المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الثالث والثلاثون بعد الخمسمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٧

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(النكرَة والمعرفة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(بَاب الْعلم)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(أَسمَاء الْعدَد)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الْمُذكر والمؤنث)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(بَاب الْمثنى)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السبعون بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

الفصل: ‌(الشاهد الثالث والثلاثون بعد الخمسمائة)

يَا هناتوه أقبلن قلبت)

ألف هَناه واواً لانضمام مَا قبلهَا كَمَا قلبتها يَاء لانكسار مَا قبلهَا فِي التَّثْنِيَة.

وهناه كلمة يكنى بهَا عَن النكرات كَمَا يكنى بفلانٍ عَن الْأَعْلَام. فَمَعْنَى يَا هَناه: يَا رجل.

وَلَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي النداء عِنْد الْجفَاء والغلظة.

وَقيل: إِنَّهَا كِنَايَة عَن الْفَوَاحِش والعورات يكنى بهَا عَمَّا يستقبح ذكره. انْتهى.

وَقَوله: فَمَعْنَى هَناه: يَا رجل مساوٍ لقَوْل الشَّارِح الْمُحَقق: للمنادى غير الْمُصَرّح باسمه.

وَإِنَّمَا أوردهُ فِي بَاب الْعلم اسْتِطْرَادًا بمناسبة هن الَّذِي قد يكنى بِهِ عَن الْعلم.

وَلِهَذَا قَالَ: وَمِنْه أَي: وَمن هنٍ الْمَذْكُور. وَالله أعلم.

وَأنْشد بعده

3 -

(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

المنسرح على أَن هَذَا الْبَيْت يدل على أَن الرقيات فِي قَوْلهم: قيس الرقيات بِالْإِضَافَة لَيْسَ من بَاب إِضَافَة الِاسْم إِلَى اللقب بل هُوَ من بَاب الْإِضَافَة لأدنى مُلَابسَة لنكاحه لنسوةٍ اسْم كل مِنْهَا رقية. وَقيل: هن جداته. وَقيل: شَبَّبَ بثلاثٍ كَذَلِك.

وَلَو كَانَ الرقيات لقباً لقيس لقيل فِي الْبَيْت: قل لِابْنِ قيس الرقيات فَلَمَّا أضَاف أَخا إِلَيْهِ وَأتبعهُ لقيس فِي إعرابه علم أَنه غير لقب لقيس وَلَو كَانَ لقباً لَهُ لقيل قيس الرقيات إِمَّا بتنوين قيس وإتباع الرقيات لَهُ بجعله عطف بَيَان لَهُ وَإِمَّا بإضافته إِلَى الرقيات.

فَلَمَّا أتبعه

ص: 278

بِإِضَافَة أَخ إِلَى الرقيات علم أَنه غير لقب لَهُ فَعرف أَن الْإِضَافَة إِلَيْهَا فِي قَوْلهم قيس الرقيات للملابسة الْمَذْكُورَة.

هَذَا على تَقْرِير الشَّارِح. وَأما على مَا سَيَأْتِي فأخي الرقيات تَابع لِابْنِ لَا لقيس. والْعرف بِكَسْر الْعين وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ قَالَ صَاحب الْعباب: هُوَ الصَّبْر. وَأنْشد الْبَيْت عَن ابْن الْأَعرَابِي. يتعجب من الصَّبْر فِي المصائب. والْأَخ يسْتَعْمل فِي اللُّغَة على خَمْسَة معَان: الأول: أَخُو النّسَب من الْأَبَوَيْنِ أَو من أَحدهمَا.

الثَّانِي: أَخُو النِّسْبَة إِلَى الْقَوْم يُقَال: يَا أَخا تَمِيم لمن هُوَ مِنْهُم. وَبِه فسر قَوْله تَعَالَى: يَا أُخْت الثَّالِث: أَخُو الصداقة.)

الرَّابِع: أَخُو المجانسة والمشابهة كَقَوْلِهِم: هَذَا الثَّوْب أَخُو هَذَا.

الْخَامِس: أَخُو الْمُلَازمَة والملابسة كَقَوْلِهِم: أَخُو الْحَرْب وأخو اللَّيْل.

فَإِن كَانَ الرقيات عبارَة عَن الزَّوْجَات أَو المعشوقات فالأخ بِالْمَعْنَى الْأَخير. وَإِن كَانَ أُرِيد بهَا الْجدَّات فالأخ بِالْمَعْنَى الثَّانِي.

وَلم يذكر الشَّارِح الْمُحَقق وَجه تلقيبه بالرقيات على تَقْدِير كَون الرقيات

ص: 279

لقباً. فَأَقُول: يكون وَجهه مَا نَقله كرَاع من أَنه إِنَّمَا لقب بِهَذَا لقَوْله: مجزوء الوافر

(رقية لَا رقية لَا

رقية أَيهَا الرجل)

قَالَ ابْن دُرَيْد فِي الوشاح: من الشُّعَرَاء من غلبت عَلَيْهِم ألقابهم بِشَعْرِهِمْ حَتَّى صَارُوا لَا يعْرفُونَ إِلَّا بهَا. فَمنهمْ: مُنَبّه بن سعد بن قيس بن عيلان بن مُضر وَهُوَ أعصر وَإِنَّمَا سمي أعصر بقوله: الْكَامِل

(قَالَت عميرَة مَا لرأسك بَعْدَمَا

نفد الشَّبَاب أَتَى بلونٍ مُنكر)

(أعمير إِن أَبَاك غير رَأسه

مر اللَّيَالِي وَاخْتِلَاف الأعصر)

وَمِنْهُم: شأس بن نَهَار الْعَبْدي سمي الممزق بقوله: الطَّوِيل

ثمَّ ذكر أَكثر من خمسين شَاعِرًا لقب بِشعر قَالَه.

وتفصيل الشَّارِح الْمُحَقق فِي قيس الرقيات أَجود من تَفْصِيل ابْن الْحَاجِب فِي شرح الْمفصل وَإِن كَانَ مأخوذاً مِنْهُ وَهَذِه عِبَارَته: وَابْن قيس الرقيات عبد الله قَالَ الْأَصْمَعِي: نكح قيسٌ نسَاء اسْم كل واحدةٍ رقية. وَقيل: كَانَت لَهُ جداتٌ كَذَلِك.

وَقيل: كَانَ يشبب بثلاثٍ كَذَلِك. والاستشهاد على الْوَجْه الضَّعِيف فِي إِضَافَته على ذَلِك.

فَأَما إِذا جعل الرقيات لقباً لقيس كَانَت الْإِضَافَة من بَاب قيس قفة وَإِمَّا على الْوُجُوب أَو على الْأَفْصَح كَمَا تقدم.

وَرِوَايَة تَنْوِين قيسٍ تقَوِّي الْوَجْه الثَّانِي.

وَقَوله:

ص: 280

(قل لِابْنِ قيسٍ أخي الرقيات

مَا أحسن الْعرف فِي المصيبات)

يُقَوي الْوَجْه الأول. انْتهى.)

أَرَادَ بالاستشهاد على الْوَجْه الضَّعِيف الْإِضَافَة لأدنى مُلَابسَة. وَقَوله: تقَوِّي الْوَجْه الثَّانِي أَي: كَون الرقيات لقباً.

وَالْقَوْل الأول وَهُوَ أَن الرقيات أَسمَاء زَوْجَاته قَول الْأَصْمَعِي نَقله عَنهُ صَاحب الصِّحَاح.

وَالْقَوْل الثَّانِي قَالَه ابْن سَلام الجُمَحِي قَالَ: لقب بالرقيات لِأَن جداتٍ لَهُ توالين كلٌّ مِنْهَا تسمى رقية.

وَالْقَوْل الثَّالِث قَالَه ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء. وَقَالَ أَبُو عبيد فِي كتاب النّسَب: سمي بذلك لِأَنَّهُ كَانَ يشبب بامرأتين كلٌّ مِنْهُمَا تسمى رقية. وعَلى هَذَا يكون الْجمع عبارَة عَن اثْنَتَيْنِ.

وَاعْلَم أَن قَول الشَّارِح الْمُحَقق تبعا لغيره إِن الرقيات تابعٌ لقيس لَا لِابْنِهِ هُوَ قَول أبي عَليّ فَإِنَّهُ قَالَ: قيس هُوَ الملقب بالرقيات لَا اخْتِلَاف فِي ذَلِك لقب بِهِ لِأَن لَهُ جدات توالين يسمين الرقيات. قَالَه ابْن سَلام. انْتهى.

وَقَوله: لَا اخْتِلَاف فِي ذَلِك هُوَ خلاف الْوَاقِع فَإِن الْأَكْثَرين ذَهَبُوا إِلَى أَنه لقب لِابْنِهِ: إِمَّا عبد الله وَإِمَّا عبيد الله.

قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء: إِنَّمَا سمي عبد الله بن قيس أحد

ص: 281

بني عَامر بن لؤَي الرقيات لِأَنَّهُ كَانَ يشبب بِثَلَاث نسْوَة يُقَال لَهُنَّ كُلهنَّ رقية.

وَكَذَا فِي الأغاني. وَرَأَيْت بِخَط الْحَافِظ مغلطاي على هَامِش كَامِل الْمبرد مَا نَصه: ونقلت من خطّ الشاطبي: وَافق الْأَصْمَعِي ابْن قُتَيْبَة على قَوْله.

وَذكر النّحاس عَن البرقي أَن فِي أجداده ثَلَاث نسْوَة كل امْرَأَة مِنْهُنَّ تسمى رقية. فعلى هَذَا يُقَال: عبد الله بن قيس الرقيات على الْإِضَافَة. قَالَ ابْن بري.

ونقلت من خطّ الشاطبي أَيْضا: رَأَيْت بعض من ألف فِي النّسَب يَقُول: إِن ابْن قيس. انْتهى مَا أوردهُ الْحَافِظ مغلطاي.

وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عبيد فِي النّسَب: عبيد الله بن قيس سمي بالرقيات لِأَنَّهُ كَانَ يشبب بامرأتين كلٌّ مِنْهُمَا تسمى رقية. انْتهى.

وَإِذا قيل ابْن قيس الرقيات فَالْمُرَاد ابْنه الشَّاعِر فَإِن لقيس ابْنَيْنِ: عبد الله وَعبيد الله وَاخْتلفُوا فِي الشَّاعِر مِنْهُمَا فَقَالَ ابْن قُتَيْبَة والمبرد فِي الْكَامِل: هُوَ عبد الله المكبر.

وَقَالَ المرزباني فِي مُعْجَمه: هُوَ عبيد الله

ص: 282

بِالتَّصْغِيرِ. قَالَ: وَمن الروَاة من يَقُول الشَّاعِر عبد الله)

وَهُوَ خطأ. انْتهى.

وَقَالَ ابْن السَّيِّد فِيمَا كتبه على الْكَامِل: ذكر الْمبرد أَن اسْمه عبد الله بن قيس. وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ ابْن سَلام والجاحظ وَابْن قُتَيْبَة. وَقَالَ غَيرهم: هُوَ عبيد الله حَكَاهُ أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَغَيره وَمِنْهُم الْكَلْبِيّ.

وَكَذَلِكَ قَالَ المصعب الزبيرِي فِي أَنْسَاب قُرَيْش وَبَين أَن لَهُ أَخا شقيقاً يُقَال لَهُ: عبد الله بن قيس وَيُقَال فِيهِ نَفسه الرقيات لقبٌ لَهُ وَيُقَال ابْن الرقيات. وَاخْتلف فِي معنى تلقيبه بذلك فَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: لِأَنَّهُ كَانَ يشبب بِثَلَاث رقيات.

وَقَالَ ابْن سَلام: إِنَّمَا نسب إِلَى الرقيات لِأَن لَهُ جداتٍ اسمهن رقيات. وَقَالَ كرَاع: سمي ابْن قيس الرقيات لقَوْله: رقية لَا رقية لَا رقية أَيهَا الرجل انْتهى.

فَأَنت ترى أَن مبْنى كَلَام هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة على أَن الملقب بالرقيات إِنَّمَا هُوَ ابْن قيس لَا قيس. وَلَا جَائِز أَن يُقَال إِنَّه من قبيل تعدِي اللقب من الْأَب إِلَى الابْن لما نقلنا عَن هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة.

وعَلى مَا ذكرنَا جرى صَاحب الْقَامُوس وَخطأ صَاحب الصِّحَاح فَقَالَ: وَعبيد الله بن قيس الرقيات لعدة زوجاتٍ أَو جداتٍ أَو حيات لَهُ

ص: 283

أسماؤهن رقية كسمية. وَوهم الْجَوْهَرِي.

انْتهى.

وَهَذِه عبارَة الصِّحَاح: وَعبد الله بن قيس الرقيات إِنَّمَا أضيف قيس إلَيْهِنَّ لِأَنَّهُ تزوج عدَّة نسْوَة. إِلَى آخر الْأَقْوَال الثَّلَاثَة.

وَنقل السُّيُوطِيّ عَن ابْن الْأَنْبَارِي فِي فصل معرفَة الألقاب وأسبابها أَنه كَانَ

يخْتَار الرّفْع فِي الرقيات وَيَقُول: إِنَّه لقبٌ لعبد الله لتشبيبه بِثَلَاث نسْوَة أسماؤهن رقية. وَقَالَ غَيره: الرقيات جداته فَهُوَ مُضَاف. انْتهى.

يَعْنِي أَن عبد الله مضافٌ إِلَى الرقيات على تَفْسِيرهَا بالجدات فَيكون مثل حب رمان زيد فَإِن الْقَصْد إِلَى إِضَافَة الْحبّ الْمُخْتَص بِكَوْنِهِ للرمان إِلَى زيد. والمتلبس بالرقيات ابْن قيس لَا قيس. وَبِهَذَا يُوَجه رِوَايَة جر الرقيات. وابْن قيس الرقيات شَاعِر قُرَيْش. وَهَذِه نسبته من الجمهرة لِابْنِ الْكَلْبِيّ: عبيد الله الَّذِي يُقَال)

لَهُ: ابْن قيس الرقيات هُوَ ابْن قيس بن شُرَيْح بن مَالك بن ربيعَة بن وهيب بن ضباب بن حُجَيْر بن عبد بن معيص بن عَامر بن لؤَي بن غَالب بن فهر بن النَّضر.

ص: 284

وَعبيد الله وَشُرَيْح ووهيب وحجير بِتَقْدِيم الْمُهْملَة ولؤي هَذِه الْخَمْسَة بِالتَّصْغِيرِ. وضباب بِالْفَتْح. وعبد بِالْإِفْرَادِ. ومعيص بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْعين الْمُهْملَة.

وَعبد الله بن قيس أَخُو عبيد الله الرقيات لَهُ عقب وَلَا عقب لِعبيد الله. وَأُسَامَة بن عبد الله بن قيس قتل يَوْم الْحرَّة وَله يَقُول ابْن قيس الرقيات: الْكَامِل

(فنعى أُسَامَة لي وَإِخْوَته

فظللت مستكاً مسامعيه)

ورقية الَّتِي كَانَ يشبب بهَا ابْن قيس الرقيات بنت عبد الْوَاحِد بن أبي سعد ابْن قيس بن

قَالَ الزبير بن بكار: سَأَلت عمي مصعباً وَمُحَمّد بن الضَّحَّاك وَمُحَمّد بن حسن عَن شَاعِر قُرَيْش فِي الْإِسْلَام فكلهم قَالُوا: ابْن قيس الرقيات.

وَفِي الأغاني أَن ابْن قيس الرقيان كَانَ زبيري الْهوى خرج مَعَ مُصعب بن الزبير على عبد الْملك بن مَرْوَان فقاتل مَعَه إِلَى أَن قتل مُصعب

ص: 285

فَخرج هَارِبا حَتَّى دخل الْكُوفَة فَوقف على بَاب دارٍ فرأته صَاحِبَة الدَّار فَعرفت أَنه خَائِف فأدخلته علية وَجَاءَت إِلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا يَحْتَاجهُ فَأَقَامَ عِنْدهَا أَكثر من حولٍ وَهِي لَا تسأله من هُوَ وَلَا يسْأَلهَا من هِيَ وَهِي تسمع الْجعل صباحاً وَمَسَاء.

فَبينا هُوَ على تِلْكَ الْحَال وَإِذا بمنادي عبد الْملك يُنَادي بِبَرَاءَة الذِّمَّة مِمَّن أُصِيب عِنْده: فَأعْلم الْمَرْأَة أَنه راحل فَقَالَت: لَا يروعك مَا سَمِعت فَإِن هَذَا نداءٌ شَائِع مُنْذُ نزلت بِنَا فَإِن أردْت الْمقَام فالرحب وَالسعَة وَإِن أردْت الِانْصِرَاف فَأَعْلمنِي. فَقَالَ لَهَا: لَا بُد من الرحيل.

فلكا كَانَ اللَّيْل رقت إِلَيْهِ وَقَالَت: انْزِلْ إِن شِئْت. فَنزل وَإِذا راحلتان على إِحْدَاهمَا رحلٌ وَالْأُخْرَى زاملة ومعهما عَبْدَانِ وَنَفَقَة الطَّرِيق فَقَالَت: العبدان لَك مَعَ الراحلتين.

فَقَالَ لَهَا: من أَنْت فوَاللَّه مَا رَأَيْت أكْرم مِنْك قَالَت: أَنا الَّتِي تَقول فِيهَا: المنسرح

(عَاد لَهُ من كَثِيرَة الطَّرب

فعينه بالدموع تنسكب)

وَفِي رِوَايَة الْأَصْمَعِي أَنَّهَا قَالَت لَهُ: مَا فعلت بك مَا فعلت لتكافئني فَسَأَلَ عَنْهَا فَقيل: كَثِيرَة.

فَذكرهَا فِي شعره.

ثمَّ مضى حَتَّى دخل مَكَّة فَأتى أَهله لَيْلًا فَلَمَّا دخل عَلَيْهِم بكوا وَقَالُوا: مَا خرج عَنَّا طَلَبك)

إِلَّا فِي هَذِه السَّاعَة فَانْجُ بِنَفْسِك. فَأَقَامَ عِنْدهم حَتَّى أَسحر ثمَّ نَهَضَ وَمَعَهُ العبدان حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة.

فجَاء إِلَى عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب عِنْد الْمسَاء

ص: 286

وَهُوَ يعشي أَصْحَابه فَجَلَسَ مَعَهم وَجعل يتعاجم فَلَمَّا خرج أَصْحَابه كشف عَن وَجهه وَقَالَ: جِئْت عائذاً بك.

فَكتب ابْن جَعْفَر إِلَى أم الْبَنِينَ بنت عبد الْعَزِيز وَهِي زَوْجَة الْوَلِيد بن عبد الْملك لتشفع لَهُ فشفعها فِيهِ وَقَالَ لَهَا: مريه أَن يحضر مجْلِس العشية.

فَحَضَرَ مَعَ النَّاس فَأذن لَهُم وَأخر الْإِذْن لَهُ حَتَّى اخذوا مجَالِسهمْ ثمَّ أذن لَهُ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ عبد الْملك: يَا أهل الشَّام أتعرفون هَذَا قَالُوا: لَا. قَالَ: هَذَا عبيد الله بن قيس الرقيات الَّذِي يَقُول: الْخَفِيف

(كَيفَ نومي على الْفراش وَلما

تَشْمَل الشَّام غارةٌ شعواء)

(تذهل الشَّيْخ عَن بنيه وتبدي

عَن خدام العقيلة الْعَذْرَاء)

قَالُوا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اسقنا دم هَذَا الْمُنَافِق. قَالَ: الْآن وَقد أمنته وَصَارَ على بساطي وَفِي منزلي إِنَّمَا أخرت الْإِذْن لَهُ لتقتلوه فَلم تَفعلُوا فاستأذنه فِي الإنشاد فَأذن لَهُ.

فأنشده: عَاد لَهُ من كَثِيرَة الطَّرب حَتَّى وصل فِيهَا إِلَى قَوْله: المنسرح

(إِن الْأَغَر الَّذِي أَبوهُ أَبُو ال

عاصي عَلَيْهِ الْوَقار والحجب)

(خَليفَة الله فِي رَعيته

جَفتْ بِذَاكَ الأقلام والكتب)

(يعتدل التَّاج فَوق مفرقه

على جبينٍ كَأَنَّهُ الذَّهَب)

ص: 287

فَقَالَ لَهُ عبد الْملك: يَا ابْن قيس تمدحني بِمَا يمدح بِهِ الْأَعَاجِم وَتقول فِي مُصعب بن الزبير: الْخَفِيف

(إِنَّمَا مصعبٌ شهابٌ من ال

لَهُ تجلت عَن وَجهه الظلماء)

(ملكه ملك رحمةٍ لَيْسَ فِيهِ

جبروتٌ وَلَا بِهِ كبرياء)

(يَتَّقِي الله فِي الْأُمُور وَقد أُفٍّ

لح من كَانَ همه الاتقاء)

أما الْأمان فقد سبق لَك وَلَكِن وَالله لَا تَأْخُذ مَعَ الْمُسلمين عَطاء أبدا فَقَالَ ابْن قيس لِابْنِ)

جَعْفَر: وَمَا يَنْفَعنِي أماني تركت حَيا كميتٍ لَا آخذ مَعَ النَّاس عَطاء أبدا فَقَالَ لَهُ ابْن جَعْفَر: كم بلغت من السن قَالَ: سِتِّينَ سنة.

قَالَ: فعمر نَفسك. قَالَ: عشْرين سنة. قَالَ: كم عطاؤك قَالَ: ألفا دِرْهَم. فَأمر لَهُ بِأَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم

وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء: لما قتل مُصعب وَصَارَ الْأَمر إِلَى عبد الْملك بن مَرْوَان أَتَى عبيد الله بن قيس عبد الله ابْن جَعْفَر يستشفع بِهِ إِلَى عبد الْملك فَقَالَ لَهُ عبد الله بن جَعْفَر: إِذا دخلت معي على عبد الْملك فَكل أكلا يستشنعه عبد الْملك بن مَرْوَان.

فَفعل فَقَالَ: من هَذَا يَا ابْن جَعْفَر قَالَ: هَذَا أكذب النَّاس إِن قتل. قَالَ: وَمن هُوَ قَالَ: الَّذِي يَقُول: المنسرح

(مَا نقموا من بني أُميَّة إِ

لَا أَنهم يحملون إِن غضبوا)

(وَأَنَّهُمْ مَعْدن الْمُلُوك فَلَا

تصلح إِلَّا عَلَيْهِم الْعَرَب)

ص: 288

قَالَ: قد عَفَوْنَا عَنهُ وَلَكِن لَا يَأْخُذ مَعَ الْمُسلمين عَطاء. فَكَانَ ابْن جَعْفَر إِذا خرج عطاؤه يُعْطِيهِ مِنْهُ. انْتهى.

وَفِي رِوَايَة صَاحب الأغاني: قَالَ ابْن قيس الرقيات: تسْأَل أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن أَمْرِي. قَالَ: نعم فَركب ابْن جَعْفَر فَدخل مَعَه إِلَى عبد الْملك فَلَمَّا قدم الطَّعَام جعل يسيئ الْأكل فَقَالَ عبد الْملك: من هَذَا يَا بن جَعْفَر قَالَ: هَذَا إنسانٌ لَا يجوز إِلَّا أَن يكون صَادِقا إِن اُسْتُبْقِيَ وَإِن قتل كَانَ أكذب النَّاس. قَالَ: وَكَيف ذَلِك قَالَ: لِأَنَّهُ الَّذِي يَقُول:

(مَا نقموا من بني أُميَّة إِ

لَا أَنهم يحملون إِن غضبوا)

الأبيات.

فَإِن قتلته لغضبك عَلَيْهِ كَذبته فِيمَا مدحكم بِهِ. قَالَ: هُوَ آمن وَلَكِن لَا أعْطِيه عَطاء من بَيت المَال. قَالَ: وَلم وَقد وهبته لي فَأحب أَن تهب لي عطاءه أَيْضا كَمَا وهبت لي دَمه وعفوت لي عَن ذَنبه قَالَ: قد فعلت. قَالَ: قد فعلت. قَالَ: وتعطيه مَا

فَاتَهُ من الْعَطاء قَالَ: قد فعلت.

وَأمر لَهُ بذلك. انْتهى.

وَقَوله: كَيفَ نومي على الْفراش الْبَيْتَيْنِ أوردهما ابْن السَّيِّد فِي أول أَبْيَات مَعَانِيه وَقَالَ: الْغَارة الِاسْم والإغارة الْمصدر. والشعواء: الواسعة.)

ص: 289

وَأنْشد بعده الطَّوِيل

(وَمن طلب الأوتار مَا حز أَنفه

قصيرٌ ورام الْمَوْت بِالسَّيْفِ بيهس)

(نعَامَة لما صرع الْقَوْم رهطه

تبين فِي أثوابه كَيفَ يلبس)

على أَن الشَّاعِر قد أتبع اللقب الِاسْم فَإِن بيهساً اسْم رجل ونعَامَة لقبه وَهُوَ عطف بَيَان لبيهس.

قَالَ شَارِح اللّبَاب: هَذَا من الأجراء فِي الْمُفْرد فَإِن نعَامَة وبيهس: اسمان لذاتٍ وَاحِدَة وَالثَّانِي لقب فَكَانَ الْقيَاس إِضَافَة الْعلم إِلَى اللقب وَقد أجري عَلَيْهِ.

وَكَذَا قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَذكرته قَالَ: إِذا كَانَ الِاسْم واللقب مفردين بِلَا أل أضيف الِاسْم إِلَى اللقب.

وَقد يجمع بَينهمَا ويفصل أَحدهمَا عَن الآخر وَجَاء ذَلِك فِي الشّعْر. وَأنْشد الْبَيْتَيْنِ.

وَمَا فِي مَا حز إِمَّا زَائِدَة أَي: وَمن طلب الأوتار حز أَنفه قصير وَهُوَ إِشَارَة إِلَى قصَّة قصير مَعَ الزباء وَهِي مَشْهُورَة. أَو مَصْدَرِيَّة على أَنه مبتدأٌ مَعَ خَبره وَالْجَار وَالْمَجْرُور وَهُوَ من طلب خَبره مقدما عَلَيْهِ أَي: حز أَنفه حاصلٌ من جِهَة طلب الأوتار. ونعَامَة عطف بَيَان لبيهس وَهُوَ مَحل الاستشهاد. وَمحل كَيفَ نصبٌ على الْحَال وَالْعَامِل يلبس وَالْجُمْلَة وَهِي كَيفَ مَعَ مَا عمل فِيهِ سادٌّ

ص: 290

مسد المفعولين لتبين. وَلَا يجوز أَن يكون مَفْعُولا لتبين لِئَلَّا يبطل صدريته. انْتهى.

والبيتان من قصيدة للمتلمس أورد مِنْهَا أَبُو تَمام فِي الحماسة بَعْضهَا. وَهَذَا أول مَا أوردهُ: الطَّوِيل

(ألم تَرَ أَن الْمَرْء رهن منيةٍ

صريعٌ لعافي الطير أَو سَوف يرمس)

(فَلَا تقبلن ضيماً مَخَافَة ميتةٍ

وموتن بهَا حرا وجلدك أملس)

فَمن طلب الأوتار مَا حز أَنفه

...

... . الْبَيْتَيْنِ

(وَمَا النَّاس إِلَّا مَا رَأَوْا وتحثوا

وَمَا الْعَجز إِلَّا أَن يضاموا فيجلسوا))

(ألم تَرَ أَن الجون أصبح راسياً

تطيف بِهِ الْأَيَّام مَا يتأيس)

(عصى تبعا أزمان أهلكت الْقرى

يطان عَلَيْهِ بالصفيح ويكلس)

(هَلُمَّ إِلَيْهَا قد أثيرت زروعها

وعادت عَلَيْهَا المنجنون تكدس)

(وَذَاكَ أَوَان الْعرض حَيّ ذبابه

زنابيره والأزرق المتلمس)

(يكون نذيرٌ من ورائي جنَّة

وينصرني مِنْهُم جليٌّ وأحمس)

(وَجمع بني قرَان فاعرض عَلَيْهِم

فَإِن تقبلُوا هاتا الَّتِي نَحن نوبس)

(وَإِن يَك عَنَّا فِي حبيبٍ تثاقلٌ

فقد كَانَ منا مقنبٌ مَا يعرس)

هَذَا مَا أوردهُ أَبُو تَمام.

قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: إِنَّمَا قَالَ هَذَا فِيمَا كَانَ بَين بني حنيفَة وَبَين ضبيعة بِالْيَمَامَةِ فَأَرَادَ بَنو حنيفَة فنهاهم أَن يقيموا على الذل وَأَن يقبلُوا

ص: 291

الضيم من قَومهمْ وَأمرهمْ بقتالهم حَتَّى يعطوهم حَقهم.

وَمعنى ألم تَرَ: ألم تعلم. يَقُول: الْإِنْسَان مرتهنٌ بِأَجل فإمَّا أَن يَمُوت حتف أَنفه فيدفن وَإِمَّا أَن يقتل فِي معركة فَيتْرك لعوافي الطير وَالسِّبَاع. وَهُوَ جمع عَافِيَة وَهُوَ كل طَالب رزقٍ من إِنْسَان أَو بَهِيمَة أَو طَائِر. والرمس: الدّفن.

وَقَوله: فَلَا تقبلن ضيماً إِلَخ الضيم: الظُّلم والهضم. وميتَة: فعلة من الْمَوْت تكون للْحَال والهيئة أَي: لَا تقبل الضيم مَخَافَة حالةٍ من حالات الْمَوْت وَنَوع من أَنْوَاعه.

وميتة مرجع الضَّمِير فِي بهَا أَي: مت بِتِلْكَ الْميتَة حرا لم يستعبدك الْحر. وجلدك أملس: نقيٌّ من الْعَار سليمٌ من الْعَيْب.

يُرِيد أَن الْمَوْت نَازل بك على كل حَال فَلَا تتحمل الْعَار خوفًا مِنْهُ.

وَقَوله: فَمن طلب الأوتار من للتَّعْلِيل ومَا إِمَّا زَائِدَة وَإِمَّا مَصْدَرِيَّة. والأوتار: جمع وتر بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا: الثأر والذحل. وحز بِالْحَاء الْمُهْملَة والزاء الْمُعْجَمَة: ماضٍ من حززت الْخَشَبَة حزاً من بَاب قتل: فرضتها. والحز: الْفَرْض. وَأَنْفه مَفْعُوله وقصير فَاعله. وصرع مُبَالغَة صرعته صرعاً من بَاب نفع إِذا قتلته. وَالْقَوْم فَاعله ورهطه مَفْعُوله. والرَّهْط: مَا دون عشرَة من الرِّجَال لَيْسَ فيهم امْرَأَة وَقيل: من سَبْعَة إِلَى عشرَة. وَمَا دون السَّبْعَة إِلَّا ثلاثةٍ نفرٌ.)

وَقَالَ أَبُو زيد: الرَّهْط والنفر: مَا دون الْعشْرَة من الرِّجَال. وَقَالَ ثَعْلَب: الرَّهْط والنفر وَالْقَوْم

ص: 292

والمعشر وَالْعشيرَة معناهم الْجمع لَا وَاحِد لَهُم من لَفظهمْ وَهُوَ للرِّجَال دون النِّسَاء.

وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّهْط والعترة بِمَعْنى. ورهط الرجل: قومه وقبيلته الأقربون. كَذَا فِي الْمِصْبَاح. وتبين بِمَعْنى علم. وَهَذَا الْكَلَام من المتلمس تحضيضٌ على دفع الضيم وركوب الإباء من الْتِزَام الْعَار فَلذَلِك أَخذ يذكر بِحَال من لم يزل يحتال حَتَّى أدْرك مباغيه من أعدائه.

وَفِي الْبَيْت إشارةٌ إِلَى قصتين: إِحْدَاهمَا: قصَّة قصير صَاحب جذيمة الأبرش مَعَ الزباء وَالثَّانيَِة: قصَّة بيهس.

أما الأولى فقد رَوَاهَا صَاحب الأغاني عَن ابْن حبيب قَالَ: كَانَ جذيمة الأبرش من أفضل الْمُلُوك رَأيا وأبعدهم مغاراً وأشدهم نكاية. وَهُوَ أول من استجمع لَهُ الْملك بِأَرْض الْعرَاق.

فقصد فِي جموعه عَمْرو بن الظرب بن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر العاملي من عاملة العماليق فَجمع عمرٌ وجموعه ولقيه فَقتله جذيمة وفض

جموعه فانفلوا وملكوا بعده عَلَيْهِم ابْنَته الزباء وَكَانَت من أحزم النِّسَاء فخافت أَن يغزوها مُلُوك الْعَرَب فاتخذت لنَفسهَا نفقاً فِي حصنٍ كَانَ لَهَا على شاطئ الْفُرَات وسكرت الْفُرَات فِي وَقت قلَّة المَاء وَبني فِي بَطْنه أزجاً من الْآجر والكلس مُتَّصِلا بذلك النفق وَجعلت نفقاً آخر فِي الْبَريَّة مُتَّصِلا

ص: 293

بِمَدِينَة أُخْتهَا ثمَّ أجرت المَاء عَلَيْهِ فَكَانَت إِذا خَافت عدوا دخلت النفق.

فَلَمَّا استجمع لَهَا أمرهَا واستحكم ملكهَا أَرَادَت أَن تغزو جذيمة ثائرةً بأبيها فَقَالَت لَهَا أُخْتهَا وَكَانَت ذَات رَأْي وحزم: الرَّأْي ابعثي إِلَيْهِ فأعلميه أَنَّك قد رغبت فِي أَن تتزوجيه وتجمعي ملكك وسليه أَن يجيبك فَإِن اغْترَّ ظَفرت بِهِ بِلَا مخاطرة.

فكتبن إِلَيْهِ بذلك فاستخفه الطمع وشاور أَصْحَابه فكلٌّ صوب رَأْيه فِي قَصدهَا وإجابتها إِلَّا قصير بن سعد بن عَمْرو بن جذيمة بن قيس بن هِلَال بن نمارة ابْن لخم فَقَالَ: هَذَا رَأْي فاتر وغدرٌ حَاضر فَإِن كَانَت صَادِقَة فلتقبل إِلَيْك وَإِلَّا فَلَا تَملكهَا من نَفسك.

فَلم يُوَافق جذيمة قَوْله ورحل إِلَيْهَا فَلَمَّا دخل عَلَيْهَا أمرت بِقطع رواهشه ونزف دَمه إِلَى أَن مَاتَ.

فَخرج قصيرٌ إِلَى عَمْرو بن عدي ابْن أُخْت جذيمة فَقَالَ: هَل لَك فِي أَن أصرف الْجنُود إِلَيْك على أَن تطلب بِدَم خَالك فَجعل ذَلِك لَهُ فَأتى القادة والأعلام فَقَالَ: أَنْتُم القادة والرؤساء)

وَعِنْدنَا الْأَمْوَال والكنوز.

فَانْصَرف إِلَيْهِ مِنْهُم بشرٌ كثير وملكوا عَمْرو بن عدي فَقَالَ قصير: انْظُر مَا وَعَدتنِي بِهِ فِي الزباء.

قَالَ: وَكَيف وَهِي أمنع من عِقَاب الجو فَقَالَ: إِذا أَبيت فَإِنِّي جادعٌ أنفي وأذني ومحتالٌ لقتلها فأعني وخلاك ذمّ. فَقَالَ لَهُ عَمْرو: أَنْت أبْصر. فجدع قصيرٌ أَنفه ثمَّ انْطلق حَتَّى دخل على الزباء فَقَالَ: أَنا قصير لَا وَرب الْبشر مَا كَانَ عَليّ ظهر الأَرْض

ص: 294

أحدٌ كَانَ أنصح لجذيمة مني وَلَا أغش لَك حَتَّى جدع عَمْرو ابْن عدي أنفي وأذني فَعرفت أَنِّي لم أكن مَعَ أحد أثقل عَلَيْهِ مِنْك.

فَقَالَت: أَي قصير نقبل ذَلِك مِنْك ونصرفك فِي بضاعتنا. فَأَعْطَتْهُ مَالا للتِّجَارَة فَأتى بَيت مَال الْحيرَة فَأخذ مِمَّا فِيهِ بِأَمْر عَمْرو بن عدي مَا ظن أَنه يرضيها وَانْصَرف إِلَيْهَا بِهِ.

فَلَمَّا رَأَتْ مَا جَاءَ بِهِ فرحت بِهِ وزادته وَلم يزل بهَا حَتَّى أنست بِهِ فَقَالَ لَهَا يَوْمًا: إِنَّه لَيْسَ من ملكةٍ وَلَا ملك إِلَّا وَيَنْبَغِي لَهَا أَن تتَّخذ نفقاً تهرب إِلَيْهِ عِنْد حُدُوث حَادِثَة.

فَقَالَت: إِنِّي قد فعلت ذَلِك تَحت سَرِيرِي هَذَا يخرج إِلَى نفقٍ تَحت سَرِير أُخْتِي. وأرته إِيَّاه.

فأظهر سُرُورًا بذلك وَخرج فِي تِجَارَته كَمَا كَانَ يفعل وَعرف عَمْرو بن عدي مَا فعله فَركب عَمْرو فِي ألفي دارعٍ على ألف بعير فِي جوالق حَتَّى إِذا صَارُوا إِلَيْهَا تقدم قصيرٌ وَدخل على الزباء فَقَالَ: اصعدي حَائِط مدينتك فانظري إِلَى مَالك فَإِنِّي قد جِئْت بمالٍ صَامت.

وَقد كَانَت أمنته فَلم تكن تتهمه فَلَمَّا نظرت إِلَى ثقل مشي الْجمال قَالَت وَقيل إِنَّه مصنوعٌ مَنْسُوب إِلَيْهَا: الرجز

(مَا للجمال مشيها وئيدا

أجندلاً يحملن أم حديدا)

الأبيات الْمَشْهُورَة.

فَلَمَّا دخلت الْإِبِل خَرجُوا من الجوالق فثاروا بِأَهْل الْمَدِينَة ضربا بِالسَّيْفِ ودخلوا عَلَيْهَا قصرهَا فهربت تُرِيدُ السرب فَوجدت قَصِيرا قَائِما عِنْده بِالسَّيْفِ فَانْصَرَفت رَاجِعَة واستقبلها عَمْرو بن عدي فضربها. وَقيل: بل مصت خاتمها وَقَالَت: بيَدي لَا بيد عَمْرو وَخَربَتْ الْمَدِينَة وسبيت الذَّرَارِي وغنم عمرٌ وكل شيءٍ كَانَ لَهَا ولأبيها وَأُخْتهَا. انْتهى.

ص: 295

وَأما بيهس الَّذِي يلقب نعَامَة فَهُوَ رجلٌ من بني فَزَارَة وَكَانَ يحمق فَقتل لَهُ سَبْعَة إخْوَة فَجعل)

يلبس الْقَمِيص مَكَان السَّرَاوِيل والسراويل مَكَان الْقَمِيص فَإِذا سُئِلَ عَن ذَلِك قَالَ: الرجز فتوصل بِمَا صوره من حَاله عِنْد النَّاس إِلَى أَن طلب بدماء إخْوَته.

وَقَوله: البس لكل حَالَة إِلَخ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي أَمْثَاله: قَالَه بيهس حِين شقّ قَمِيصه فَغطّى بِهِ رَأسه وكشف استه بعد قتل إخْوَته. وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنه افتضح بِقَتْلِهِم وَإنَّهُ إِن لم يثأر بهم فَهُوَ كالمقنع رَأسه واسته مكشوفةٌ. يضْرب فِي تلقي كل حَال بِمَا يَلِيق بهَا. انْتهى.

وَقد أوردهُ فِي الْكَشَّاف عِنْد قَوْله تَعَالَى: وعلمناه صَنْعَة لبوس على أَن أصل لبوس اللبَاس بِمَعْنى مَا يلبس.

وَقد أَخطَأ خضرٌ الْموصِلِي فِي شرح شَوَاهِد التفسيرين فِي نسبته إِلَى بيهس ابْن صُهَيْب الْقُضَاعِي وَهُوَ شَاعِر إسلامي فِي الدولة المروانية وَقد تَرْجمهُ الْأَصْبَهَانِيّ فِي الأغاني بحكاياتٍ ونقلها خضر مِنْهَا ونسبها إِلَى قَائِل الْبَيْت. وَقد حصل لَهُ اشتباهٌ من اتِّفَاق الاسمين.

وَقَائِل الْبَيْت جاهليٌّ وَقد ضرب بِهِ الْمثل فِي الْجَاهِلِيَّة

ص: 296

وَقَالَ أَبُو عبيد: المدركون الثأر فِي الْجَاهِلِيَّة ثَلَاثَة: بيهس وقصير وَسيف ابْن ذِي يزن.

وبيهس صَاحب الْبَيْت كَمَا فِي الجمهرة هُوَ بيهس بن خلف بن هِلَال بن غراب بن ظَالِم بن فَزَارَة بن ذبيان. فَهُوَ عدنانيٌّ وَذَاكَ قحطاني.

قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ فِي الجمهرة: بيهس وَإِخْوَته التِّسْعَة مِنْهُم: نفر وربيع وحصين بَنو خلف كَانُوا وَالْمَشْهُور أَنهم سَبْعَة.

وَهَذِه قصَّته من مجمع الْأَمْثَال للميداني قَالَ: بيهس الْفَزارِيّ الملقب بنعامة كَانَ سَابِع سَبْعَة إخوةٍ فَأَغَارَ عَلَيْهِم ناسٌ من أَشْجَع بَينهم وَبينهمْ حَرْب وهم فِي إبلهم فَقتلُوا مِنْهُم سِتَّة وَبَقِي بيهس وَكَانَ يحمق وَكَانَ أَصْغَرهم فأرادوا قَتله ثمَّ قَالُوا: وَمَا تُرِيدُونَ من قتل هَذَا يحْسب عَلَيْكُم برجلٍ وَلَا خير فِيهِ. فَتَرَكُوهُ فَقَالَ: دَعونِي أتوصل مَعكُمْ.

فَلَمَّا كَانَ من الْغَد نزلُوا فنحروا جزوراً فِي يَوْم شَدِيد الْحر فَقَالُوا: ظللوا لحمكم لَا يفْسد. فَقَالَ بيهس: لَكِن بالأثلات لَحْمًا لَا يظلل يُرِيد إخْوَته فَذَهَبت مثلا.

فَلَمَّا قَالَ ذَلِك قَالُوا: إِنَّه لمنكرٌ وهموا أَن يقتلوه ثمَّ تَرَكُوهُ وظلوا يشوون من لحم الْجَزُور ويأكلون فَقَالَ أحدهم: مَا أطيب يَوْمنَا وأخصبه

ص: 297

فَقَالَ بيهس: لَكِن على بلدح قومٌ عجفى. فأرسلها مثلا.)

ثمَّ انشعب طريقهم فَأتى أمه فَأَخْبرهَا الْخَبَر قَالَت: فَمَا جَاءَنِي بك من بَين إخْوَتك فَقَالَ بيهس: لَو خيرت لاخترت. فَذَهَبت مثلا.

ثمَّ إِن أمه عطفت عَلَيْهِ ورقت فَقَالَ النَّاس: لقد أحبت أم بيهس بيهساً. فَقَالَ: ثكلٌ أرأمها ولدا أَي: أعطفها على ولد. فأرسلها مثلا.

ثمَّ إِن أمه جعلت تعطيه ثِيَاب إخْوَته فيلبسها فَيَقُول: يَا حبذا التراث لَوْلَا الذلة. فأرسلها مثلا.

ثمَّ إِنَّه أَتَى على ذَلِك مَا شَاءَ الله فَمر بنسوة من قومه يصلحن امْرَأَة مِنْهُنَّ يردن أَن يهدينها لبَعض قتلة إخْوَته فكشف ثَوْبه عَن استه وغطى رَأسه فَقُلْنَ: وَيلك مَا تصنع يَا بيهس فَقَالَ: البس لكل حَالَة. . الْبَيْت.

فأرسلها مثلا.

ثمَّ أَمر نسَاء من بني كنَانَة وَغَيرهَا فصنعن لَهُ طَعَاما فَجعل يَأْكُل وَيَقُول: حبذا كَثْرَة الْأَيْدِي فِي غير طَعَام. فأرسلها مثلا فَقَالَت أمه: لَا يطْلب هَذَا بثأر فَقَالَ: لَا تأمن الأحمق وَفِي يَده سكين. فأرسلها مثلا.

ثمَّ إِنَّه أخبر أَن أُنَاسًا من أَشْجَع فِي غارٍ يشربون فِيهِ فَانْطَلق بخالٍ لَهُ يُقَال لَهُ أَبُو حَنش فَقَالَ لَهُ: هَل لَك فِي غارٍ فِيهِ ظباءٌ لَعَلَّنَا نصيبٌ مِنْهَا ويروى: هَل لَك فِي غنيمَة بَارِدَة. فأرسلها مثلا.

فَانْطَلق بيهس

ص: 298

بخاله حَتَّى أَقَامَهُ على فَم الْغَار ثمَّ دفع أَبَا حَنش فِي الْغَار فَقَالَ: ضربا أَبَا حَنش فَقَالَ بَعضهم: إِن أَبَا حَنش لبطل فَقَالَ أَبُو حَنش: مكرهٌ أَخَاك لَا بَطل. فأرسلها مثلا.

وَقَوله: لَكِن على بلدح قومٌ عجفى يضْرب فِي التحزن بالأقارب. وبلدح كجعفر: جبلٌ فِي طَرِيق جدة على أَرْبَعَة أَمْيَال من مَكَّة.

وَقَوله: وَمَا النَّاس إِلَّا مَا رَأَوْا إِلَخ رَوَاهُ أَبُو عَمْرو: الطَّوِيل

(وَمَا الْبَأْس إِلَّا حمل نفسٍ على السرى

وَمَا الْعَجز إِلَّا نومةٌ وتشمس)

وَمعنى الأول: مَا النَّاس إِلَّا رُؤْيَة وتحدث أَي: اعْتِبَار بِالْمُشَاهَدَةِ أَو بِمَا يرْوى من أَخْبَار الْأُمَم.

وَقَوله: ألم تَرَ أَن الجون إِلَخ بِفَتْح الْجِيم: حصن الْيَمَامَة. يَقُول: لَا توعدونا فَإِن حصننا حُصَيْن لَا يُوصل إِلَيْهِ وَلَا يستباح حماه. وَجُمْلَة: تطيف إِلَخ إِمَّا فِي مَوضِع خبر ثَان لأصبح وَإِمَّا صفة)

لراسياً. وَمَا يتأيس: لَا يلين فِي مَوضِع الْحَال.

وَقَوله: عصى تبعا أزمان إِلَخ يَقُول: إِن تبعا لما غزا الْقرى والمدن لم يصل إِلَى الْيَمَامَة. ويطان عَلَيْهِ بالصفيح أَي: يَجعله بدل طينه فِي الْإِصْلَاح والعمارة.

وَيجوز أَن يكون بالصفيح حَالا أَي: يطان ويكلس بصفاحه أَي: هُوَ مبنيٌّ بِالْحِجَارَةِ. ويكلس: يصهرج. والكلس:

ص: 299

الصاروج. والصفيح: الْحِجَارَة العراض.

وَمَعْنَاهُ أَنه يبْنى على الْمِيَاه الَّتِي هِيَ كالصفيح. والصفيح: السيوف وَاحِدهَا صفيحة. وَيُشبه المَاء إِذا كَانَ صافياً بِالسَّيْفِ. وَذكر المَاء وَأَرَادَ الْعِمَارَة لِأَنَّهَا بِهِ تكون.

وَقَوله: هَلُمَّ إِلَيْهَا إِلَخ يُخَاطب النُّعْمَان. وَهَذَا تهكمٌ وسخرية. يَقُول: إِن قدرت عَلَيْهَا فاقصدها فَإِنَّهَا أخصب مَا يكون مزدرعها مثار ودواليبها تَدور. وَضمير إِلَيْهَا لليمامة. والمنجنون: الدولاب. وَمعنى تكدس: يركب بَعْضهَا بَعْضًا فِي الدوران. وَيسْتَعْمل فِي سير الدَّوَابّ وَغَيرهَا.

وَقَوله: وَذَاكَ أَوَان الْعرض بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة: وَاد من أَوديَة الْيَمَامَة. وَحي أَي: عَاشَ بِالْخصْبِ. وروى: جن أَي: كثر ونشط. وزنابيره بدل من ذبابه. وذباب الرَّوْض قد يُسمى الزنابير.

وَقَوله: الْأَزْرَق المتلمس: جنسٌ آخر يكون أَخْضَر ضخماً. والمتلمس: الطَّالِب.

وَقد سمي الشَّاعِر المتلمس بِهَذَا الْبَيْت واسْمه جرير. وَلَك أَن تنصب الأوان وترفع الْعرض بِالِابْتِدَاءِ وَاسم الزَّمَان يُضَاف إِلَى الْجمل كَأَنَّهُ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذكرت هُوَ فِي ذَاك الأوان.

وَقَوله: يكون نَذِير من ورائي إِلَخ هُوَ نَذِير من بهثة بن وهب. وَقيل: أَرَادَ بالنذير: الْمُنْذر.

وَالْمعْنَى: إِنِّي لمرصدٌ لَهُم من ينذرني بهم فأتقي وأتحرز. وجليٌّ بِضَم الْجِيم وَفتح اللَّام وَتَشْديد الْيَاء وأحمس: بطْنَان من ضبيعة

ص: 300

بن ربيعَة.

يَقُول: فَإِذا جَاءَ وَقت التحارب قَامَ بنصري هَذَانِ البطنان. وَقيل: نذيرٌ وجليٌّ: أَخَوان وَقَوله: وَجمع بني قرَان إِلَخ جمع مَنْصُوب بِفعل مُضْمر كَأَنَّهُ قَالَ: سم جمع بني قرَان.

وَمعنى الْبَيْت: أجرونا مجْرى نظائرنا فَإنَّا نرضى بهم قدوة واعرضوا مَا تسوموننا على بني قرَان فَإِن التزموه وقبلوه فلنا بهم أُسْوَة وَإِلَّا فالامتناع وَاجِب.

وَقَوله: هاتا إِلَخ أَي: هَذِه الخطة الَّتِي نكره عَلَيْهَا. والأبس: الْقَهْر. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أبست)

الرجل إِذا لَقيته بِمَا يكره وأبسته إِذا وضعت مِنْهُ باستخفافٍ وإهانة.

قَوْله: فَإِن يقبلُوا بالود نقبل بِمثلِهِ إِلَخ أعَاد الشَّرْط وَذَلِكَ أَنه قَالَ قبل هَذَا: فَإِن يقبلُوا هاتا وَلم يَأْتِ لَهُ بِجَوَاب ثمَّ قَالَ: فَإِن يقبلُوا بالود نقبل بِمثلِهِ فَاكْتفى بجوابٍ وَاحِد لاشْتِمَاله على مَا يكون جَوَابا لَهما فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِن قبلوا مَا نوبس بِهِ نقبل مثله وَأَن أَقبلُوا بعد ذَلِك وادين أَقبلنَا وَإِلَّا فَنحْن أَشد أَو أبلغ شماساً أَي: امتناعا.

وَكَانُوا بَنو ضبيعة حلفاء لبني ذهل بن ثَعْلَبَة بن عكابة فَوَقع بَينهم نزاع فعاتبهم المتلمس.

وَقَوله: وَإِن يَك عَنَّا إِلَخ أَرَادَ: حبيب فَخفف وَهُوَ حبيب بن كَعْب بن يشْكر بن بكر بن وَائِل. يَقُول: إِن تكاسل بَنو حبيب عَن إِدْرَاك ثَأْرنَا فقد كَانَ منا من يدأب ويسهر. والمقنب بِالْكَسْرِ: زهاء ثلثمائةٍ

ص: 301