المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المجموعة الأولى: أسباب تفاوت الرواة في الروايات وترجيح بعضهم على بعض - روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» - جـ ٢

[جمعة فتحي عبد الحليم]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثاني:أسباب الاختلافات

- ‌المجموعة الأولى: أسباب تفاوت الرواة في الروايات وترجيح بعضهم على بعض

- ‌النوع الأول: ما يرجع إلى ذات الراوي:

- ‌1 - الحفظ:

- ‌2 - الفقه:

- ‌3 - العلم بالعربية:

- ‌النوع الثاني: ما يرجع إلى أحوال الراوي مع شيخه:

- ‌1 - البلديَّة:

- ‌2 - القرابة:

- ‌3 - تقديم الشيخ للطالب وإيثاره بالرواية:

- ‌النوع الثالث: ما يرجع إلى أحوال التحمل:

- ‌1 - السن في حال التحمل:

- ‌2 - وجه التحمل:

- ‌3 - حال الشيخ عن التحمل:

- ‌4 - الصحبة والملازمة:

- ‌5 - عناية المحدث بكتابه:

- ‌المجموعة الثانية: أسباب الاختلافات التي تتعلق بالمروي وهو «الصحيح»:

- ‌1 - الاختلاف في النقل عن أصل البخاري نفسه:

- ‌2 - كثرة الرواة عن البخاري:

- ‌3 - ومن الأسباب التي تعود إلى العوامل البشرية:

- ‌أولًا: التصحيف والتحريف

- ‌ثانيًا: ومن الأسباب التي تؤدى إلى الاختلافات:بعض الأسباب التي تؤدي إلى وقوع الإدراج

- ‌ثالثًا: ومن أسباب الاختلافات:اختلاف العلماء في حكم تغيير جمل الثناء على الله عز وجل أو الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أو الترضي والترحم على العلماء

- ‌رابعًا: اختلاف العلماء في حكم جواز إصلاح الخطأ وتقويم اللحن

- ‌خامسًا: ومن هذه الأسباب - أيضًا - الاختلاف بين العلماء في التعبير في صيغ الأداء عن طريقة التحمل

- ‌سادسًا: ومن الأسباب التي أدت إلى كثير من الاختلافات أيضًا:اختلاف العلماء في حكم جواز الرِّواية بالمعنى

- ‌سابعًا: ومن الأسباب التي أدت إلى كثير من الاختلافات:إهمال البُخارِيّ نسبة بعض الراوة:

- ‌ثامنًا: ومن هذه الأسباب:أن يروى الحديث من طريقين ويكون في أحد الطريقين زيادة ليست في الرِّواية الأخرى فيروى الحديث مرة بدون الزيادة ومرة بها

- ‌تاسعًا: ومن أسباب الاختلاف بين الرُّواة:أن يكون الحديث محفوظًا عن أحد الرُّواة من وجهين

- ‌عاشرًا: ومن هذه الأسباب:اختلاف العلماء في جواز اختصار الحديث أو الاقتصار على بعضه دون الباقي

- ‌حادي عشر: ومن هذه الأسباب: اختلاف قراءات القرآن الكريم

- ‌ثاني عشر: ومن أسباب وقوع كثير من الاختلاف في ضبط الكلمات وإعرابها، وجودُ بعض الكلمات في العربية تحتمل أكثر من ضبط لغوي أو أكثر من وجه إعرابي

- ‌ثالث عشر: ومن أسباب وقوع كثير من الاختلافات في تقسيم الكتب والأبواب

- ‌رابع عشر: الاختلافات اللغوية الناشئة عن الاختلاف بين لغات العرب وأوجه الإعراب

- ‌الأمر الأول: الاختلافات الناشئة لاختلاف لغات العرب:

- ‌الأمر الثاني: الاختلافات الناشئة عن اختلاف العلماء في المذاهب أو المدارس النحوية:

- ‌الأمر الثالث: الاختلافات الناشئة لوجود أكثر من وجه إعرابي

- ‌الفصل الثالث:نتائج الوقوف على الاختلافات

- ‌أولًا: إزالة إشكالات وعلل في الإسناد

- ‌ثانيًا: ومن هذه النتائج الإسنادية:جعل بعض الرُّواة على شرط البُخارِيّ وهم ليسوا كذلك

- ‌ثالثًا: الوقوف على أسماء الرُّواة المهملين في الإسناد وخاصة شيوخ البُخارِيّ

- ‌رابعًا: ومن هذه النتائج إزالة التصحيف الواقع في الأسانيد

- ‌خامسًا: اختلاف العلماء في عدد كتب الجامع الصحيح وأبوابه وأحاديثه بناء على اختلاف النسخ

- ‌سادسًا: الوقوف على بعض الزيادات من الرواة

- ‌سابعًا: إزالة سوء الفهم في الترتيب والحذف والإثبات في الأبواب والأحاديث

- ‌ثامنًا: إزالة نسبة الوهم إلى بعض الشراح في عزو الأحاديث

- ‌تاسعًا: إيضاح فهم مراد البُخارِيّ وعلاقة الحديث بالترجمة التي سبقت له

- ‌عاشرًا: إزالة إشكالات في فقه متن الحديث

- ‌حادي عشر: إزالة تكرار حديث أو أثر أو باب في الصحيح

- ‌ثاني عشر: ثبوت أحاديث ومعلقات أو سقوطها من الصحيح

- ‌الفصل الرابع:وسائل توجيه الاختلافات

- ‌مراعاة صحة بعض الروايات، وشهرتها بين العلماء:

- ‌بعض الوسائل التي تساعد في الوصول إلى توجيه الاختلافات:

- ‌1 - النسخ من «الصحيح» التي قارنت بين هذه الروايات:

- ‌2 - الرجوع للكتب المتعلقة بـ «الصحيح»:

- ‌أ - شروح «الصحيح»:

- ‌ب - الكتب التي اهتمت بتقييد هذه الاختلافات وتوجيهها:

- ‌ج - كتب الأطراف:

- ‌د - الكتب المتعلقة بتمييز رجال الصحيح:

- ‌هـ - الكتب المؤلفة في العلل:

- ‌و- الكتب المؤلفة في المستخرجات:

- ‌ز - كتب السنة المسندة:

- ‌ي - الكتب التي اهتمت بضبط غريب الحديث:

- ‌خاتمة الباب الثاني

- ‌الباب الثالث«عناية الأمة بضبط الاختلافات»

- ‌الفَصْل الأول:عناية المشارقة بالصحيح

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: ترجمة اليُونِينِيّ

- ‌المبحث الثاني:نسخة اليُونِينِيّ (701) ه

- ‌المبحث الثالث:الطبعة السطانية

- ‌الفَصْل الثاني:عناية المغاربة بالصحيح

- ‌المبحث الأول:عناية المغاربة بصحيح البُخارِيّ

- ‌المبحث الثاني:نسخة أبي علي الصَّدفي (454 - 514) ه

- ‌المبحث الثالث:نسخة أبي عمران موسى ابن سعادة (522) ه

- ‌الفَصْل الثالث:أهم المصنفات التي تعتني بضبط الاختلافات

- ‌المبحث الأول:ضبط الاختلافات من خلال كتب الشروح

- ‌1 - كتاب «فتح الباري» بشرح صحيح البُخارِيّ لابن حجر العسقلاني (852) ه

- ‌الروايات التى روى الصحيح من خلالها:

- ‌منهج المؤلف في كتابه:

- ‌نماذج الكتاب:

- ‌طبعات الكتاب:

- ‌2 - كتاب «إرشاد الساري إلى صحيح البُخارِيّ»

- ‌روايات الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب في الوقوف على الروايات:

- ‌ طبعات الكتاب:

- ‌«شرح صحيح البخاري»لابن بطال (449) ه

- ‌«التلخيص شرح الجامع الصحيح»للإمام النووي (676) ه

- ‌«الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري» للكرماني (786) ه

- ‌«فتح الباري شرح صحيح البخاري» لابن رجب الحنبلي (795) ه

- ‌«التوضيح لشرح الجامع الصحيح» لابن الملقن (804) ه

- ‌«عمدة القاري شرح صحيح البخاري» لبدر الدين العيني (855) ه

- ‌المبحث الثاني: كتب تقييد الألفاظ واختلاف الروايات والنسخ

- ‌كتاب «تقييد المهمل وتمييز المشكل» لأبي علي الجَيّانيّ

- ‌كتاب «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» للقاضي عِياض

- ‌كتاب «مَطالِعُ الْأَنْوارِ عَلَى صِحاحِ الْآثارِ» لابن قُرْقُول 505 - 569 ه

- ‌خاتمة الباب الثالث

- ‌النتائج العامة للبحث

- ‌كيفية الوصول إلى نص «صحيح البخاري»

- ‌منهج الجمع بين أكثر من رواية من روايات «الصحيح»

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌المجموعة الأولى: أسباب تفاوت الرواة في الروايات وترجيح بعضهم على بعض

إن أسباب وقوع الاختلافات كثيرة جدًا يصعب حصرها، ويمكن تقسيمها إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى: ترجع إلى الرواة أنفسهم مما يؤدي إلى تفاوت رواياتهم.

المجموعة الثانية: ترجع إلى المروي عمومًا والصحيح خصوصًا.

‌المجموعة الأولى: أسباب تفاوت الرواة في الروايات وترجيح بعضهم على بعض

(1)

إن مجال اختلاف الرواة عند المحدثين يدور في اختلافهم في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر العلماء أوجهًا للتفاوت بين الرواة، ويقصدون بقولهم: الرواة. أي: الرواة الواردون في أسانيد الأحاديث.

ولكن اختلافهم في الرواية عن مصنف والتفصيل بين هذه الروايات لم أجد من خصه بذكر، ويمكن اعتبار أقوال المحدثين والأصولين في التفاوت بين الأخبار والرواة، والاستفادة به في مجال اختلاف الرواة في رواية المصنفات.

وهذه الأوجه منها ما يتعلق بالمُصنِّف وهو الإمام البخاري ويشمل ذلك طريقة تأليفه وتحديثه بالكتاب وإسماعه.

ومنه ما يتعلق بالرواة أنفسهم ويشتمل ذلك على ما يتعلق بركني القبول وهما العدالة والضبط:

فمن المعلوم أن مجموع صفات من تقبل روايته ينحصر في أمرين أساسين:

(1) ينظر «معرفة مدار الإسناد وبيان مكانته في علم علل الحديث» لمؤلفه محمد مجير الحسني 2/ 80 وما بعدها.

ص: 436

أولًا: أن يكون الراوي عدلًا:

ثانيًا: أن يكون الراوي ضابطًا لم يرويه.

فلابد من تحقق العدالة والضبط في كل راو على حدة، ورواة «الصحيح» عن البخاري تحملوا «الصحيح» بأوجه الرواية المعتبرة عند المحدثين القدامى فهم من حيث كونهم رواة ينطبق عليهم ما اشترطه العلماء لقبول رواية الراوي قبل البخاري رحمه الله تعالى.

وهذا القسم يشمل أغلب المرجحات ويشترك النسخ فيه مع الروايات الأخرى عند المحدثين قبل التدوين.

ولا يخفى أن هذه الأمور التي ستذكر هي أمر زائد على القدر المعين الذي اشترطه المحدثون لقبول الراوي عمومًا.

أولًا: العدالة:

للحكم على الراوي بالعدالة شروط هي: الإسلام، والعقل، والسلامة من الفسق، والسلامة من خوارم المروءة.

الترجيح بين الروايات بهذه الصفات التي ترجع إلى ذات الراوي قليل جدًا، وإنما أكثر اعتماد الحفاظ في الترجيح بين الروايات على الصفات التي تعود إلى ضبط الراوي:

والصفات التي تعود إلى عدالة الراوي هي:

1 -

حسن الاعتقاد:

وذلك يكون بسلامته التامة من البدع المحدثة، وقد فصل العلماء القول في رواية المبتدع، وانتهى القول الراجح إلى قبول رواية المبتدع بدعة غير مكفرة، ولم يكن ممن يستحل الكذب لنصرة بدعته، ولم يكن

ص: 437

داعية إليها، ولم يرو ما يؤيد بدعته (1).

2 -

الورع: وهي في الأصل: الكف عن المحارم والتحرج منها، ثم استعير للكف عن المباح والحلال (2).

وهو بمعناه الأصلي ركن في العدالة، لكنه في المعنى الذي استعير له، يزيد في عدالة القائم به، وإنما تقدم رواية الأورع؛ لأنه أشد احتياطًا فيما يروي، وأبعد عن التساهل فيما ينقل.

لكن هذا الوجه قلما يرجح به منفردًا، فلابد من مراعاة علم الراوي وضبطه مع ذلك (3).

ومن الصفات التي تعود إلى ذات الراوي صفات ذكرها بعض الأصوليين في الترجيح بين الأخبار، لكنها لا تُعدُّ أوجهًا معتبرة، ولا نجد المحدثين يفاضلون بها بين الرواة، منها: الذكورة، والحرية، والنسب.

فمثلًا اعتبر بعض العلماء أن الذكورة من مرجحات الروايات (4).

وذهب الجمهور إلى أن الذكورة والأنوثة لا يدخلان في الترجيح، ولا تأثير لهما في قوة الخبر، ولذلك نجد روايات لنساء عرفن بالضبط والدقة، فاعتمد العلماء على روايتهن مثل رواية كريمة المروزية (463) هـ، بل اعتبرت من أشهر الروايات، كما نجد رواية وزيرة التنوخية التي روى من طريقها: العيني والقسطلاني وابن حجر وغيرهم.

(1)«معرفة مدار الإسناد» 2/ 109، وينظر:«نزهة النظر» لابن حجر 75 - 76.

(2)

ينظر: «التقييد والإيضاح» للعراقي ص: 273 الوجة (56)، «النهاية في غريب الحديث» 5/ 174.

(3)

«معرفة مدار الإسناد» لمحمد مجير الحسني 2/ 111، وانظر:«قواطع الأدلة» لأبي المظفر السمعاني 3/ 35.

(4)

انظر: «التقييد والإيضاح» للعراقي ص: 273 الوجه (63).

ص: 438

ثانيًا: التفاوت في الضبط:

يعد التفاوت في الضبط أصلًا لوقوع كثير من الاختلاف بين الرواة؛ ذلك لأن شروط الضبط: اليقظة والحفظ، أو ضبط الكتاب، والعلم بما يحيل الألفاظ عن معانيها في حال الرواية بالمعنى، وقد لا تجتمع في بعض الحالات، كما أن كل شرط منها على حدة قابل للتجزؤ والتفاوت.

قال الشافعي (204) هـ رحمه الله تعالى:

وأهل الحديث متباينون: فمنهم المعروف بعلم الحديث، بطلبه وسماعه من الأب والعم وذوي الرحم والصديق، وطول مجالسة أهل التنازع فيه، ومن كان هكذا مقدمًا في الحفظ، إن خالفه من يقصر عنه كان أولى أن يقبل حديثه ممن خالفه من أهل التقصير عنه، ويعتبر على أهل الحديث بأن إذا اشتركوا في الحديث عن الرجل بأن يستدل على حفظ أحدهم بموافقة أهل الحفظ، وعلى خلاف حفظه بخلاف حفظ أهل الحفظ له، وإذا اختلفت الرواية استدللنا على المحفوظ منها والغلط بهذا، ووجوه سواه تدل على الصدق والحفظ والغلط (1).

وأسباب اختلاف الرواة في الضبط يرجع إلى سببين إجماليين:

الأول: أمر يتعلق بالوَهْب من الله الوهاب، فالحفظ والضبط من نعم الله تعالى وفضله على خلقه، يتفضل بها على من يشاء من عباده.

الثاني: أمر يتعلق بالكسب والاجتهاد: وذلك أن تلقِّي الراوي عن شيخه يقع ضمن ظروف متعددة تحيط بكل من الشيخ والطالب، وهذه الظروف قد تكون شخصية، وقد تكون زمانية، وقد وتكون مكانية، وغير

(1)«الرسالة» ص: 381 - 383 (1045 - 1048).

ص: 439

ذلك مما يظهر آثارها في تفاوت الرواة (1).

ويعرف الضبط كما يرشد إليه كلام الشافعي السابق بعرض مرويات الراوي على مرويات الرواة الحفاظ، مما ينتج عنه موافقة أو مخالفة، وتظهر نسبة ما وافقهم فيه وما خالفهم، وكلما كانت نسبة المخالفة إلى الموافقة أقل كانت مرتبة الضبط أعلى (2).

فإن كانت موافقاته غالبة، ومخالفاته نادرة دل ذلك على ضبطه، فيقبل ما تفرد به - ومما لا تعرف فيه الموافقة والمخالفة - حملًا له على الغالب، وإن كانت مخالفاته غالبة أو كثيرة، وموافقاته نادرة أو قليلة دل على اختلال ضبطه، فلا يقبل ما تفرد به - مما لا تُعرَف فيه الموافقة والمخالفة - حملًا له على الغالب.

ومن الأمور التي يعرف بها معرفة ضبط الراوي فيما تفرد به: اعتبار روايات أصحابه عنه، فإن اتفقوا دل على ضبطه لذلك الحديث، وإن اختلفوا عليه وكانوا من الحفاظ الأثبات دل على عدم ضبطه له، وتحديثه به على أكثر من وجه.

قال عبد الرحمن بن مهدي (198) هـ رحمه الله تعالى: إنما يستدل على حفظ المحدث إذا لم يختلف عليه الحفاظ (3).

والضبط عند المحدثين نوعان: ضبط صدر، وضبط كتاب، وقد سبق تفصيلهما في التمهيد العام للبحث.

وكلا النوعين من الضبط يعرض له الخلل.

(1) ينظر: «معرفة مدار الحديث» 2/ 118 - 119.

(2)

«الرسالة» (371 - 463).

(3)

رواه الخطيب في «الكفاية» ص: 609.

ص: 440