الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول شرعهم: "على الملك أن يقطع أيدي اللصوص الذين يسطون على المنازل ليلًا للسرقة، ثم ليصلبهم فتقطع إصبع اللص في أول سرقة يسرقها وتقطع يده وقدمه في السرقة الثانية، ويعاقب بالموت بالسرقة الثالثة، ومن آداب الهندوسية، وشرعها تحريم الغش، وبالتالي فمن يغش عندهم له العقاب، ولا يصح أن يمر عمله بلا عقاب؛ كي يرتدع سواه كي يرتدع وسواه عن فعل الغش.
ورد في "مينو ساماتري" يعاقب بالغرامة المالية الصغرى، أو المتوسطة كل من يغش زبائنه، أو يغالي في الثمن، وتحرم الهندوسية الخمر؛ لأنه نجس، ومصدر للخبث، كما في قانون "مينوساماتري" إن الخمر نجسة كالإثم فعلى المولودين ثانية ألا يشربوها.
ومن صور الأخلاق عند الهندوسيين: نقول إن أغلى ما يطمع فيه البربهمي هو الانطلاق، والاندماج في براهما، ودستور العقل الهندي للوصول لهذه الغاية كان دائمًا الزهادة المفرطة بالصوم، وأرق الليل وتعذيب النفس، كما كان بأن يعيش أسير الحرمان، ويحمل نفسه ألوان البلاء، وبأن يبدو دائمًا كثير الهموم، والخوف والنشاذ، هو لا يتمنى الموت لأن الموت ينقله إلى دورة جديدة من دورات حياته، بل يرجو لنفسه الفناء في براهما.
اعتقاد الهندوس حول تناسخ الأرواح
أنتقل بك إلى ما يعتقده الهندوس حول تناسخ الأرواح حيث يؤمن الهنود بتناسخ الأرواح:
ومعناه: أن الروح حينما تفارق جسدها عند الموت تنتقل إلى جسد آخر وتستمر هكذا في التنقل حتى تستقر في أصلها الأول الذي صدرت منه وهو الله تعالى، وفكرة التناسخ هذه تتضمن فكرة وحدة الوجود الذي قال بها الهنود؛ لأن جميع الكائنات في نظرهم تتضمن روحًا صدرت من الله الواحد، والكائنات في الحقيقة هي الروح السارية فيها.
وما المادة المحسوسة إلا مظاهر فانية لا قيمة لها، والأرواح حينما تصدر من مقرها الأول تبقى عاشقة للعودة إلى مصدرها، وأصلها، ولكن اختلاطها بالمادة، وتشابكها مع الشهوات يؤخر لها تحقيق هذا الأمل.
إن الموجودات كلها قد صدرت عن الله، وستعود إليه؛ فهو وحده الموجود وهو أصل كل موجود سواه، وفي إطار وحدة الوجود يفهم التناسخ الروحي لأن الروح تفارق الجسد المادي عند الموت، وتنتقل إلى جسد آخر.
وأكد البيروني هذه القضية، ويورد نصوص من الكتب الهندوسية تقول: قال ياسدوا لأرجن: إن كنت بالقضاء السابق مؤمنًا؛ فاعلم أنهم ليسوا، ولا نحن معًا بموتى، ولا ذاهبين ذهابًا لا رجوع معه؛ فإن الأرواح غير مائتة، ولا متغيرة إنما تتردد في الأبدان على تغير الإنسان من الطفولة للشباب والكهولة، ثم الشيخوخة التي عقباها موت البدن، ثم العودة كيف يذكر الموت، والقتل من عرف أتن النفس أبدية الوجود لا عن ولادة ولا إلى تلف وعدم، وهي ثابتة قائمة لا سيف يقطعها، ولا نار تحرقها، كل مولود ميت وكل ميت عائد، وليس للإنسان من كلا الأمرين شيء، وإنما هما إلى الله الذي منه جميع الأمور وإليه تصير.
إن الاعتقاد في التناسخ عندهم يعتمد على بعض القضايا اليقينية في نظرهم وهي:
الإنسان في الحقيقة بروحه لا بجسده؛ لأن الجسد ينتهي، أما الروح فهي باقية خالدة، وهي جوهر الإنسان.
الإحساس بالسعادة أو بالشقاء متعلقٌ بالروح لا بالجسد، والعقاب بعد الموت يكون بالروح فقط.
تنزل الروح من مصدرها طاهرة نقية؛ فإذا ما اختلطت بالجسد عاشت بين الأهواء، والشهوات، ومالت إليها.
أعمال الإنسان في حياته تستتبع نتائجها بعد الموت بالضرورة؛ فإن كان عمله خيرًا نالت روحه الخير، وإن كان عمله شرًّا؛ جوزيت روحه بالشر وذلك يتحقق بالتناسخ؛ لأن الإنسان الذي يعمل خيرًا، تنتقل روحه إلى جسد صالح طاهر أرقى من الجسد السابق وهي بذلك تسعد أما الإنسان السيئ؛ فإن روحه تجازى بأن تنتقل إلى جسد ناقص شقي تشقى فيه، وهكذا تجازى الروح.
إن الهنود لا يشكون في أن الأفعال التي يقوم بها الإنسان بإرادته فتحسن إلى الآخرين، أو تسيء إليه لابد أن يكافأ عليها ذات يوم، أو يعاقب بها، وكل من يفلت من هذه الحياة يجنيه في حياة أخرى؛ لأنه لا يموت موتًا كاملًا، إن النفس في كل كائنٍ هي شخصيته، ولا يمكن أن تصير إلى فناء.
إن النظر في تفاوت الظروف في الحياة الدنيا يؤدي حتمًا إلى التسليم بأنه كان ثمة حياة سابقة، كذلك يتحتم أن يكون الموت مفضيًا إلى حياة جديدة تنال فيها النفس جزاء ما قدمت في الحياة التي انقضت، ولكن إلى متى يستمر التناسخ.
التناسخ مستمر إلى أن تصل الروح إلى الخير التام وتندمج في الإله براهما، ووصولها إلى الخير التام ليس بالأمر المستحيل، إن الروح تستمر خلال التناسخ في التجوال صعودًا، وهبوطًا حتى تتمكن من قهر الشهوات والقضاء على الرغبات الدنيا، والوصول إلى نهاية السلم؟ وحينئذ تتقمص جسدًا راقيًا نظيفًا، وبعده تستقر في الخير الأعلى وبذلك يتحقق الهدف الأقصى للروح فتثبت، وتعيش في سعادةٍ دائمةٍ وغامرة.
ويلاحظ هنا أن الهنود يفصلون الجسد عن الروح، ويجعلون كلًّا منهما مستقلًّا عن الآخر، وفي نفس الوقت يحملون كلًّا منهما ما يرتكبه الآخر من أوزار؛ فالروح تتقمص جسدًا تشقيه إذا ارتكب إثمًا، والجسد إذا أثم يجعل الروح آثمة معه، وهم بذلك يترددون بين مذهب الجبر، ومذهب الاختيار، وفي إطار الإيمان بتناسخ الأرواح يظهر لنا إيمان الهنود بأمور ثلاثة:
أ- تجوال الروح وهو يعني تنقل الروح من جسد إلى جسد.
ب- وحدة الوجود وهو يعني أن الكون كله منبثق عن الله وما الكون كله إلا مظهر لله.
ج-الانطلاق وهو يعني عودة الروح إلى بارئها الأعلى ولامتزاجها في حقيقتها الأصلية.
ويدافع بعض فلاسفة الهنود المعاصرين عن الإيمان بهذه الجوانب المتصلة بالروح؛ حيث يرى في الوحدة الروحية دافعًا للمحبة الاجتماعية؛ فحين نفهم أننا كأغصانِ شجرةٍ واحدة توجد عواطف التضامن والتعاون والمحبة، إن من يرى جميع المخلوقات في الوجود الواحد.
ويرى الموجود الواحد في جميع المخلوقات لا يكره أحدًا، ويتحرر من الوهم ومن الألم إلى الأبد والأديان السماوية ترى أن الروح من الله، وأن لها دورها الكبير مع الجسد، وأنها لا تموت مع الجسد، وهي في هذا تتفق مع العقيدة الهندوسية، لكنها تختلف عنها في أن لكل كائنٍ مخلوق روحه الخاصة به، ولا تناسخ بين الأرواح، وأن الآخرة هي دار الجزاء الحقيقي وأن النعيم والعذاب يلحق بالجسد والروح.
ثم الحديث عن الجنة والنار يؤمن أغلب الهندوسيين بالجنة، والنار كضرورة للجزاء عن الأعمال الخيرة، أو السيئة، وهما عندهم في الدنيا، والجزاء فيهما متعلق بالروح فقط، وحتى تتفق عقيدتهم في تناسخ الأرواح يقولون بمنازلهم أربعة تعيشها الروح.
المنزلة الأولى: العليا وهي الجنة التي تنعم فيها الأرواح، وتنال الجزاء الحسن على ما عملت من خير حيث تمكث فيها الروح مدة محددة بمقدار العمل الذي أدته، ثم تنتقل منها بعد انتهاء المدة إلى المنزلة الثانية وتسمى الجنة عندهم.
المنزلة الثانية الوسطى: وهي مجتمع الناس، حيث العمل والكسب، وفيها يكون تناسخ الأرواح وتجوالها، فإذا ما قامت الروح بدورها في هذه المنزلة، تنتقل إلى المنزلة الأولى العليا إن كانت راقية، وتذهب إلى منزلة الثالثة السفلى إن كانت على خطأ ونقص، ويسمون هذه المنزلة مارلوك.
المنزلة الثالثة السفلى: وهي النار، وتأتيها الأرواح الآثمة لتأخذ عقابها فالذي تستحقه، وتمكث فيها مدة معينة تخرج منها إلى منزلة رابعة الأدنى، والمنزلة الثالثة تسمى عندهم "ناكلوك" المنزلة الرابعة الأدنى، وهي المنزلة التي تعيش فيها أرواح النبات، والحيوانات غير الناطقة، وتهبط إليها الرواح بعد انتهاء عقوباتها في النار، وليس بعد هذه المنزلة منزلة أخرى فإذا ما ترقت الروح فيها انتقلت إلى المنزلة الثانية حيث تعمل وتنشط وتنال حظها الذي يستحقه صعودا أو هبوطا وهكذا تتحرك الأرواح في منازلها المذكورة تبعًا لتصورٍ معينٍ لا يتعارض مع تناسخ الأرواح.