الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويَا: حرف نِدَاء والمنادى مَحْذُوف ومرْحَبًا مصدر مَنْصُوب بعامل مَحْذُوف أَي: صَادف رحباً وسعة حذف تنوينه لنِيَّة الْوَقْف وَوصل بِهِ هَاء السكت ثمَّ عَن لَهُ الْوَصْل فوصل. وَالْبَاء مُتَعَلق بِهِ. وحمَار مُضَاف إِلَى نَاجِية.
وروى الْفراء فِي تَفْسِيره: ناهيه بدل ناجيه وَهُوَ اسْم شخص.
وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فِي الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
يَا رب يَا رباه إياك أسل على أَن الْهَاء فِي رباه للسكت وتضم وتكسر.
وَتقدم فِي بَاب الْمَنْدُوب أَنَّهَا تفتح أَيْضا عِنْد بَعضهم إِذا كَانَت بعد ألف كَمَا هُنَا. فَفِيهَا بعد الْألف ثَلَاث حركات.
وَذكر هُنَا أَنَّهَا تزاد فِي السعَة وصلا ووقفاً فِي آخر هنٍ وَإِخْوَته. وَهِي فِي
نَحْو هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فِي حَال الضَّرُورَة وَهَذَا قَول الْكُوفِيّين وَبَعض الْبَصرِيين. وَقدم فِي بَاب الْمَنْدُوب أَن الْكُوفِيّين يثبتونها وَقفا ووصلاً فِي الشّعْر وَغَيره. فَفِي كلاميه تدافع.
قَالَ الْفراء فِي تَفْسِيره من سُورَة الزمر عِنْد قَوْله تَعَالَى: يَا حسرتا: يَا ويلتا مضافٌ إِلَى الْمُتَكَلّم. تحول الْعَرَب الْيَاء إِلَى الْألف فِي كل كَلَام كَانَ مَعْنَاهُ الاستغاثة: يخرج على لفظ الدُّعَاء.
وَرُبمَا أدخلت الْعَرَب الْهَاء بعد الْألف الَّتِي فِي حسرتا فيخفضونها مرّة ويرفعونها. أَنْشدني أَبُو فقعس بعض بني أَسد: الرجز
(يَا رب يَا رباه إياك أسل
…
عفراء يَا رباه من قبل الْأَجَل)
فخفض.
وأنشدني أَيْضا: الرجز
والخفض أَكثر فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا فِي قَوْلهم: يَا هَناه وَيَا هنتاه فالرفع فِي هَذَا أَكثر من الْخَفْض)
لِأَنَّهُ كثر فِي الْكَلَام فَكَأَنَّهُ حرفٌ واحدٌ مدعُو. انْتهى.
وَظَاهره على إِطْلَاقه لَا يخْتَص بضرورةٍ عِنْدهم وَأما عِنْد الْبَصرِيين فَلَا يجوز تحريكها وَلَا تلْحق وصلا فِي غير: يَا هَناه.
والبيتان الْمَذْكُورَان وَقعا بِلَا مناسبةٍ فِي أَوَائِل إصْلَاح الْمنطق ليعقوب بن السّكيت قَالَ شَارِح أبياته يُوسُف بن السيرافي: لم ينشد يَعْقُوب هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَلَا الأبيات الَّتِي بعدهمَا شَاهدا لشيءٍ تقدم وَإِنَّمَا أنْشد ذَلِك لِأَن الْهَاء تضم وتكسر وَهَذَا لَا يتَعَلَّق بِالْبَابِ.
وَهَذِه الْهَاء لَيست من الْكَلِمَة وَإِنَّمَا دخلت للْوَقْف ثمَّ احْتَاجَ إِلَى وَصلهَا الشَّاعِر فحركها بِالْكَسْرِ.
وَمن
ضم شبهها بهاء الضَّمِير وَهَذَا رديءٌ جدا. وعفراء: اسْم امْرَأَة سَأَلَ ربه أَن يرِيه إِيَّاهَا قبل أَجله وَيجمع بَينهمَا. انْتهى.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل: وَحقّ هَاء السكت أَن تكون سَاكِنة وتحريكها لحنٌ نَحْو مَا فِي إصْلَاح الْمنطق لِابْنِ السّكيت من قَوْله: يَا مرحباه بِحِمَار عفراء يَا مرحباه بِحِمَار ناجيه مِمَّا لَا معرج عَلَيْهِ للْقِيَاس وَاسْتِعْمَال الفصحاء. ومعذرة من قَالَ ذَلِك أَنه أجْرى الْوَصْل مجْرى الْوَقْف مَعَ تَشْبِيه هَاء الْوَقْف بهاء الضَّمِير.
قَالَ شَارِحه ابْن يعِيش: اعْلَم أَنه قد يُؤْتى بِهَذِهِ الْهَاء لبَيَان حُرُوف الْمَدّ واللين كَمَا يُؤْتى بهَا لبَيَان حُرُوف الْمَدّ واللين كَمَا يُؤْتى بهَا لبَيَان الحركات.
وَلَا تكون إِلَّا سَاكِنة لِأَنَّهَا موضوعةٌ للْوَقْف وَالْوَقْف إِنَّمَا يكون على السَّاكِن.
وتحريكها لحنٌ وخروجٌ عَن كرم الْعَرَب لِأَنَّهُ لَا يجوز ثبات هَذِه الْهَاء فِي الْوَصْل فَتحَرك بل إِذا وصلت استغنت عَنْهَا بِمَا بعْدهَا من الْكَلَام.
فَأَما قَوْله: يَا مرحباه بِحِمَار عفراء فَإِن الشّعْر لعروة بن حزَام العذري. وَقَول الآخر: يَا مرحباه بِحِمَار ناجيه)
فضرورة وَهُوَ رَدِيء فِي الْكَلَام. وَإِنَّمَا اضْطر الشَّاعِر حِين وصل إِلَى التحريك لِأَنَّهُ لَا يجْتَمع ساكنان فِي الْوَصْل على غير شَرط إِلَّا حرك. وَقد رويت بِضَم الْهَاء وَكسرهَا. فالكسر لالتقاء
(إِذا أَتَى قربته لما شَاءَ
…
من الشّعير والحشيش وَالْمَاء)
وَمَعْنَاهُ أَن عُرْوَة كَانَ يحب عفراء وفيهَا يَقُول:
(يَا رب يَا رباه إياك أسل
…
عفراء يَا رباه من قبل الْأَجَل)
فَإِن عفراء من الدُّنْيَا الأمل ثمَّ خرج فلقي حمارا عَلَيْهِ امرأةٌ فَقيل لَهُ: هَذَا حمَار عفراء فَقَالَ: يَا مرحباه بِحِمَار عفراء فَرَحَّبَ بحمارها لمحبته لَهَا وَأعد لَهُ الشّعير والحشيش وَالْمَاء.
وَنَظِير مَعْنَاهُ قَول الآخر: الوافر
(أحب لحبها السودَان حَتَّى
…
أحب لحبها سود الْكلاب)
انْتهى.
وَهَذَا من رجز أوردهُ أَبُو مُحَمَّد الْأسود الْأَعرَابِي فِي ضَالَّة الأديب وَلم ينْسبهُ إِلَى أحد وَهُوَ: الرجز
(إِلَيْك أَشْكُو عرق دهرٍ ذِي خبل
…
وعيلاً شعثاً صغَارًا كالحجل)
(وأمهم تهتف تستكسي الْحلَل
…
قد طَار عَنْهَا درعها مَا لم يخل)
…
(فَإِن عفراء من الدُّنْيَا أمل
…
لَو كلمت رُهْبَان ديرٍ فِي قلل)
لزحف الرهبان يمشي وزحل وَقد راجعت ديوَان عُرْوَة فَلم أجد هَذَا الرجز.
وَعُرْوَة تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد السَّادِس وَالتسْعين بعد الْمِائَة.
وَقَوله: عرق دهرٍ ذِي خبل الْعرق بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ: مصدر عرقت الْعظم من بَاب نصر إِذا أكلت مَا عَلَيْهِ من اللَّحْم. والخبل: الْفساد. والعيل بفتحيتين: لُغَة فِي الْعِيَال. وتهتف: تصوت. والْحلَل بِضَم فَفتح قَالَ الصَّاغَانِي: هِيَ برود الْيمن. والْحلَّة: إزارٌ ورداءٌ لَا تسمى حلَّة حَتَّى تكون ثَوْبَيْنِ. والدرْع بِالْكَسْرِ: ثوب الْمَرْأَة خَاصَّة.)
تَتِمَّة قد حقق الشَّارِح الْمُحَقق هُنَا أَن الْألف وَالْهَاء فِي يَا هَناه زائدتان بِدَلِيل أَنَّهُمَا تلحقان فروعه من التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث كَمَا نَقله عَن الْأَخْفَش فَيكون من الْمَحْذُوف اللَّام ووزنه فعاه.
وَقصد بِهَذَا الْبَيَان الوافي الرَّد على ابْن جني فِي زَعمه أَن الْهَاء لَام الْكَلِمَة وَأَن وَزنهَا فعال وشدد فِي زَعمه وَخطأ من عدهَا للسكت.
فَرد عَلَيْهِ الشَّارِح بِأَنَّهَا قد لحقت مَعَ الْألف آخر الْمثنى وَالْمَجْمُوع على حَده وَآخر الْمُؤَنَّث. وَلَو كَانَت لاماً لما جَازَ تَأْخِيرهَا. وَأجَاب على تَحْرِيك الْهَاء.
وَهَذِه عبارَة ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة فِي إِبْدَال الْهَاء من الْوَاو قَالَ: أبدلوها من حرف وَاحِد وَهُوَ قَول امْرِئ الْقَيْس: المتقارب
(وَقد رَابَنِي قَوْلهَا يَا هُنَا
…
هـ وَيحك ألحقت شرا بشر)
فالهاء الْأَخِيرَة فِي هَناه بدل من الْوَاو فِي: هنوك وهنوات وَكَانَ أَصله هناو فأبدلت الْوَاو هَاء قَالُوا: هَناه. هَكَذَا قَالَ أَصْحَابنَا.
وَلَو قَالَ قَائِل: إِن الْهَاء إِنَّمَا هِيَ بدل من الْألف المنقلبة عَن الْوَاو الْوَاقِعَة بعد ألف هَناه إِذْ أَصله هناو ثمَّ صَارَت هُنَا بِأَلفَيْنِ كَمَا أَن أصل عَطاء عطاو ثمَّ صَار بعد الْقلب عطاا فَلَمَّا صَار هناا الْتَقت أَلفَانِ كره اجْتِمَاع الساكنين فقلبت الْألف الْأَخِيرَة هَاء فَقَالُوا: هَناه كَمَا أبدل الْجَمِيع من ألف عطاا الثَّانِيَة همزَة لِئَلَّا يجْتَمع
همزتان لَكَانَ قولا قَوِيا ولكان أَيْضا أشبه من أَن يكون قلبت الْوَاو فِي أول أحوالها هَاء من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن من شريطة قلب الْوَاو ألفا أَن تقع طرفا بعد ألف زَائِدَة وَقد وَقعت هُنَا كَذَلِك.
وَالْآخر: أَن الْهَاء إِلَى الْألف أقرب مِنْهَا إِلَى الْوَاو بل هما فِي الطَّرفَيْنِ. أَلا ترى أَن أَبَا الْحسن ذهب إِلَى أَن الْهَاء مَعَ الْألف من مَوضِع وَاحِد لقرب مكانيهما. فَقلب الْألف إِذا هَاء أقرب من قلب الْوَاو هَاء.)
وَكتب إِلَيّ أَبُو عَليّ من حلب فِي جَوَاب شيءٍ سَأَلته عَنهُ فَقَالَ: وَقد ذهب أحد عُلَمَائِنَا إِلَى أَن الْهَاء من هَناه إِنَّمَا لحقت فِي الْوَقْف لخفاء الْألف كَمَا تلْحق بعد ألف الندبة ثمَّ إِنَّهَا شبهت بِالْهَاءِ الْأَصْلِيَّة فحركت.
وَلم يسم أَبُو عليٍّ هَذَا الْعَالم من هُوَ فَلَمَّا انحدرت إِلَيْهِ إِلَى مَدِينَة السَّلَام وقرأت عَلَيْهِ نَوَادِر أبي زيد نظرت وَإِذا أَبُو زيد هُوَ صَاحب هَذَا القَوْل.
وَهَذَا من أبي زيد غير مرضيٍّ عِنْد الْجَمَاعَة وَذَلِكَ أَن الْهَاء الَّتِي تلْحق لبَيَان الحركات وحروف اللين إِنَّمَا تلْحق فِي الْوَقْف فَإِذا صرت إِلَى الْوَصْل حذفتها الْبَتَّةَ فَلم تُوجد فِيهِ سَاكِنة متحركة.
وَقد استقصيت هَذَا الْفَصْل فِي كتابي فِي شعر المتنبي عِنْد قَوْله:
الْبَسِيط ودللت هُنَاكَ على ضعف قَول أبي زيد وَبَيت المتنبي جَمِيعًا. انْتهى.
وَقَالَ ابْن جهور فِي إِعْرَاب أَبْيَات الْجمل: وَاخْتلف فِي أَصْلهَا فَذهب قومٌ إِلَى أَن هَذِه الْهَاء أصل وَلَيْسَت بمبدلة وَأَنَّهَا مثل سنة وعضة الَّتِي لامها تَارَة هَاء وَتارَة حرف عِلّة.
وَهَذَا القَوْل ضعيفٌ من جِهَة أَن بَاب قلق وسلس قَلِيل.
وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الْألف وَالْهَاء زائدتان وعَلى هَذَا كثيرٌ من الْبَصرِيين والكوفيين بِدَلِيل قَوْلهم: هن وهنة وَأَن لَام الْكَلِمَة محذوفة. وعَلى هَذَا تَأتي مسَائِل التَّثْنِيَة وَالْجمع والمذكر والمؤنث. فالألف وَالْهَاء فِي كَونهمَا زائدتين نظيرتا الْألف وَالْهَاء فِي الندبة إِلَّا أَن هَذِه الْهَاء لَيست للسكت كَمَا ذهب إِلَيْهِ بَعضهم لتحركها وهاء السكت لَا تتحرك.
وَمن جعلهَا هَاء سكت قَالَ: زيدت الْألف لبعد الصَّوْت وزيدت الْهَاء للْوَقْف ثمَّ كثر فِي كَلَامهم حَتَّى صَارَت الْهَاء كَأَنَّهَا أَصْلِيَّة تحركت.
فَإِذا ثنيته على هَذَا قلت: يَا هنانيه أَقبلَا. فالألف وَالنُّون للتثنية وَالْيَاء الَّتِي بعد النُّون هِيَ الْألف الَّتِي كَانَت فِي هَناه فَانْقَلَبت يَاء لانكسار مَا قبلهَا وَهُوَ نون التَّثْنِيَة وانكسرت الْهَاء بعد أَن كَانَت مَضْمُومَة لمجاورتها الْيَاء. وَتقول فِي الْجمع: يَا هنوناه أَقبلُوا الْوَاو وَالنُّون للْجمع وَالْألف وَإِنَّمَا جَازَ أَن يجمع هَذَا بِالْوَاو وَالنُّون من قبل أَن هَذِه الْكَلِمَة قد تطرق عَلَيْهَا التَّغْيِير بِحَذْف لامها فَصَارَت الْوَاو وَالنُّون كالعوض من لَام الْكَلِمَة على حد قَوْلهم: سنُون.
وَتقول فِي الْمُؤَنَّث: يَا هنتاه أقبلي وَفِي التَّثْنِيَة: يَا هنتانيه أَقبلَا وَفِي الْجمع: