الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأمّل رواه «1» والرّماح شواجر
…
وخيل إلى خيل بأبطالها تردي
رأى أسدا وردا يخفّ «2» إلى الوغى
…
وربّتما «3» أربى على الأسد الورد
فأنعم عليه اليوم «4» يا خير منعم
…
بإظهار تشريف «5» وعقد يد عندي
ولا تشمت الأعداء أن جئت قاصدا
…
إلى ملك الدّنيا فأحرم من «6» قصدي
فعند الإمام المرتضى كلّ نعمة
…
وشكرا لما يلحيه «7» من نعمة عندي
فلا زال في الدّنيا سعيدا مظفّرا
…
وبوّىء في دار العلى جنّة الخلد
وكان «8» من بيت سماحة «9» وفصاحة وخطابة، فعلا «10» شرفه بهذه الخصال؛ فسجّل له على أرحية؛ وحصن نبيل ببني هود «11» وغير ذلك، فانقلب مرعيّ الوسائل، ومقضيّ الرّسائل «12» .
قال «13» المؤلّف: أرى ابن فركون قبل الست عشرة والثلاثمائة.
أحمد بن محمد بن أحمد بن هشام القرشي
«14»
من أهل غرناطة، يكنى أبا جعفر، ويعرف بابن فركون.
أوليته: وكفى بالنسب القرشي أوّليّة.
حاله من عائد الصلة: كان «15» من صدور القضاة «16» بهذا الصّقع الأندلسي، اضطلاعا «17» بالمسائل ومعرفة بالأحكام من مظانّها، كثير المطالعة والدّروب،
وحيّ «1» الإجهاز في فصل القضايا، نافذ المقطع، كثير الاجتهاد والنّظر، مشاركا في فنون، من عربيّة، وفقه، وقراءة، وفرائض، طيّب النّغمة بالقرآن، حسن التّلاوة، عظيم الوقار، بين طبع ومكسوب، فائق الأبّهة، مزريا بمن دونه من الفقهاء، وعاقدي الشروط، مسقطا للكنى والتّجلّات، يعامل الكهول معاملة الأحداث، ويتهاون بتعاملات ذلك فيجعلها دبر أذنيه، ويسترسل في إطلاق عنان النّادرة الحارة، في مجالس حكمه، فضلا عن غيرها؛ وجد ذلك من يحمل عليها سببا للغرض منه.
نباهته: ترشّح بذاته، وباهر أدواته، إلى قضاء المدن النّبيهة، والأقطار الشهيرة، كرندة، ومالقة، وغيرهما. ثم ولّي قضاء الجماعة، في ظلّ جاه، وضمن حرمة.
غريبة في أمره: حدث أنه كان يقرأ في شبيبته على الأستاذ الصالح أبي عبد الله بن مستقور «2» بكرم له خارج الحضرة، على أميال منها في فصل العصير. قال: وجّهني يوما بغلّة من الرّبّ «3» لأبيعه بالبلد، فأصابني مطر شديد، وعدت إليه بحال سيّئة، بعد ما قضيت له وطره؛ وكان له أخ أسنّ منه، فعاتبه في شأني، وقال له: تأخذ صبيّا ضعيفا يأتيك لفائدة يستفيدها، وتعرّضه لمثل هذه المشقّة، في حقّ مصلحتك، ليس هذا من شيم العلماء، ولا من شيم الصّالحين. فقال له: دعه، لا بدّ أن يكون قاضي الجماعة بغرناطة؛ فكان كذلك، وصدقت فراسته، رحمه الله تعالى.
مشيخته: قرأ بالقرية على الأستاذ أبي القاسم بن الأصفر؛ وبغرناطة على العالم القاضي أبي الحسن محمد بن يحيى بن ربيع الأشعري، وعلى الشيخ المفتي أبي بكر محمد بن أبي إبراهيم بن مفرّج الأوسي بن الدبّاغ الإشبيلي، وعلى الخطيب الزاهد أبي الحسن العدّال، وعلى الأستاذ النّحوي أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن يوسف بن الصّايغ؛ بالصاد المهملة، والغين المعجمة، وعلى الأستاذ أبي الحسن الأبّدي «4» ؛ وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم الطائي، عرف بابن مستقور.
ولمّا دالت الدولة، كان له في مشايعة مخلوعها أمور اقتضتها منه أريحيّة وحسن وفاء، أوجبت عليه الخمول بعد استقرار دائلها السلطان أبي الوليد، رحمه الله؛
وأصابته أيام الهيج محن، ونسبت إليه نقائص زوّرتها حسدته، فصرف عن القضاء؛ وبقي مدّة مهجور الفناء، مضاع المكان، عاطل الدّولة، منتبذا في مليك له؛ خارج الحضرة، ينحني على خرثيّ «1» ساقط القيمة، ودفاتر ساقطة الثمن، يتعلّل بعلالتها، ويرجى الوقت بيسيرها.
حدّثني الوزير أبو بكر بن الحكيم، قال: زرته في منزله بعد عزله، ونسبة الأمور التي لا تليق بمثله، فأنشدني بما ينبئ عن ضجره وضيق صدره:
[المجتث]
أنا من الحكم تائب
…
وعن دعاويه هارب «2»
بعد التّفقّه عمري «3»
…
ونيل أسنى المراتب
وبعد ما كنت أرقى
…
على المنابر خاطب «4»
أصبحت أرمى بعار
…
للحال غير مناسب
أشكو إلى الله أمري
…
فهو المثيب المعاقب
وثبت اسمه في التاريخ المسمّى «بالتاج» تأريخي بما نصّه:
شيخ الجماعة وقاضيها، ومنفّذ الأحكام وممضيها، وشايم «5» سيوفها الماضية ومنتضيها، رأس بفضيلة نفسه، وأحيا دارس رسم القضاء بدرسه، وأودع في أرض الاجتهاد، بذر السّهاد، فجنى ثمرة غرسه؛ إلى وقار يودّ رضوى رجاحته، وصدر تحسد الأرض الغبيطة ساحته، ونادرة يدعوها فلا تتوقّف، ويلقى عصاها فتتلقّف؛ ولم يزل يطمح بأمانيه، ويضطلع بما يعانيه، حتى رفع إلى الرّتبة العالية، وحصل على الحال الحالية؛ وكان له في الأدب مشاركة، وفي قريض النظم حصّة مباركة. انتهى إليّ قوله يهنّئ السلطان أبا عبد الله بن نصر «6» ، بالإبلال من مرض في اقتران بعيد وفتح، وذلك «7» :[الطويل]
شفاؤك للملك اعتزاز وتأييد
…
وبرؤك مولانا به عندنا «8» عيد