الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده: الطَّوِيل
(هما نفثا فِي فِي من فمويهما
…
على النابح العاوي أَشد رجام)
وَتقدم شَرحه مفصلا فِي الشَّاهِد السَّادِس وَالْعِشْرين بعد الثلثمائة.
وَضمير التَّثْنِيَة لإبليس وَابْن إِبْلِيس. ونفثا ألقيا على لساني. والنابح: هُنَا أَرَادَ بِهِ من يتَعَرَّض للهجو والسب من الشُّعَرَاء وَأَصله فِي الْكَلْب. وَمثله العاوي.
والرجام: مصدر راجمه بِالْحِجَارَةِ أَي: راماه. وراجم فلانٌ عَن قومه إِذا دَافع عَنْهُم. جعل الهجاء فِي مُقَابلَة الهجاء كالمراجمة لجعله الهاجي كَالْكَلْبِ النابح.
وَالْبَيْت آخر قصيدة للفرزدق قَالَهَا فِي آخر عمره تَائِبًا إِلَى الله تَعَالَى مِمَّا فرط مِنْهُ من مهاجاته النَّاس وذم فِيهَا إِبْلِيس لإغوائه إِيَّاه فِي شبابه.
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
الْكَامِل يديان بيضاوان عِنْد محلمٍ هَذَا صدرٌ وعجزه: قد يمنعانك أَن تضام وتضهدا على أَنه مثنى يدا بِالْقصرِ فَلَمَّا ثني قلبت أَلفه يَاء كفتيان
فِي مثنى فَتى لِأَن أَصْلهَا الْيَاء فَإِن وَإِنَّمَا قلبت فِي الْمُفْرد ألفا لانفتاح مَا قبلهَا. وتقلب واواً فِي النِّسْبَة إِلَيْهَا عِنْد الْخَلِيل وسيبويه فَيُقَال: يدويٌّ.
قَالَ صَاحب الصِّحَاح: وَبَعض الْعَرَب يَقُول لليد: يدا مثل رَحا.
قَالَ الشَّاعِر: الرجز
(يَا رب سارٍ بَات مَا توسدا
…
إِلَّا ذِرَاع العنس أَو كف اليدا)
يديان بيضاوان
…
...
…
...
…
... . . الْبَيْت وَكَذَا قَالَ ابْن يعِيش. وَفِيه ردٌّ على من زعم أَن يديان مثنى يَد ردَّتْ لامه شذوذاً كالزمخشري فِي الْمفصل.
قَالَ ابْن يعِيش: مَتى كَانَت اللَّام الساقطة ترجع فِي الْإِضَافَة فَإِنَّهَا ترد إِلَيْهِ فِي التَّثْنِيَة لَا يكون إِلَّا كَذَلِك.
وَإِذا لم ترجع فِي الْإِضَافَة لم ترجع فِي التَّثْنِيَة كأب وَأَخ تَقول: أَخَوان وأبوان لِأَنَّك تَقول فِي الْإِضَافَة: أَبوك وأخوك فترى اللَّام رجعت فِي الْإِضَافَة فَلذَلِك رَددتهَا فِي التَّثْنِيَة.
وَذَلِكَ لأَنا رَأينَا التَّثْنِيَة قد ترد الذَّاهِب الَّذِي لَا يعود فِي الْإِضَافَة كَقَوْلِك فِي يَد: يديان وَفِي دم: دموان. وَأَنت تَقول فِي الْإِضَافَة يدك ودمك فَلَا ترد الذَّاهِب.
فَلَمَّا قويت التَّثْنِيَة على رد مَا لم ترده الْإِضَافَة صَارَت أقوى من الْإِضَافَة. وَحمل أَصْحَابنَا يديان على الْقلَّة والشذوذ وجعلوه من قبيل الضَّرُورَة.
وَالَّذِي أرَاهُ أَن بعض الْعَرَب يَقُول فِي الْيَد: يدا فِي الْأَحْوَال كلهَا يَجعله مَقْصُورا كرحاً. إِلَى آخر مَا ذكره الْجَوْهَرِي.
وَكَذَا صنع ابْن الشجري فِي أَمَالِيهِ قَالَ: ويدٌ أَصْلهَا يديٌ لظُهُور الْيَاء فِي تثنيتها ولقولهم:)
يديت إِلَيْهِ يدا أَي: أسديت إِلَيْهِ نعْمَة.
قَالَ: الوافر
(يديت على ابْن حسحاس بن بدرٍ
…
بِأَسْفَل ذِي الجذاة يَد الْكَرِيم)
فَيجوز أَن تكون الْيَد الَّتِي هِيَ النِّعْمَة مَأْخُوذَة من الَّتِي هِيَ الْجَارِحَة لِأَن النِّعْمَة تسدى بِالْيَدِ.
وَيجوز أَن تكون الْجَارِحَة مَأْخُوذَة من النِّعْمَة لِأَن الْيَد نعمةٌ من نعم الله على العَبْد وَيدل على سُكُون عينهَا جمعهَا على أيدٍ لِأَن قِيَاس فعلٍ فِي جمع الْقلَّة أفعل كأكلبٍ وأكعب وأبحر وأنسر فِي جمع نسر.
وَفتح الدَّال فِي التَّثْنِيَة كَقَوْلِه: يديان بيضاوان
…
الْبَيْت لَا يدل على فتحهَا فِي الْوَاحِد لما ذكرته من إِجْرَاء هَذِه المنقوصات على الْحَرَكَة إِذا أُعِيدَت لاماتها وَذَلِكَ لاستمرار حركات الْإِعْرَاب عَلَيْهَا فِي حَال نَقصهَا وَكَذَلِكَ إِذا نسبت إِلَيْهَا أعدت الْمَحْذُوف وَفتحت الدَّال وأبدلت من الْيَاء واواً كَمَا أبدلت من يَاء قَاض. فَقلت: يدويٌّ. هَذَا قَول الْخَلِيل وسيبويه فِي النّسَب إِلَى هَذَا الضَّرْب.
وَأَبُو الْحسن الْأَخْفَش ينْسب إِلَيْهِ على زنته الْأَصْلِيَّة فَيَقُول: يدييٌّ وَفِي غدٍ: غدوي وحرٍ: حرحي. والخليل وسيبويه يَقُولُونَ: غدوي
وحرحي. وَجمع الْيَد الَّتِي هِيَ الْجَارِحَة فِي الْأَكْثَر على أيدٍ وَقد جمعهَا على أياد فِي قَوْله: الرجز قطنٌ سخامٌ بأيادي غزل سخامٌ: ناعم. وَالْيَد الَّتِي هِيَ النِّعْمَة جمعهَا فِي الْأَكْثَر الْأَشْهر على أيادٍ. وَقد جمعوها على الْأَيْدِي وَإِنَّمَا الأيادي جمع الْجمع كَقَوْلِهِم فِي جمع أكلب:
أكالب. وَقَوْلهمْ فِي تثنيتها: يدان أَكثر من قَوْلهم: يديان. فهذت مضادٌّ لقَولهم: دمان ودميان.
انْتهى.
وَكَذَا قَالَ ابْن جني فِي شرح تصريف الْمَازِني قَالَ: إِذا قَالُوا فِي النّسَب إِلَى يدٍ يدوي تركُوا عين الْفِعْل محركة بعد الرَّد لأَنهم لَو حذفوا الْحَرَكَة عِنْد رد اللَّام لكَانَتْ اللَّام كَأَنَّهَا لم ترد لِأَنَّهَا قد وَهَذَا قَول أبي عَليّ فِيمَا أَخَذته عَنهُ وَهُوَ يشْهد لصِحَّة قَول سِيبَوَيْهٍ فِيمَا ذهب إِلَيْهِ فِي تبقية الْحَرَكَة الَّتِي حدثت بعد الْحَذف إِذا رد إِلَى الْكَلِمَة مَا حذف مِنْهَا.)
وَأَبُو الْحسن يذهب إِلَى مَا وَجب بالحذف عِنْد رد الْمَحْذُوف وَالْقَوْل قَول سِيبَوَيْهٍ.
أَلا ترى أَن الشَّاعِر لما رد الْحَرْف الْمَحْذُوف بقى الْحَرَكَة فِي قَوْله: يديان بيضاوان
…
...
…
...
…
...
…
. . الْبَيْت قَالَ أَبُو عَليّ: فَإِن قيل: فَمَا تصنع بقوله: الرجز إِن مَعَ الْيَوْم أَخَاهُ غدوا وَقَول الآخر: الطَّوِيل
(وَمَا النَّاس إِلَّا كالديار وَأَهْلهَا
…
بهَا يَوْم حلوها وغدواً بَلَاقِع)
أَلا ترى أَنه رد اللَّام وَحذف حَرَكَة الْعين. فَهَذَا يشْهد لصِحَّة قَول أبي الْحسن الْأَخْفَش.
فَالْجَوَاب: أَن الَّذِي قَالَ غدواً لَيْسَ من لغته أَن يَقُول: غَد فيحذف بل الَّذِي يَقُول: غَد غير الَّذِي قَالَ غدواً. انْتهى.
قَالَ ابْن المستوفي: الَّذِي قَالَه ابْن جني غير مَا ذكره الْجَوْهَرِي فتثنيته يدين على مَا ذكره ابْن جني صناعية وعَلى مَا ذكره الْجَوْهَرِي لغوية.
وَقد تكلم ابْن السّكيت على يَد زِيَادَة على مَا ذكرنَا فِي كتاب الْمُؤَنَّث والمذكر فأحببنا إِيرَاده تتميماً للفائدة. قَالَ: الْيَد مُؤَنّثَة تصغيرها يدية يرد إِلَيْهَا فِي التصغير مَا نقص مِنْهَا والناقص مِنْهَا يَاء. وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن الشَّاعِر قَالَ: الْكَامِل
(يديان بيضاوان عِنْد محلم
…
قد تمنعانك مِنْهُمَا أَن تهضما)
وَتجمع ثَلَاث أيد ثمَّ جمعوها الأيادي وَلم يَقُولُوا: يَدي بِالضَّمِّ وَلَا أيداء وَهُوَ قِيَاس. فاستغني بأيد وأيادٍ عَنهُ.
قَالَ الشَّاعِر: الطَّوِيل
(فَلَنْ أذكر النُّعْمَان إِلَّا بصالحٍ
…
فَإِن لَهُ عِنْدِي يدياً وأنعما)
فَإِن شِئْت جعلت اليدي بِالْفَتْح على جِهَة عصي وعصي وَتركت ضم أَولهَا أَو كَسره لثقل الضَّم وَالْكَسْر فِي الْيَاء. وَإِن شِئْت جعلته جمعا مفتعلاً مثل عبد وَعبيد وكلب وكليب ومعز ومعيز. وَيُقَال: قد يديته أَي: أصبت يَده وَقد يَدي من يَده إِذا شل مِنْهَا.
وحَدثني الْأَثْرَم عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ:
كنت مَعَ أبي الْخطاب عِنْد أبي عمرٍ وفِي مَسْجِد بني عدي فَقَالَ أَبُو عَمْرو: لَا تجمع أيدٍ بالأيادي إِنَّمَا الأيادي للمعروف. قَالَ: فَلَمَّا قمنا قَالَ لي أَبُو الْخطاب:)
أما إِنَّهَا فِي علمه وَلم تحضره وَهُوَ أروى لهَذَا الْبَيْت مني: الْخَفِيف
انْتهى.
قَالَ بعض فضلاء الْعَجم فِي شرح أَبْيَات الْمفصل: المحلم بِكَسْر اللَّام يُقَال: إِنَّه من مُلُوك الْيمن.
وصف الْيَد وَهِي النِّعْمَة بالبياض عبارةٌ عَن كرم صَاحبهَا.
وَقَوله: عِنْد محلم أَي: لمحلم. يُقَال: عِنْد فلانٍ عطيةٌ أَو مَال أَي: لَهُ ذَلِك. كَذَا فِي المقتبس.
قلت: وَجه التَّشْبِيه على مَا ذكره غير ظَاهر وَالْأَظْهَر أَن يُرَاد العضوان وَيُرَاد ببياضهما نقاؤهما وطهارتهما عَن تنَاول مَا لَا يحسن فِي الدَّين والمروءة. وضامه: ظلمه وَكَذَا هضمه. وضهده: قهره.
وَقَوله: أَن تضام وتضهدا: مفعول ثَان لقَوْله: تمنعانك يُقَال: مَنعه كَذَا وَمنعه من كَذَا.
وروى: قد تنفعانك وَعَلِيهِ فَقَوله: أَن تضام فِي مَحل النصب على الظّرْف أَي: وَقت كونك مَظْلُوما بالنصرة على من يظلمك والإعانة عَلَيْهِ. انْتهى.