الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سفره من المسلمين؛ وبلغ الخبر فعظم الفجع؛ وبينا «1» نحن نروم سفر أسطول يأخذ الثار، ويستقري الآثار، فيقيل العثار؛ إذ «2» اتّصل الخبر بمهادنة السلطان المذكور، ففدي من أسر بذلك المال الذي ينيف على سبعة آلاف من العين في ذلك؛ فتخلّص من المحنة لأيام قلائل، وعاد؛ فتولّى السلطان إرضاءه عمّا فقد، وضاعف له الاستغناء وجدّد؛ وكان حديثه من أحاديث الفرج بعد الشدّة محسوبا، وإلى سعادة السلطان منسوبا. وأنشدته شعرا في مصابه، بعدها، وقد قضيت له من برّ السلطان على عادتي، ما جبر الكسر، وخفض الأمر:[المتقارب]
خلصت كما خلص الزّبرقان
…
وقد محق النّور عنه السّرار «3»
وفي السّيّق والرار
…
في هذا سرّ وفي ذا أسرار «4»
وكان تاريخ هذه المحنة المردفة المنحة، حسبما نقلته من خطّه؛ قال:«اعلموا يا سيدي أبقاكم الله تعالى، أنّ سفرنا من ألمريّة، كان في يوم الخميس السادس لشهر ربيع الآخر من عام ثمانية وستين وسبعمائة، وتغلّب علينا العدو في عشيّة يوم الجمعة الثاني منه، بعد قتال شديد؛ وكان خروجنا من الأسر في يوم السبت الثاني والعشرين لربيع الثاني المذكور، وكان وصولي إلى الأندلس في أسطول مولانا نصره الله، في جمادى الآخرة من العام المذكور، بعد أن وصلوا قرطاجنّة وأخذوا أجفانا ثلاثة من أجفان العدوّ، وعمل المسلمون الأعمال الكريمة» .
إبراهيم بن خلف بن محمد بن الحبيب بن عبد الله بن عمر ابن فرقد القرشي العامري
«5»
قال ابن عبد الملك: كذا وقفت على نسبه بخطّه في غير ما موضع من أهل مورة «6» ، وسكن إشبيلية.
حاله: كان متفنّنا في معارفه، محدّثا، راوية، عدلا، فقيها، حافظا، شاعرا، كاتبا، بارعا، حسن الأخلاق، وطئ الأكناف، جميل المشاركة لإخوانه وأصحابه، كتب بخطه الكثير من كبار الدّواوين وصغارها، وكان من أصحّ الناس كتبا، وأتقنهم
ضبطا وتقييدا، لا تكاد تلقى فيما تولّى تصحيحه خللا، وكان رؤوفا شديد الحنان على الضعفاء والمساكين واليتامى، صليبا في ذات الله تعالى، يعقد الشروط محتسبا، لا يقبل ثوابا عليها إلّا من الله تعالى.
مشيخته: تلا بالسّبع على أبي عمران موسى بن حبيب، وحدّث عن أبي الحسن بن سليمان بن عبد الرحمن المقرئ، وعبد الرحمن بن بقّي، وأبي عمرو ميمون بن ياسين، وأبي محمد بن عتّاب، وتفقّه بأبويّ عبد الله بن أحمد بن الحاجّ، وابن حميد، وأبي الوليد بن رشد، وأجاز له أبو الأصبغ بن مناصف، وأبو بكر بن قزمان، وأبو الوليد بن طريف.
من روى عنه: روى عنه أبو جعفر، وأبو إسحاق بن علي المزدالي، وأبو أمية إسماعيل بن سعد السعود بن عفير، وأبو بكر بن حكم الشّرمسي، وابن خير، وابن تسع، وابن عبد العزيز الصدفي، وأبو الحجاج إبراهيم بن يعقوب، وأبو علي بن وزير، وأبو الحسن بن أحمد بن خالص، وأبو زيد محمد الأنصاري، وأبو عبد الله بن عبد العزيز الذّهبي، وأبو العباس بن سلمة، وأبو القاسم بن محمد بن إبراهيم المراعي، وأبو محمد بن أحمد بن جمهور، وعبد الله بن أحمد الأطلس.
تواليفه: دوّن برنامجا ممتعا ذكر فيه شيوخه، وكيفيّة أخذه عنهم، وله رجز في الفرائض مشهور، ومنظوم كثير، وترسّل منوّع، وخطب مختلفة المقاصد، ومجموع في العروض.
دخوله غرناطة: قال المؤرّخ: وفي عام أربعة وخمسين وخمسمائة، عند تغيّب الخليفة «1» بالمهديّة، استدعى السيد أبو سعيد الوالي بغرناطة، عند استقراره بها، الحافظ أبا بكر بن الجدّ، والحافظ أبا بكر بن حبيش، والكاتب أبا القاسم بن المراعي، والكاتب أبا إسحاق بن فرقد، وهو هذا المترجم به، فأقاموا معه مدّة تقرب من عامين اثنين بها.
شعره: مما ينقل عنه قصيدة شهيرة في رثاء الأندلس: [المتقارب]
ألا مسعد منجز ذو فطن
…
يبكي بدمع معين هتن
جزيرة أندلس حسرة
…
لا غالب من حقود الزّمن
ويندب أطلالها آسفا
…
ويرثي من الشّعر ما قد وهن