الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ استعملها ابْن مَالك فِي جموع التكسير من الألفية قَالَ: الرجز
(أفعلةٌ أفعل ثمَّ فعله
…
ثمت أفعالٌ جموع قله)
3 -
(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
الهزج
(لقد أغدو على أشق
…
ر يغتال الصحاريا)
على أَنه جمع صحراء فَلَمَّا قلبت الْألف بعد الرَّاء فِي الْجمع يَاء قلبت الْهمزَة الَّتِي أَصْلهَا ألف التَّأْنِيث أَيْضا.
قَالَ ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة: قد اطرد عَنْهُم قلب ألف التَّأْنِيث همزَة. وَالْقَوْل فِي ذَلِك أَن الْهمزَة فِي صحراء وبابها إِنَّمَا هِيَ بدلٌ من ألف التَّأْنِيث كَالَّتِي فِي نَحْو: حُبْلَى وسكرى.
إِلَّا أَنَّهَا فِي صفراء وَقعت الْألف بعد ألف قبلهَا زَائِدَة فَالتقى أَلفَانِ زائدتان وَلم يجز فِي واحدةٍ مِنْهُمَا الْحَذف.
أما الأولى: فَلَو حذفتها لانفردت الْآخِرَة وهم قد بنوا الْكَلِمَة على اجْتِمَاع أَلفَيْنِ فِيهَا.
وَأما الْآخِرَة: فَلَو حذفتها لزالت سَلامَة التَّأْنِيث. وَأما الْحَرَكَة فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِنَّه لما انجزم الحرفان حركت الثَّانِيَة فَانْقَلَبت همزَة فَصَارَت: صفراء وصحراء.
فَإِن قيل: وَلم زعمت أَن الثَّانِيَة منقلبة وهلا زعمت أَنَّهَا زيدت للتأنيث همزَة فِي أول أحوالها أَحدهمَا: أَنا لم نرهم فِي غير هَذَا الْموضع أنثوا بِالْهَمْزَةِ إِنَّمَا يؤنثون بِالتَّاءِ أَو بِالْألف فَكَانَ حمل همزَة التَّأْنِيث فِي نَحْو: صحراء على أَنَّهَا بدلٌ من ألف التَّأْنِيث لما ذكرنَا أَحْرَى.
وَالْوَجْه الآخر: أَنا قد رأيناهم لما جمعُوا بعض مَا فِيهِ همزَة التَّأْنِيث أبدلوها فِي الْجمع وَلم يحققوها الْبَتَّةَ وَذَلِكَ قَوْلهم فِي جمع صحراء وصلفاء: صحارى وصلافى وَلم نسمعهم أظهرُوا الْهمزَة فِي شيءٍ من ذَلِك فَقَالُوا: صحاريء وصلافيء. وَلَو كَانَت الْهمزَة فِيهِنَّ غير منقلبة لجاءت فِي الْجمع.
أَلا تراهم قَالُوا: كَوْكَب دريءٌ وكواكب دراريء وقراء وقراريء ووضاء ووضائيء فجاؤوا بِالْهَمْزَةِ فِي الْجمع لما كَانَت غير منقلبة بل مَوْجُودَة فِي قَرَأت ودرأت ووضؤت. فَهَذِهِ دلَالَة قَاطِعَة.
فَإِن قيل: فَمَا الَّذِي دعاهم إِلَى قَلبهَا فِي الْجمع يَاء وهلا تركوها ملفوظاً بهَا كَمَا كَانَت فِي الْوَاحِدَة فَقَالُوا: صحاريء وصلافيء فَالْجَوَاب أَنَّهَا إِنَّمَا كَانَت انقلبت وَأَصلهَا الْألف لِاجْتِمَاع الْأَلفَيْنِ وَهَذِه صورتهَا صحراا وصلفاا فَلَمَّا الْتَقت أَلفَانِ اضطروا إِلَى تَحْرِيك إِحْدَاهمَا)
فجعلوها الثَّانِيَة لِأَنَّهَا حرف الْإِعْرَاب فَصَارَت صحراء وصلفاء.
وَحَال الْجمع مَا أذكرهُ وَذَلِكَ أَنَّك إِذا صرت إِلَى الْجمع لزمك أَن تقلب
الأولى يَاء لانكسار الرَّاء فِي صحاري قبلهَا كَمَا تنْقَلب ألف قرطاس يَاء
فِي قَرَاطِيس فَكَذَلِك تنْقَلب ألف صحراء الأولى يَاء فَتَصِير فِي التَّقْدِير: صحاري اوصلافي افَتَقَع الْيَاء الساكنة قبل الْألف الْأَخِيرَة الراجعة عَن الْهمزَة لزوَال الْألف من قبلهَا فتنقلب الْألف يَاء لوُقُوع الْيَاء الساكنة قبلهَا وتدغم الأولى المنقلبة عَن الْألف الزَّائِدَة فِي الْيَاء الْأَخِيرَة المنقلبة عَن ألف التَّأْنِيث فَيصير صحاري.
أنْشد أَبُو الْعَبَّاس للوليد بن يزِيد:
(لقد أغدو على أشق
…
ر يغتال الصحاريا)
وَقَالَ آخر: الوافر
(إِذا جَاشَتْ حواليه ترامت
…
ومدته البطاحي الرغاب)
جمع بطحاء. وَكَذَلِكَ مَا حَكَاهُ الْأَصْمَعِي من قَوْلهم: صلافي وخباري جمع صلفاء وخبراء.
فَبِهَذَا استدللنا على أَن الْهمزَة فِي صحراء وبابها بدلٌ من ألف التَّأْنِيث. انْتهى.
وَهَذَا أصل كل جمعٍ لنَحْو صحراء ثمَّ يُخَفف بِحَذْف الْيَاء الأولى فَيصير صحاري بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الْيَاء مثل مداري ثمَّ يُبدل من الكسرة فَتْحة فتنقلب الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا كَمَا فعلوا فِي مدارى. وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ هما المستعملان وَالْأول أصلٌ مَتْرُوك يُوجد فِي الشّعْر.
وَقَوله: لقد أغدو مضارع غَدا غدواً من بَاب قعد إِذا ذهب