الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
الرجز سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السبحان على أَن سُبْحَانَ جَاءَ مُعَرفا بِاللَّامِ فَلَا يكون علما فَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا زَعمه بَعضهم من أَنه علمٌ وَلَو أضيف. وذَا بِمَعْنى صَاحب مَنْصُوب لِأَنَّهُ تَابع للهم على الْمحل.
وَهَذَا الرجز أنْشدهُ ابْن مَالك فِي شرح الكافية قَالَ فِي نظمها:
(سُبْحَانَ فِي غير اخْتِيَار أفردا
…
ملابس التَّنْوِين أَو مُجَردا)
(وشذ قَول راجزٍ رباني
…
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السبحان)
وَقَالَ فِي الشَّرْح: من الْمُلْتَزم الْإِضَافَة سُبْحَانَ وَهُوَ اسمٌ بِمَعْنى التَّسْبِيح وَلَيْسَ بِعلم لِأَنَّهُ لَو كَانَ علما لم يضف إِلَى اسْم واحدٍ كَسَائِر الْأَعْلَام. وأخلي من الْإِضَافَة لفظا للضَّرُورَة منوناً وَغير منون.
فالتنوين كَقَوْل الشَّاعِر: سُبْحَانَهُ ثمَّ سبحاناً نَعُوذ بِهِ
…
...
…
... . . الْبَيْت
سُبْحَانَ من عَلْقَمَة الفاخر وَزعم الزَّمَخْشَرِيّ وَأَبُو عَليّ أَن الشَّاعِر ترك تَنْوِين سُبْحَانَ لِأَنَّهُ علمٌ على التَّسْبِيح فَلَا ينْصَرف للعلمية وَزِيَادَة الْألف وَالنُّون.
وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا زعما بل ترك التَّنْوِين لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى مَحْذُوف مُقَدّر الثُّبُوت كَمَا قَالَ الراجز: الرجز خالط من سلمى خياشيم وفا أَرَادَ: وفاها. وشذ دُخُول الْألف وَاللَّام على سُبْحَانَ وَالْإِضَافَة إِلَيْهِ فِيمَا أنْشدهُ ابْن الشجري من قَول الراجز: س سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السبحان انْتهى.
وَأوردهُ أَبُو حَيَّان أَيْضا فِي الارتشاف كَمَا يَأْتِي بعد هَذَا.
وَأنْشد بعده:)
سُبْحَانَ من عَلْقَمَة الفاخر
على أَنهم استدلوا بِهِ على علمية سُبْحَانَ بِمَنْعه من الصّرْف للعلمية وَزِيَادَة الْألف وَالنُّون كعثمان. ورده الشَّارِح الْمُحَقق بِأَنَّهُ من قبيل الْمُضَاف أَي: سُبْحَانَ الله حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَأبقى الْمُضَاف على حَاله من التجرد عَن التَّنْوِين.
وَالشَّارِح الْمُحَقق مَسْبُوق بِهَذَا الرَّد نَقله أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف قَالَ فِيهِ: معنى سُبْحَانَ الله بَرَاءَة من السوء. وَيسْتَعْمل مُفردا منوناً وَغير منون.
فَإِذا قلت: سُبْحَانَ فَهُوَ مَمْنُوع من الصّرْف عِنْد سِيبَوَيْهٍ للعلمية وَزِيَادَة
الْألف وَالنُّون.
وَقيل: هُوَ مُضَاف فِي التَّقْدِير ترك على هَيئته حِين كَانَ مُضَافا فِي اللَّفْظ. وَهُوَ اسمٌ مَوضِع الْمصدر الَّذِي هُوَ التَّسْبِيح وَأَصله الْإِضَافَة ثمَّ اسْتعْمل مَقْطُوعًا عَنْهَا منوناً فِي الشّعْر وَغير منون. وَقيل: وضع نكرَة جَارِيَة مجْرى المصادر فَعرف بِالْإِضَافَة وبأل. قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السبحان انْتهى.
وَمِمَّنْ حكى مَا رده الشَّارِح ابْن الْحَاجِب فِي شرح الْمفصل قَالَ: وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ أَنه علمٌ قَول الشَّاعِر:
(قد قلت لما جَاءَنِي فخره
…
سُبْحَانَ من عَلْقَمَة الفاخر)
وَلَوْلَا أَنه علم لوَجَبَ صرفه لِأَن الْألف وَالنُّون فِي غير الصِّفَات إِنَّمَا تمنع مَعَ العلمية وَلَا يسْتَعْمل وَإِذا كَانَ مُضَافا فَلَيْسَ بِعلم لِأَن الْأَعْلَام لَا تُضَاف وَهِي أَعْلَام لِأَنَّهَا معرفَة والمعرفة لَا تُضَاف. وَقيل: إِن سُبْحَانَ فِي الْبَيْت حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَهُوَ مرادٌ للْعلم بِهِ. انْتهى.
وَزعم الرَّاغِب أَن سُبْحَانَ فِي هَذَا الْبَيْت مُضَاف إِلَى عَلْقَمَة ومن زَائِدَة.
وَهُوَ ضَعِيف لُغَة وصناعة.
أما الأول فَلِأَن الْعَرَب لَا تستعمله مُضَافا إِلَّا إِلَى الله أَو إِلَى ضَمِيره أَو إِلَى الرب وَلم يسمع إِضَافَته إِلَى غَيره.
وَأما صناعَة فَلِأَن من لَا تزاد فِي الْوَاجِب عِنْد الْبَصرِيين. وسُبْحَانَ هُنَا للتعجب وَمن داخلةٌ على المتعجب مِنْهُ. وَالْأَصْل
فِيهِ أَن يسبح الله عِنْد رُؤْيَة العجيب من صنائعه ثمَّ كثر حَتَّى اسْتعْمل فِي كل متعجبٍ مِنْهُ.)
وَصَاحب الصِّحَاح وَتَبعهُ صَاحب الْعباب نظرا إِلَى ظَاهره فَقَالَ: الْعَرَب تَقول: سُبْحَانَ من كَذَا إِذا تعجبت مِنْهُ.
قَالَ الْأَعْشَى يذكر عَلْقَمَة بن علاثة:
(أَقُول لما جَاءَنِي فخره
…
سُبْحَانَ من عَلْقَمَة الفاخر)
يَقُول: الْعجب مِنْهُ إِذْ يفخر. وَإِنَّمَا لم ينون لِأَنَّهُ معرفةٌ عِنْدهم وَفِيه شبه التَّأْنِيث. انْتهى.
وَالْبَيْت من قصيدةٍ للأعشى مَيْمُون هجا بهَا عَلْقَمَة بن علاثة الصَّحَابِيّ وَفضل عَدو الله عَامر بن الطُّفَيْل عَلَيْهِ.
وَقد تقدم شرحها وسببها فِي الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثِينَ بعد الْمِائَتَيْنِ.
وَأنْشد بعده: خالط من سلمى خياشيم وفا على أَن أَصله وفاها حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَبَقِي الْمُضَاف على حَاله.
وَتقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعِينَ بعد الْمِائَتَيْنِ.
وَأنْشد بعده: الْكَامِل
(ولأنت أجرأ من أُسَامَة إِذْ
…
دعيت نزال ولج فِي الذعر)
تقدم شَرحه فِي الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتِّينَ بعد الأربعمائة.
وَأنْشد بعده: الْبَسِيط
(كَأَن فعلة لم تملأ مواكبها
…
ديار بكرٍ وَلم تخلع وَلم تهب)
وَقد تقدم شرح هَذَا أَيْضا فِي الشَّاهِد السَّادِس والثمانين بعد الأربعمائة.
وَأنْشد بعده: الطَّوِيل
وَتقدم شَرحه أَيْضا فِي الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده: الطَّوِيل
(علا زيدنا يَوْم النقا رَأس زيدكم
…
بأبيض ماضي الشفرتين يماني)
وَهَذَا أَيْضا تقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة.