المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في اسم هذه المدينة ووضعها على إجمال واختصار - الإحاطة في أخبار غرناطة - جـ ١

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌القسم الأوّل في حلى المعاهد والأماكن والمنازل والمساكن

- ‌فصل في اسم هذه المدينة ووضعها على إجمال واختصار

- ‌فصل في فتح هذه المدينة ونزول العرب الشاميين من جند دمشق بها وما كانت عليه أحوالهم، وما تعلق بذلك من تاريخ

- ‌ذكر ما ينسب إلى هذه الكورة من الأقاليم التي نزلتها العرب بخارج غرناطة، وما يتصل بها من العمالة

- ‌فصل فيما اشتمل عليه خارج المدينة من القرى والجنّات والجهات

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فيمن تداول هذه المدينة من لدن أصبحت دار إمارة باختصار واقتصار

- ‌القسم الثاني في حلى الزّائر والقاطن والمتحرّك والسّاكن

- ‌أحمد بن خلف بن عبد الملك الغساني القليعي

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن يزيد الهمداني اللخمي

- ‌أحمد بن محمد بن أضحى بن عبد اللطيف بن غريب ابن يزيد بن الشّمر بن عبد شمس بن غريب الهمداني الإلبيري

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن هشام القرشي

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى ابن عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن جزيّ الكلبي

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن علي ابن محمد بن سعدة بن سعيد بن مسعدة بن ربيعة بن صخر ابن شراحيل بن عامر بن الفضل بن بكر بن بكّار بن البدر ابن سعيد بن عبد الله العامري

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن قعنب الأزدي

- ‌أحمد بن محمد بن سعيد بن زيد الغافقي

- ‌أحمد بن أبي سهل بن سعيد بن أبي سهل الخزرجي

- ‌أحمد بن عمر بن يوسف بن إدريس بن عبد الله ابن ورد التميمي

- ‌أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن علي الأموي

- ‌أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن عميرة المخزومي

- ‌أحمد بن عبد الحق بن محمد بن يحيى ابن عبد الحق الجدلي

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد ابن الصقر الأنصاري الخزرجي

- ‌أحمد بن أبي القاسم بن عبد الرحمن

- ‌أحمد بن إبراهيم بن الزّبير بن محمد بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسين بن الزبير بن عاصم بن مسلم بن كعب الثّقفي

- ‌أحمد بن عبد الولي بن أحمد الرعيني

- ‌أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري

- ‌أحمد بن عبد النور بن أحمد بن راشد رحمه الله

- ‌أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن محمد ابن مصادف بن عبد الله

- ‌أحمد بن حسن بن باصة الأسلمي المؤقّت بالمسجد الأعظم بغرناطة

- ‌أحمد بن محمد بن يوسف الأنصاري

- ‌أحمد بن محمد الكرني

- ‌أحمد بن محمد بن أبي الخليل، مفرّج الأموي

- ‌أحمد بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد بن خلف ابن سعيد بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن الحسن ابن عثمان بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن عمّار بن ياسر صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم

- ‌غريبة في أمره مع حفصة

- ‌أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد القرشي، المعروف بابن فركون

- ‌أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صفوان

- ‌أحمد بن أيوب اللّمائي

- ‌أحمد بن محمد بن طلحة

- ‌أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد ابن خاتمة الأنصاري

- ‌أحمد بن عباس بن أبي زكريا

- ‌أحمد بن أبي جعفر بن محمد بن عطيّة القضاعي

- ‌أحمد بن محمد بن شعيب الكرياني

- ‌أحمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن محمد بن حسين بن علي بن سليمان بن عرفة اللخمي

- ‌أحمد بن علي الملياني

- ‌أحمد بن محمد بن عيسى الأموي

- ‌أحمد بن الحسن بن علي بن الزيّات الكلاعي

- ‌إبراهيم بن محمد بن مفرّج بن همشك

- ‌انخلاعه للموحدين عمّا بيده وجوازه للعدوة، ووفاته بها:

- ‌إبراهيم بن أمير المسلمين أبي الحسن بن أمير المسلمين أبي سعيد عثمان بن أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب ابن عبد الحقّ

- ‌إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص عمر ابن يحيى الهنتاني، أبو إسحاق

- ‌إدبار أمره بهلاكه على يد الدّعيّ الذي قيّضه الله لهلاك حينه:

- ‌إبراهيم بن محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن محمد ابن سهل بن مالك بن أحمد بن إبراهيم بن مالك الأزدي

- ‌إبراهيم بن فرج بن عبد البر الخولاني

- ‌إبراهيم بن يوسف بن محمد بن دهاق الأوسي

- ‌إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري

- ‌إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الساحلي

- ‌إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن أسد بن موسى ابن إبراهيم بن عبد العزيز بن إسحاق بن أسد بن قاسم النميري

- ‌إبراهيم بن خلف بن محمد بن الحبيب بن عبد الله بن عمر ابن فرقد القرشي العامري

- ‌إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبيدس بن محمود النفزي

- ‌إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي بكر التّسوليّ

- ‌إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد ابن أبي العاصي التّنوخي

- ‌إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف بن محمد ابن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر بن قيس الأنصاري الخزرجي

- ‌إسماعيل بن يوسف بن إسماعيل بن فرج بن نصر

- ‌الملوك على عهده

- ‌أبو بكر بن إبراهيم، الأمير أبو يحيى المسوفي الصحراوي

- ‌إدريس بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، أمير المؤمنين، الملقب بالمأمون، مأمون الموحدين

- ‌تصيّر الأمر إليه، وجوازه إلى العدوة:

- ‌أسباط بن جعفر بن سليمان بن أيوب بن سعد السعدي سعد ابن بكر بن عفان الإلبيري

- ‌أسلم بن عبد العزيز بن هشام بن خالد بن عبد الله بن خالد ابن حسين بن جعفر بن أسلم بن أبان

- ‌أسد بن الفرات بن بشر بن أسد المرّي

- ‌أبو بكر المخزومي الأعمى الموروري المدوّري

- ‌أصبغ بن محمد بن الشيخ المهدي

- ‌أبو علي بن هدية

- ‌أم الحسن بنت القاضي أبي جعفر الطّنجالي

- ‌بلكّين بن باديس بن حبّوس بن ماكسن بن زيري ابن مناد الصّنهاجي

- ‌باديس بن حبّوس بن ماكسن بن زيري بن مناد الصّنهاجي

- ‌ذكر مقتل اليهودي يوسف بن إسماعيل بن نغرالة الإسرائيلي:

- ‌مكان باديس من الذكاء وتولّعه بالقضايا الآتية:

- ‌بكرون بن أبي بكر بن الأشقر الحضرمي

- ‌بدر مولى عبد الرّحمن بن معاوية الداخل

- ‌ثابت بن محمد الجرجاني ثم الأسترآباذي

- ‌جعفر بن أحمد بن علي الخزاعي

- ‌جعفر بن عبد الله بن محمد بن سيدبونة الخزاعي»

- ‌الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص القرشي الفهري

- ‌الحسن بن محمد بن الحسن النباهي الجذامي

- ‌حسن بن محمد بن حسن القيسي

- ‌حسن بن محمد بن باصة

- ‌الحسن بن محمد بن علي الأنصاري

- ‌الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق التغلبي

- ‌حبّوس بن ماكسن بن زيري بن مناد الصّنهاجي

- ‌الحكم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ابن معاوية

- ‌الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك بن مروان بن أمية

- ‌حكم بن أحمد بن رجا الأنصاري

- ‌حاتم بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله ابن سعيد بن الحسين بن عثمان بن سعيد بن عبد الملك ابن سعيد بن عمّار بن ياسر

- ‌حباسة بن ماكسن بن زيري بن مناد الصّنهاجي

- ‌حبيب بن محمد بن حبيب

- ‌حمدة بنت زياد المكتّب

- ‌حفصة بنت الحاج الرّكوني

- ‌الخضر بن أحمد بن الخضر بن أبي العافية

- ‌خالد بن عيسى بن إبراهيم بن أبي خالد البلوي

- ‌داود بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان ابن عمر بن حوط الله الأنصاري الحارثي الأندي

- ‌رضوان النّصري الحاجب المعظّم

- ‌ترتيب خدمته وما تخلّل عن ذلك من محنته:

- ‌منصرفه عن الأندلس:

- ‌زهير العامريّ، فتى المنصور بن أبي عامر

- ‌طلحة بن عبد العزيز بن سعيد البطليوسي وأخواه أبو بكر وأبو الحسن بنو القبطرنة

- ‌محمد بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن نصر

- ‌محمد بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف ابن محمد بن أحمد بن خميس بن نصر الخزرجي

- ‌من كان على عهده من الملوك بأقطار المسلمين والنصارى:

- ‌محمد بن محمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد ابن محمد بن نصر بن قيس الخزرجي

- ‌ما نقل عنه من الفظاظة والقسوة

- ‌من كان على عهده من الملوك بالأقطار

- ‌محمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد ابن خميس بن نصر الأنصاري الخزرجي

- ‌من كان على عهده من الملوك:

- ‌ومن الأحداث في أيامه:

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌فصل في اسم هذه المدينة ووضعها على إجمال واختصار

‌فصل في اسم هذه المدينة ووضعها على إجمال واختصار

بسم الله الرّحمن الرّحيم يقال «1» غرناطة، ويقال إغرناطة «2» ، وكلاهما أعجمي، وهي مدينة كورة إلبيرة، فبينهما فرسخان وثلثا فرسخ «3» . وإلبيرة من أعظم كور الأندلس، ومتوسّطة ما اشتمل عليه الفتح من البلاد، وتسمّى في تاريخ الأمم السالفة من الرّوم، سنام «4» الأندلس، وتدعى في القديم بقسطيليّة. وكان لها من الشّهرة والعمارة، ولأهلها من الثروة والعدّة، وبها من الفقهاء والعلماء، ما هو مشهور. قال أبو مروان بن حيّان: كان يجتمع بباب المسجد الجامع من إلبيرة خمسون حكمة «5» ، كلها من فضّة لكثرة الأشراف بها. ويدلّ على ذلك آثارها الخالدة، وأعلامها الماثلة، كطلل مسجدها الجامع، الذي تحامى استطالة البلى، كسلت عن طمس معالمه أكفّ الرّدى، إلى بلوغ ما فسح له من المدى.

ص: 13

بناه الأمير محمد بن عبد الرحمن بن الحكم، أمير المؤمنين الخليفة «1» بقرطبة، رحمه الله، على تأسيس حنش بن عبد الله الصّنعاني الشافعي، رحمه الله، وعلى محرابه لهذا الوقت:«بسم الله العظيم، بنيت لله؛ أمر ببنائها الأمير محمد بن عبد الرحمن، أكرمه الله، رجاء ثوابه العظيم؛ وتوسيعا لرعيته؛ فتمّ بعون الله على يدي عبد الله بن عبد الله، عامله على كورة إلبيرة في ذي قعدة سنة خمسين ومائتين» .

ولم تزل الأيام تخيف ساكنها، والعفاء يتبوّأ مساكنها، والفتن الإسلامية تجوس أماكنها، حتى شملها الخراب، وتقسّم قاطنها الاغتراب، وكلّ الذي فوق التّراب تراب. وانتقل أهلها مدة أيام الفتنة البربريّة «2» سنة أربعمائة من الهجرة، فما بعدها، ولجأوا إلى مدينة غرناطة، فصارت حاضرة الصّقع، وأمّ المصر، وبيضة ذلك الحقّ، لحصانة وضعها، وطيب هوائها، ودرور مائها، ووفور مدتها، فأمن فيها الخائف، ونظم النّشر، ورسخت الأقدام، وتأثّل المصر، وهلمّ جرّا. فهي بالأندلس، قطب بلاد الأندلس، ودار الملك، وقرى الإمارة، أبقاها الله متبوّأ الكلمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بقدرته.

من «كتاب إلبيرة» «3» ، قال: بعد ذكر إلبيرة، وقد خلفها بعد ذلك كله مدينة غرناطة من أعظم مدنها وأقدمها، عندما انقلبت العمارة إليها من إلبيرة، ودارت أفلاك البلاد الأندلسية، فهي في وقتنا هذا قاعدة الدّنيا، وقرارة العليا، وحاضرة السلطان، وقبّة العدل والإحسان. لا يعدلها في داخلها ولا خارجها بلد من البلدان، ولا يضاهيها في اتّساع عمارتها، وطيب قرارتها، وطن من الأوطان. ولا يأتي على حصر أوصاف جمالها، وعدّ أصناف جلالها، قلم البيان. أدام الله فيها العزّ للمسلمين والإسلام، وحرسها ومن اشتملت عليه من خلفائه، وأنصار لوائه، بعينه التي لا تنام، وركنه الذي لا يرام.

وهذه المدينة من معمور الإقليم الخامس «4» ، يبتدئ من الشرق، من بلاد يأجوج ومأجوج، ثم يمرّ على شمال خراسان، ويمرّ على سواحل الشام، ممّا يلي

ص: 14

الشمال، ويمرّ على بلاد الأندلس، قرطبة وإشبيلية وما والاها إلى البحر المحيط الغربي. وقال صاعد بن أحمد في كتاب «الطّبقات» : إنّ معظم الأندلس في الإقليم الخامس، وطائفة منها في الإقليم الرابع، كمدينة إشبيلية، ومالقة، وغرناطة، وألمريّة ومرسية.

وذكر العلماء بصناعة الأحكام أنّ طالعها الذي اختطّت به السّرطان، ونحلوها، لأجل ذلك، مزايا، وحظوظا من السعادة، اقتضاها تسيير أحكام القرانات الانتقاليّة على عهد تأليف هذا الموضع.

وطولها سبع وعشرون درجة وثلاثون دقيقة «1» ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق. وهي مساوية في الطول بأمر يسير لقرطبة، وميورقة، وألمريّة؛ وتقرب في العرض من إشبيلية، وألمريّة، وشاطبة وطرطوشة، وسردانية، وأنطاكية، والرّقة. كل ذلك بأقلّ من درجة. فهي «2» شاميّة في أكثر أحوالها، قريبة من الاعتدال، وبينها وبين قرطبة، أعادها الله تعالى، تسعون ميلا. وهي منها بين شرق وقبلة. وبحر الشام «3» يحول ويحاجز بين الأندلس وبلاد العدوة «4» ، وبين غرب وقبلة على أربعة برد «5» . والجبال بين شرق وقبلة، والبراجلات «6» بين شرق وجوف «7» ، والكنبانيّة «8» بين غرب وقبلة، وبين جوف وغرب، فهي لمكان جوار السّاحل، ممارة بالبواكر «9» السّاحلية، طيبة البحار، وركاب لجهاد البحر، ولمكان استقبال الجبال، المقصودة «10» بالفواكه المتأخّرة اللحاق، معلّلة بالمدّخرات،

ص: 15

ولمكان «1» استدبار الكنبانيّة واضطبار «2» البراجلات؛ بحر من بحور الحنطة، ومعدن للحبوب المفضلة، ولمكان شلير، جبل الثلج «3» ، أحد مشاهير جبال الأرض، الذي ينزل به الثلج شتاء وصيفا، وهو على قبلة منها على فرسخين؛ وينساب منه ستة وثلاثون نهرا من فوّهات الماء، وتنبجس من سفوحه العيون، صحّ منها الهواء، واضطردت في أرجائها وساحاتها المياه، وتعدّدت الجنّات بها والبساتين، والتفّت الأدواح، وشمّر الرّوّاد على منابت العشب في مظانّ العقار مستودعات الأدوية والتّرياقيّة. وبردها لذلك في المنقلب الشتوي شديد، وتجمد بسببه الأدهان والمائعات، ويتراكم بساحاتها الثلج في بعض السنين، فجسوم أهلها لصحّة الهواء صلبة، وسحانهم خشنة، وهضومهم قويّة، ونفوسهم لمكان الحرّ الغريزي جريّة «4» .

وهي دار منعة وكرسي ملك، ومقام حصانة. وكان ابن غانية «5» يقول للمرابطين في مرض موته، وقد عوّل عليها للامتساك بدعوتهم: الأندلس درقة، وغرناطة قبضتها؛ فإذا جشّمتم يا معشر المرابطين القبضة، لم تخرج الدرقة من أيديكم.

ومن أبدع ما قيل في الاعتذار عن شدّة بردها، ما هو غريب في معناه، قول شيخنا القاضي أبي بكر بن شبرين رحمه الله «6» :[الطويل]

رعى الله من غرناطة متبوّءا

يسرّ كئيبا «7» أو يجير طريدا

تبرّم منها صاحبي عندما «8» رأى

مسارحها بالبرد «9» عدن جليدا

هي الثّغر صان الله من أهلت به

وما خير ثغر لا يكون برودا؟

ص: 16

وقال الرّازي عند ذكر كورة إلبيرة: ويتصل بأحواز قبرة كورة إلبيرة، وهي بين الشّرق والقبلة، وأرضها سقي غزيرة الأنهار، كثيرة الثّمار، ملتفّة الأشجار، أكثرها أدواح الجوز، ويحسن فيها قصب السّكر؛ ولها معادن جوهرية من ذهب، وفضة، ورصاص، وحديد. وكورة إلبيرة أشرف الكور، نزلها جند دمشق. وقال: لها من المدن الشريفة مدينة قسطيليّة، وهي حاضرة إلبيرة، وفحصها لا يشبّه بشيء من بقاع الأرض طيبا ولا شرفا إلّا بالغوطة؛ غوطة دمشق.

وقال بعض المؤرّخين «1» : ومن كرم أرضنا أنها لا تعدم زريعة «2» بعد زريعة؛ ورعيا بعد رعي، طول العام؛ وفي عمالتها المعادن الجوهرية من الذهب، والفضة، والرّصاص، والحديد، والتوتيا. وبناحية دلاية «3» من عملها، عود اليلنجوج «4» ، لا يفوقه العود الهندي ذكا «5» وعطر رائحة. وقد سيق منه لخيران «6» صاحب ألمرية أصل كان منبته بين أحجار هناك. وبجبل شلير منها سنبل فائق الطّيب، وبه الجنطيانا، يحمل منه إلى جميع الآفاق، وهو عقير رفيع، ومكانه من الأدوية الترياقية مكانه. وبه المرقشينة على اختلافها، واللّازورد. وبفحصها وما يتصل به القرمز. وبها من العقّار والأدوية النّباتية والمعدنية ما لا يحتمل ذكرها الإيجاز. وكفى بالحرير الذي فضلت به فخرا وقيتة، وغلّة شريفة، وفائدة عظيمة، تمتاره منها البلاد، وتجلبه الرفاق، وفضيلة لا يشاركها فيها إلّا البلاد العراقية. وفحصها «7» الأفيح، المشبّه بالغوطة

ص: 17