضِع زَمْزَم فنقلت قريشٌ الَّذِي كَانَ بلصق الْكَعْبَة إِلَى الآخر. وَكَانُوا ينحرون ويذبحون عِنْدهمَا.
فَلَمَّا ظهر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يَوْم فتح مَكَّة وَدخل الْمَسْجِد والأصنام مَنْصُوبَة حول الْكَعْبَة فَجعل يطعن بِسِيَةِ قوسه فِي عيونها ووجوهها وَيَقُول: جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقا ثمَّ أَمر فكفئت على وجوهها ثمَّ أخرجت من الْمَسْجِد فحرقت فَقَالَ فِي ذَلِك رَاشد بن عبد الله السّلمِيّ: الْكَامِل
(قَالَت هَلُمَّ إِلَى الحَدِيث فَقلت لَا
…
يَأْبَى الْإِلَه عَلَيْك وَالْإِسْلَام)
(أَو مَا رَأَيْت مُحَمَّدًا وقبيله
…
بِالْفَتْح حِين تكسر الْأَصْنَام))
(لرأيت نور الله أضحى ساطعاً
…
والشرك يغشى وَجهه الإظلام)
وَكَانَ لَهُم أَيْضا منَاف وسمت بِهِ عبد منَاف وَلَا أَدْرِي أَيْن كَانَ وَلَا من نَصبه وَلم تكن الْحيض من النِّسَاء تَدْنُو من أصنامهم وَلَا تمسح بهَا إِنَّمَا كَانَت تقف نَاحيَة مِنْهَا.
وَكَانَ لأهل كل دارٍ من مَكَّة صنم فِي دَارهم يعبدونه فَإِذا أَرَادَ أحدهم السّفر كَانَ آخر مَا يصنع فِي منزله أَن يتمسح بِهِ وَإِذا قدم من سَفَره كَانَ أول مَا يصنع إِذا دخل منزله أَن يتمسح بِهِ.
فَلَمَّا بعث الله نبيه وأتاهم بتوحيد الله وعبادته قَالُوا: أجعَل الْآلهَة إِلَهًا وَاحِدًا إِن هَذَا لشيءُ عُجاب يعنون الْأَصْنَام.
واستهترت الْعَرَب فِي عبادتها فَمنهمْ من اتخذ بَيْتا وَمِنْهُم من اتخذ صنماً وَمن لم يقدر عَلَيْهِ وَلَا على بِنَاء بَيت نصب حجرا أَمَام الْحرم وأمام غَيره مِمَّا اسْتحْسنَ ثمَّ طَاف بِهِ كطوافه بِالْبَيْتِ وسموها الأنصاب.
فَإِذا كَانَت تماثيل دَعُوهَا الْأَصْنَام والأوثان. وَسموا طوافهم الدوار. فَكَانَ الرجل إِذا سَافر فَنزل منزلا أَخذ أَرْبَعَة أَحْجَار فَنظر إِلَى أحْسنهَا فَاتخذ رَبًّا وَجعل ثَلَاث أثافي لقدره وَإِذا ارتحل غَيره فَإِذا نزل منزلا آخر فعل مثل ذَلِك فَكَانُوا ينحرون ويذبحون عِنْد كلهَا ويتقربون إِلَيْهَا وهم على ذَلِك عارفون بِفضل الْكَعْبَة عَلَيْهَا.
وَكَانَت بَنو مليح من خُزَاعَة وهم رَهْط طَلْحَة الطلحات يعْبدُونَ الْجِنّ
وَفِيهِمْ نزلت: إِن الَّذين تدعون من دون الله عبادٌ أمثالكم.
وَكَانَت من تِلْكَ الْأَصْنَام ذُو الخلصة وَتقدم شَرحه فِي أَوَائِل الْكتاب فِي الشَّاهِد السَّابِع وَكَانَ لمَالِك وملكان ابْني كنَانَة بساحل جدة صنم يُقَال لَهُ: سعد وَكَانَت صَخْرَة طَوِيلَة فَأقبل رجل مِنْهُم بإبلٍ لَهُ ليقفها عَلَيْهِ يتبرك بذلك فِيهَا فَلَمَّا أدناها مِنْهُ نفرت وَكَانَ يهراق عَلَيْهِ بالدماء فَذَهَبت فِي كل وَجه فَتَنَاول حجرا فَرَمَاهُ بِهِ وَقَالَ:
لَا بَارك الله فِيك إِلَهًا أنفرت عَليّ إبلي ثمَّ انْصَرف وَهُوَ يَقُول: الطَّوِيل
(أَتَيْنَا إِلَى سعدٍ ليجمع شملنا
…
فشتتنا سعدٌ فَلَا نَحن من سعد)
(وَهل سعد إِلَّا صَخْرَة بتنوفةٍ
…
من الأَرْض لَا يَدْعُو لغيٍّ وَلَا رشد)
وَكَانَ لدوس ثمَّ لبني منْهب بن دوس صنم يُقَال لَهُ: ذُو الْكَفَّيْنِ فَلَمَّا أَسْلمُوا بعث النَّبِي صلى)
الله عَلَيْهِ وَسلم الطُّفَيْل بن عمروٍ الدوسي فحرقه وَهُوَ يَقُول: الرجز
(يَا ذَا الْكَفَّيْنِ لست من عبادكا
…
ميلادنا أكبر من ميلادكا)
إِنِّي حشوت النَّار فِي فؤادكا
وَكَانَ لبني الْحَارِث بن يشْكر من الأزد صنم يُقَال لَهُ: ذُو الشرى.
وَكَانَ لقضاعة ولخم وجذام وعاملة وغَطَفَان صنمٌ فِي مشارف الشَّام يُقَال لَهُ: الأقيصر.
وَكَانَ لمزينة صنم يُقَال: نهمٌ وَبِه سميت عبد نهم وَكَانَ سادنه خزاعي بن عبد نهمٍ من
(ذهبت إِلَى نهمٍ لأذبح عِنْده
…
عتيرة نسكٍ كَالَّذي كنت أفعل)
(فَقلت لنَفْسي حِين راجعت عقلهَا
…
أَهَذا إلهٌ أبكمٌ لَيْسَ يعقل)
(أَبيت فديني الْيَوْم دين محمدٍ
…
إِلَه السَّمَاء الْمَاجِد المتفضل)
ثمَّ لحق بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ فَأسلم وَضمن إِسْلَام قومه مزينة.
وَكَانَ لأزد السراة صنم يُقَال لَهُ: عائم بِالْهَمْزَةِ.
وَكَانَ لعنزة صنمٌ يُقَال لَهُ: سعير وَتقدم شَرحه قَرِيبا.
وَكَانَ لخولان صنمٌ يُقَال لَهُ: عميانس يقسمون لَهُ من أنعامهم وحروثهم قسما بَينه وَبَين الله تَعَالَى بزعمهم فَمَا دخل فِي حق الله من حق عميانس ردُّوهُ عَلَيْهِ وَمَا دخل فِي حق الصَّنَم من حق الله الَّذِي سموهُ لَهُ تَرَكُوهُ لَهُ.
وَفِيهِمْ نزل فِيمَا بلغنَا: وَجعلُوا لله مِمَّا ذَرأ من الْحَرْث والأنعام نَصِيبا. الْآيَة.
وَكَانَ لبني الْحَارِث كعبةٌ بِنَجْرَان يعظمونها.
وَكَانَ أَبْرَهَة الأشرم بنى بَيْتا بِصَنْعَاء سَمَّاهَا الْقليس بِفَتْح الْقَاف وَكسر اللَّام وَضَبطه صَاحب الْقَامُوس بِضَم الْقَاف وَفتح اللَّام الْمُشَدّدَة بناها بالرخام وجيد الْخشب الْمَذْهَب وَكتب إِلَى ملك الْحَبَشَة: إِنِّي قد بنيت لَك كَنِيسَة لم يبن مثلهَا أحد وَلست تَارِكًا الْعَرَب حَتَّى أصرف
حجهم فَبلغ ذَلِك بعض نسأة الشُّهُور فَبعث رجلَيْنِ من قومه وَأَمرهمَا أَن يخرجَا حَتَّى يتغوطا فِيهَا.
ففعلا فَلَمَّا بلغه ذَلِك غضب وَخرج بالفيل والحبشة فَكَانَ من أمره مَا كَانَ.
قَالَ أَبُو الْمُنْذر: الْمَعْمُول من خشبٍ أَو ذهبٍ أَو فضَّة صُورَة إنسانٍ فَهُوَ صنم. وَإِذا كَانَ من حِجَارَة فَهُوَ وثن.
هَذَا ملخص مَا ذكره من الْأَصْنَام وَبَقِي عَلَيْهِ عوض وَتقدم شَرحه قبل هَذَا بِسِتَّة شَوَاهِد.)
(فتبدلوا اليعبوب بعد إلههم
…
صنماً فقروا يَا جديل وأعذبوا)
أَي: لَا تَأْكُلُوا على ذَلِك وَلَا تشْربُوا. وباجر بِالْمُوَحَّدَةِ وبالجيم قَالَ ابْن دُرَيْد: هُوَ صنمٌ كَانَ للأزد فِي الْجَاهِلِيَّة وَمن جاورهم من طَيئ وقضاعة كَانُوا يعبدونه. وَهُوَ بِفَتْح الْجِيم وَرُبمَا قَالُوا بِكَسْرِهَا.
وَأنْشد بعده: الطَّوِيل لِحَافِي لِحَاف الضَّيْف وَالْبرد برده على أَن أل فِي الْبرد عوضٌ عَن الضَّمِير الْمُضَاف إِلَيْهِ وَالتَّقْدِير: وبردي برده.
وَلم يلهني عَنهُ غزالٌ مقنع وَهُوَ من شعرٍ فِي الحماسة وَتقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالتسْعين بعد الْمِائَتَيْنِ.