الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الْخَيل. والتَّعْرِيس: النُّزُول فِي آخر اللَّيْل.
وَقَوله: مَا يعرس أَي: مَا يستقرون إِذا وتروا وَلَكنهُمْ يغزون ويغيرون أبدا حَتَّى يدركوا والمتلمس شاعرٌ جاهلي واسْمه جرير بن عبد الْمَسِيح وَسمي المتلمس بِالْبَيْتِ الْمَذْكُور.
وَقد تقدّمت تَرْجَمته مفصلة فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتِّينَ بعد الأربعمائة.
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ: الطَّوِيل أَلا يَا ديار الْحَيّ بالسبعان على أَن السبعان أعرب بالحركة على النُّون مَعَ لُزُوم الْألف. وَإِذا نسب إِلَيْهِ قيل: السبعاني.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي بَاب النّسَب فِي الْمفصل: ومنذ لَك قنسريٌّ ونصيبيٌّ فِيمَن جعل الْإِعْرَاب قبل النُّون. وَمن جعله معتقب الْإِعْرَاب قَالَ: قنسريني. وَقد جَاءَ مثل ذَلِك فِي التَّثْنِيَة قَالُوا: خليلانيٌّ وَجَاءَنِي خليلان اسْم رجل. وعَلى هَذَا قَوْله: أَلا يَا ديار الْحَيّ بالسبعان
قَالَ ابْن المستوفي: وجدت بِخَط الزَّمَخْشَرِيّ: وَمن جعله معتقب الْإِعْرَاب بِكَسْر الْقَاف. وَقد صحّح عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ. فالمفتوح الْقَاف مصدر والمكسورها اسْم فَاعل. انْتهى.
وَقد أورد سِيبَوَيْهٍ هَذَا المصراع فِي أوزان الْأَسْمَاء قَالَ: وَيكون على فعلانٍ وَهُوَ قَلِيل قَالُوا: السبعان وَهُوَ اسمٌ.
قَالَ ابْن مقبل: أَلا يَا ديار الْحَيّ بالسبعان انْتهى.
وَأوردهُ ابْن قُتَيْبَة فِي أدبالكاتب على أَنه لم يَأْتِ اسمٌ على فعلان إِلَّا حرف وَاحِد.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عبيدٍ عبد الله الْبكْرِيّ فِي شرح أمالي القالي. وَقَالَ فِي مُعْجم مَا استعجم: السبعان بِفَتْح أَوله وَضم ثَانِيه على بِنَاء فعلان هَكَذَا ذكره سِيبَوَيْهٍ وه جبلٌ قبل الفلج. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت. والفلج بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون اللَّام بعْدهَا جِيم: موضعٌ فِي بِلَاد بني مَازِن وَهُوَ فِي طَرِيق الْبَصْرَة إِلَى مَكَّة.
وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الْبلدَانِ: السبعان مَنْقُول من تَثْنِيَة السَّبع بِفَتْح فضم قَالَ أَبُو مَنْصُور: هُوَ موضعٌ مَعْرُوف فِي ديار قيس.
وَقَالَ نصر: السبعان: جبلٌ قبل فلج وَقيل: وَاد شمَالي سلم عِنْده جبلٌ يُقَال لَهُ: العَبْد أسود وَهَذَا المصراع وَقع صدر بيتٍ هُوَ مطلع قصيدتين لشاعرين إِحْدَاهمَا لتميم بن مقبل وَهُوَ)
شاعرٌ إسلاميٌّ مخضرم وَتَقَدَّمت تَرْجَمته فِي
الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ من أَوَائِل الْكتاب.
وَالثَّانيَِة لشاعر جاهليٍّ من بني عقيل.
أما الأولى وَهِي الْمَشْهُورَة الَّتِي ذكرهَا شرَّاح الشواهد فَهَذِهِ أَبْيَات من أَولهَا:
(أَلا يَا ديار الْحَيّ بالسبعان
…
أمل عَلَيْهَا بالبلى الملوان)
(نهارٌ وليلٌ دائبٌ ملواهما
…
على كل حَال النَّاس يَخْتَلِفَانِ)
(أَلا يَا ديار الْحَيّ لَا هجر بَيْننَا
…
وَلَكِن روعاتٍ من الْحدثَان)
(لدهماء إِذْ للنَّاس والعيش غرةٌ
…
وإ خلقانا بالصبا عسران)
وَقَوله: أَلا يَا ديار الْحَيّ إِلَخ أَلا: حرف تَنْبِيه. يتأسف على ديار قومه بِهَذَا الْمَكَان ويخبر أَن الملوين وهما اللَّيْل وَالنَّهَار أبلياها ودرساها. والْحَيّ: الْقَبِيلَة.
وَقَوله: بالسبعان مُتَعَلق بِمَحْذُوف على أَنه حَال من ديار.
وَقَوله: أمل عَلَيْهَا فِيهِ التفاتٌ لِأَنَّهُ لم يقل عَلَيْك. قَالَ الجواليقي فِي شرح أدب الْكَاتِب: هُوَ من أمللت الْكتاب أمله. خاطبها ثمَّ خرج عَن خطابها إِلَى الْإِخْبَار عَن الْغَائِب.
وَقيل: وَيجوز أَن يكون من أمللت الرجل إِذا أضجرته وَأَكْثَرت عَلَيْهِ مَا يُؤْذِيه كَأَن اللَّيْل وَالنَّهَار أملاها من كَثْرَة مَا فعلا بهَا من البلى. والملوان: اللَّيْل وَالنَّهَار وَلَا يفرد واحدٌ
مِنْهُمَا. يُرِيد أَن اللَّيْل وَالنَّهَار أملا عَلَيْهَا أَسبَاب البلى فَزَاد الْبَاء كَمَا قَالَ: الْبَسِيط
لَا يقْرَأن بالسور انْتهى.
وَقَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي شرح أمالي القالي: أمل بِمَعْنى دأب وَلَا زم وَمن هَذَا قيل للدّين: مِلَّة لِأَنَّهَا طَريقَة تلازم. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أمل فِي معنى أمْلى أَي: طَال. انْتهى.
وَقَالَ الْجَوْهَرِي: أمله وأمل عَلَيْهِ أَي: أسأمه فَأَرَادَ بأمل عَلَيْهَا أسامها الملوان بالبلى لِكَثْرَة اخْتِلَافهمَا عَلَيْهَا. والبلى بِالْكَسْرِ وَالْقصر مصدر بلي الثَّوْب يبلي من بَاب تَعب بلَى وبلاءً بِالْفَتْح وَالْمدّ أَي: خلق فَهُوَ بالٍ. وبلي الْمَيِّت: أفنته الأَرْض.
وَأنْشد ابْن السّكيت هَذَا الْبَيْت فِي إصْلَاح الْمنطق على أَن الملوين فِيهِ بِمَعْنى اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَقَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ وَابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات أدب الْكَاتِب: جعل الشَّاعِر الملوين هُنَا بِمَعْنى الْغَدَاة والعشي وَيدل عَلَيْهِ قَوْله بعده:)
نهارٌ وليلٌ دائبٌ ملواهما ودأب: اجْتهد وَبَالغ فِي الْعَمَل.
وَقَوله: على كل مُتَعَلق بدائب. والروعة: الْمرة من الروع وَهُوَ الْفَزع. والحدثان مصدر حدث الشَّيْء من بَاب قعد إِذا تجدّد. أَرَادَ حوادث الدَّهْر.
والْغرَّة بِالْكَسْرِ: الْغَفْلَة. وخلقانا: مثنى خلق بِضَمَّتَيْنِ مُضَاف إِلَى نَا.
وَأما الثَّانِيَة فقد أورد خَمْسَة أَبْيَات من أَولهَا إِبْرَاهِيم الحصري فِي كِتَابه زهر الْآدَاب وَقَالَ: إِنَّهَا لشاعرٍ جاهلي من بني عقيل. وَتَابعه ياقوت فِي مُعْجم الْبلدَانِ وَهِي:
(أَلا يَا ديار الْحَيّ بالسبعان
…
عفت حجَجًا بعدِي وَهن ثَمَانِي)
(فَلم يبْق مِنْهَا غير نؤيٍ مهدمٍ
…
وَغير أثافٍ كالركي دفان)
(وآثار هابٍ أَوْرَق اللَّوْن سَافَرت
…
بِهِ الرّيح والأمطار كل مَكَان)
(قفارٌ مروراةٍ يحار بهَا القطا
…
ويضحي بهَا الجأبان يفترقان)
(ينيران من نسج الْغُبَار ملاءةً
…
قميصين أسمالاً ويرتديان)
وَقَوله: عفت حجَجًا يُقَال: عفت الدَّار تَعْفُو أَي: اندرست وَذهب أَثَرهَا. والْحجَج: جمع حجَّة بِكَسْر أَولهمَا: السّنة.
وروى ياقوت: خلت حججٌ بعدِي لَهُنَّ ثَمَان والأثافي: جمع أثفية وَهِي ثَلَاثَة أَحْجَار تكون عَلَيْهَا الْقدر. والركي: جمع ركية وَهِي الْبِئْر. ودفان بِكَسْر الدَّال بعْدهَا فَاء يُقَال: ركية دَفِين ودفان إِذا اندفن بَعْضهَا. وَالْجمع دفن بِضَمَّتَيْنِ.
وَقَوله: وآثار هابٍ الهابي: التُّرَاب الناعم الدَّقِيق وَهُوَ اسْم فَاعل من هبا يهبو هبواً أَي: ارْتَفع. والهباء: دقاق التُّرَاب. والهابي أَيْضا: تُرَاب الْقَبْر.
وَأنْشد لَهُ الْأَصْمَعِي: الطَّوِيل
(وهابٍ كجثمان الْحَمَامَة أجفلت
…
بِهِ ريح ترجٍ وَالصبَا كل مجفل)
وَالْمرَاد بِهِ هُنَا الرماد لِأَن الورقة هِيَ لون الرماد.
وَقَوله: قفار مروراة إِلَخ القفار: جمع قفر وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي لَا مَاء فِيهِ وَلَا نَبَات وَهُوَ صفة)
لمكانٍ قبله. والمروراة بِفَتْح الْمِيم وَالرَّاء قَالَ فِي الصِّحَاح: هِيَ الْمَفَازَة الَّتِي لَا شَيْء فِيهَا وَهِي فعوعلة وَالْجمع المرورى والمروريات والمراوي. والجأب بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْهمزَة: الْحمار الغليظ من حمر الْوَحْش. وَأَرَادَ بالجأبين الذّكر وَالْأُنْثَى وَإِنَّمَا يفْتَرق كل مِنْهُمَا عَن الآخر لعدم الْقُوت.
وَقَوله: ينيران من نسج إِلَخ أَي: يحوكان يُقَال: أنرت الثَّوْب وهنرته أَي: حكته. وَيُقَال أَيْضا: وَفِي الْقَامُوس: النير علم للثوب. ونرت الثَّوْب نيراً ونيرته وأنرته: جعلت لَهُ نيراً. وهدب الثَّوْب: لحْمَته. وَمن نسج كَانَ صفة لقميصين فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ صَار حَالا مِنْهُ. والملاءة بِالضَّمِّ وَالْمدّ: الريطة. وقميصين: بدل من ملاءة وملاءة: مفعول ينيران وعَلَيْهِمَا: حَال من الْغُبَار. وأسمالاً: خلقا يُقَال: ثوب أسمالٌ أَي: خلق. ويرتديان: مَعْطُوف على ينيران وَمَعْنَاهُ يلبسان.
يُرِيد أَن الحمارين لشدَّة عدوهما يثور التُّرَاب ويعلوهما فَيصير كَالثَّوْبِ عَلَيْهِمَا. وَإِنَّمَا اشْتَدَّ عدوهما للنجاة من هَذِه الْمَفَازَة.
قَالَ ياقوت: زَعَمُوا أَن أول من جعل الْغُبَار ثوبا هَذَا الشَّاعِر. وَكَذَلِكَ قَالَ الحصري: هُوَ أول من نظر إِلَى هَذَا الْمَعْنى وتبعته الخنساء فِي قَوْلهَا من أَبْيَات وَقد
قيل لَهَا: لقد مدحت أَخَاك حَتَّى هجوت أَبَاك فَقَالَت: الْكَامِل
(جارى أَبَاهُ فَأَقْبَلَا وهما
…
يتعاوران ملاءة الْحَضَر)
وَهَذِه أبرع عبارَة وأنصع اسْتِعَارَة.
وتبعها عدي بن الرّقاع فِي وصف حمَار وأتانه: الْكَامِل
(يتعاوران من الْغُبَار ملاءةً
…
بَيْضَاء محدثةً هما نسجاها)
(تطوى إِذا وردا مَكَانا جاسياً
…
وَإِذا السنابك أسهلت نشراها)
قَالَ شَارِح ديوانه: قَوْله: يتعاوران إِلَخ أَي: تصير الغبرة للعير مرّة وللأتان مرّة. وَيُقَال من الْعَارِية: قد تعورنا العواري. وَالْمَكَان الجاسي: الغليظ فَإِذا جَريا فِيهِ لم يكن لَهما غبرةٌ وَإِذا أسهلا أَي: صَارا إِلَى سهولة الأَرْض ثار لَهما غُبَار.
فَجعل إثارة الْغُبَار بِمَنْزِلَة ملاءة تنشر عَلَيْهِمَا وَزَوَال الْغُبَار بِمَنْزِلَة طي الملاءة. وَهَذَا أحسن مَا قيل فِي وصف الْغُبَار والعجاج.
وَإِلَى هَذَا الْمَعْنى أَشَارَ أَبُو تَمام الطَّائِي فِي وصف كَثْرَة ظعنه وقصده الْمُلُوك: الوافر)
(يثير عجاجةً فِي كل يومٍ
…
يهيم بهَا عدي بن الرّقاع)