الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن أسد بن موسى ابن إبراهيم بن عبد العزيز بن إسحاق بن أسد بن قاسم النميري
من أهل غرناطة، يكنى أبا إسحاق ويعرف بابن الحاجّ «1» .
أوّليّته: بيت نبيه، يزعم من يعنى بالأخبار، أن جدّهم الداخل إلى الأندلس ثوابة بن حمزة النّميري، ويشركهم فيه بنو أرقم الوادي شيون «2» . وكان سكناه بجهة وادي آش، ولقومه اختصاص وانتقال ببعض جهاتها، وهي شوظر، والمنظر، وقرسيس، وقطرش؛ تغلّب العدو عليها على عهد عبد العزيز، وآوى جميعهم إلى كنف الدولة النصرية، فانخرطوا في سلك الخدمة، وتمحّض خلفهم بالعمل. وكان جدّه الأقرب إبراهيم، رجلا خيّرا من أهل الدين والفضل والطهارة والذكاء؛ كتب للرؤساء من بني إشقيلولة، عند انفرادهم بوادي آش. واختصّ بهم، وحصل منهم على صهر بأم ولد بعضهم، وضبط المهمّ من أعمالهم. ثم رابته منهم سجايا أوجبت انصرافه عنهم، وجنوحه إلى خالهم السلطان الذي كاشفوه بالثورة، فعرف حقّه، وأكرم وفادته، وقبل بيانه؛ فقلّده ديوان جنده، واستمرّت أيام عمره تحت رعيه، وكنف عنايته. وكان ولده عبد الله، أبو صاحبنا المترجم به، صدرا من صدور المستخدمين في كبار الأعمال، على سنن رؤسائهم، مكسابا متلافا، سريّ النفس، غاض الحواز. ولي الأشغال بغرناطة وسبتة؛ عند تصيّرها إلى إيالة بني نصر؛ وجرى طلاقه هذا، في صلّ دنيا عريضة؛ تغلّبت عليه بآخرة، ومضى لسبيله، مصدوقا بالكفاية، وبراعة الخط، وطيب النفس، وحسن المعاملة.
حاله: هذا «3» الرجل نشأ على عفاف وطهارة؛ امتهك صبابة ترف من بقايا عافية، أعانته على الاستظهار ببزّة، وصانته من التحرّف بمهنة. ثم شدّ وبهرت خصاله، فبطح بالشّعر؛ وبلغ الغاية في إجادة «4» الخط، وحاضر بالأبيات، وأرسم «5» في كتابة الإنشاء، عام أربعة وثلاثين وسبعمائة، مستحقّا حسن سمة «6» ، وبراعة
خط، وجودة أدب، وإطلاق يد، وظهور كفاية؛ وفي أثناء هذا الحال، يقيد ولا يفتر، ويروي الحديث، ويعلّق الأناشيد، ولا يغبّ النظم والنثر، ولا يعفي القريحة، معمّى، مخوّلا في العناية، مشتملا على الطهارة، بعيدا في زمان الشّبيبة عن الرّيبة، نزيها على الوسامة عن الصّبوة والرّقية، أعانه على ذلك نخوة في طبعه، وشفوف وهمّة. كان مليح الدّعابة، طيّب الفكاهة، آثر المشرق، فانصرف عن الأندلس في محرّم عام سبعة وثلاثين وسبعمائة، وألمّ بالدول، محرّكا إياها بشعره، هازّا أعطافها بأمداحه؛ فعرف قدره، وأعين على طيّته؛ فحجّ وتطوّف، وقيّد، واستكثر، ودوّن في رحلة سفره؛ وناهيك بها طرفة؛ وقفل إلى إفريقية، وكان علق بخدمة بعض ملوكها، فاستقرّ ببجاية لديه، مضطلعا بالكتابة والإنشاء. ثم انتقل إلى خدمة سلطان المغرب، أمير المسلمين أبي الحسن؛ ولم ينشب أن عاد إلى البلاد المشرقية، فحجّ، وفصل إلى إفريقية، وقد دالت الدولة بها بالسلطان المذكور، فتقاعد عن الخدمة، وآثر الانقباض؛ ثم ضرب الدهر ضرباته، وآل حال السلطان إلى ما هو معروف، وثابت للموحّدين برملة بجاية بارقة لم تكد تتقد حتى خبت، فعاد إلى ديوانه من الكتابة عن صاحب بجاية. ثم أبى مؤثرا للدّعة في كنف الدولة الفارسية «1» ، ونفض عن الخدمة يده، لا أحقّق مضطرا أم اختيارا، وحجة كليهما قائمة لديه، وانقطع إلى تربة الشيخ أبي مدين «2» بعبّاد تلمسان، مؤثرا للخمول، عزيزا به، ذاهبا مذهب التّجلّة من التجريد والعكوف بباب الله، مفخرا لأهل نحلته، وحجّة على أهل الحرص والتهافت، من ذوي طبقته، راجع الله بنا إليه بفضله. ثم جبرته الدولة الفارسية على الخدمة، وأبرته بزّة النّسك، فعاد إلى ديدنه من الكتابة، رئيسا ومرءوسا. ثم أفلت نفيه موت السلطان أبي عنان فلحق بالأندلس، وتلقي ببرّ وجراية، وتنويه وعناية، واستعمل في السفارة إلى الملوك؛ وولّي القضاء في الأحكام الشرعية بالقليم بقرب الحضرة؛ وهو الآن بحاله الموصوفة، صدرا من صدور القطر وأعيانه، يحضر مجلس السلطان، ويعدّ من نبهاء من ينتاب بابه، وقد توسّط من الاكتهال، مقيما لرسم الكتابة والظرف مع الترخيص للباس الحرير، والخضاب بالسواد، ومصاحبة الأبّهة، والحرص على التّجلّة.
وجرى ذكره في «التاج المحلّى» بما نصّه «1» : «طلع شهابا ثاقبا، وأصبح بشعره للشّعرى مصاقبا، فنجم وبرع، وتمّم المعاني واخترع؛ إلى خطّ يستوقف الأبصار رائقه، وتقيّد الأحداق حدائقه، وتفتن الألباب فنونه البديعة وطرائقه، من بليغ يطارد أسراب المعاني البعيدة فيقتنصها، ويغوص على الدّرر الفريدة فيخرجها، ويستخلصها بطبع مذاهبه دافقة، وتأييد رايته خافقة. نبه في عصره شرف البيان من بعد الكرى، وانتدب بالنشاط إلى تجديد ذلك البساط وانبرى، فدارت الأكواس، وتضوّع الورد والآس، وطاب الصّبوح، وتبدّل الروح المروح، ولم تزل نفحاته تتأرّج، وعقائل بناته تتبرّج، حتى دعي إلى الكتابة، وخطب إلى تلك المثابة، فطرّز المفارق برقوم أقلامه، وشنّف المسامع بدرّ كلامه؛ ثم أجاب داعي نفسه التي ضاق عنها جثمانه، لا بل زمانه، وعظم لها فكره وغمّه، وتعب في مداراتها، وكما قال أبو الطيب المتنبي:
«وأتعب خلق الله من راد محمده» ، فارتحل لطيّته، واقتعد غارب مطيّته، فحجّ وزار، وشدّ للطّواف الإزار. ثم هبّ إلى المغرب وحوّم، وقفل قفول النسيم عن الرّوض بعدما تلوّم، وحطّ بإفريقية على نار القرى، وحمد بها صباح السّرى، ولم يلبث أن تنقل، ووحر الحميم شفافه وتنغل، ثم بدا له أخرى فشرق، وكان عزمه أن يجتمع فتفرّق» .
مشيخته: روى «2» عن مشيخة بلده وأشجر، وقيّد واستكثر، وأخذ في رحلته عن أناس شتّى يشقّ إحصاؤهم.
تواليفه: منها كتاب «المساهلة والمسامحة، في تبيين طرق المداعبة والممازحة» ، و «إيقاظ الكرام، بأخبار المنام» ، و «تنعيم الأشباح بمحادثة الأرواح» ، وكتاب «الوسائل، ونزهة المناظر والحمائل» و «الزّهرات، وإجالة النّظرات» ، وكتاب في «التّورية» على حروف المعجم، أكثره مروي الأسانيد عن خلق كثير، والله تعالى يخره؛ وجزء في تبيين المشكلات الحديثة الواصلة من زبيد اليمن إلى مكّة؛ وجزء في بيان اسم «3» الله الأعظم، وهو كبير الفائدة، و «نزهة الحدق، في ذكر الفرق» ، وكتاب الأربعين حديثا البلدانية، والمستدرك عليها من البلاد التي دخلتها، ورويت فيها، زيادة على الأربعين، و «روضة العباد المستخرجة من الإرشاد» ، وهو من تأليف شيخنا القطب أبي محمد الشافعي؛ والأربعون حديثا التي رويتها عن الأمراء والشيوخ،
الذين رووا عن الملوك والأمراء؛ والشيوخ الذين رووا عن الملوك والخلفاء القريب عهدهم؛ ووصلت بها خاتمة ذكرت فيها فوائد مما رويته عن الملوك والأمراء، وعن الشيوخ الذين رووا عن الملوك والأمراء؛ وكتاب «اللّباس والصّحبة» وهو الذي جمعت فيه طرق المتصوّفة، المدّعي أنه لم يجمع مثله؛ وكتاب فيه شطر الحماسة لحبيب، وهو غير مكمل؛ ورجز «1» في الفرائض على الطريقة البديعة التي ظهرت ببلاد «2» الشرق؛ ورجز صغير في الحجب والسّلاح، ورجز في الجدل؛ ورجز «3» في الأحكام الشرعية سمّاه، ب «الفصول المقتضبة، في الأحكام المنتخبة» ؛ وكتاب سمّاه ب «مثاليث «4» القوانين، في التّورية والاستخدام والتّضمين» ، وهو كله من نظمه؛ وله تأليف سمّاه ب «فيض العباب، وإجالة قداح الآداب، في الحركة إلى قسنطينة والزّاب» .
شعره: ومن شعره في المقطوعات «5» : [الكامل]
طاب العذيب بماء «6» ذكرك وانثنى
…
فكأنما ماء العذيب سلافه
واهتزّ من طرب للقياك الحمى
…
فكأنّما باناته «7» أعطافه
ومن ذلك «8» : [الطويل]
لي المدح يروى منذ كنت كأنما
…
تصورت مدحا للورى وثناء
وما لي هجاء فاعجبنّ لشاعر
…
وكاتب سرّ لا يقيم هجاء
ومن ذلك «9» : [الطويل]
ولي فرس من علية الشّهب سابق
…
أصرّفه يوم الوغى كيف أطلب
غدوت «10» له في حلبة القوم مالكا
…
يتابعني ما شئت في السّبق أشهب «11»
وقال، وقد وقف حاجب السلطان على عين ماء «فيض «1» الثغور» وشرب منها «2» :[المتقارب]
تعجّبت من ثغر هذي البلاد
…
وها أنت من عينه شارب «3»
فلله ثغر أرى شاربا
…
وعين بدا فوقها حاجب
ومن ذلك «4» : [المتقارب]
وحمراء في الكأس مشمولة
…
تحثّ على العود في كلّ بيت
فلا غرو أن جاءني سابقا
…
إلى الأنس خلّ «5» يحثّ الكميت
وقال مضمّنا، وقد تذكر حمراء غرناطة، وبابها الأحفل المعروف «بباب الفرج» «6» :[المتقارب]
أقول وحمراء غرناطة تشوق
…
تشوق النّفوس وتسبي المهج
ألا ليت شعري بطول السّرى
…
أرتنا الوجى واشتكت العرج
وما لي في عرج رغبة
…
ولكن لأقرع باب الفرج
وقال ملغزا في قلم وهو ظريف «7» : [الطويل]
أحاجيك «8» ما واش يراد حديثه
…
ويهوى الغريب النازح الدار إفصاحه
تراه مع الأحيان أصفر ناحلا
…
كمثل مريض وهو قد لازم الرّاحه «9»
وقال: [الطويل]
وقالوا رمى في الكأس وردا فهل ترى
…
لذلك وجها؟ قلت أحسن به قصدا
ألم تجد اللذّات في الكأس حلبة؟
…
فلا تنكروا فيها الكميت ولا الوردا
وقال «1» : [الطويل]
كماة تلاقت تحت نقع سيوفهم
…
وللهام رقص كلّما طلب الثّار
فلا غرو أن غنّت وتلك رواقص
…
لها «2» فيهم في مارد الحرب أوتار
وقال: [الرجز]
وعارض في خدّه نباته
…
فحسنه بين الورى يسحرنا
أجرى دموعي إذ جرت شوقا له
…
فقلت هذا عارض ممطرنا
وقال وقد توفي السلطان أبو يحيى بن أبي بكر، صاحب تونس، وولي ابنه أبو حفص بعد قتله لإخوته:[الطويل]
وقالوا أبو حفص حوى الملك غاصبا
…
وإخوته أولى وقد جاء بالنّكر
فقلت لهم كفّوا فما رضي الورى
…
سوى عمر من بعد موت أبي بكر
وقال مضمّنا، وقد حضر الفتى الكبير عنبر قتالا، وكان فارسا مذكورا عند بني مرين:[الكامل]
ولقد أقول وعنبر ذاك الفتى
…
يلقى الفوارس في العجاج الأكور
يا عاثرين لدى الجلاد لعا فقد
…
بسقت لكم ريح الجلاد بعنبر
وقال وقد اشتاق إلى السّبيكة «3» خارج حمراء غرناطة: [مجزوء الرمل]
إنّ «4» إفراط بكائي
…
لم يرع مني عريكه
قد أذاب العين لمّا
…
زاد شوقي للسّبيكه
وقال: [الكامل]
لمّا نزلت من السّبيكة صادني
…
ظبي وددت لديه أن لم أنزل
فاعجب لظبي صاد ليثا لم يكن
…
من قبلها متخبّطا في أحبل
وقال وهو ظريف: [الكامل]
قد قارب العشرين ظبي لم يكن
…
ليرى الورى عن حبّه سلوانا
وبدا الربيع بخدّه فكأنما
…
وافى الربيع ينادم النّعمانا
وقال «1» : [الطويل]
أتوني فعابوا من أحبّ جماله
…
وذاك على سمع المحبّ خفيف
فما فيه عيب غير أنّ جفونه
…
مراض وأنّ الخصر منه ضعيف
وقال: [المتقارب]
أيا عجبا كيف تهوى الملوك
…
محلّي وموطن أهلي وناسي
وتحسدني وهي مخدومة
…
وما أنا إلّا خديم بفاس
نثره: ونثره تلو نظمه في الإجادة، وقد تضمّن الكتاب المسمى ب «نفاضة الجراب» منه ذكر كل بديع؛ فمما ثبت فيه، مما خاطبته به، وقد ولّي خطّة القضاء بالإقليم، أداعبه، وأثير ما تستحويه عجائبه:[السريع]
يا «2» قاضي العدل الذي لم تزل
…
تمتار شهب الفضل من شمسك
قعدت للإنصاف بين الورى
…
فاطلب لنا الإنصاف من نفسك
«ما للقاضي، أبقاه الله، ضاق ذرع عدله الرّحيب، عن العجيب؛ وهمّ عن العتب، وضنّ على صديقه حتى بالكتب؛ أمن المدوّنة الكبرى ركب هذا التحريج، أم من المبسوطة ذهب إلى هذا الأمر المريج؛ أم من الواضحة امتنع عن الإمام ببديع الوفاء والتعريج؟ من أمثالهم ارض من أخيك بعشر ودّه إذا ولّي، وقد قنعنا والحمد لله بحبّة من مدّه، وإشارة من درجه، وبرّة وصاعة معتدلة، من زمان بلوغ أشدّه؛ فما باله يمطل مع الغنى، ويحوج إلى العنا، مع قرب الجنى؛ المحلة حلّة ضالع، ومطمع وطامع، ومرأى ورأي، ومستمع وسامع، والكنف واسع، والمكان لا ناء ولا شاسع؛ والضّرع حافل؛ والزّرع كاف كافل؛ والقريحة وارية الزّند، والإمالة خافقة البند؛ وهب أن البخل يقع بها في الخوان على الإخوان، فما باله يسمح بالبيان، وليس الخبر كالعيان؛ ويتعدّى حظّ الجنان، لا خطّ البنان؛ أعيذ سيدي من ارتكاب رأي ذميم، ينقل إلى نميرها بيت تميم؛ ويقصد معناه بتميم، وهلّا تلا حم؛ وعهدي بالسياسة القاضوية، وقد نامت في مهاد أهل الظرف، نوم أهل الكهف، ولم تبال بمردّد الويل
واللهف، أو شربة لحفظ الصّحة بختجا، ودقّت لإعادة الشّبيبة عفصا ورد سختجا؛ وغطّت الصبح بالليل إذا سجا، ومدّت على ضاحي البياض صلّا سجسجا؛ وردّت سوسن العارض بنفسجا، ولبس بحرها الزّاخر من طحلب البحر منتسجا؛ وأحكام العامّة، ومزين المرأة ينصح ويرشد، ويطوي المحاسن وينشد، حتى حسنت الدّارة، وصحّت الاستدارة، وأعجبه الوجه الجميل، والقدّ الذي يميد في دكّة الدّار ويميل، وأغرى بالسّواك السّميم والتكميل، وولج بين شفرتي سيد الميل، وقيل لو صاح اليمين خاب فيك التّأميل؛ وامتدّ جناح برنس السّرق، واحتفل الغصن الرّطيب في الورق، ورشّ الورد بمائه عند رشح العرق. وتهيّأ لمنطلق، فقرأت عليه نساء أعوانه، وكتبة ديوانه، سورة الفلق؛ من بعد ما وقف الإمليق حجّابه على إقدامهم، وسحبهم جلاوزته من أقوامهم؛ فمثلوا واصطفّوا، وتألّفوا والتفّوا، وداروا وحفّوا، وما تسلّلوا ولا خفوا؛ كأنما أسمعتهم صيحة النّشر، وأخرجوا لأول الحشر، فعيونهم بملتقى المصراع معقودة، وأذهانهم لمكان الهيبة مفقودة، وحبالتهم قبل الطلب بها منقودة؛ فبعد ما فرش الوساد، وارتفع بالنّفاق الكساد، وذارع البكا وتأرّج الحسّاد، واستقام الكون وارتفع الفساد، وراجعت أرواحها الأجساد؛ جاءت السّادة القاضوية فجلست، وتنعّمت الأحداق بالنظر فيها واختلست، وسجّت الأكفّ حتى أفلست؛ وزانت شمسها ذلك الفلك، وجلت الأنوار ذلك الحلك، وفتحت الأبواب وقالت هيت لك؛ ووقفت الأعوان سماطين ومثلوا خطّين، وتشكّلوا مجرّة تنتهي منك إلى البطين، يعلنون بالهديّة ويجهرون، ولا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ
«1» ؛ من كل شهاب ثاقب وطائف غاسق واقب، وملاحظ مراقب؛ كميش الإزار، بعيد المزار، حامل للأوبار، خصيم مبين، وارث سوفسطائيّا عن رثين، مضطلع بفقه البين وحريمها، فضلا عن تلقين الخصوم وتعليمها، يرأسهم العريف المقرّب، والمقدّم المدرّب، والمشافه المباشر، والنّابح الشاكر، والنّهج العاشر؛ الذي يقتضي خلاص العقد، ويقطع الكالي والنّقد، ويزكّي ويجرّح، ويمسك ويسرّح ويطرح، ويحمل من شاء أو يشرّح، والمسيطر الذي بيده ميزان الرّزق، وجميع أجزاء المفترق، وكافة قابلة، وحم الدّواة الفاغرة، ورشا بلالة الصّدور الواغرة؛ فإذا وقف الخصمان بأقصى مطرح الشعاع، أيّان يجتمع الرّعاع، وأعلنّا النّداء، وطلب الأعداء، وصاحا: جعل الله أنفسنا لك الفداء، ورفع الأمر إلى مقطع الحق، والأولى بالمثوبة الأحق، أخذتهما الأيدي دفعا في القفيّ، ورفعا السّتر اللّطيف الخفيّ، وأمسكا بالحجر والأكمام، ومنعا المباشرة والإلمام؛ فإذا أدلى بحجّته من
أدلى، وسمعها دينه عدلا، وحقّ القول، واستقرّ الهول، ووجبت اليمين، أو الأداء الذي يفوت له الذخر الثمين، أو الرهن أو الضّمين، أو الاعتقال الذي هو على أحدهما كالأمين؛ نهش الصّل، الذي سليمه لا هل، ولسبت العقارب، التي لا يفلتها الهارب، ولا تخفى منها المشارب؛ وكم تحت ظلام الليل من غرارة يحملها غرّ، وصدّه ريح فيها صرّ؛ ويهدي ارتقاب قلّة شهد، وكبش يجرّ بقرنيه، ويدفع بعد رفع ساقيه؛ ومعزى وجدي وقلائد، وسرب دجاج، ذوات بجاج، يفضحن الطّارق، ويشعثن المفارق، فمتى يستفيق سيدي مع هذا اللّغط العائد بالصّلة، واللهو المتّصلة، وتفرغ يده البيضاء لأعمال ارتياض، وخطّ سواد في بياض، أو حنين لدوح أو رياض؛ أو إمتاع طرف، باكتشاف حرف، أو إعمال عدل لرسول في صرف، أو حشو طرف، بتحفة ظرف؛ شأنه أشدّ استغراقا، ومثواه أكثر طراقا، من ذكرى حبيب ومنزل «1» ، وأمّ معدّل؛ وكيف يستخدم القلم الذي يصرف ماء الحبر، بذوب التّبر، في ترّهات عدم جناها؛ وأقطع جانب الخيبة لفظها ومعناها؛ اللهمّ إلا أن تحصل النفس على كفاية تحتم لها الصّدر، ويشام من خلالها اللّجين الرفيع القدر، أو يحيى للفكاهة والأنس، أو ينفق لديها ذمام على الجنس؛ فربما تقع المخاطبة المبرورة، وتبيح هذا المرتكب الصعب الضرورة؛ والمرغوب من سيّدنا القاضي أن يذكرنا يوما بالإغفال في نعيمه، ولا يخيّب آمالنا المتعلّقة بأذيال زعيمه، ويسهمنا حظّا من فرائد خطّه، لا من فوايد خطّته، ويجعل لنا كفلا من فضل بريته وحنطته لا من فضل هرّته وقطّته؛ فقد غنينا عن الحلاوات بحلاوات لفظه، وعن الطرف المجموعة، بفنون حفظه، وعن قصب السّكر، بقصب أقلامه؛ وعن جنى الرّوم بروامه، وبهديه، عن جديه؛ وبمجاجته، عن دجاجته؛ وبدلجه عن أترجّه؛ وعن البر ببرّه، وعن الحبّ بحبّه؛ ولا نأمل إلّا طلوع بطاقته، وقد رضينا بوسع طاقته؛ وإلّا فلا بدّ أن يجيش جيش الكلام إلى عتبه، ونوالي عليه ضرايب الكتائب، حتى يتّقي بضريبة كتبه، والسلام» .
فراجعني بما نصه: [الطويل]
فنيت عن الإنصاف منّي لأنني
…
كما قلت لكم من فراقكم قاض
فمن سمعنا أو من بعينك إنني
…
بكلّ الذي ترضاه يا سيدي راض
«عمرك الله أيها الإمام الفذّ، ومن بمدحه تطرب الأسماع وتلذّ، أوحد الدنيا وحائز الرّتبة العليا؛ ولولا أنك فوق ما يقال، والزّلّة إن لم تظهر العجز عن وصفك لا تقال، لأطلت في القول، وهدرت هدير قرع الشّول، لكن تحصيل الحاصل محال، ولكلّ في تهيّب كمالك مقال، ومقام وحال؛ ولولا أنّ الدعاء مأمول، وهو يظهر الغيب مقبول، والزيادة من فضل الله لا تنتهي، والنّعم قد توافيك، فوق ما تشتهي، لأريت أن ذلك أمر كفي، وأمر ظهر فيه ما خفي:[البسيط]
إن قلت لا زلت مرفوعا فأنت كذا
…
أو قلت زانك ربّي فهو قد فعلا
إيه يا سيدي، ما هذه الكلمات السّحريّة والأنفاس النّفيسة الشّجرية، والألفاظ التي أنالت المرغوب وخالطت بشاشتها القلوب، والنّزعات الرّائقة، والأساليب الفائقة، والفصاحة التي سلبت العقول، والبلاغة التي أوجبت الذّهول؛ والبيان الذي لا يضيق صحيفه، ولا يبلغ أحد مدّه ونصيفه؛ يمينا بما احتوى من المحاسن، واللطائف التي لم يكن ماؤها بالآسن، وقسما ببراعتك التي هي الواسي المطاع، وطرسك الذي أبهجت به الأبصار والأسماع؛ لقد عاد لي بكتابتك عيد الشّوق، وجاد لي بخطابك جدّ التّوق، ولعهدي بنفسي رهن أشجاني، غير محلولة عقدة لساني، أشدّ من الصخرة جلدا، وأغلظ من الإبل كبدا؛ حتى إذا بدت حقيدة القلب وهبّ نسيمه الرّطب، وأفيح مورده العذب، وأضاء بنوره الشّرق والغرب، ولم يبق لي بثّ ولا شجن، ولا شاقني أهل ولا وطن؛ ومضى سيف اللسان بعد النبوّ، ونهض طرف الفكر بعد البكر، وهزّني الطّرب المثير للأفراح، ومشى الجذل في أطرافي وأعطافي مشي الرّاح؛ بيد أني خجلت ولا خجلة ربّة الخدر، وتضاءلت نفسي لجلالة ذلك القدر؛ وقلت ما لي بشربة من كأس بيانه، وقطرة من بحور إحسانه؛ حتى أؤدّي ولو بعض حقّك، وأكتب عقد ملك رقيّ لرقك، إنني على ما وليت من الصّدقة والصّداقة وبعد طلاقك؛ لكني أقوم في حقك مستغفرا، ولا أرضى أن أكون لذمّة المخدوم خفرا؛ على أنني أقول، قد كتبت فلم يردّ جوابي، وجرمت فهاج الجوى بي، ولعمري قد لزمت فيه خطّة الأدب، ولم أر التّثقيل على المولى الرّفيع الرّتب؛ فأما وقد نفقت عندك بضاعتي المزجاة، وشملني من لدنك الحلم والإناة، وشرّفتني بالخطاب الكريم، والرسالة التي عرفت في وجهها نضرة النعيم؛ فما أبغي إلّا إيرادها عليك وكلها خراج، ولبردها في الإجادة إنهاج؛ ولعلّك ترضى التّخريج من مدوّنة الأخبار، والمبسوطة والواضحة، لكن من الأعذار. وأمّا الولاية التي يقنع بسببها من الودّ بالعشر، أو بحبّة من المدّ إلى يوم النّشر، فلا بدّ أن يكون القانع محتاجا للوالي، ومفتقرا إلى التفقّد المتوالي؛ وأما إذا كان القانع هو الذي تولّى الخطّة، وأكسب الهرّ
الذي أشار إليه والقطّة، فهو قياس عكسه كان أقيس، بل تعليم لمن وجد في نفسه خيفة وأوجس؛ وهأنا قد فهمت وعلمت، من حسن تأديبك ما علمت، وعلى ما فرّطت في جنبك ندمت، وإلى المعذرة والحمد لله ألهمت؛ ومع ذلك أعيد حديث الشيخ القاضي، وذكر عهدك به في الزمان الماضي؛ فلقد أجاد في الخضاب بالسّواد، واعتمد على قول المالكي الذي هدى إلى الرّشاد، وأوجبه بعضهم في بلاد الجهاد؛ وبيّن عمر منافع الخضاب الصادقة الإشهاد، وخضب بالسّواد جماعة من الصّحابة الأمجاد؛ وكان ذلك ترخيصا لم يعدّ شرعا، لكنه دفع شرّا وجلب نفعا؛ لا كأخيه الذي أبكى عين الحميم، وأنشد قول الرّضيّ يوم السقيم، وفجع قلوب أترابه، ولم يأت بيت النّصف من بابه؛ وإلّا فقد علم أن في الخير مشروع «1» ، وتعجّل الشيء قبل أوانه ممنوع، وستغبط أخاك ولو بعد حين، وما كل صاحب يحمد في إيضاح وتبيين، وإني لأرجو أن تتزوجها بكرا، تلاعبها وتلاعبك، أو ثيّبا تقصر عن حبّها مآربك؛ فلا جرم ترجع إلى الخضاب، وحينئذ تمتّع برشف الرّضاب؛ وإلّا قالت سيدي، لا تعظم المنى، ولا تجعل القطر قبل أن يموت عمر؛ لعمر الله إن هذا الموقف صعب، قد ملأ الروح منه روع ورعب؛ وإن أضاف إلى ذلك غلبة الأوهام، وظن الشيخوخة الصادرة عن نيل المرام، سكن المتحرك المصلوب، وتنغّص عند ذلك المحبوب؛ والله يعينك أيّها المولى، ويواليك من بسطه أضعاف ما ولى. وأما الأوصاف التي حسبتها أوصافي، وأوجبت حكمها بالقياس على خلافي، فهي لعمري أوصاف لا تراد، ومراع لا شكّ أنها تراد؛ غير أني بعيد العهد بهذه البلاد، لا أمت لها إلّا بالانتساب والميلاد، لا كالقضاة الذين ذكرت لهم عهدا، ونظمت حلاهم في جيد الدهر عقدا؛ ولو أنك بسرّك بصّرتني بشروط القضاء وسجايا أهل الصّرامة والمضاء، لحقّقت المناط، وأظهرت الزهد والاغتباط؛ لكني جهلت والآن ألهمت؛ وما علّم الإنسان إلّا ليعلم، والله يهدينا إلى الذي يكون أحسن وأقوم؛ وإني لأعلم سيدي بخبري، وأطلع جلاله على عجري «2» وبجري؛ ولكني رحلت عن تلك الحضرة، وعدمت النّظرة في تلك النّظرة؛ لبست الإهمال، واطّلعت في السفر والاعتمال، فأقيم بادي الكآبة، مهتاج الصّبابة، قد فارقت السّكن، وخلفت الدار مثيرة الشّجن:
[الوافر]
وكانت جنّتي فخرجت منها
…
كآدم حين أخرجه الضّرار
حتى إذا حططت رحلي بالقرى، وقنعت بالزّاد الذي كفى معيارا والقرى؛ أدخلت إلى دار ضيقة المسالك، شديدة الظّلمة كالليل الحالك، تذكّرني القبر وأهواله وتنسيني الذي أهواه، بل تزيد على القبر برفل لا يتخلّص، وبراغيث كزريعة الكتّان حين تمحّص؛ وبعوض يطيل اللهز «1» ، ولا تغنّي حتى تشرب، وبوق يسقط سقوط النّدى، ويزحف إلى فراشي زحف العدا؛ وأراقم خارجة من الكوى، وحيّات بلدغها نزّاعة للشّوى؛ وجنون يسمع عزيفها، وسرّاق لا يعدم تخويفها؛ هذا ولا قرق لمن بالقهر حبس، إلّا حصير قد اسودّ من طول ما لبس؛ لا يجتزى في طهارته بالنّضح، ولا يحشد من جلس عليه إلّا بالجرح؛ حتى إذا سجا الليل، وامتدّ منه على الآفاق الذيل، فارقني العون فراق الكرى، ورأيت الدمع لما جرى قد جرى؛ فأتوسّد والله ذراعي، ولأحمد والله اضطجاعي؛ فكلا ليليّ محمومين «2» ، والوجع والسّهر محمولان على الرأس والعين؛ حتى إذا طلع الصبح، وآن لبالي وعيون الخصوم الفتح، أتاني عون قد انحنى ظهره ظهره، ونيّف عن المائة عمره، لا يشعر بالجون الصّيّب، ولا تسمعه كلمات أبي الطيّب؛ بربري الأصل، غير عارف بالفصل؛ حتى إذا أذنت للخصوم، وأردت إحياء الرسوم، دخل عليّ غولان عاقلان، وأثقل كتفي منهما مائلان، قد أكلا الثّوم النّيء والبصل، وعرقا في الزّنانير عرقا اتّصل، يهديان إليّ تلك الروائح، ويظهران لي المخازي والفضائح؛ فإذا حكمت لأحدهما على خصمه، وأردت الفصل الذي لا مطمع في فصمه؛ هرب العون هربا، وقضى من النجاة بنفسه أربا؛ واجتمع إلى النصحاء، وجاء المرضى والأصحّاء، كلّ يقول أتريد تعجيل المنايا، وإثكال الولايا، وإتعاب صديقك السّيد العماد، بمرتبة كما فعل مع القاضي الحدّاد؛ فأقول هذا جهاد، وما لي في الحياة مراد، فأرتكب الخطر، وأقضي في الحكم الوطر، والله يسلّم، ويكمل اللطف ويتمّم. وأما إذا جاء أحدكم لكتب عقد، وطمعت في نسيئة أو نقد، قطعت يومي في تفهّم مقصده، مستعيذا بالله من غضبه وحرده؛ حتى إذا ما تخلّصت منه، وملأت السّجل بما أثبته عنه، كشف عن أنياب عضل، وعبس عبوس المحب لانقطاع وصل؛ وقال: لقد أخطأت فيما كتبت، ورسمت ما أردت وأحببت؛ فأكتب عقدا ثانيا وثالثا، وأرتقب مع كل كلام حادث حادثا؛ فإذا رضي، فأسأله كيف؛ وسنّ السّالي الذي أظهره، أو اسمه أو السيف، أخرج من فمه درهما نتنا، قد لزم ضرسا عفنا؛ فأعاجله في البخور، وأحكّه في الصّخور، حتى إذا حمل لمن يبيع
خبز الذّرة منتنا، ويرى أنه قد فضل بذلك أنسا وحسنا، وجده ناقصا زائفا، فيرجع حامله وجلا خائفا، ويبقى القاضي فقيد الهجوع، يشدّ الحجر على بطنه من الجوع، على أنني أحمد خلاء البطن، وما بجسمي لا يحكى من الوهن؛ لتعذّر المرحاض، وبعد ماء الحياض، وكمون السّباع في الغياض، وتعلّق الأفاعي بالرّداء الفضفاض، ونجاسة الحجارة، وكثرة تردّد السّيارة، والانكشاف للريح العقيم، والمطر المنصبّ إلى الموضع الذميم. هذه الحال، وعلى شرحها مجال، وقد صدقتك سنن فكري، وأعلمتك بذات صدري، فتجلّى الغرارة غرور، وشهود الشّهد زور، والطّمع في الصّرّة إصرار، ودون التّبر يعلم الله تيّار. وأما الكبش، فحظّي منه غباره إذا خطر، والثّور بقرنه إذا العيد حضر، كما أن حظّي من الجدي التأذّي بمسلكه، وإنّ جدي السماء لأقرب لي من تملّكه، وأنا من الحلاوة سالم ابن حلاوة، ولا أعهد من طرف الطرف الدّماوة، ودون الدّجاج كل مدجّج، وعوض الأترجّ رجّة بكل معرج، ولو عرفت أنك تقبل على علّاتها الهدايا، وتوجب المزيد لأصحابك المزايا، لبعثت بالقماش، وأنفذت الرّياش، وأظهرت الغنى، والوقوف بمبنى المنى، وأوردتها عليك من غير هلع، مطّلعة في الجوف بعد بلع، من كل ساحليّة تقرّب إلى البحر، وعدوية لا تعدّ وصدر مجلس الصّدر، حتى أجمع بين الفاكهة والفكاهة، ويبدو لي بعد الشقف وجوه الوجاهة، وأتبرأ من الصّدّ المذموم، ولا أكون أهدأ من القطا لطرق اللّوم؛ لأنك زهدت في الدنيا زهد ابن أدهم، وألهمك الله من ذلك أكرم ما ألهم؛ فيدك من أموال الناس مقبوضة، وأحاديث اللها الفاتحة للها مرفوضة؛ وإذا كان المرء على دين خليله، ومن شأنه سلوك نهجه وسبيله، فالأليق أن أزهد في الصّفراء والبيضاء، وأقابل زخرف الدنيا بالبغضاء، وأحقّق وأرجو على يدك حسن التخلّي، والاطّلاع على أسرار التّجلّي؛ حتى أسعد بك في آخرتي ودنياي، وأجد بركة خاطرك في مماتي ومحياي؛ أبقاك الله بقاء يسر، وأمتع بمناقبك التي يحسدها الياقوت والدّر، ولا زلت في سيادة تروق نعتا، وسعادة لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، وأقرأ عليك سلاما عاطر العرف، كريم التأكيد والعطف، ما رثى لحالي راث، وذكرت أدّاية حراث، ورحمة الله وبركاته. وكتبه أخوك ومملوكك، وشيعة مجدك، في الرابع والعشرين من جمادى الأولى عام أربعة وستين وسبعمائة» .
مولده: بغرناطة عام ثلاثة عشر وسبعمائة.
محنته: توجّه رسولا عن السلطان إلى صاحب تلمسان السلطان أحمد بن موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن بن زيّان، وظفر بالجفن الذي ركبه العدو، بأحواز جزيرة حبيبة، من جهة وهران، فأسر هو ومن بأسطول