الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالاختلاف فيه حينئذ عن الفَرَبْريّ، ثم رأيته سقط أيضا من رِواية النَسَفْيّ، لكن جعل بين عيسى ورقبة ضبة (1)، ويغلب على الظن أن أبا حمزة ألحق في رِواية الجُرْجانيّ، وقد وصفوه بقلة الإتقان، وعيسى المذكور هو ابن موسى البُخارِيّ، ولقبه غنجار - بمعجمة مضمومة ثم نون ساكنة ثم جيم - وليس له في البُخارِيّ إلا هذا الموضع.
وقد وصل الحديثَ المذكور من طريق عيسى المذكور عن أبي حمزة، وهو محمد بن ميمون السكري عن رقبة الطبرانيُّ في مسند رقبة المذكور - وهو بفتح الراء والقاف والموحدة الخفيفة - ابن مصقلة - بفتح الميم وسكون الصاد المهملة وقد تبدل سينا بعدها قاف - ولم ينفرد به عيسى، فقد أخرجه أبو نعيم من طريق علي بن الحسن بن شقيق عن أبي حمزة نحوه، لكن بإسناد ضعيف. اهـ
طبعات الكتاب:
لقد طبع الكتاب طبعات كثيرة جدًّا نظرًا لشهرة الكتاب، ومن أشهر هذه الطبعات التي وقفت عليها:
1 -
الطبعة السلفية، وقد اشتهرت هذه الطبعة حتى إن كثيرًا من دور النشر قد صوروها، ولا يعرف عدد طبعاتها.
وهذه الطبعة تمتاز بأنها بإخراج وتصحيح محب الدين الخطيب، وترقيم كتب وأبواب وأحاديث محمد فؤاد عبد الباقي.
وهذه الطبعة تقع في ثلاثة عشر مجلدًا بالإضافة إلى المقدمة والتي تقع في مجلد مستقل.
(1) أي علامة إلحاق السقط، وهو من الأمور المتعارف عليها بين ناسخي المخطوطات.
وقد زود القائمون على هذه الطبعة هذا الشرح بأحاديث «صحيح البُخارِيّ» قبل شرحها لأن ابن حجر رحمه الله تعالى لم يذكر المتن كاملًا قبل شرح كل حديث، وإنما يذكر اللفظة أو الجملة من السند أو المتن، ثم يتبعها بما قيل فيها من فوائد واستنباطات.
تنبيه: يلاحظ اختلاف هذا المتن عن المتن الذي يشرح عليه ابن حجر رحمه الله؛ حيث صرح الحافظ بأن اعتماده في متن «الصحيح» سيكون على نسخة أبي ذر الهَرَويّ، ومعلوم أن هذه النسخة تخالف غيرها في أشياء كثيرة من حيث الترتيب وثبوت بعض الألفاظ أو حذفها.
ولذلك تجد في بعض المواضع أن ابن حجر يشرح في لفظة وهذه اللفظة غير موجودة في النص المثبت أو تجد لفظة تخالفها أو لفظة أخرى بمعناها أو غير ذلك.
وانظر لذلك مثلًا في أول حديث في الفتح عن يحيى بن سعيد وفي المتن حَدَّثَنا يحيى بن سعيد الأنصاري ونص ابن حجر على ذلك لغير رِواية أبى ذر أى قوله حَدَّثَنا بدلًا من عن وزيادة الأنصاري (1).
وفي حديث رقم (3401)، وحديث (3402) من كتاب أحاديث الأنبياء باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام حيث ذرك محققو الطبعة السلفية (2) جملة: قال الحَمُّوييّ قال محمد بن يوسف بن مطر الفَرَبْريّ: حَدَّثَنا علي بن خشرم عن سفيان بطوله بعد الحديث رقم (3402) بينما الموافق لسياق الإسناد وضعها بعد الحديث (3401) كما فعل ابن حجر في الشرح.
(1) ينظر «الفتح» 1/ 9 - 10.
(2)
«الفتح» 6/ 430 - 433
وأيضًا في حديث (7350، 7351) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول .. في إسناد الحديث زيادة كلمة بن بلال بينما في الفتح حذفها (1).
ولم يصرح القائمون على هذه الطبعة أيَّ النصوص وضعوها كمتن. وغالب الظن أنه مستمد من الطبعة «السلطانية» ، ولكن مع عدم مراعاة وتتبع نسخة أبي ذر الهَرَويّ رحمه الله تعالى.
ملاحظات على هذه الطبعة:
سقطت من عنده بعض الأبواب التي ثبتت عند بعض الرواة مثل ما جاء في ترجمة في هامش السلطانية، ولم تثبت إلا لأبي ذر عن المستملي (2) ولم يرقم ولم يُذكر تحته حديث والباب الذي بعده فيه حديث (1473).
أيضًا لم يرقم لحديث وجد في هامش الأصل، وهو من نسخة مسموعة من طريق الخلال وغيره وهو بعد حديث (1325)، وقد ذكره المزي في التحفة (13266) مما يعني أن الشيخ محمد فؤاد لم يستوعب كل الأحاديث التي في الأصل والهامش.
الطبعة الثانية:
هى الطبعة التى قدم لها وعلق عليها الشيخ عبد القادر شيبة الحمد، المدرس بالمسجد النبوي، وإنما ذكرت هذه الطبعة دون غيرها من الطبعات الكثيرة، لما ذكر أنه اعتمد في نص هذه الطبعة من «الفتح» على رِواية أبي ذر الهَرَويّ عن مشايخه لثلاثة: السَّرْخَسي، والمُسْتَمْلِيّ،
(1)«الفتح» 13/ 318.
(2)
2/ 123، هامش (5)
والكُشْمِيهَني (1).
وابتدأ المحقق الطبعة بمقدمة ذكر فيها الباعث له على هذه الطبعة من «فتح الباري» فقال - بعد أن ذكر ما جاء عن ابن حجر من اعتماده على رِواية أبي ذر الهَرَويّ -:
وقد غفل عامة من جمع متن البُخارِيّ مع «فتح الباري» عن شرط الحافظ ابن حجر رحمه الله، فقد جاءت جميع المتون التى طبعت مع «فتح الباري» ملفقة للرواة الآخرين.
ولذلك تجد كثيرًا ما يشرح الحافظ ابن حجر كلمات لا وجود لها في المتن، أو تجد كلمات في المتن لا وجود لها في «فتح الباري» (2).
وذكر أن عدم وجود بعض الكلمات أو الجمل في الشرح مع وجودها في المتن الملحق في الكتاب جعله يعزم على إعادة طبع «الفتح» وأن يبحث عن نسخة أبي ذر التى ارتضاها الحافظ ابن حجر.
كما ذكر في المقدمة أيضًا أنه اعتمد في هذا المتن على نسختين:
الأولى: مكونة من خمس مجلدات فقد منها المجلد الثالث، وهي نسخة محفوظة في مكتبة الحرم النبوي الشريف.
الثانية: نسخة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة وأكمل منها المفقود من النسخة الأولى.
يقول الشيخ عبد القادر شيبة الحمد في المقدمة (3): ومخطوط المسجد
(1) طبعت عام 1421 هـ - 2001 م على نفقة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران بالمملكة العربية السعودية. كما أن مكتبة العبيكان قد طبعتها بعد ذلك طبعة تجارية.
(2)
المقدمة ص: 5 - 6.
(3)
المقدمة ص: 8.
النبوي هى نسخة أبي علي الصَّدفي من روايته عن أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، عن أبي ذر الهَرَويّ، عن مشايخه الثلاثة .... .
وقد نص الحافظ ابن حجر على أن رِواية أبي ذر الهَرَويّ قد اتصلت له من طريق أبي مكتوم عيسي بن الحافظ أبي ذر.
وقد ظهرت نسخة لـ «صحيح البُخارِيّ» من رِواية أبي علي الصَّدفي، وقد كتب عليها بخط السخاوي أن شيخه الحافظ ابن حجر كان يعتمد عليه وقت شرحه للبخاري كما ذكر عبد الحي الكتاني المغربي في كتابه «فهرس الفهارس» أ. هـ
ثم ذكر ما يدل على أن أبا الوليد الباجي وقع لنسخته ذكر في «الفتح» وضرب لذلك مثالًا وقع في شرح الحديث رقم (1691) في باب من ساق البدن معه، وحديث رقم (2193) من باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها. وحديث رقم (4913) الوارد في كتاب التفسير في تفسير سورة التحريم.
ثم ختم قوله محاولًا إثبات أن نسخة الحرم المدني هى نسخة أبي علي الصَّدفي التي بخطه قائلًا:
وقد وجدت سماعات في مخطوطة المسجد النبوي، وهي سماعات أبي عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة عن الصَّدفي وقد ذيلت بخط الصَّدفي رحمه الله (1).
ويلاحظ على هذه الطبعة ما يلي:
أولًا: جاء على غلاف العنوان لكل مجلد من هذه الطبعة: قول الناشر «تحقيق وتعليق عبد القادر شيبة الحمد» الأمر الذي يوهم بأن التحقيق والتعليق متوجه إلى كتاب فتح الباري، مع أن عمل المحقق متوجه أصلًا
(1) المقدمة ص: 10.
إلى متن الصحيح، ولا علاقة له بفتح الباري؟!
ثانيًا: أن المحقق رحمه الله تعالى لم يلتزم إثبات النص الموجود بين يديه من رِواية أبي ذر، وإنما تصرف في النص بحيث أنك لا تستطيع الجزم بأنه رِواية أبي ذر عن طريق أحد تلاميذه، فهو مرة يذكر ما يوافق رِواية تلميذه وابنه أبي مكتوم كما جاء في «الفتح» ومرة يرجح ويثبت ما يكون عنده من رِواية أبي علي الصَّدفي عن شيخه أبي الوليد عن أبي ذر.
وتارة يثبت ما جاء في النسخة الأزهرية، وتارة ما جاء في نسخة الحرم المدني.
وليته اقتصر على حكاية ما جاء في رواية أبي علي الصَّدفي، سواء وافق رِواية ابن حجر أو لا؛ وذلك لأن رِواية أبي ذر التي اعتمد عليها ابن حجر في «الفتح» هى من رِواية ابنه أبي مكتوم لا من رِواية أبي الوليد الباجي، التى رواها عنه أبو علي الصَّدفي.
وهذا الخلط بين الروايات قد صرح به المحقق نفسه في المقدمة؛ فقد صرح بأنه أحيانًا يخالف ما في المخطوطتين ويثبت ما ذكره ابن حجر في «الفتح» فبعد أن ذكر مثالًا يدل على أن ابن حجر لم يعتمد في ذكر متن «الصحيح» على نسخة أبي علي الصَّدفي. قال ص: 25:
وهذا يدل على أن الرِّواية التى اعتمدها الحافظ في التيمم هنا ليست رِواية الصَّدفي، ونظرًا لاعتبارنا أن الحافظ يُعْتبَر حَكَمًا عند الاختلاف؛ فقد اخترنا أن نكتب باب التيمم. لا: كتاب التيمم. وإن كان متفقًا عليه في النسختين كما تقدم.» أهـ.
ثالثًا: أن المحقق يرى أن هذه النسخة المحفوظة في مكتبة الحرم المدني هى نسخة أبي علي الصَّدفي التي بخطه، وهذا غير صحيح؛ لأن نسخة أبي علي الصَّدفي التي هى بخطه تقع في مجلد واحد كما هو
معروف في صفتها، وذلك كما وصفها العلامة أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الناصري الدرعي في رحلته الثانية عام 1211 هـ إلى البقاع المقدسة المسماة «الرحلة الصغرى» (1).
أما عبارة: «وكتب حسين بن محمد الصَّدفي بخطه عقب شهر المحرم سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة» .
فهذه العبارة منقولة من الأصل على عادة النساخ نقل كل ما وجد على الأصل المقابل عليه فقد سبق قبل هذه العبارة ما نصه: كان على ظهر الأصل المنتسخ منه
…
رابعًا: مع ما سبق من تصرف المحقق في نص «الصحيح» لم يميز هذه المواضع التى وجد فيها مخالفة بين ما وقع في النسخ الخطية التي اعتمدها وما وقع لابن حجر في الشرح، فقد تصفحت هوامش الشرح فلم أجد أي إشارة إلى أي اختلاف بين النسخ، حتى المواضع التى نص عليها في المقدمة.
خامسًا: لم يقارن المحقق بين نسخة أبي ذر الهَرَويّ وغيرها من النسخ المشهورة كاليُونِينيّة فضلًا عن مقابلة عمله مع عمل القَسْطَلّانِيّ الدقيق الذي قام به في «إرشاد الساري» ، أو عمل الحافظ من خلال الألفاظ المشروحة التي يثبتها ممزوجة بشرحه أو ما يشير إليه من اختلاف الروايات أثناء الشرح.
سادسًا: عندما جمع المحقق حفظه الله بين رِواية أبي ذر الهَرَويّ
(1) ينظر المبحث الخاص برِوَاية أبي علي الصَّدفي ووصف العلماء لها، فقد ذُكر عدد من الأوصاف التي لا توجد في هذه النسخة التي اعتمد عليها المحقق، كما أن نتيجة البحث انتهت إلى أن المخطوط بطبرق وليس في الحرم المدني.
للصحيح وبين «فتح الباري» في هذه الطبعة لم يشر إلى أن غاية ما قام به هو إخراج رِواية أبي ذر الهَرَويّ وضمها إلى كتاب «فتح الباري» ، والذي اقتصر فيه المحقق على طبعة مصورة عن طبعة المكتبة السلفية الصادرة بعناية محب الدين الخطيب رحمه الله ولم يكن هناك أدنى إشارة إلى أن «فتح الباري» مأخوذ بالتصوير.
سابعًا: لم يذكر المحقق الاختلافات التي بين روايات شيوخ أبي ذر الثلاثة، إذ من المعروف أن بين الروايات الثلاثة بعض الاختلافات التي ميزها أبو ذر في نسخته.
وعلى كل فهي تجربة لا تخلو من فائدة، ويكفي أنه انتبه لاقتصار ابن حجر على رِواية أبي ذر، والخلاف بين الرُّواة عن أبي ذر أقل بكثير من اختلاف باقي الروايات مع رِواية أبي ذر، ولعل الله يهيِّيء من يقوم بخدمة هذا الشرح حتى يخرج كما أراد له مؤلفه، إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه.
هذه هي الطبعة الثانية من «فتح الباري» وأهم الملاحظات عليها، وقد طبع غير ذلك كثيرًا إلا أنها لا تختلف كثيرًا عن الطبعة الأولى التي سبق الحديث عنها؛ ولذا نكتفي بهذا القدر، ففيه دلالة على غيره - والله أعلم.