المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطبقات في الفكر الهندوسي، وأهم عق ائد الهندوسية - الأديان الوضعية - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 فكرة تمهيدية عن أديان الهند الكبرى وتوزيعها جغرافيا

- ‌معنى الأديان الوضعية

- ‌فكرة تمهيدية عن أديان الهند الكبرى وتوزيعها جغرافيًّا

- ‌الدرس: 2 فلسفة الموت والروح، وعقيدة خلق العالم، والخلاص من الشر

- ‌تقسيم أبي الريحان البيروني لاعتقاد الهنود

- ‌فكرة تناسخ الأرواح كما يؤمن بها الهندوس

- ‌الدرس: 3 الديانة الهندوسية (1)

- ‌الأصول التاريخية للديانة الهندوسية ولسكان الهند

- ‌مسألة التقمص أو نظرية التناسخ

- ‌الدرس: 4 الديانة الهندوسية (2)

- ‌التعريف بالهندوسية، وفكرة تأسيسها

- ‌أهم الموضوعات المتعلقة بالهندوسية

- ‌الطبقات في الفكر الهندوسي، وأهم عق ائد الهندوسية

- ‌الدرس: 5 الديانة الهندوسية (3)

- ‌بقية العقائد الهندوسية

- ‌الأخلاق عند الهندوسيين

- ‌نماذج من الفقه الهندوسي

- ‌الكتب المقدسة لدى الهندوس

- ‌الدرس: 6 الديانة الهندوسية (4)

- ‌لويزا" كتاب الهندوس المقدس

- ‌من تقاليد الهندوس

- ‌اعتقاد الهندوس حول تناسخ الأرواح

- ‌العبادات الهندوسية والطقوس الدينية

- ‌الدرس: 7 الديانة البوذية (1)

- ‌الديانة البوذية: بوذا وحياته، ومبادئه، وتأسيسه للديانة

- ‌من أخلاق بوذا وأقواله

- ‌الدرس: 8 الديانة البوذية (2)

- ‌التعريف بالديانة البوذية

- ‌الأسس الفكرية للعقيدة البوذية

- ‌الدرس: 9 الديانة البوذية (3)

- ‌عقيدة البوذية وفلسفتها

- ‌من تعاليم البوذية

- ‌لمحة تاريخية عن البوذية وانتشارها، والكتب المقدسة لديهم

- ‌الدرس: 10 الديانة البوذية (4)

- ‌نشأة الرهبنة في البوذية، ووصولها وانتقالها إلى المسيحية

- ‌الآداب والنظم التي يجب أن يلتزم بها الرهبان في الديانة البوذية

- ‌موقف الإسلام من الرهبنة

- ‌الدرس: 11 الديانة البوذية (5)

- ‌حكم الرهبنة في الإسلام من حيث العزف عن الزواج

- ‌حكم الرهبنة في الإسلام من حيث الفقر

- ‌حكم الرهبنة في الإسلام من حيث إهانة الجسد

- ‌حكم الرهبنة في الإسلام من حيث الاعتزال والعزلة

- ‌حكم الرهبنة في الإسلام من حيث الطاعة المطلقة لرجل الدين، واعتقاد عصمته

- ‌الدرس: 12 الديانة الجينية

- ‌تمهيد للديانة الجينية

- ‌تأسيس ونشأة الديانة الجينية

- ‌أهم عقائد الجينية

- ‌الدرس: 13 ديانة السيخ، والديانة البوذية الصينية

- ‌من هم السيخ؟ وما هي معتقداتهم

- ‌البوذية الصينية

- ‌أديان الهند في الميزان

- ‌الدرس: 14 الديانة المانوية (1)

- ‌من هو " مانو

- ‌النشاط التبشيري لماني

- ‌الدرس: 15 الديانة المانوية (2)

- ‌إرسال الإنسان الأول القديم وهزيمته

- ‌استرداد ذرات النور

- ‌أسطورة إغواء الأراكنة

- ‌المقاييس المضادة للمادة

- ‌الدرس: 16 الديانة المانوية (3)

- ‌الروح بمثابة مركز للفداء

- ‌الإيمان بالآخرة

- ‌علم التنجيم

- ‌التنظيم اللاهوتي، والتعميد المانوي، والوليمة المقدسة، والعشاء الرباني

- ‌الدرس: 17 الديانة المانوية (4)

- ‌شريعة "ماني"، والفرائض التي فرضها، وقول المانوية في الميعاد

- ‌الكتب المقدسة عند المانوية، وعقيدة التناسخ

- ‌حال الإمامة بعد "ماني"، وتنقل المانوية في البلاد، وأشهر رؤسائهم

- ‌الدرس: 18 الديانة الزرادشتية (1)

- ‌أديان الفرس

- ‌الزرادشتية من حيث التأسيس والنشأة والتطور

- ‌الدرس: 19 الديانة الزرادشتية (2)

- ‌أهم المصادر المقدسة للزرادشتية

- ‌فكرة الحساب والشفاعة، والأعياد والأخلاق عند الزرادشتيين

- ‌الدرس: 20 مقارنة بين عقائد المانوية والزرادشتية في: الله، والنفس، والمصير

- ‌عقائد المانوية والزرادشتية في الله - عز جل

- ‌عقائد المانوية والزرادشتية في النفس

- ‌عقائد المانوية والزرادشتية في المصير

الفصل: ‌الطبقات في الفكر الهندوسي، وأهم عق ائد الهندوسية

برؤسائهم، أن يهددوا باعتزال الهندوس، والدخول في مجتمعات الأديان الأخرى، ومن أجل هذا فقط، خفت حدة المعاملة التي كان يعاملهم بها الهندوس، خوفًا من أن ينضموا إلى الأديان الأخرى التي تحارب الهندوسية، وساعد على ذلك ما أصدرته الحكومة الهندية من قوانين المساواة، التي إن لم تحقق المساواة الكاملة، فقد حسنت حال هؤلاء المساكين بعض الشيء، وقد انتهزت فرق التنصير المسيحي هذا الوضع، فتوغلت بين جماعات المنبوذين، تدعوهم للدخول في المسيحية، وللمسلمين للأسف جهودا محدودة، نحو تقديم الإسلام لهؤلاء المنبوذين، ولا تزال المعركة تدور.

‌الطبقات في الفكر الهندوسي، وأهم عق ائد الهندوسية

ثالثًا: الطبقات في الفكر الهندوسي:

سبق أن أشرنا إلى نظام الطبقات في الهند، وذكرنا أن المجتمع الهندي، يتكون من أربع طبقات، هي:

1 -

البراهمة.

2 -

الجند.

3 -

التجار والصناع.

4 -

الخدم والعبيد.

ولا يدخل المنبوذون في هذا التقسيم، وقلنا: إن هذا التقسيم، نشأ عن التقاء الآريين بالتورانيين والسكان الأصليين، ومعنى هذا أنه نشأ أول ما نشأ على أساس الجنس، ويؤيد وش هذا الرأي، فهو يقول، وكان الآريون شعبًا يفوق في نشاطه وحيويته السكان الأصليين، وكانوا يعتقدون اعتقادًا جازمًا، بسمو جنسهم على سواهم من الأجناس، وكلمة آري التي عرفوا بها معناها النبلاء، ونَحنُ في

ص: 95

مصدر هذا التقسيم، نَختلف مع مؤلف (تاريخ الإسلام في الهند)، فهو يرى أن الحياة بالهند، اقتضت أن يقوم بعض الناس بالطقوس الدينية، ويقوم آخرون بالحروب، كان من الطبيعي أن توجد جماعة تقوم بالعمل في الحقول.

ونسأل إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يكن الآريون أو بعضهم مثلا، هم الذين يقومون بالزراعة أو الخدمة، إن المسألة فيما نرى ليست مقتضيات الحياة، ولكنها مقتضيات السيادة والقوة، التي لاحظها الآريون في أنفسهم.

ونختلف كذلك مع "البروفيسور أترية" الأستاذ بجامعة منارس في الهند، الذي يرى أن الهنود القدماء، نظموا حياتهم الاجتماعية على طبقات أسموها شاتر فارنا، وهذا التنظيم قائم على أساس اختيار المهن، ولا يمت بصلة إلى هذه الطائفة الممقوتة الحاضرة، التي ابتليت بها الهند، لأنها ابتليت بالحكم الأجنبي الذي دام عدة قرون، وإن نظام الطبقات ما أريد به قط تمزيق المجتمع، بل توحيده على أساس تقسيم العمل:

فمن الناس قسم يولع بالعلم، فيترك له العلم ويكون طبقة البراهمة.

والقسم الثاني هواه في الحكم والسلطان وأعمال الجراءة والحرب، ومنهم تتكون كاشتريا.

والقسم الثالث: أولئك الذين جبروا على حب المال، فليكونوا تجارا وزراعا الوشيا.

والقسم الرابع: الذين خلقوا أغبياء بلاداء؛ فلا يصلحون لغير المهن السافلة والقيام بالخدمة، وتتكون منهم طبقة الشدرا،

ص: 96

ونسأل "البروفيسور أترية"، هل لو مال أحد من الشدرا للعلم وعشقه، كان يباح له أن يصبح براهميا؟، وألا يوجد في طبقة "الكاشتريا" خامل أو بليد، وإذا وجد بها خامل أو بليد، هل يمكن أن ننحدر به إلى طبقة الشدرا؟، الإجابة دائما بالنفي، فالطبقية مصدرها العرق سيادة الجنس، أكثر من أي شيء آخر.

ويقول "ويلز" عن هذه الطبقات: كان المجتمع الهندي بعد الغزو الآري مقسم إلى طبقات، لا يؤاكل بعضها بعضًا ولا تتزاوج، ولا تختلط اختلاطًا حرًّا، ثم استمر هذا التقسيم الطبقي أمد التاريخ كله، وهذا أمر من شأنه أن يجعل سكان الهند، شيئا يخالف المجتمعات الأوربية والمغولية البسيطة السهلة التزاوج، فهو في الحقيقة مجتمع مجتمعات، ويشير "ويش" إلى نقطة مهمة، هي أن نظام الطبقات، بدأ يظهر عندما بدأ اختلاط سمح، بتكون مجتمع موحد من هذه العناصر المتباينة، أما قبل هذا الاختلاط، فلم تكن هناك ضرورة لتكوين هذا النظام، فنظام الطبقات كان وسيلة للمحافظة على سلامة العرق السامي، بعد أن خيف عليه من الاندماج في الأجناس الأخرى، التي بدأ يتصل بها.

ويؤكد "بيري" ذلك، إذ يقرر أن نظام الطبقات، لم يظهر إلا في قوانين منو، حوالي القرن الثالث قبل الميلاد، ويذكر "ويش" كذلك أن هذه الطبقات الأربعة، ليست في الحقيقة إلا تبسيطا للحديث عن نظام الطبقات في الهند، إذ أن الهنود مجتمع تنتشر فيه الطبقات، حتى أن عدد طبقاته الآن يبلغ حوالي ثلاثة آلاف طبقة، ويذكر بيري أن طبقة الكهنة، حافظت طويلًا على نقائها، أما الطبقات الثلاث الأخرى، فقد تفتت ونشأ عنها طبقات كثيرة.

بقي أن نقول عن المنبوذين، إنهم لم يدخلوا التقسيم، ولم يكونوا إحدى طبقات المجتمع الهندوسي، إذ لم يعدوا منه، وقد سبقت الإشارة إلى هذا، على أن الفلسفة الهندية لم تقنع بالجنس والعنصر، سببًا لنشأة نظام

ص: 97

الطبقات، بل رأت أن تربطه بنص مقدس، فورد في قوانين منو، التي اقتبسنا منها بعض فقراتها آنفًا سبب هذه الطبقات، يقول منو وهو يعدد خلق براهمة للكائنات، "ثم خلق البرهمية من فمه، والكاشتريا من ذراعه، والويشا من فخذه، والشدرا من رجله، فكان لكل من هذه الطبقات، منزلته على هذا النحو".

وبناء على هذا التفكير، الذي يرى أن الطبقات خلقها الله على هذا الوضع، يصبح هذا التقسيم أبديًّا، فهو من صنع الله ولا طريق لإزالته، وعلى هذا لا يرتفع أي شخص من أي قسم إلى القسم الأعلى، وبناء عليه كذلك، ومع الاعتقاد أن الابن يأتي على نمط أبيه، لا يجوز لرجل أن يتزوج امرأة من طبقة أعلى من طبقته لعدم الكفاءة، ولأنّ أولاده منها سيهبطون إلى مستواه، وهذه خسارة على التكوين الاجتماعي، ولكن يجوز للرجل أن يتزوج امرأة من طبقة أقل من طبقته، على ألا تكون من الطبقة الرابعة "الشدرا"، التي ليست إلا للخدمة، ولا تسمو لأن يتزوج منها أحد أفراد الطبقات العليا الثلاثة.

وجاء في قوانين منو، أن الرجل من الطوائف الثلاثة الشريفة، إن غلبه الحب فتزوج بامرأة من غير هذه الطوائف، فإنه سوف يرى هلاك أسرته.

ويتبع نظام الطبقات كذلك، أن تلاحظ أسماء الأطفال من كل طبقة، فيختار الاسم من الكلمات الدالة على البهجة السرور، إن كان برهميًّا، وعلى الحول والقوة إن كان كاشتريا، وعلى الغنى والثروة إن كان ويشيًّا، وعى الذل والمهانة إن كان شدريا، وتلتقي هذه الطبقات الأربعة في الاعتقاد بالآلهة، وكلها تقدس البقرة وكلها تخضع للنظام الطبقي، والبراهمة هم ملجأ الجميع، في حالات الميلاد والزواج والوفاة.

ص: 98

وقد تحدثت شرائع منو بالتفصيل، عن وظائف كل طبقة على النحو الآتي:

ولكل طبقة من طبقات المجامع الهندوسي، وظائفها وواجباتها، فعلى البرهمي أن يشتغل بالتعليم والتعلم، وبإرشاد الناس في دينهم، فكان هو المعلم والكاهن والقاضي، أما "كاشتريا" فكانت وظيفته أن يتعلم، ويقدم القرابين وينفق في الصدقات، ويحمل السلاح للدفاع عن وطنه شعبه، أما ويشيا فعليه أن يزرع ويتجر ويجمع المال، وينفق على المعاهد العلمية والدينية، وأما "شدرا" فعليه أن يخدم الطوائف الثلاثة الشريفة.

ومن شرائع منو، نورد بعض النصوص التي تقرر اختصاصات كل طبقة:

البراهمة: يقوم البراهمة بدرس أسفار "الويدا" وتعليمها، وتبريك تقديم القرابين، التي لا تقبل من الناس إلا عن طريقهم، ويجب أن يحافظ البرهمي على كنز الشرائع المدنية والدينية، وإذا ولد برهمي وضع في الصف الأول من صفوف الدنيا، البرهمي محل لاحترام جميع الآلهة، بسبب نسبه وحده، أحكامه حجة في العالم، والكتاب المقدس هو الذي يمنحه هذا الامتياز، كل ما في العالم ملك للبرهمي، وللبرهمي حق في كل موجود، والبرهمي إذا ما افتقر، حق له أن يمتلك مال "الشدري"، الذي هو عبد له، من غير أن يجازيه الملك على ما فعل، فالعبد وما يملك لسيده.

ولا يدنس البرهمي بذنب، ولو قتل العوالم الثلاثة، ولا ينبغي للملك أن يجبي خراجا، من برهمي عالم بالكتاب المقدس، ولو مات الملك محتاجًا، ولا يجوز له أن يصبر على جوع برهمي في ولايته، وليتجنب الملك قتل برهمي، ولو اقترف جميع الجرائم، وليطرده إذا رأى من مملكته، على أن يترك له جميع أمواله، وألا يصيبه بأذى، وعلى الملك ألا أمرا مهما كان، دون استشارة البراهمة.

ص: 99

"الأكشتريا":

إن الذين تغذت عقولهم بكتب "ويدا" وغيرها، هم الذين يصلحون لأن يكونوا قوادًا أو ملوكًا أو قضاة أو حكامًا للناس، ينصب الملك من الأكشتريا، وللملك على الأكشتريا احترام الجنود لقائدهم، ويجب ألا يستخف بالملك ولو كان طفلًا، ذلك بأن يقال: إنه إنسان، فالألوهية تتجسم في صورة الملك البشرية، ولا يجوز للأكشتري أن يشتغل بغير الجندية، والأكشتري يعيش جنديًّا حتى في وقت السلم، وعلى "الأكشتريا" أن يتجمعوا عند أول نداء، وعلى الملك أن يعد لهم عدد الحرب وأسلحته.

لا تبارك موارد الملك ووسائله، ولو نال كنوزًا واكتسب أملاكًا، إلا إذا أصبح صديقًا للضعيف.

"الويشية": يجب على الويشي أن يتزوج امرأة من طائفته، وأن يعنى جادًّا بمهنته، ويربي الماشية على الدوام، وعلى التجار منهم معرفة قوانين التجارة ونظم الربا، وليعلم الويشي جيدًا كيف يبذر الحبوب، وليفرق بين الأرض الجيدة والأرض الرديئة، وليضطلع على نظام الموازين والمكاييل اضطلاعًا كافيًا، وليعرف أجر الخدم ولغات الناس، وما تحفظ به السلع، وكل ما يمت إلى البيع والشراء بصلة.

أما "الشدرا":

فيجب على الشدري، أن يمتثل امتثالًا مطلقًا أوامر البراهمة، سادة الدار العارفين بالكتب المقدسة والمشتهرين بالفضائل، فترجى له السعادة بعد موته لبعث

ص: 100

أسمى، لا يجوز للشدري أن يجمع ثروات زائدة، ولو كان على ذلك من القادرين، فالشدري إذا جمع مالًا آذى البراهمة بكحته، ويجب نفيه من الطبقة الدنيا الذي تحدثه نفسه، بأن يساوي رجلًا من طبقة أعلى من طبقته، وأن يوصم تحت الورك، وتقطع يده إذا على من هو أعلى منه بيده أو بعصاه، وتقطع رجله إذا رفصه برجليه، وإذا ما دعاه باسمه أو باسم طائفته بدون تقدير، أدخل إلى فمه خنجر، محمي متلوث النصل طوله عشرة قراريط، ويأمر الملك بصب زيت حار في فمه وفي أذنيه، إذا بلغ من الوقاحة، ما يبدي به رأيا للبراهمة في أمور وظائفهم.

ولا يزال النظام الطبقي سائدًا في الهند، وقد اتخذ أحيانًا أسس جديدة، فمن ذلك مثلا أتباع مذهب السك، الذي أنشئ لخلق دين موحد من الهندوسية والإسلام، ولم يفلح هؤلاء فيما قصدوا إليه، ولكنهم سرعان ما اتخذوا من مذهبهم، أساسًا لنظام طبقي، فقد عدوا أنفسهم طبقة، ورفضوا التزاوج مع سواهم، ووضعوا كذلك نظام القرية، الذي لا يسمح أحيانًا، بالزواج بين سكانها وسكان قرية أخرى، وهناك محاولات تزعمها الزعيم غاندي، للتخفيف من حدة هذه الطبقات أو إزالتها، وكذلك لإنصاف طبقة المنبوذين بوجه خاص، ولكن هذه المحاولات لم يقدر لها النجاح بعد، وكان الزعيم غاندي ضحية من ضحاياها.

وتعتمد هذه المحاولات على اتجاه فلسفي جديد لهذا التقسيم، بأن تذكر بأنه ليس خلقيا ولا طبيعيًّا، وليس إلا توزيعًا للأعمال، حسب طبع كل إنسان وميله واستعداده، كما مر بنا ذلك.

ص: 101

رابعا: أهم عقائد الهندوسية: أهم العقائد في الديانة الهندوسية أربعة، هي:

1 -

الك ارمة.

2 -

تناسخ الأرواح أو تجوال الروح.

3 -

الانطلاق.

4 -

وحدة الوجود.

وسنشرح فيما يلي رأي الهندوس، في كل من هذه العقائد.

1 -

الكارمة:

يقول البروفيسير "أترية": إنّ الشهوة أقوى عامل في حياتنا، ولكن شهواتنا تؤثر على الآخرين، فنحن في أعمالنا التي تفرضها الشهوات، نحسن إلى الآخرين أو نسيء، فلابد أن ينطبق علينا قانون الجزاء، المُسيطر على سائر الأحياء الحرة في الكون، وقانون الجزاء يسمى في اللغة السنسكريتية كارمة، وليس لأحد أن يتملص منه، وقد جاء في كتاب (يوجا وأسسها) ما يلي:

ليس في الكون مكان، لا الجبال ولا السموات ولا البحار ولا الجنات، يفر إليه المرء من جزاء أعماله، حسنة كانت أو سيئة، وجميع أعمال البشر الاختيارية، التي تؤثر في الآخرين خيرًا كانت أو شرًّا، لا بد وأن يجازى عليها بالثواب أو العقاب، طبقا لناموس العدل الصارم، فنظام الكون إلهي قائم على العدل المحض، وأن العدل الكوني قضى بالجزاء لكل عمل، وأن في الطبيعة نوع من النظام، لا يترك صغيرة ولا كبيرة من أعمال

ص: 102

الناس بدون إحصاء، وبعد إحصائها ينال كل شخص جزاءه على عمله، ويكون الجزاء في هذه الحياة.

ولكن الهندوس لاحظوا من واقع الحياة، أن الجزاء قد لا يقع، والظالم قد ينتهي قبل أن يقتص منه، المحسن قد ينتهي قبل أن يحسن إليه، ولذلك لجئوا إلى القول بتناسخ الأرواح، وسنشرح هذا فيما بعد، ليقع الجزاء في الحياة القادمة، إذا لم يتم في الحياة الحاضرة.

ويبدو أن "البروفيسير أترية" لاحظ صعوبة فهم هذا القانون، فتدارك هذا قائلًا: لا صعوبة علينا معشر الهندوس، في فهم هذا الناموس ناموس كارمة، وإن لم يسهل على غيرنا فهمه.

وتحاول فلسفة اليوجا، تقريب موضوع الكارمة إلى الأذهان، فتذكر أن حياتنا تكون سارة أو غير سارة، تبعا لما نقوم به من أعمال، وهذا يشبه ما يقال، عندما تقع المصيبة على شخص، فإننا نقول: من عمله، إذ الجزاء من جنس العمل، ولكنا نعرف هذا في نفس الحياة، فالظالم يظلم والمعين يعان، ولكن الكارمة تجعل الجزاء حياة في حياة أخرى.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله صحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 103