المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الثامن والثلاثون بعد الخمسمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٧

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(النكرَة والمعرفة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(بَاب الْعلم)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(أَسمَاء الْعدَد)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الْمُذكر والمؤنث)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(بَاب الْمثنى)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السبعون بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

الفصل: ‌(الشاهد الثامن والثلاثون بعد الخمسمائة)

وَأنْشد بعده

3 -

(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

وَهُوَ من شَوَاهِد الْمفصل:

بوحشٍ إصمت هُوَ قِطْعَة من بيتٍ لِلرَّاعِي وَهُوَ: الْبَسِيط

(أشلى سلوقيةً باتت وَبَات بهَا

بوحشٍ إصمت فِي أصلابها أود)

على أَنه إِذا سمي بِفعل فِيهِ همزَة وصل قطعت ك إصمت بِكَسْر الْهمزَة وَالْمِيم.

وَتقدم عَن الشَّارِح الْمُحَقق أَنه مَنْقُول من فعل أَمر لبرية مُعينَة. وَقيل: هُوَ علم الْجِنْس لكل مكانٍ قفر تَقول: لَقيته بوحش إصمت وببلد إصمت. والْوَحْش: الْمَكَان الْخَالِي. وَكسر مِيم إصمت والمسموع فِي الْأَمر الضَّم لِأَن الْأَعْلَام كثيرا مَا تغير عِنْد النَّقْل تبعا لنقل مَعَانِيهَا كَمَا قيل فِي شمس بن مَالك بِضَم الشين. انْتهى.

وَقَوله:: وَكسر مِيم إصمت إِلَخ جَوَاب عَن سُؤال مُقَدّر وَهُوَ أَنه لَو كَانَ مَنْقُولًا من فعل الْأَمر لكَانَتْ الْهمزَة وَالْمِيم مضموتين لِأَنَّهُ يُقَال: صمت يصمت صمتا من بَاب نصر وصموتاً وصمتاً وَمثله للأندلسي فِي شرح الْمفصل قَالَ: الْمَشْهُور فِي مضارع

ص: 324

صمت: يصمت بِالضَّمِّ فإمَّا أَن يكون الْكسر لُغَة فِيهِ لم ينْقل وَإِمَّا أَن يكون مِمَّا غير فِي التَّسْمِيَة كَمَا قَالُوا: شمس بن مَالك بِالضَّمِّ فغيروا لفظ الشَّمْس.

وَإِمَّا أَن يكون مرتجلاً وَافق لفظ الْأَمر الَّذِي بِمَعْنى اسْكُتْ فَلَا يكون من هَذَا الْفَصْل. انْتهى.

وَكَذَا قَالَ ابْن يعِيش فِي شرح الْمفصل.

وَأجَاب ابْن الْحَاجِب فِي أَمَالِيهِ على الْمفصل بِغَيْر هَذَا قَالَ: وَقد أَخذ على صَاحب الْمفصل باستشهاده فَإِن الْعَرَب تَقول: صمت يصمت فَالْأَمْر فِيهِ بِالضَّمِّ فَكيف جَاءَ إصمت وَجَوَابه أَن يُقَال: إِن فعل يَأْتِي على يفعل وَيفْعل.

وَمِنْهُم من يَقُول: إِن سمع للْفِعْل مضارع اتبع وَإِلَّا فَأَنت فِيهِ مُخَيّر إِن شِئْت قلت: يفعل أَو يفعل.

وَمِنْهُم من يَقُول: إِن كثر اسْتِعْمَال الْمُضَارع اتبع وَإِلَّا كنت فِيهِ بِالْخِيَارِ. انْتهى.

وَقَالَ فِي شرح الْمفصل: واستشهاده بِالْبَيْتِ مُسْتَقِيم على وَجْهَيْن: أَن يثبت أَن فعل يَجِيء على يفعل وَيفْعل. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن يثبت صمت يصمت وَلَا يَسْتَقِيم على غير ذَلِك. وقول بَعضهم:)

ص: 325

وإصمت علم للفلاة القفر سميت بذلك لِأَنَّهُ لَا أنيس بهَا فينطقوا أَو لِأَنَّهَا لشدتها تصمت سالكها. وَالدَّلِيل تشتبه عَلَيْهِ طرقها فَلَا يتَكَلَّم لِأَنَّهُ لَا يَتَّضِح لَهُ الْهدى فِيهَا. ومانعها من الصّرْف التَّعْرِيف وَوزن الْفِعْل لِأَنَّهُ بزنة اضْرِب وَهِي مجرورة الْموضع بِإِضَافَة وَحش إِلَيْهَا.

وَقيل: اسْم بَلْدَة بِعَينهَا. ويروى: ببلدة إصمت. وَيُقَال: تَرَكتنِي ببلدة إصمتة وبلد إصمت. يضْرب للرجل الَّذِي لَا نَاصِر لَهُ وَلَا مَانع. انْتهى.

وَلم يُورد أَبُو عبيد الْبكْرِيّ هَذِه الْكَلِمَة فِي مُعْجم مَا استعجم وأوردها ياقوت فِي مُعْجم الْبلدَانِ وَقَالَ: إصمت بِالْكَسْرِ وَكسر الْمِيم وتاء مثناة: اسْم)

علم لبرية بِعَينهَا. قَالَ الرَّاعِي: أشلى سلوقيةً باتت وَبَات بهَا إلخوقال بَعضهم: الْعلم هُوَ وَحش إصمت الكلمتان مَعًا. وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: لَقيته بوحش إصمت وببلدة إصمت أَي: بمَكَان قفر.

ص: 327

وإصمت مَنْقُول من فعل الْأَمر مُجَرّد عَن الضَّمِير وَقطعت همزته ليجري على غَالب الْأَسْمَاء. وَهَكَذَا جَمِيع مَا يُسمى بِهِ من فعل الْأَمر. وَكسر الْهمزَة فِي إصمت إِمَّا لُغَة لم تبلغنَا وَإِمَّا أَن يكون غير فِي التَّسْمِيَة بِهِ عَن أصمت بِالضَّمِّ الَّذِي هُوَ مَنْقُول فِي مضارع هَذَا الْفِعْل وَإِمَّا أَن يكون مُجَردا مرتجلاً وَافق لفظ الْأَمر الَّذِي بِمَعْنى اسْكُتْ. وَرُبمَا كَانَ تَسْمِيَة هَذِه الصَّحرَاء بِهَذَا الْفِعْل للغلبة لِكَثْرَة مَا يَقُول الرجل لصَاحبه إِذا سلكها: اصمت لِئَلَّا تسمع فتهلك لشدَّة الْخَوْف بهَا. انْتهى. فَهَذِهِ عدَّة توجيهات لكسر الْهمزَة وَالْمِيم ولتسمية الفلاة بِهِ. وإصمته غير منصرف أَيْضا لَكِن للعلمية والتأنيث. وَالْقَوْل بِأَن إصمت مرتجل لَا مَنْقُول أسلم وأسهل وَحِينَئِذٍ لَا يحْتَاج إِلَى تَوْجِيه كسر الْمِيم وَيكون منع الصّرْف للعلمية والتأنيث الْمَعْنَوِيّ وَفِي إصمتة التَّأْنِيث اللَّفْظِيّ على طَريقَة وَاحِدَة.

وَالْعجب من ابْن يعِيش فَإِنَّهُ وَجه منع الصّرْف فِي إصمت بِمَا ذكرنَا مَعَ القَوْل بِالنَّقْلِ. وَكَونه علم جنس أظهر من كَونه علم شخص لبقعةٍ مُعينَة كَمَا هُوَ ظاهرٌ من استعمالهم: وَالصَّحِيح أَن الْعلم إِنَّمَا هُوَ إصمت وإصمتة لَا مَجْمُوع وَحش إصمت ووحش إصمتة بِدَلِيل أَنه يُقَال: بلد إصمت وصحراء إصمت وَغير ذَلِك وَلم يقل أحد بعملية الْمَجْمُوع فِيهِ وَمَا يُضَاف

ص: 328

إِلَيْهِمَا من وَحش وبلد وبلدة وصحراء أَيْضا كَمَا نَقله صَاحب الْقَامُوس إِضَافَته للتخصيص.

وَقد يجمع إصمت على إصمتين شذوذاً كَأَنَّهُمْ سموا كل قطعةٍ مِنْهَا بإصمت إِن كَانَ إصمت علم قفرٍ بِعَيْنِه. وَإِن كَانَ علم جنس فَوَاضِح. وَقد رَأَيْته فِي شعر أُميَّة ابْن أبي الصَّلْت قَالَ من

(وترذى الناب والجمعاء فِيهِ

بوحش الإصمتين لَهُ ذُبَاب)

قَالَ شَارِح ديوانه: ترذى من الرذية أَي: تتْرك وَقد أرذيت فَهِيَ مراذة. والناب: النَّاقة المسنة. والجمعاء: الذاهبة الْأَسْنَان. والإصمتين: مكانٌ لَيْسَ فِيهِ أحد.

وَهُوَ مثلٌ للْعَرَب يُقَال: تركت فلَانا بوحش الإصمتين. وَله ذبابٌ ذُبَاب الْحمار. انْتهى.

وَاعْلَم أَن ابْن المستوفي اسْتشْكل كَون إصمت مَنْقُولًا من الْفِعْل دون ضَمِيره وَقَالَ: قَول النُّحَاة إِن إصمت مَنْقُول من فعل الْأَمر مُجَردا من الضَّمِير فِيهِ نظر لِأَنَّهُ جمعٌ بَين نقيضين وَذَلِكَ أَنهم إِنَّمَا سموا بِهِ بعد الْأَمر للمواجهة فَلَا بُد من الضَّمِير فِيهِ.)

وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ من بَاب الْمُسَمّى بِالْجُمْلَةِ المركبة من الْفِعْل وَالْفَاعِل. اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَكُونُوا نزعوه بعد التَّسْمِيَة تحكماً مِنْهُم. انْتهى.

أَقُول: لَا يرد مَا ذكره فَإِنَّهُم قَالُوا: إِذا سمي بِفعل فَإِن لم يعْتَبر ضَمِيره الْفَاعِل فَهُوَ مُفْرد لَا ينْصَرف وَإِن اعْتبر ضَمِيره فَهُوَ جملَة محكية

ص: 329

سَوَاء كَانَ الضَّمِير مِمَّا يجب استتاره أم لَا بِدَلِيل أَحْمد الْمَنْقُول من الْمُضَارع الْمُتَكَلّم وتغلب الْمَنْقُول من الْمُضَارع للمخاطب فَالضَّمِير أَمر اعتباري يجوز أَن يُلَاحظ وَيعْتَبر وَيجوز عَدمه وَلَا ينظر إِلَى مَكَان تجريده من الْفِعْل حِين التَّسْمِيَة.

وَاسْتشْكل أَيْضا قطع الْهمزَة بعد التَّسْمِيَة بِأَنَّهُ من بَاب تَحْصِيل الْحَاصِل لِأَنَّهَا مَقْطُوعَة قبل قَالَ: وَقَوْلهمْ إِنَّهُم قطعُوا الْهمزَة من إصمت مَعَ التَّسْمِيَة بِهِ خَالِيا من الضَّمِير فِيهِ أَيْضا نظر لِأَن الْمَكَان عِنْدهم إِنَّمَا سمي بقول الرجل لصَاحبه: اصمت يسكته بذلك من غير أَن يكون تقدمه كَلَام قبله وَصله بِهِ فوصل الْهمزَة. وَكَذَا كل فعل أَمر من يفعل قطعت همزته. انْتهى.

أَقُول: مُرَادهم الْتِزَام قطعهَا بعد التَّسْمِيَة درجاً وَابْتِدَاء بِخِلَاف إصمت قبل التَّسْمِيَة فَإِن الْهمزَة لَا تقطع فِي الدرج وَهَذَا ظَاهر.

وَأما مَا قَالَه صَاحب الْقَامُوس من أَن إصمت وإصمتة بِقطع الْهمزَة وَوَصله فمشكل وَلم أره لغيره وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذ من مَفْهُوم قَول أبي زيد كَمَا نَقله ابْن مكرم فِي لِسَان الْعَرَب وَهُوَ أَن بعض الْعَرَب قطع الْألف من إصمت وَنصب التَّاء.

وَمَفْهُومه أَن أَكثر الْعَرَب يصل الْألف ويسكن التَّاء وَيكون حِينَئِذٍ هَذَا من بَاب التَّسْمِيَة بِالْجُمْلَةِ المحكية. وَلم أر من قَالَه.

وَأما وَصلهَا فِي إصمتة فَلم أعرف وَجهه وَقد ذكرُوا همزَة الْوَصْل فِي أسماءٍ مَعْدُودَة وَلَيْسَ هَذَا

ص: 330

مِنْهَا اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال توصل بِنَقْل حركتها إِلَى سَاكن قبلهَا كَقَوْلِك: من إصمتة. وَالله أعلم.

وَأما أطرقا فقد أدرجه صَاحب الْمفصل فِي الْمَنْقُول من فعل الْأَمر مَعَ إصمت. وَظَاهره أَنه

وَلَو لاحظه لذكره فِي الْعلم الْمركب من جملَة أَو غَيرهَا وَالصَّوَاب ذكره فِي قسم الْمركب لِأَنَّهُ جملَة مركبة من فعل وفاعل قطعا.

وَلِهَذَا قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي شَرحه: تمثيله بقوله: أطرقا فِي غير قسمٍ الْمركب لَيْسَ بِمُسْتَقِيم.

وَأجَاب ابْن يعِيش بِأَن أطرقا لَهَا جهتان: جِهَة كَونه أمرا وجهة كَونه جملَة. فإيراده هُنَا من)

حَيْثُ أَنه أَمر. وَلَو أوردهُ فِي المركبات من حَيْثُ هُوَ جملَة لجَاز. انْتهى.

وَفِيه نظر فَإِن التَّقْسِيم يصير حِينَئِذٍ فَاسِدا لِأَن كل تَقْسِيم صَحِيح ذكرت فِيهِ أنواعٌ بِاعْتِبَار صفاتٍ مصححةٍ للتقسيم يجب أَن يكون صفة كل قسم منتفية عَن بَقِيَّة الْأَقْسَام وَإِلَّا لم يَصح التَّقْسِيم باعتبارها وَهَا هُنَا التَّقْسِيم قد ذكر فِيهِ الْمركب فَيجب أَن يكون التَّرْكِيب منتفياً عَن بَقِيَّة الْأَقْسَام.

وَأجَاب بَعضهم بِأَنَّهُ يَصح أَن يكون أطرقا أمرا للْوَاحِد وتثنيته تَثْنِيَة الْفِعْل لَا الْفَاعِل كَأَنَّهُ قَالَ: أطرق أطرق كَمَا قيل فِي: ألقيا فِي جَهَنَّم وَفِي: قفا نبك تَأْكِيدًا ومبالغة.

ص: 331

وَأجَاب بعضٌ آخر بِأَن الْألف يجوز أَن تكون بَدَلا من نون التوكيد الْخَفِيفَة وَالْأَصْل أطرقن فأبدلت للْوَقْف ألفا.

وَيَردهُ مَا حكوا فِي وَجه التَّسْمِيَة من أَن رجلا قَالَ لصاحبيه فِي مَوضِع: أطرقا تخويفاً لَهما قَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي مُعْجم مَا استعجم: أطرقا: موضعٌ بالحجاز. قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: غزا ثَلَاثَة نفرٍ فِي الدَّهْر الأول فَلَمَّا صَارُوا إِلَى هَذَا الْموضع سمعُوا نبأة فَقَالَ أحدهم لصاحبيه: أطرقا أَي: اسكتا.

وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: أَي: الزما الأَرْض فَسُمي بِهِ ذَلِك الْموضع. قَالَ أَبُو الْفَتْح بن جني: دلّ قَول أبي عمرٍ وأَن الْموضع سمي بِالْفِعْلِ وَفِيه ضَمِيره لم يجرد

عَنهُ كَمَا يُقَال: لَقيته بوحش إصمت أَي: بفلاة يسكت فِيهَا الْمَرْء صَاحبه فَيَقُول لَهُ: اصمت إِلَّا أَنه جرد إصمت من الضَّمِير فأعربه وَلم يصرفهُ للتعريف والتأنيث أَو وزن الْفِعْل. انْتهى كَلَام أبي عبيد.

وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الْبلدَانِ: قَالَ أَبُو عَمْرو: أطرقا: اسمٌ لبلد بِعَيْنِه من فعل الْأَمر وَفِيه ضمير وَهِي الْألف. كَأَنَّهُ سالكه سمع نبأة فَقَالَ لصاحبيه: أطرقا.

وَقَالَ الْأَصْمَعِي: كَانَ ثَلَاثَة نفر بِهَذَا الْمَكَان فَسَمِعُوا صَوتا فَقَالَ أحدهم لصاحبيه: أطرقا فَسُمي بذلك. انْتهى.

وَقيل: إِن أطرقا غير علم لأرض فَلَا شَاهد فِيهِ. ثمَّ اخْتلفُوا فَقَالَ قوم:

ص: 332

هُوَ جمع طَرِيق كصديق وأصدقاء وَقصر للضَّرُورَة. حَكَاهُ ياقوت.

وَقَالَ أَبُو عبيد فِي المعجم: قَالَ بَعضهم: هُوَ جمع طَرِيق على لُغَة هُذَيْل وَيجوز أَن يكون قَالَ ابْن يعِيش: يكون على هَذَا حذف الْألف الأولى الَّتِي للمد فَعَادَت ألف التَّأْنِيث إِلَى أَصْلهَا)

وَهُوَ الْقصر. وَيَنْبَغِي أَن تكْتب الْألف بِالْيَاءِ. انْتهى.

وَقَالَ ثَعْلَب كَمَا نَقله أَبُو عبيد أَيْضا: قَوْله على أطرقا أَرَادَ على أطرقة فأبدل من تَاء التَّأْنِيث يَاء كَمَا يُقَال فِي شكاعي شكاعة كَمَا يُبدل أَيْضا من الْألف تَاء.

قَالَ الراجز: الرجز

(من بَعْدَمَا وَبَعْدَمَا وبعدمت

صَارَت نفوس الْقَوْم عِنْد الغلصمت)

انْتهى.

وَقَالَ بَعضهم: الرِّوَايَة: علا أطرقا وَقَالَ ابْن يعِيش: رَوَاهُ بَعضهم: بِضَم الرَّاء كَأَنَّهُ جعله جمع طَرِيق وَيجْعَل علا فعلا ناصباً لَهُ من الْعُلُوّ وَفِيه ضمير كَأَنَّهُ قَالَ: السَّيْل علا أطرقاً. وعَلى هَذَا يكون قد أنث الطَّرِيق لِأَن فعيلاً وفعالاً إِنَّمَا يجمعان على أفعل إِذا كَانَ مؤنثاً نَحْو عنَاق وأعنق

ص: 333

وَيكون باليات الْخيام من صفة أطرقاً. انْتهى.

وَحَكَاهُ أَبُو عبيد أَيْضا قَالَ: ويروى: علا أطرقاً من الْعُلُوّ. وَجمع طَرِيق على أطرق يدل على تأنيثه لِأَن تكسير الْمُؤَنَّث كعناق وأعنق وعقاب وأعقب.

وَقَالَ ياقوت: قَالَ أَبُو الْفَتْح: ويروى: علا أطرقاً ف علا فعلٌ مَاض. وأطرقا: جمع طَرِيق. فَمن أنث الطَّرِيق جمعه على أطرق مثل عنَاق وأعنق وَمن ذكره جمعه على أطرقاً كصديق وأصدقاء فَيكون قد قصره ضَرُورَة.

هَذَا وَالصَّحِيح أَن أطرقاً علم أَرض بِدَلِيل قَول عبد الله بن أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي يُخَاطب بني كَعْب بن عَمْرو من خُزَاعَة وَكَانَ يطالبهم بِدَم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة أبي خَالِد بن الْوَلِيد لِأَنَّهُ مر بِرَجُل مِنْهُم يصلح سهاماً فعثر بِسَهْم مِنْهَا فجرحه فَانْتقضَ عَلَيْهِ فَمَاتَ: الطَّوِيل

(إِنِّي زعيمٌ أَن تسيروا وتهربوا

وَأَن تتركوا الظهْرَان تعوي ثعالبه)

(وَأَن تتركوا مَاء بجزعة أطرقا

وَأَن تسلكوا أَي الْأَرَاك أطايبه)

(وَإِنَّا أناسٌ لَا تطل دماؤنا

وَلَا يتعالى صاعداً من نحاربه)

وَقَالُوا فِي تَفْسِير هَذَا: الجزعة والجزع بِمَعْنى وَاحِد وهم مُعظم الْوَادي. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ مَا انثنى مِنْهُ. وأطرقا هُنَا وَقع مُضَافا إِلَيْهِ وَهُوَ علم مَوضِع سمي بِفعل الْأَمر كَمَا تقدم. وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا مَا تمحلوه فِي ذَلِك الْبَيْت.

ص: 334

قَالَ ياقوت: وَهَذَا الشّعْر يُؤذن بِأَن أطرقا مَوضِع من ضواحي مَكَّة لِأَن الظهْرَان هُنَاكَ وَهِي)

منَازِل كَعْب بن خُزَاعَة. فَيكون أطرقا من منازلها بِتِلْكَ النواحي وَهِي من منَازِل هذيلٍ أَيْضا وَلذَلِك ذَكرُوهُ فِي شعرهم. وَالله أعلم. انْتهى.

وَقد آن لنا أَن نرْجِع إِلَى الْمَقْصُود فَنَقُول: الْبَيْت الشَّاهِد من قصيدةٍ لِلرَّاعِي واسْمه عبيد بن حُصَيْن النميري وَتَقَدَّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد الثَّالِث والثمانين بعد الْمِائَة.

وَهِي من قصيدة مدح بهَا عبد الله بن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَولهَا: الْبَسِيط

(طَاف الخيال بِأَصْحَابِي وَقد هجدوا

من أم علوان لَا نحوٌ وَلَا صدد)

(فأرقت فتية باتوا على عجلٍ

وَأَعْيُنًا مَسهَا الإدلاج والسهد)

(هَل تبلغني عبد الله دوسرةٌ

وجناء فِيهَا عَتيق الني ملتبد)

(كَأَنَّهَا يَوْم خمس الْقَوْم عَن جلبٍ

وَنحن والآل بالموماة نطرد)

(قرمٌ تعداه عادٍ عَن طروقته

من الهجان على خرطومه الزّبد)

(أَو ناشطٌ أسفع الْخَدين أَلْجَأَهُ

نفح الشمَال فأمسى دونه العقد)

ص: 335

ثمَّ وصف الثور والأطلال فَقَالَ:

(حَتَّى إِذا هَبَط الأحدان وانقطعت

عَنْهَا سلاسل رملٍ بَينهَا وهد)

(صَادف أطلس مشاءً بأكلبه

إِثْر الأوابد مَا ينمي لَهُ سبد)

(أشلى سلوقةً باتت وَبَات بهَا

بوحش إصمت فِي أصلابها أود)

(يدب مستخفياً يغشي الضراء بهَا

حَتَّى استقامت وأعراه لَهَا جدد)

هجدوا: رقدوا. والنَّحْو: التَّوَجُّه. والصدد: الْقرب. وَخبر نَحْو مَحْذُوف أَي: مِنْهَا. والإدلاج: السّير من أول اللَّيْل. والسهد بِفتْحَتَيْنِ: الأرق والسهر. وعبد الله هُوَ أَخُو يزِيد بن مُعَاوِيَة. فِي الجمهرة: وَعبد الله بن مُعَاوِيَة كَانَ أَحمَق النَّاس وَأمه فَاخِتَة بنت قرظة بن عبد عَمْرو بن نَوْفَل بن عبد منَاف. وَأم يزِيد مَيْسُونُ بنت بَحْدَل الْكَلْبِيَّة. والدوسرة بِالْفَتْح: النَّاقة الضخمة. والوجناء: الشَّدِيدَة. والني بِفَتْح النُّون: السّمن والشحم.

والْخمس بِالْكَسْرِ من أظماء الْإِبِل: أَن ترعى ثَلَاثَة أَيَّام وَترد الْيَوْم الرَّابِع.

والجلب بِضَم الْجِيم وَفتح اللَّام: جمع جلبة وَهِي الشدَّة. يُقَال:

ص: 336

أصابتنا جلبة الزَّمَان وكلبته. والْآل: السراب بعد الزَّوَال. والموماة بِالْفَتْح: الفلاة.)

وقرم: خبر كَأَنَّهَا وَهُوَ بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الرَّاء: الْبَعِير المكرم لَا يجمل عَلَيْهِ وَلَا يذلل وَلَكِن يكون للفحلة. وتعداه أَي: تعدى عَلَيْهِ. وعادٍ: من عدا عَلَيْهِ أَي: تجَاوز عَلَيْهِ الْحَد. والطروقة: أُنْثَى الْفَحْل.

يُقَال: طرق الْفَحْل النَّاقة طرقاً فَهِيَ طروقة فعولة بِمَعْنى مفعولة. والهجان من الْإِبِل الْبيض يَسْتَوِي فِيهِ الْمُؤَنَّث والمذكر وَالْوَاحد وَالْجمع.

شبه نَاقَته فِي حَالَة جهدها وشدتها وَهُوَ سَائِر فِي شدَّة الهجير بفحل هائج حَال دون أنثاه حَائِل. وَفِيه مبالغاتٌ لَا تخفى.

وَقَوله: أَو ناشط إِلَخ يَعْنِي أَنَّهَا إِمَّا تشبه ذَلِك الْفَحْل أَو تشبه الناشط وَهُوَ الثور الوحشي يخرج من أرضٍ إِلَى أَرض. والأسفع: الْأسود من السفعة بِالضَّمِّ وَهُوَ سوادٌ مشربٌ حمرَة يَعْنِي اسود وَجهه من شدَّة الْحر أَو من شدَّة الْبرد وَالرِّيح. وأَلْجَأَهُ: اضطره. والنفح: الهبوب. والشمَال: الرّيح الْمَعْرُوفَة.

قَالَ الْأَصْمَعِي: مَا كَانَ من الرِّيَاح نفح فَهُوَ برد وَمَا كَانَ لفح فَهُوَ حر والعقد بِفَتْح الْعين وَكسر الْقَاف وَفتحهَا: مَا تعقد من الرمل أَي: تراكم الْوَاحِدَة عقدَة كَذَلِك.

يَعْنِي فَهُوَ مسرعٌ ليصل كناسه ومأواه. والأحدان بِالضَّمِّ: قطع رمل مُتَفَرِّقَة وَالْأَصْل وحدانٌ جمع أوحد.

ص: 337

ووهد بِضَمَّتَيْنِ: جمع وهاد وَهُوَ جمع وهدة وَهُوَ الْمَكَان المطمئن.

وصَادف أَي: ذَلِك الناشط. وأطلس مَفْعُوله يُرِيد بِهِ صياداً وقانصاً. والأطلس قَالَ فِي الْقَامُوس: هُوَ الرجل يرْمى بقبيح. وَالسَّارِق وَالذِّئْب الأمعط.

وَفِي الصِّحَاح: الأطلس: الْخلق وَكَذَلِكَ الطلس بِالْكَسْرِ وَالْجمع أطلاس. وَرجل أطلس الثَّوْب.

قَالَ ذُو الرمة يصف قانصاً: الْبَسِيط ومشاءً: مُبَالغَة ماشٍ أَي: كاسب. وأكلب: جمع كلب. والأوابد: جمع آبدة وَهِي الوحوش. وينمي من نمى المَال وَغَيره ينمي نَمَاء: زَاد. والسبد: الصُّوف كنى بِهِ عَن المَال والماشية.

وَقَوله: أشلى سلوقية فَاعل أشلى ضمير أطلس المُرَاد بِهِ القانص.

قَالَ أَبُو زيد: أشليت الْكَلْب: دَعوته.

وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: أوسدت الْكَلْب بالصيد وآسدته إِذا أغريته بِهِ. وَلَا يُقَال: أشليته)

إِنَّمَا الإشلاء الدُّعَاء. يُقَال: أشليت الشَّاة والناقة إِذا دعوتما بأسمائهما لتحلبهما.

وَقَول زِيَاد الْأَعْجَم: الطَّوِيل

(أَتَيْنَا أَبَا عمرٍ وفأشلى كلابه

علينا فكدنا بَين بيتيه نؤكل)

يرْوى: فأغرى كلابه. كَذَا فِي الصِّحَاح. وسلوقية أَي: كلاباً سلوقية.

قَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي مُعْجم مَا استعجم: سلوق بِفَتْح أَوله

ص: 338

وَضم اللَّام: مَوضِع تنْسب إِلَيْهِ الْكلاب السلوقية والدروع. وَفِي كتاب الْعين: موضعٌ بِالْيمن تنْسب إِلَيْهِ الْكلاب. وَقَالَ أَيْضا: السلوقي من الدروع وَالْكلاب: أَجودهَا.

وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِنَّمَا هِيَ منسوبة إِلَى سلقية بِفَتْح أَوله وثانيه وَإِسْكَان الْقَاف وَتَخْفِيف الْيَاء وَفِي البارع عَن أبي حَاتِم: السلوقية من الْكلاب منسوبةٌ إِلَى مَدِينَة من مَدَائِن الرّوم يُقَال لَهَا: سلقية فأعربت.

قَالَ أَبُو حَاتِم: وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة: إِنَّمَا يُقَال لَهَا سلوقية وَقد دَخَلتهَا وَهِي عَظِيمَة وَلها شَأْن.

انْتهى.

وَقَوله: باتت وَبَات بهَا قَالَ صَاحب الْمِصْبَاح: بَات لَهُ مَعْنيانِ أشهرهما اخْتِصَاص الْفِعْل بِاللَّيْلِ كَمَا اخْتصَّ الْفِعْل فِي ظلّ بِالنَّهَارِ. فَإِذا قلت: بَات يفعل كَذَا فَمَعْنَاه فعله بِاللَّيْلِ.

وَقَالَ اللَّيْث: من قَالَ بَات بِمَعْنى نَام فقد أَخطَأ لِأَنَّك تَقول بَات يرْعَى النُّجُوم وَمَعْنَاهُ ينظر إِلَيْهَا وَكَيف ينَام من يراقب النُّجُوم.

وَالْمعْنَى الثَّانِي تكون بِمَعْنى صَار يُقَال: بَات بِموضع كَذَا أَي: صَار بِهِ سواءٌ كَانَ فِي ليل أَو نَهَار. وَعَلِيهِ قَوْله عليه الصلاة والسلام ُ: فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده. وَالْمعْنَى صَارَت ووصلت. انْتهى.

ص: 339

وَقَالَ الشَّارِح الْمُحَقق: وتجيء بَات تَامَّة بِمَعْنى: أَقَامَ لَيْلًا وَنزل سَوَاء نَام أَو لم ينم. وَفِي كَلَامهم: سر وَبت. انْتهى.

وَقَوله: فِي أصلابها أود أَي: فِي أصلاب الْكلاب السلوقية. إِذْ لكل كلبٍ صلبٌ. وَلِهَذَا وَقدر بَعضهم تبعا لِابْنِ الْحَاجِب: كلبةً سلوقيةً. وَوجه جمع الأصلاب بِجعْل كل طَائِفَة من الْفقر صلباً. وَله الْعذر لِأَنَّهُ لم يقف على مَا قبله.

والصلب: وسط الظّهْر من الْعُنُق إِلَى الْعَجز وَهِي فقرات أَي: خَرَزَات منتظمة. والمتنان)

يكتنفان يَمِينا وَشمَالًا. والأود بِفتْحَتَيْنِ: الاعوجاج. وَالْجُمْلَة حالٌ من ضمير الْكلاب وَهِي حالٌ لَازِمَة لِأَن الْكلاب السلوقية يكون أوساطها مخروطة الشكل خلقَة.

قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا كَانَ فِي ظهر الْكَلْب احديدابٌ قَلِيل كَانَ أفره لَهُ وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ وَاسع الفقحة كَانَ أسْرع لجريه وَكَذَلِكَ من الدَّوَابّ. وَكَذَا إِذا اتَّسع منخراه وشدقاه.

فَقَوله: أشلى سلوقية اسْتِئْنَاف بعد الْإِخْبَار عَن الناشط بِمَا ذكره. وَأَرَادَ: أشلى عَلَيْهِ أَي: أغرى الْكلاب على الناشط.

وَجُمْلَة: باتت إِلَخ اسْتِئْنَاف بيانيٌّ كَأَنَّهُ قيل: فَمَا صنعت قَالَ: باتت. وَقيل الْجُمْلَة صفة سلوقية. وَبَات هُنَا تَامَّة كَمَا نقلنا عَن الشَّارِح الْمُحَقق.

وَقَوله: وَبَات بهَا أَي: وَبَات الصياد مَعَ السلوقية فالباء بِمَعْنى مَعَ وَالضَّمِير للسلوقية.

وَقَوله: بوحش إصمت الْبَاء بِمَعْنى فِي مُتَعَلق بِأحد الْفِعْلَيْنِ.

وَقَالَ ابْن الْحَاجِب فِي أَمَالِيهِ: الْمَجْرُور فِي قَوْله: بوحش يتَعَلَّق

ص: 340

بأشلى وَتَقْدِيره: أشلى سلوقية بوحش هَذِه الْبَريَّة باتت السلوقية فِي هَذِه الْبَريَّة. وَبَات بهَا أَي: عِنْدهَا وَالضَّمِير للسلوقية.

انْتهى.

يُرِيد أَن الضَّمِير فِي قَوْله: عِنْدهَا للسلوقية وَأما ضمير بهَا فَهُوَ لوحش إصمت.

وَصرح بِهِ فِي شرح الْمفصل قَالَ: بهَا أَي: بوحش إصمت. وأضمر لِأَنَّهُ مُتَقَدم فِي الْمَعْنى لأشلى أَو لباتت الأول. انْتهى.

وَكَذَا صنع الأندلسي قَالَ: أعمل الْفِعْل الأول وأضمر الثَّانِي. وروى أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الله الطوسي:

(أشلى سلوقيةً زلاًّ جواعرها

بوحش إصمت

... . إِلَخ)

والزل بِضَم الزَّاي الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام: جمع أزل وَهُوَ الْمَمْسُوح الْعَجز. والجواعر: جمع جاعرة وَهُوَ مَوضِع رقمة است الْحمار.

وَقَوله: يدب مستخفياً إِلَخ دب يدب من بَاب ضرب أَي: مَشى مشياً رويداً. وفاعله ضمير الصياد. وَكَذَلِكَ ضمير يغشي مضارع أغشى بِمَعْنى أحَاط. والضراء مَفْعُوله وَهِي جمع ضروةٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ ولد الْكَلْب. وَضمير بهَا للسلوقية.

وَجُمْلَة: يغشى حالٌ من ضمير يدب. وحَتَّى بِمَعْنى إِلَى. وأعراه: كشفه. وَالضَّمِير للناشط.)

وَقَوله: فجال من الجولان وفاعله ضمير الناشط وإِذْ: ظرفٌ لجال ورعنه من الروع وَهُوَ الذعر وَالنُّون ضمير الْكلاب السلوقية

ص: 341

وينأى: يبعد.

يُرِيد أَن الناشط نجا من يَد الْكلاب وَالْحَال أَن فِي سوالف الْكلاب من جلد مثل هَذَا الناشط قدداً. والسالفة: صفحة الْعُنُق. والقدد: جمع قدة وَهُوَ سير غير مدبوغ.

وَأما الْبَيْت الثَّانِي فَهُوَ لأبي ذؤيبٍ الْهُذلِيّ وَقد تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتِّينَ من قصيدة عدتهَا أَرْبَعَة عشر بَيْتا ذكر من أَولهَا دروس الديار وطموسها إِلَى أَن رثى ابْن عَمه نشيبة بِخَمْسَة أَبْيَات من آخرهَا.

وأولها: المتقارب

(عرفت الديار كرقم الدوا

ة يزبرها الْكَاتِب الْحِمْيَرِي)

إِلَى أَن قَالَ بعد أَبْيَات ثَلَاثَة: على أطرقا باليات الْخيام إِلَى آخِره. يزبرها: يَكْتُبهَا.

وَذكر الْحِمْيَرِي لِأَن الْكِتَابَة أَصْلهَا من الْيمن. يُرِيد: عرفت رسوم الديار وآثارها خُفْيَة كآثار الْخط الْقَدِيم.

وَقَوله: على أطرقا قَالَ السكرِي فِي شَرحه: أَرَادَ: عرفت الديار على أطرقا. والثمام: شجر يلقى على الْخيام. والعصي: خشب بيُوت الْأَعْرَاب. وقوافي هَذِه القصيدة إِن شددتها وصلتها وَإِلَّا خفضتها. انْتهى.

والخيمة عِنْد الْعَرَب: بيتٌ من عيدَان. والثمام: نبتٌ ضَعِيف يحشى

ص: 342

بِهِ خصاص الْبيُوت وَيسْتر بِهِ جَوَانِب الْخَيْمَة. فالثمام والعصي اسْتثِْنَاء من الْخيام وَيكون الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِلا.

قَالَ ابْن يعِيش هَذِه القصيدة تروى مُطلقَة مَرْفُوعَة وتروى مُقَيّدَة سَاكِنة وَهِي من المتقارب.

فَمن أطلقها كَانَت من الضَّرْب الأول ووزنه فعولن عصي يو. وَمن قيدها كَانَت من الضَّرْب الثَّالِث وَهُوَ الْمَحْذُوف. فعل عصي.

وَقَوله: على أطرقا نصبٌ على الْحَال من الديار وَكَذَلِكَ باليات الْخيام حَال.

وَالْمرَاد: عرفت الديار على أطرقا فِي هَذِه الْحَال. وَقَوله: إِلَّا الثمام وَإِلَّا العصي يرْوى بِرَفْع الثمام ونصبه فَمن نصب فَلَا إِشْكَال فِيهِ لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء من مُوجب. وَمن رفع فبالابتداء وَالْخَبَر)

مَحْذُوف وَالتَّقْدِير: إِلَّا الثمام وَإِلَّا العصي لم تبل.

وَمن نصب الثمام وَرفع العصي فَإِنَّهُ يحملهُ على الْمَعْنى وَذَلِكَ أَنه لما قَالَ بليت إِلَّا الثمام كَانَ مَعْنَاهُ بَقِي الثمام فعطف على هَذَا الْمَعْنى وتوهم اللَّفْظ. وَمن قيد القافية جَازَ أَن تكون العصي مَرْفُوعَة كالمطلقة على مَا ذكرنَا وَجَاز أَن تكون مَنْصُوبَة بالْعَطْف على الثمام إِلَّا إِنَّه أسكن للْوَقْف. وَمَا فِيهِ أل يكون الْوَقْف عَلَيْهِ كالمرفوع وَالْمَجْرُور. انْتهى.

وَقَالَ صَاحب المقتبس: ويروى: باليات مَرْفُوعا ومنصوباً على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هِيَ وعَلى الْحَال. وَقَوله: على أطرقا مُتَعَلق بعرفت.

قَالَ بعض فضلاء الْعَجم: وَيجوز أَن يكون باليات على رِوَايَة الرّفْع مُبْتَدأ وَخَبره على أطرقا وَالْإِضَافَة كسحق عِمَامَة. وعَلى هَذَا كَانَ كلَاما

ص: 343

مُنْقَطِعًا عَن الأول وإخباراً ثَانِيًا عَن اندراس الْمنَازل.

وَقَالَ ابْن الْحَاجِب فِي الْإِيضَاح: باليات الْخيام حالٌ من الديار. وَإِلَّا الثمام استثناءٌ مُنْقَطع.

وَبَعض النَّاس ينشد باليات بِالرَّفْع يَجعله مُبْتَدأ. وَبَعْضهمْ ينشده إِلَّا الثمام وَإِلَّا العصي بِالرَّفْع وَلَيْسَ بصواب وَإِنَّمَا يجوز بِنَاء الرّفْع على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: على الإتباع على الْمَعْنى دون اللَّفْظ فَيكون مثل: أعجبني ضرب زيدٍ الْعَاقِل بِالرَّفْع.

وَالثَّانِي: إِمَّا على قَوْلهم: مَا جَاءَنِي أحدٌ إِلَّا حمارٌ على اللُّغَة التميمية. فَقَوله: باليات الْخيام الْخيام مَرْفُوعَة من حَيْثُ الْمَعْنى فَكَأَنَّهُ قَالَ: باليات خيامها فَيكون قَوْله: إِلَّا الثمام على اللُّغَة التميمية وَإِمَّا على أَن إِلَّا بِمَثَابَة غير. وكلٌّ مِنْهُمَا ضَعِيف.

أما أعجبني ضرب زيدٍ الْعَاقِل فَلِأَن زيدا مُعرب والتوابع إِنَّمَا تجْرِي على متبوعاتها على حسب إعرابها.

وَأما مَا جَاءَنِي أحدٌ إِلَّا حمَار فَلِأَن ذَلِك إِنَّمَا يثبت فِي النَّفْي مَعَ أَنه فِيهِ ضَعِيف لِأَن الْحمار لَيْسَ من جنس الْأَحَد فَلَا يكون بَدَلا وَأما كَون إِلَّا بِمَثَابَة

غير فشرطه فِي الفصيح أَن تكون تَابِعَة لجمع مُنكر غير منحصر وَذَلِكَ مَفْقُود. انْتهى.

وتوجيه ابْن يعِيش لرِوَايَة الرّفْع أسلم من هَذَا. فَتَأمل. فَلَا يرد عَلَيْهِ مَا ذكره.

ص: 344