الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الوافر
(كلوا فِي بعض بطنكم تعفوا
…
فَإِن زمانكم زمنٌ خميص)
وَظَاهره أَنه غير ضَرُورَة. وَنَصّ سِيبَوَيْهٍ على أَنه ضَرُورَة.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي مسَائِل التَّمْيِيز من بَاب الصّفة المشبهة من أَوَائِل الْكتاب: قَالَ بَعضهم فِي الشّعْر مَا لَا يسْتَعْمل فِي الْكَلَام. قَالَ عَلْقَمَة بن عَبدة: الطَّوِيل
(بِهِ جيف الحسرى فَأَما عظامها
…
فبيضٌ وَأما جلدهَا فصليب)
وَقَالَ: الرجز
(لَا تنكروا الْقَتْل وَقد سبينَا
…
فِي حلقكم عظمٌ وَقد شجينا)
. إِلَى أَن قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ فِي الشّعْر على لفظ الْوَاحِد يُرَاد بِهِ الْجمع: كلوا فِي بعض بطنكم تعفوا
…
...
…
... . الْبَيْت وَقَوله: بِهِ جيف الحسرى: إِلَخ هُوَ جمع حسير وَهِي النَّاقة الَّتِي أعيت من الإعياء والكلال.
قَالَ الأعلم: وصف طَرِيقا بَعيدا شاقاً على من سلكه. والصَّلِيب: الْيَابِس وَقيل: هُوَ الودك.
أَي: قد سَالَ مَا فِيهِ من رطوبةٍ لإحماء الشَّمْس عَلَيْهِ.
يَقُول: أكلت السبَاع مَا عَلَيْهَا من اللَّحْم فتعرت وبدا وضح الْعِظَام.
وَقَوله: لَا تنكروا الْقَتْل إِلَخ قَالَ الأعلم: وصف أَنهم قتلوا من قومٍ كَانُوا قد سبوا من قومه فَيَقُول: لَا تنكروا قتلنَا لكم وَقد سبيتم منا فَفِي حلوقكم عظمٌ بقتلنا إيَّاكُمْ وَقد شجينا نَحن وَقَوله: كلوا فِي بعض إِلَخ قَالَ الأعلم: وصف أَنهم قتلوا من شدَّة الزَّمَان وكلبه فَيَقُول: كلوا فِي بعض بطونكم وَلَا تملؤوها حَتَّى تعتادوا ذَلِك تعفوا عَن كَثْرَة الْأكل وتقنعوا باليسير فَإِن الزَّمَان ذُو مَخْمَصَة وجدب.
وَالشَّاهِد أَنه وضع الْجلد مَوضِع الْجُلُود وَالْحلق مَوضِع الحلوق والبطن مَوضِع الْبُطُون لضَرُورَة الشّعْر.
وَنقل ابْن السراج كَلَام سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب التَّمْيِيز وتبعهما ابْن عُصْفُور فِي كتاب ضرائر الشّعْر.
وَذهب الْفراء فِي تَفْسِيره إِلَى أَنه جائزٌ فِي الْكَلَام غير مختصٍّ بالشعر. وَقد تقدم النَّقْل عَنهُ قبل هَذَا ببيتين.)
وَجَاز التَّوْحِيد لِأَن أَكثر الْكَلَام يواجه بِهِ الْوَاحِد فَيُقَال: خُذ عَن يَمِينك وَعَن شمالك لِأَن المكلم وَاحِد والمتكلم كَذَلِك فَكَأَنَّهُ إِذا وحد ذهب إِلَى واحدٍ من الْقَوْم. وَإِن جمع فَهُوَ الَّذِي لَا مَسْأَلَة فِيهِ. انْتهى.
وَتَبعهُ جمَاعَة مِنْهُم ابْن جني فِي الْمُحْتَسب قَالَ فِي سُورَة الْمُؤمنِينَ: قَرَأَ: عظما وَاحِدًا فكسونا الْعِظَام جمَاعَة: السّلمِيّ وَقَتَادَة والأعرج وَالْأَعْمَش وَاخْتلف عَنْهُم.
وَقَرَأَ: عظاماً جمَاعَة فكسونا الْعظم وَاحِدًا: مجاهدٌ.
قَالَ أَبُو الْفَتْح: أما من وحد فَإِنَّهُ ذهب إِلَى لفظ إِفْرَاد الْإِنْسَان والنطفة والعلقة. وَمن جمع فَإِنَّهُ أَرَادَ أَن هَذَا أمرٌ عامٌّ فِي جَمِيع النَّاس.
كلوا فِي نصف بطنكم تعفوا وَقَالَ آخر: فِي حلقكم عظمٌ وَقد شجينا وَهُوَ كثير وَقد ذَكرْنَاهُ. إِلَّا أَن من قدم الْإِفْرَاد ثمَّ عقب بِالْجمعِ أشبه لفظا لِأَنَّهُ جاور بِالْوَاحِدِ لفظ الْوَاحِد الَّذِي هُوَ إِنْسَان وسلالة ونطفة وعلقة ومضغة ثمَّ عقب بِالْجَمَاعَة لِأَنَّهَا هِيَ)
الْغَرَض. وَمن قدم الْجَمَاعَة بَادر إِلَيْهَا إِذْ كَانَت هِيَ الْمَقْصُود ثمَّ عَاد فعامل اللَّفْظ الْمُفْرد بِمثلِهِ.
وَالْأول أجْرى على قوانينهم. أَلا تراك تَقول: من قَامَ وقعدوا إخْوَتك فَيحسن لانصرافه عَن اللَّفْظ إِلَى الْمَعْنى.
وَإِذا قلت: من قَامُوا وَقعد إخْوَتك ضعف لِأَنَّك قد انتحيت بِالْجمعِ على الْمَعْنى وانصرفت عَن اللَّفْظ. فمعاودة اللَّفْظ
بعد الِانْصِرَاف عَنهُ تراجعٌ وانتكاث. فاعرفه وَابْن عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كثيرٌ جدا. انْتهى.
وَمِنْهُم الزَّمَخْشَرِيّ فِي كشافه قَالَ عِنْد قَوْله تَعَالَى: ختم الله على قُلُوبهم وعَلى سمعهم: فَإِنَّهُ وحد السّمع مَعَ جمع الْقُلُوب كَمَا وح الشَّاعِر الْبَطن مَعَ جمع كلوا.
وَمُقْتَضى الظَّاهِر أسماعهم وبطونكم لَكِن لما كَانَ المُرَاد سمع كل وَاحِد مِنْهُم وبطنٍ كل واحدٍ وَقد أورد الْبَيْت فِي عدَّة مَوَاضِع من الْكَشَّاف وَأوردهُ أَيْضا فِي الْمفصل فِي بَاب التَّمْيِيز وَلم يقل شراحه كَابْن يعِيش: إِنَّه ضَرُورَة.
وَمِنْهُم صَاحب اللّبَاب قَالَ: وَقد يَقع الْوَاحِد موقع الْجمع نَحْو قَوْله تَعَالَى: فَإِن طبن لكم عَن شيءٍ مِنْهُ نفسا.
وَنَظِيره: كلوا فِي بعض بطنكم تعفوا وَقَوله: كلوا فِي بعض بطنكم قَالَ صَاحب الْكَشَّاف: أكل فِي بعض بَطْنه إِذا كَانَ دون الشِّبَع وَأكل فِي بَطْنه إِذا امْتَلَأَ وشبع. وَأَرَادَ بعض بطونكم. وَقَوله: تعفوا مجزوم بِحَذْف النُّون فِي جَوَاب الْأَمر.
قَالَ ابْن السيرافي: الخميص: الجائع. والخمص: الْجُوع. أَرَادَ بوصفه الزَّمن