الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وطيب الماء، والوصول إلى أفلاذ «1» الكفر، والاطّلاع على عوراته، بحيث شهر.
فكان تيسّر «2» فتحها من غرائب الوجود، وشواهد اللّطف، وذلك في صلاة الظهر من يوم الأحد الثامن لشهر شوّال عام تسعة وتسعين وستمائة؛ وأسكن بها رابطة المسلمين «3» ، وباشر العمل في خندقها بيده، رحمه الله، [فتساقط الناس، من ظهور دوابّهم إلى العمل، فتمّ ما أريد منه سريعا.
وأنشدني شيخنا أبو الحسن الجيّاب يهنّئه بهذا الفتح: [الطويل]
عدوّك مقهور وحزبك غالب
…
وأمرك منصور وسهمك صائب
وشخصك مهما لاح للخلق أذعنت
…
لهيبته عجم الورى والأعارب
وهي طويلة] «4» .
من كان على عهده من الملوك:
كان على عهده بالمغرب، السلطان الجليل، أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق، الملقّب بالمنصور؛ وكان ملكا صالحا، ظاهر السذاجة، سليم الصدر، مخفوض الجناح، شارعا أبواب الدّالّة عليه منهم؛ أشبه بالشيوخ منه بالملوك، في إخمال «5» اللّفظ، والإغضاء عن الجفوة، والنداء بالكنية. وهو الذي استولى على ملك الموحّدين، واجتثّ شجرتهم من فوق الأرض، وورث سلطانهم، واجتاز إلى الأندلس، كما تقدّم مرّات ثلاثا «6» أو أزيد منها، وغزا العدوّ، وجرت بينه وبين السلطان المترجم به أمور، من سلم ومناقضة «7» ، وإعتاب، وعتب، [حسبما تدلّ على ذلك القصائد الشّهيرة المتداولة؛ وأولها ما كتب به على عهده، الفقيه الكاتب الصّدر، أبو عمرو بن المرابط، في غرض استنفاد للجهاد: [السريع]
هل من معيني في الهوى أو منجدي
…
من متهم في الأرض أو منجد؟
] «8» وتوفي السلطان المذكور بالجزيرة الخضراء في عنفوان وحشة بينه وبين هذا السلطان في محرم «9» خمسة وثمانين وستمائة؛ وولي بعده
ولده «1» ، العظيم الهمّة، القوي العزيمة «2» ، أبو يعقوب يوسف، وجاز إلى الأندلس على عهده، واجتمع به بظاهر مربلّة «3» ، وتجدّد العهد، وتأكّد الودّ؛ ثم عادت الوحشة المفضية إلى تغلب العدوّ على مدينة «4» طريف، فرضة المجاز الأدنى، واستمرّت أيام السلطان أبي يعقوب إلى آخر مدة السلطان المترجم «5» به، ومدة ولده بعده.
وبوطن تلمسان، أبو يحيى يغمور «6» ، وهو يغمراسن بن زيّان بن ثابت بن محمد بن بندوس بن طاع الله بن علي بن يمل، وهو أوحد أهل «7» زمانه جرأة وشهامة، ودهاء، وجزالة، وحزما. مواقفه في الحروب «8» شهيرة، وكانت بينه وبين بني مرين وقائع، كان عليه فيها الظهور، وربما ندرت الممانعة؛ وعلى ذلك فقويّ الشكيمة، ظاهر المنعة. ثم ولّي بعده ولده عثمان إلى تمام مدة السلطان المترجم به، وبعضا من دولة ولده.
وبوطن إفريقية، الأمير الخليفة، أبو عبد الله بن أبي زكريا بن أبي حفص، الملقّب بالمستنصر، المثل المضروب، في البأس «9» والأنفة، وعظم الجبروت «10» ، وبعد الصّيت، إلى أن هلك سنة أربع «11» وسبعين وستمائة؛ ثم ولده الواثق بعده، ثم الأمير أبو إسحاق وقد تقدّم ذكره. ثم كانت دولة الدّعيّ «12» ابن أبي عمارة المتوثّب على ملكهم؛ ثم دولة أبي حفص مستنقذها من يده، وهو عمر بن أبي زكريا بن «13» عبد الواحد، ثم السلطان الخليفة الفاضل، الميمون النّقيبة، أبو عبد الله محمد بن الواثق يحيى بن المستنصر «14» أبي عبد الله بن الأمير زكريا «15» .
وبوطن النّصارى، بقشتالة، ألفنش «16» بن هراندة، إلى أن ثار عليه ولده شانجه، واقتضت الحال إجازة سلطان المغرب، واستجار به؛ وكان من لقائه بأحواز الصّخرة من كورة تاكرنّا ما هو معلوم. ثم ملك «17» بعده ولده شانجه، واتّصلت