الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند أبي ذر من رِواية أبى الهيثم الكُشْمِيهَني وحده (1).
وكذا ذكر هذا الاختلاف الجَيّانيّ (2) وابن حجر في «الفتح» (3) وغيرهما من الشراح.
وهذا الحديث - كما سبق - الزهري تحمله عن الثلاثة فكان يحدث عن اثنين منهم، وتارة يفرد أحدهم. والله أعلم.
عاشرًا: ومن هذه الأسباب:
اختلاف العلماء في جواز اختصار الحديث أو الاقتصار على بعضه دون الباقي
وهذا مذهب البُخارِيّ رحمه الله تعالى، كما حدث ذلك في أول حديث في «الصحيح» ، فقد جاء عند جميع الرُّواة عن الحميدي - وهو شيخ البُخارِيّ - تامًا، وجاء عند البُخارِيّ مختصرًا.
ولذا يقول أبو سليمان الخطابي في شرحه لأول حديث من «الصحيح» في كتابه «أعلام الحديث» : هكذا وقع في رِواية إبراهيم بن معقل عنه مخرومًا، قد ذهب شطره، ورجعت إلى نسخ أصحابنا فوجدتها كلها ناقصة لم يذكر فيها قوله:«فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ، وكذلك وجدته في رِواية الفَرَبْريّ أيضًا، فلست أدري كيف وقع هذا الإغفال، ومن جهة من عرض من رُواته.
وقد ذكره محمد بن إسماعيل - في هذا الكتاب - في غير موضع من غير طريق الحميدي فجاء به مستوفى. رواه عن أبي النعمان محمد بن
(1)«السلطانية» 1/ 65 (284).
(2)
في «تقييد المهمل» ص: 646.
(3)
«الفتح» 6/ 309.
الفضل، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، ورواه أيضا عن قتيبة عن عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد فما خرم منه شيئًا.
ولست أشك في أن ذلك لم يقع من جهة الحميدي؛ فقد رواه لنا الأثبات من طريق الحميدي تامًا غير ناقص. اهـ.
وقد نقل ابن حجر كلام الخطابي في «الفتح» ، ثم ذكر جوابًا حسنًا عن ذلك حيث يقول: وحاصله أن الجملة المحذوفة تشعر بالقربة المحضة، والجملة المبقاة تحتمل التردد بين أن يكون ما قصده يحصل القربة أولا، فلما كان المصنف كالمخبر عن حال نفسه في تصنيفه هذا بعبارة هذا الحديث، حذف الجملة المشعرة بالقربة المحضة؛ فرارًا من التزكية، وأبقي الجملة المترددة المحتملة؛ تفويضًا للأمر إلى ربه، المطلع على سريرته المجازي له بمقتضى نيته.
ولما كانت عادة المصنفين أن يضمنوا الخطب اصطلاحهم في مذاهبهم واختياراتهم، وكان من رأي المصنف جواز اختصار الحديث والرِّواية بالمعنى، والتدقيق في الاستنباط، وإيثار الأغمض على الأجلى، وترجيح الإسناد الوارد بالصيغ المصرحة بالسماع على غيره، استعمل جميع ذلك في هذا الموضع بعبارة هذا الحديث متنًا وإسنادًا.
وقد وقع في رِواية حماد بن زيد في باب الهجرة، تأخرُ قوله:«وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ) عن قوله: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا» ، فيحتمل أن تكون رِواية الحميدي وقعت عند البُخارِيّ كذلك، فتكون الجملة المحذوفة هي الأخيرة، كما جرت به عادة من يقتصر على بعض الحديث، وعلى تقدير أن لا يكون ذلك، فهو مصير من البُخارِيّ إلى جواز الاختصار في الحديث - ولو من أثنائه - وهذا هو الراجح والله