الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَوله: مؤللتان صفة صادقتا أَي: محددتان كتحديد الألة بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد اللَّام وَهِي الحربة. وَيُرِيد أَن أذنيها كالحربة فِي الانتصاب. والْعتْق: الْكَرم والنجابة. أَي: أَنْت تتبين الْكَرم فيهمَا إِذا نظرت إِلَيْهِمَا لتحديدهما وَقلة وبرهما.
قَالَ الْخَطِيب التبريزي: الْعتْق هُنَا فِي الْأُذُنَيْنِ: أَن لَا يكون فِي داخلهما وبر فَهُوَ أَجود لسمعهما.
والسامعتان: الأذنان.
قَالَ شرَّاح الْمُعَلقَة: الشَّاة هُنَا: الثور الوحشي وَلِهَذَا قَالَ: مُفْرد بِلَا هاءٍ. وحومل: اسْم رَملَة لَا ينْصَرف.
وَشبه أُذُنِي نَاقَته بأذني ثَوْر وَحشِي لتحديدهما وَصدق سمعهما. وَأذن الوحشي أصدق من عينه. وَجعله مُفردا لِأَنَّهُ أَشد توجساً وحذراً إِذْ لَيْسَ مَعَه وحشٌ يلهيه ويشغله فانفراده أَشد لسمعه وارتياعه.
وترجمة طرفَة بن العَبْد تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخمسين بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده: المتقارب
(فَلَا مزنةٌ ودقت ودقها
…
وَلَا أَرض أبقل إبقالها)
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
الطَّوِيل
(حَلَفت بهديٍ مشعرٍ بكراته
…
يخب بصحراء الغبيط درادقه)
على أَن تَأْنِيث نَحْو الزينبات مجازي لَا يجب لَهُ تَأْنِيث الْمسند بِدَلِيل الْبَيْت فَإِن البكرات كالزينبات وَلم يؤنث لَهُ الْمسند وَهُوَ مشْعر.
وَهَذَا ظَاهر.
وَقد خطأ الْمبرد فِي كتاب الرَّوْضَة قَول أبي نواس: المديد
(كمن الشنآن مِنْهُ لنا
…
ككمون النَّار فِي حجره)
وَقَالَ: كَانَ يجب أَن يَقُول فِي حجرها لِأَن النَّار مُؤَنّثَة. وَأَجَابُوا عَنهُ بِأَن أَبَا نواس أَرَادَ: ككمون النَّار فِي حجر الكمون.
وَالْبَيْت من قصيدة لعارق الطَّائِي عدتهَا فِي رِوَايَة أبي تَمام فِي الحماسة أحد عشر بَيْتا وَفِي رِوَايَة الأعلم: فِي حماسته أَرْبَعَة عشر بَيْتا.
(لَئِن لم تغير بعض مَا قد صَنَعْتُم
…
لأنتحين للعظم ذُو أَنا عارقه)
وَبِهَذَا الْبَيْت سمي عارقاً واسْمه قيس كَمَا يَأْتِي.
خَاطب بهَا عَمْرو بن هِنْد ملك الْحيرَة وَقيل: أَخَاهُ الْمُنْذر بن الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء. كَانَ أَحدهمَا بعث جَيْشًا للغزو فَلم يُصِيبُوا أحدا وأخفقوا فَمروا بحيٍّ من طيىءٍ فِي حمى الْملك فاستاقهم وَكَانَ قد أرعاهم الْحمى وَكتب لَهُم بذلك
عهدا فَلَمَّا قدمُوا بهم إِلَى الْملك شاور فيهم زُرَارَة بن عدس الدَّارمِيّ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بقتل الْمُقَاتلَة مِنْهُم واستعباد ذَرَارِيهمْ فَقَامَ رجلٌ مِنْهُم وَقَالَ: هَذَا كتابك لنا. فَأجرى عَلَيْهِم الْملك رزقا فارتجل عارق هَذَا الشّعْر فَلَمَّا سَمعه الْملك أحسن إِلَيْهِم وخلى سبيلهم.
وَقَوله: حَلَفت بهديٍ إِلَخ الْهَدْي: مَا يهدى إِلَى الْحرم من النعم. يُقَال: أهديت الْهَدْي إِلَى الْحرم أَي: سقته إِلَيْهِ. ومشْعر: اسْم مفعول
من الْإِشْعَار وَهُوَ أَن يطعن فِي السنام فيسيل الدَّم عَلَيْهِ فيستدل بذلك على كَونه هَديا. وَجعل الْهَدْي دَالا على الْجِنْس. وَمَا بعده صفته وَهُوَ مشعرٍ وبكراته مَرْفُوع بمشعر وَهُوَ جمع بكرَة وَهِي الشَّابَّة من الْإِبِل.)
وخب يخب خبباً كَطَلَب يطْلب طلبا. والخبب: ضربٌ من الْعَدو وَهُوَ خطو فسيح. وَالْبَاء والغبيط بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر الْمُوَحدَة: موضعٌ قريب من فلج فِي طَرِيق الْبَصْرَة إِلَى مَكَّة. والدرادق: جمع دردق كجعفر وَهُوَ صغَار الْإِبِل. وَالضَّمِير فِي بكراته ودرادقه للهدي.
وَقَوله: لَئِن لم تغير إِلَخ هَذِه اللَّام هِيَ اللَّام الموطئة وطأت الْجَواب الْآتِي للقسم الَّذِي قبل الشَّرْط سَوَاء كَانَ الْقسم قبلهَا مَوْجُودا كَمَا هُنَا أَو غير مَوْجُود كَقَوْلِه تَعَالَى: لَئِن أخرجُوا لَا يخرجُون. وَلَا يجوز أَن تكون هَذِه اللَّام لَام جَوَاب الْقسم بِأَن يكون الْجَواب للشّرط ومجموع الشَّرْط وَجَوَابه جَوَاب الْقسم إِذْ لَو كَانَت كَذَلِك لجَاز جزم الْفِعْل فِي قَوْلك: لَئِن أكرمتني أكرمك بِالْجَزْمِ والتالي بَاطِل والمقدم مثله.
وَقد أجمع النُّحَاة على أَن الْفِعْل الثَّانِي وَاجِب الرّفْع. فَإِن قلت: فَمَا جَوَاب الشَّرْط قلت: مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ جَوَاب الْقسم. وتغير بِالْخِطَابِ.
وَرُوِيَ: بالغيبة على الْبناء للْمَفْعُول وَرفع بعض.
وَقَوله: لأنتحين اللَّام لَام جَوَاب الْقسم وأنتحين مُؤَكد بالنُّون الْخَفِيفَة جَوَاب للقسم فِي الْبَيْت قبله وَهُوَ حَلَفت. والانتحاء للشَّيْء: التَّعَرُّض لَهُ والاعتماد والميل.
وروى: لأنتحين الْعظم بنُون التوكيد الثَّقِيلَة وبلام
التَّعْرِيف بعْدهَا. وَذُو صفة للعظم وَهُوَ فِي لُغَة طيىء بِمَعْنى الَّذِي. وَجُمْلَة: أَنا عارقه صلته. وعارق: اسْم فَاعل من عرقت الْعظم عرقاً من بَاب قتل: أكلت مَا عَلَيْهِ من اللَّحْم. جعل شكواه كالعرق وَجعل مَا بعده إِن لم يُغير مَا صنعه تَأْثِيرا فِي الْعظم.
يَقُول: حَلَفت أَيهَا الْملك بقرابين الْحرم وَقد أعلمت بكراتها بعلامة الإهداء يخب بصحراء ذَلِك الْموضع صغارها إِن لم تعير بعض مَا صَنعته وَلم تتدارك مَا فاتنا من عدلك لأميلن على كسر الْعظم الَّذِي أخذت مَا عَلَيْهِ من اللَّحْم.
جعل شكواه وتقبيحه لما أَتَاهُ كالعرق وَجعل مَا بعده إِن لم يُغير تَأْثِيرا فِي الْعظم نَفسه. وَقد أحسن فِي التوعد وَفِي الْكِنَايَة عَن فعله وَعَما يهم بِهِ بعده. وَمَعْنَاهُ: أكسر عظمكم بعد هَذَا التهديد إِن لم ترجعوا عَن هَذَا الظُّلم. وعارقٌ اسْمه قيس بن جروة بن سيف بن وائلة بن عَمْرو بن مَالك بن أَمَان وَيُقَال لأولاده: الأجئيون لإقامتهم بأجأ وَهُوَ أحد جبلي طيىء. وأمان هُوَ ابْن ربيعَة بن جَرْوَل بن ثعل)
الطَّائِي. كَذَا فِي جمهرة الْأَنْسَاب. وَيُقَال لَهُ: الأجئي لما ذكرنَا. وَهُوَ شاعرٌ جاهلي أورد أَبُو تَمام من شعره فِي عدَّة مَوَاضِع من الحماسة.
وَأنْشد بعده الْبَسِيط
(لَو كنت من مازنٍ لم تستبح إبلي
…
بَنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا)
على أَن بنُون لتغير مفرده فِي الْجمع أشبه جمع الْمُسكر فَجَاز تَأْنِيث الْفِعْل الْمسند إِلَيْهِ كَمَا يجوز فِي الْأَبْنَاء الَّذِي هُوَ جمع مكسر كَمَا أسْند فِي الْبَيْت لم تستبح بتاء التَّأْنِيث فِي أَوله إِلَى بَنو.
وَهَذَا ظَاهر.
وَالْبَيْت أول أبياتٍ ثَمَانِيَة هِيَ أول الحماسة لقريط بن أنيف الْعَنْبَري وَبعده:
(إِذن لقام بنصري معشرٌ خشنٌ
…
عِنْد الحفيظة إِن ذُو لوثةٍ لانا)
(قومٌ إِذا الشَّرّ أبدى ناجذيه لَهُم
…
طاروا إِلَيْهِ زرافاتٍ ووحدانا)
(لَا يسْأَلُون أَخَاهُم حِين يندبهم
…
فِي النائبات على مَا قَالَ برهانا)
(لَكِن قومِي وَإِن كَانُوا ذَوي عددٍ
…
لَيْسُوا من الشَّرّ فِي شيءٍ وَإِن هانا)
(يجزون من ظلم أهل الظُّلم مغْفرَة
…
وَمن إساءة أهل السوء إحسانا)
(كَأَن رَبك لم يخلق لخشيته
…
سواهُم من جَمِيع النَّاس إنْسَانا)
(فليت لي بهم قوما إِذا ركبُوا
…
شنوا الإغارة فُرْسَانًا وركبانا)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أغار ناسٌ من بني شَيبَان على رجل من بني العنبر يُقَال لَهُ: قريط بن أنيف فَأخذُوا لَهُ ثَلَاثِينَ بَعِيرًا فاستنجد قومه فَلم ينجدوه فَأتى مَازِن تَمِيم فَركب مَعَه نفرٌ فأطردوا لبني شَيبَان مائَة بعير فدفعوها إِلَيْهِ فَقَالَ هَذِه الأبيات. انْتهى.
ومَازِن: هُنَا هُوَ ابْن مَالك بن عَمْرو بن تَمِيم أخي العنبر بن عَمْرو بن تَمِيم. وَإِذا كَانَ كَذَلِك فمدح هَذَا الشَّاعِر لَهُم يجْرِي مجْرى الافتخار بهم.
قَالَ المرزوقي: قصد الشَّاعِر فِي هَذِه الأبيات إِلَى بعث قومه على الانتقام لَهُ من أعدائه لَا إِلَى ذمهم. وَكَيف يذمهم ووبال الذَّم راجعٌ إِلَيْهِ
لكنه سلك طَريقَة كَبْشَة أُخْت عَمْرو بن معديكرب فِي قَوْلهَا: الطَّوِيل)
ودع عَنْك عمرا إِن عمرا مسالمٌ وَهل بطن عمرٍ وغير شبرٍ لمطعم فَإِنَّهَا لَا تهجو أخاها وعمرٌ وهُوَ الَّذِي كَانَ يعد بِأَلف فَارس وَلَكِن مرادها تهييجه. والاستباحة: الْإِبَاحَة. وَقيل الْإِبَاحَة: التَّخْلِيَة بَين الشَّيْء وَبَين طَالبه والاستباحة: اتِّخَاذ الشَّيْء مُبَاحا. وَالْأَصْل فِي الْإِبَاحَة إِظْهَار الشَّيْء للنَّاظِر ليتناوله من شَاءَ وَمِنْه: باح بسره. واللقيطة إِنَّمَا ألحق بهَا الْهَاء وَإِن كَانَت فعيلاً بِمَعْنى مفعول لِأَنَّهَا جعلت اسْما وَلم تتبع مَوْصُوفا كالذبيحة.
كَذَا فِي شُرُوح الحماسة. وَلَا مُنَاسبَة للقيطة هُنَا لِأَنَّهَا فزارية لَا اتِّصَال لَهَا بذهل بن شَيبَان.
وَالصَّوَاب: بَنو الشقيفة كَمَا يَأْتِي.
وَأول من شرح على اللقيطة واتبعوه: أَبُو عبد الله النمري أول من شرح الحماسة. قَالَ: اللقيطة نبزٌ نبزهم الشَّاعِر بِهِ وَلَيْسَ بنسبٍ لَهُم جعل أمّهم ملقوطة وأخرجها مخرج النطيحة والرمية.
هَذَا كَلَامه.
ورد عَلَيْهِ الْأسود أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي فِيمَا كتبه على ذَلِك الشَّرْح
قَالَ: هَذَا مَوضِع الْمثل: أول الدن درديٌّ.
هَذَا أول بَيت من الحماسة جهل جِهَة الصَّوَاب فِي صِحَة مَتنه واستواء نظامه فاشتغل بِوَزْن اللقيطة وَذكر النطيحة. وَالصَّوَاب إِن شَاءَ الله مَا أنشدناه أَبُو الندى وَذكر أَنه لقريط بن أنيف الْعَنْبَري:
(لَو كنت من مازنٍ لم تستبح إبلي
…
بَنو الشقيفة من ذهل بن شيبانا)
قَالَ: الشقيفة هِيَ بنت عباد بن زيد بن عَوْف بن ذهل بن شَيبَان. وَهِي أم سيار وسمير وَعبد الله وَعَمْرو أَوْلَاد سعد بن همام بن مرّة بن ذهل بن شَيبَان. وهم سيارةٌ مَرَدَة لَيْسَ يأْتونَ على شيءٍ إِلَّا أفسدوه.
قَالَ: وَأما اللقيطة وَلَيْسَ هَذَا موضعهَا فَهِيَ أم حصن بن حُذَيْفَة وَإِخْوَته وهم خَمْسَة وَاسْمهَا نضيرة بنت عصيم بن مَرْوَان بن وهب بن بغيض بن مَالك بن سعد بن عدي بن فَزَارَة.
وَإِنَّمَا ألحق بهَا هَذَا الِاسْم لِأَن أَبَاهَا لم يكن لَهُ ولد غَيرهَا وَالْعرب ذَاك الدَّهْر تئد الْجَوَارِي فَلَمَّا رَآهَا انتشرت نَفسه عَلَيْهَا ورق لَهَا وَقَالَ لأمها: استرضعيها وأخفيها من النَّاس.
فَكَانَ أول من فطن لَهَا حمل بن بدر فَقَالَ لِأَخِيهِ حُذَيْفَة وَتَحْته العذرية لَيْسَ لَهُ ولدٌ إِلَّا مِنْهَا)
وَهُوَ مسْهر وَبِه كَانَ يكتنى: مَالك لَا تتَزَوَّج وَتجمع النِّسَاء نرْزق مِنْك عضداً قَالَ: وَمن لي بِالنسَاء الَّتِي تشبهني وتلائمني قد علمت مَا لقِيت من العذرية وطلبها قَالَ: قد التقطت لَك امْرَأَة ترضاها وتشبهك. قَالَ: من هِيَ قَالَ: بنتٌ لعصيم بن مَرْوَان بن وهب.
قَالَ: وَإِن لَهُ لبنتاً قَالَ: نعم. قَالَ: فَإِنِّي لم أسمع بهَا. قَالَ: كَانَت مخفاة وَقد خبرت خَبَرهَا.
قَالَ: فَأَنت رَسُولي إِلَى عصيم فِيهَا. قَالَ: فَأَتَاهُ فَزَوجهُ إِيَّاهَا.
وَبِهَذَا سميت اللقيطة. وَهِي أم حصن وَمَالك وَمُعَاوِيَة وَورد وَشريك بني حُذَيْفَة.
وإياهم عَنى زبان بن سيارٍ بقوله: الْكَامِل
(أعددتها لبني اللقيطة فَوْقهَا
…
رمحٌ وسيفٌ صارم وشليل)
انْتهى كَلَام الْأسود.
وَمَا أوردهُ فِي تَسْمِيَة اللقيطة خلاف مَا قَالَه السكرِي فِي شرح ديوَان حسان بن
ثَابت قَالَ: اللقيطة: أم حصن بن حُذَيْفَة كَانَت سَقَطت مِنْهُم فِي نجعة وَهِي صَغِيرَة فَأخذت فسميت اللقيطة.
وَكَذَا قَالَ ياقوت فِي أَنْسَاب الْعَرَب قَالَ: وحصن بن حُذَيْفَة هُوَ ابْن اللقيطة لِأَن قَومهَا انتجعوا فَسَقَطت وَهِي طِفْل فالتقطها قومٌ فردوها عَلَيْهِم. انْتهى. وَالله أعلم.
وَقَوله: إِذن لقام بنصري إِلَخ يَأْتِي إِن شَاءَ الله الْكَلَام على إِعْرَاب هَذَا الْبَيْت فِي إِذن من نواصب الْفِعْل. وَقَامَ بِالْأَمر: تكفل بِهِ. وخشن بِضَمَّتَيْنِ: جمع خشن وَقيل: جمع أخشن وضمة الشين للإتباع. والحفيظة: الْغَضَب فِي الشَّيْء الَّذِي يجب عَلَيْك حفظه. واللوثة بِضَم اللَّام: الضعْف وَهِي الرِّوَايَة الصَّحِيحَة وبالفتح: الْقُوَّة والشدة. وَالْأول أَسد لِأَن مُرَاده التَّعْرِيض بقَوْمه ليغضبوا أَو يهتاجوا لنصرته.
وَقَوله: قوم إِذا الشَّرّ إِلَخ الناجذ بِالْجِيم والذال الْمُعْجَمَة: ضرس الْحلم زَائِد. والناجذ: مثل لاشتداد الشَّرّ كَمَا يُقَال: كشر الْحَرْب عَن
نابه كَذَا فِي شرح الطبرسي.
وَقَالَ غَيره: الناجذ: أقْصَى الأضراس كنى بإبدائه عَن كشف الْحَال وَرفع المجاملة. وَاسْتِعْمَال وطاروا: أَسْرعُوا إِلَى دَفعه وَلم يتثاقلوا والزرافة بِفَتْح الزَّاي قَالَ ابْن جني فِي إِعْرَاب الحماسة: مَعْنَاهَا الْجَمَاعَة سميت بذلك للزِّيَادَة الَّتِي فِي الِاجْتِمَاع والتضام. وَمِنْه التزريف)
للزِّيَادَة فِي الحَدِيث يُقَال: زرف فِي كَلَامه أَي: زَاد فِيهِ. وَمِنْه الزرافة لطول عُنُقهَا وزيادته على الْمُعْتَاد المألوف فِيمَا قده قدها. ووحدان: جمع وَاحِد كصاحب وصحبان بِمَعْنى منفردين.
وَقَوله: لَا يسْأَلُون أَخَاهُم إِلَخ قَالَ ابْن جني: لَيْسَ يندبهم هُنَا من الندبة الَّتِي هِيَ التفجع وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنى الاشتغاثة. غير أَن أَصلهمَا وَاحِد وَهُوَ مَا اجْتمعَا فِيهِ من معنى الْخُصُوص والعناية. والْبُرْهَان: الدَّلِيل فعلالٌ لَا فعلان لقَولهم: برهنت عَلَيْهِ أَي: أَقمت الدَّلِيل. وأخو الْقَوْم: الْوَاحِد مِنْهُم. وَاسْتشْهدَ بِهِ صَاحب الْكَشَّاف عِنْد قَوْله تَعَالَى: إِذْ قَالَ لَهُم أخوهم نوحٌ أَلا تَتَّقُون على أَن الْأَخ يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْوَاحِد من الْقَوْم كَمَا فِي الْبَيْت. وَفِي الْبَيْت تعريضٌ بقَوْمه.
وَقَوله: لَكِن قومِي إِلَخ يَعْنِي إِن قومِي وَإِن كَانَ فيهم كَثْرَة عدد
وعدةٍ لَيْسُوا من فع الشَّرّ فِي شَيْء وَإِن كَانَ فِيهِ خفَّة وَقلة. وَفِيه مطابقةٌ حَيْثُ قَابل الشَّرْط بِالشّرطِ فِي الصَّدْر وَالْعجز وَالْعدَد وَالْكَثْرَة بالهون والخفة. وَيُرِيد أَنهم يؤثرون السَّلامَة مَا أمكن وَلَو أَرَادوا الانتقام لقدروا بعددهم.
وَقَوله: يجزون من ظلم هَذَا الْبَيْت وَمَا بعده اسْتشْهد بهما أهل البديع على النَّوْع الْمُسَمّى: إِخْرَاج الذَّم مخرج الْمَدْح. وَنبهَ بالبيتين على أَن احتمالهم إِنَّمَا هُوَ لاحتساب الْأجر على زعمهم فَكَأَن الله لم يخلق لخوفه غَيرهم. وَقَوله: سواهُم اسْتثِْنَاء مقدم من إِنْسَان.
وَقَوله: فليت لي بهم أوردهُ ابْن هِشَام فِي حرف الْبَاء من الْمُغنِي على أَن الْبَاء فِي بهم للبدلية.
وَقَالَ ابْن جني: لَيست الإغارة هُنَا مَفْعُولا بِهِ بل هِيَ منتصبة على الْمَفْعُول لأَجله أَي: شدوا للإغارة فُرْسَانًا وركباناً أَي: فِي هَذِه الْحَال. وقريط بن أنيف بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء. وأنيف بِضَم الْهمزَة وَفتح النُّون. وَهُوَ شَاعِر إسلامي. قَالَه الْخَطِيب التبريزي فِي الحماسة.
وَقد تتبعت كتب الشُّعَرَاء وتراجمهم فَلم أظفر لَهُ بترجمة.
وَأنْشد بعده: الطَّوِيل بحوران يعصرن السليط أَقَاربه وَتقدم شَرحه مفصلا فِي الشَّاهِد السَّادِس وَالسبْعين بعد الثلثمائة.