الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولايته مدة أيام السلطان، وجرت بينهما خطوب إلى أن هلك عام أربعة «1» وسبعين «2» وستمائة. وولّي بعده ولده هراندة سبعة عشر «3» عاما، وصار الملك إليه، وهو صبيّ صغير، فتنفّس مخنّق أهل الأندلس، وغزا سلطانهم «4» وظهر إلى آخر مدته.
وبرغون، ألفنش بن جايمش بن بطره بن جايمش، المستولي على بلنسية. ثم هلك وولّي بعده جايمش «5» ولده، وهو الذي نازل مدينة ألمرية على عهد نصر ولده، واستمرّت أيام حياته إلى آخر مدته. وكان لا نظير له في الدّهاء «6» والحزم والقوة.
ومن الأحداث في أيامه:
على عهده تفاقم الشّر «7» ، وأعيا داء الفتنة، ولقحت حرب الرؤساء الأصهار من بني إشقيلولة، فمن دونهم، وطنب سرادق الخلاف، وأصاب الأسر وفحول الثروة الرؤساء، فكان بوادي آش الرئيسان أبو محمد وأبو الحسن «8» ، وبمالقة وقمارش الرئيس أبو محمد عبد الله، وبقمارش رئيس آخر هو الرئيس أبو إسحاق. فأما الرئيس أبو محمد فهلك، وقام بأمره بمالقة، ولده، وابن أخت السلطان المترجم به. ثم خرج عنها في سبيل الانحراف والمنابذة إلى ملك «9» المغرب، ثم تصيّر أمرها إلى السلطان، على يد واليها من بني علي «10» . وأما الرئيسان، فصابرا المضايقة، وعزما «11» على النطاق والمقاطعة بوادي آش زمانا طويلا؛ وكان آخر أمرهما الخروج عن وادي آش إلى ملك المغرب؛ معوّضين بقصر كتامة؛ حسبما يذكر في أسمائهم؛ إن بلّغنا الله إليه.
وفي أيامه كان «12» جواز السلطان المجاهد أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق؛ إلى الأندلس؛ مغازيا «13» ومجاهدا في سبيل الله؛ في أوائل عام اثنين وسبعين وستمائة، وقد فسد ما بين سلطان النصارى وبين ابنه «14» . واغتنم المسلمون الغرّة،
واستدعي سلطان المغرب إلى الجواز؛ ولحق به السلطان المترجم به؛ وجمع مجلسه بين المنتزين عليه وبينه؛ وأجلت الحال عن وحشة. وقضيت الغزاة؛ وآب السلطان إلى مستقرّه.
وفي العام بعده، كان «1» إيقاع السلطان ملك المغرب بالزعيم «ذنّونه» ، واستئصال شأفته، وحصد شوكته. ثم عبر البحر ثانية بعد رجوعه إلى العدوة؛ واحتلّ بمدينة طريف في أوائل ربيع الأول عام سبعة وسبعين وستمائة؛ ونازل إشبيلية؛ وكان اجتماع السلطانين بظاهر قرطبة؛ فاتصلت اليد؛ وصلحت الضمائر؛ ثم لم تلبث الحال أن استحالت إلى فساد، فاستولى ملك المغرب على مالقة، بخروج المنتزي بها إليه، يوم «2» الأربعاء التاسع والعشرين لرمضان عام سبعة وسبعين «3» وستمائة. ثم رجعت إلى ملك «4» الأندلس بمداخلة من كانت بيده ولنظره، حسبما يأتي بعد إن شاء الله.
وعلى عهده نازل طاغية الروم الجزيرة «5» الخضراء، وأخذ بمخنّقها، وأشرف على افتتاحها، فدافع «6» الله عنها، ونفّس حصارها «7» ، وأجاز الرّوم بحرها على يد الفئة القليلة من المسلمين، فعظم المنح «8» ، وأسفر الليل، وانجلت الشّدة، في وسط ربيع «9» الأول من عام ثمانية وسبعين وستمائة «10» .
مولده: بغرناطة عام ثلاثة وثلاثين وستمائة. وأيام دولته ثلاثون سنة وشهر واحد، وستة أيام.
وفاته: من كتاب «طرفة العصر» من تأليفنا في التاريخ، قال: واستمرّت الحال إلى أحد وسبعمائة، فكانت في ليلة الأحد الثامن من شهر شعبان في صلاة العصر، وكان السلطان، رحمه الله في مصلّاه، متوجّها إلى القبلة لأداء فريضته، على أتمّ ما يكون عليه المسلم من الخشية والتأهّب، زعموا أن شرقا كان يعتاده لمادة كانت تنزل من دماغه، وقد رجمت الظنون في غير ذلك لتناوله عشيّة يومه كعكا اتخذت له بدار
وليّ عهده، والله أعلم بحقيقة ذلك. ودفن منفردا، عن مدفن سلفه، شرقيّ المسجد الأعظم، في الجنان المتّصل بداره «1» . ثم ثني بحافده السلطان أبي الوليد، وعزّز «2» بثالث كريم من سلالته، وهو السلطان أبو الحجاج بن أبي الوليد، تغمّد الله جميعهم برحمته «3» ، وشملهم بواسع مغفرته وفضله.