الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله في شجر نارنج مزهر «1» : [الكامل]
وثمار نارنج نرى أزهارها
…
مع ناتئ «2» النّارنج في تنضيد
فإذا نظرت إلى تألّفها «3» أتت
…
كمباسم أومت للثم خدود
وفاته: في زوال يوم الجمعة السابع «4» والعشرين لرجب عام خمسة وستين وسبعمائة.
مولده: ثامن شوّال عام ثمانية وتسعين وستمائة.
أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد ابن الصقر الأنصاري الخزرجي
«5»
يكنى أبا العباس، من أهل الثّغر الأعلى.
أوّليته: من سرقسطة «6» ، حيث منازل الأنصار هنالك؛ انتقل جدّ أبيه عبد الرحمن بابنه الصغير «7» منها لحدوث بعض الفتن بها إلى بلنسية، فولد له ابنه عبد الرحمن أبو العباس «8» هذا؛ ثم انتقل أبوه إلى ألمريّة، فولد أبو العباس بها، ونقله أبوه إلى سبتة فأقام بها مدّة «9» .
حاله: كان «10» محدّثا مكثرا ثقة، ضابطا، مقرئا، مجوّدا، حافظا للفقه، ذاكرا للمسائل «11» ، عارفا بأصولها «12» ، متقدّما في علم الكلام، عاقدا للشروط، بصيرا بعللها؛ حاذقا بالأحكام، كاتبا بليغا، شاعرا محسنا، أتقن «13» أهل عصره خطّا، وأجلّهم منزعا، ما اكتسب قطّ شيئا من متاع الدّنيا، ولا تلبّس بها، مقتنعا
باليسير، راضيا بالدّون، مع الهمّة العليّة، والنفس الأبيّة، على هذا قطع عمره، وكتب من دواوين العلم ودفاتره، ما لا يحصى كثرة، بجودة «1» وضبط وحسن خطّ؛ وعني به أبوه في صغره، فأسمعه كثيرا من الشروح، وشاركه في بعضهم.
نفعه الله.
نباهته: استدعاه أبو عبد الله بن حسّون، قاضي مرّاكش، إلى كتابته، إلى أن صرف، واستقرّ هو متولّي حكمها وأحكامها، والصلاة في مسجدها، ثم ترك الأحكام، واستقرّ في الإمامة. ولمّا تصيّر الأمر إلى الموحّدين، ألحقه عبد المؤمن «2» منهم، بجملة طلبة العلم، وتحفّى به، وقدّمه إلى الأحكام بحضرة مرّاكش، فقام بها مدّة، ثم ولّاه قضاء غرناطة، ثم نقله إلى إشبيلية قاضيا بها مع وليّ عهده. ولمّا صار الأمر إلى يعقوب «3» ، ألزمه خدمة الخزانة العلمية وكانت عندهم من الخطط التي لا يعيّن لها إلّا كبار أهل العلم وعليّهم، وكانت مواهب عبد المؤمن له جزلة، وأعطياتهم مترافهة كثيرة.
مشيخته: قرأ القرآن على أبيه، وأكثر عنه، وأجاز له، وعلى أبي الحسن التطيلي، قال: وهو أول من قرأت عليه.
من روى عنه: روى عنه أبو عبد الله، وأبو خالد يزيد بن يزيد بن رفاعة، وأبو محمد بن محمد بن علي بن وهب القضاعي.
دخوله غرناطة: صحبة «4» القاضي أبي القاسم بن جمرة، ونوّه به واستخلفه إذ وليها، وقبض عليه بكلتي يديه، ثم استقضي بها أبو الفضل عياض بن موسى، فاستمسك به، واشتمل عليه؛ لصحبة كانت بينهما وقرابة، إلى أن صرف عنها أبو الفضل عياض، فانتقل إلى وادي آش، فتولّى أحكامها والصلاة بها، ثم عاد إلى غرناطة سنة ست وثلاثين، إلى أن استقضي بغرناطة في دولة أبي محمد بن
عبد المؤمن بن علي؛ فحمدت سيرته، وشكر عدله، وظهرت نزاهته، ودام بها حتى ظنّ من أهلها.
شعره: وشعره في طريقة الزهد، وهي لا ينفذ فيها إلّا من قويت عارضته، وتوفّرت مادّته «1» :[الطويل]
إلهي لك الملك العظيم حقيقة
…
وما للورى مهما منعت نقير
تجافى بنو الدنيا مكاني فسرّني
…
وما قدر مخلوق جداه حقير
وقالوا فقير وهو «2» عندي جلالة
…
نعم صدقوا إني إليك فقير
وشعره في هذا المعنى كثير، وكله سلس المقادة، دالّا على جودة الطبع. ومن شعره قوله «3» :[الكامل]
أرض العدو بظاهر متصنّع
…
إن كنت مضطرّا إلى استرضائه «4»
كم من فتى ألقى بوجه «5» باسم
…
وجوانحي تنقدّ «6» من بغضائه
تصانيفه: له»
تصانيف مفيدة تدلّ على إدراكه وإشرافه، كشرحه «الشّهاب» ، فإنه أبدع فيه، وكتابه «أنوار الأفكار، فيمن دخل جزيرة الأندلس من الزّهّاد والأبرار» ، ابتدأ تأليفه، وتوفي دون إتمام غرضه فيه، فكمّله عبد الله ابنه.
محنته: كان ممّن وقعت عليه المحنة العظمى بمرّاكش يوم دخول الموحّدين إياها، يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شوّال عام أحد «8» وأربعين وخمسمائة، على الوجه المشهور في استباحة دماء كل من اشتملت عليه من الذّكور البالغين؛ إلّا من تسترّ بالاختفاء في سرب أو غرفة أو مخبأ. وتمادى القتل فيها ثلاثة أيام، ثم نودي بالعفو عمّن أشارته الفتكة الكبرى، فظهر من جميع الخلق بها، ما يناهز السبعين رجلا، وبيعوا بيع أسارى المشركين، هم وذراريهم، وعفي عنهم، فكان أبو العباس ممّن تخطّته المنيّة، واستنقذه من الرّقّ العفو، وحسبك بها محنة، نفعه الله، وضاعت له في ذلك وفي غيره كتب كثيرة بخطّه وبغير خطّه، مما تجلّ عن القيمة.