الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث:
الطبعة السطانية
(1)
هي الطبعة التي أمر بطبعها السلطان عبد الحميد الثاني أمير المؤمنين سنة (1311) هـ من الهجرة النبوية، كما أمر أن يكون الطبع على النسخة
(1) لقد طُبع الصحيح طبعات كثيرة جدًا أشير إليها على وجه الاختصار:
1 -
طبع في ثمانية أجزاء بمجلدة واحدة سنة 1269 هـ بمنبى بالهند.
2 -
طبع في جزأين سنة 1270 هـ بدلهي بالهند.
3 -
طبع في عشرة أجزاء وهو طبع حجر وبهامشها النور الساري من فيض صحيح البخاري وهو شرح الشيخ حسن العدوي الحمزاوي سنة 1279 هـ بمصر.
4 -
طبع في ثلاثة أجزاء سنة 1280 هـ ببولاق بمصر.
5 -
طبع في ثلاثة أجزاء سنة 1278 هـ باعتناء كرهل وذلك بليدن.
6 -
طبع في أربعة أجزاء بقلم محمد بك المكاوي سنة 1286 هـ ببولاق بمصر.
7 -
طبع في جزأين سنة 1292 هـ ببولاق بمصر.
8 -
طبع في جزء واحد سنة 1293 هـ في بطرسبرج.
9 -
طبع في أربعة أجزاء طبع حروف وبهامشها السندي سنتي 1299 هـ و 1309 هـ بمصر.
10 -
طبع أيضًا في أربعة أجزاء وبهامشها حاشية السندي وتقريرات من شرحي القسطلاني وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري سنوات 1299 هـ و 1300 هـ و 1320 هـ وذلك بمطبعة محمد مصطفى بمصر.
11 -
طبع في أربعة أجزء سنة 1304 هـ بالمطبعة الخيرية بمصر.
12 -
طبع في أربعة أجزاء سنة 1305 هـ بمطبعة شرف بمصر.
13 -
طبع في أربعة أجزاء سنتي 1306 هـ و 1309 هـ بالمطبعة الميمنية بمصر.
14 -
طبع في تسعة أجزاء في ثلاث مجلدات من سنة 1311 هـ بالمطبعة الأميرية ببولاق بمصر وهي الطبعة السلطانية ينظر في ذلك: مقدمة الطبعة السلطانية، طبع جمعية المكنز.
«اليُونِينيّة» المحفوظة في الخزانة الملوكية بالأستانة.
وأصدر السلطان عبد الحميد أمره إلى مشيخة الأزهر بأن يتولى قراءة المطبوع بعد تصحيحه في المطبعة جمع من أكابر علماء الأزهر الأعلام الذين لهم في خدمة الحديث الشريف قدم راسخة، وكان شيخ الأزهر إذ ذلك الشيخ حسونة النواوي - رحمه الله تعالى - فجمع ستة عشر عالمًا من جهابذة علماء العصر وفحولهم من مختلف المذاهب، وكتبت قائمة بأسمائهم في أول الطبعة كما كتب في أول الطبعة تقرير الشيخ حسونة النواوي ومقدمة كتبها مصححو الطبعة في المطبعة كما كتب جدولًا فيه بعض الأخطاء، التي وقفوا عليها ولم يمكنهم استدراكها في هذه الطبعة.
وتم الانتهاء من طباعة «الصحيح» في مطبعة بولاق المعروفة في ذلك الوقت بالمطبعة الأميرية، لما اشتهرت به من دقة التصحيح، وجودة الحروف بين كل المطابع العربية.
وشرعت المطبعة في طباعته في نفس السنة التي صدر فيها أمر السلطان عبد الحميد، وأتمت طباعتها في أوائل الربيعين سنة (1313) هـ في تسعة أجزاء.
فقد جاء في آخر هذه الطبعة ما نصه:
تم طبع هذا «الصحيح» بحمد الله على هذا الشكل الجميل والوضع الجليل بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية في أوائل الربيعين سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة وألف من هجرة خاتم الرسل الكرام عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم السلام. اهـ.
وذكر مصححو الطبعة أنهم اعتمدوا على نسخة شديدة الضبط بالغة الصحة من فروع «اليُونِينيّة» المعول عليها في جميع روايات «صحيح البُخارِيّ» الشريف، وعلى نسخ أخرى خلافها شهيرة الصحة والضبط
- كما قالوا في مقدمة الطبع - ولم يذكروا وصفًا للنسخ التي صححوا عنها غير ذلك.
وبالتتبع يمكن إلقاء الضوء على بعض هذه النسخ التي اعتمدوا عليها.
فمن الفروع التي اعتمدوا عليها:
1 -
فرع عبد الله بن سالم البصري المكي المتوفى سنة (1134) هـ، وهو فرع متأخر وشهرته ملأت الآفاق، وسبق بيان قيمته العلمية والتاريخية قريبا في المبحث السابق، وقد نص الكتاني في كتابه «فهرس الفهارس» (1) نقلا عن الشيخ طاهر سنبل أنه أحضرها إلى الأستانة؛ ليصحح عليها النسخة الأميرية التي طبعت هناك من «الصحيح» وفرقها السلطان عبد الحميد. اهـ.
وقد ذكر المصححون في هوامش الطبعة «السلطانية» بعض الفروق ونقلوها من نسخة عبد الله بن سالم.
فكانوا يصرحون باسمه أحيانًا كما جاء ذلك على سبيل المثال في 2/ 81، 94، وكثيرًا ما كانوا يعبرون عنها بالفرع المكي، وانظر على المثال الصفحات الحادية عشرة والثالثة عشرة من غيرها من الجزء الأول (2).
2 -
ومن الفروع التي اعتمدوا عليها كما جاء في تعليقاتهم:
فرع الغزولي، وهو المنسوب لشمس الدين محمد بن أحمد، والموقوف بالتنكزية بباب المحروق خارج القاهرة، والذي سبق الكلام عليه وبيان قيمته في المبحث السابق، وهو الفرع الذي اعتمد عليه القَسْطَلّانِيّ في «شرحه»:
(1) 1/ 199
(2)
وينظر 1/ 29، 31، 38، 39، 2/ 43، 3/ 83، 89، 123 وغيرها.
وهذا الفرع يعبر عنه المصححون للسلطانية بالفرع التنكزي (1).
3 -
ومن هذه الفروع الفرع المقابل على أصلي جمال الدين المزي (742) هـ وشمس الدين الذَّهبي (748) هـ (2).
4 -
ومن هذه الأصول التي اعتمدوا عليها أصل ابن الحطيئة الذي قابل عليه اليُونِينِيّ نفسه (3)، وقد جاءت الإشارة إليها في الجزء الرابع (4) حيث جاء في الهامش روى ابن الحطيئة.
5 -
ومن الأصول المشار إليها أصل الحافظ المنذري (656)(5).
6 -
أصل منقول من نسخة ابن أبي رافع (6).
كما اعتمدوا على عدة شروح للصحيح ومنها على سبيل المثال:
1 -
شرح العلامة القَسْطَلّانِيّ (إرشاد الساري) وذلك لأنه كما سبق حكى نسخة اليُونِينِيّ وقابل عليها متن «الصحيح» وجاء ذلك في إشارات كثيرة (7).
2 -
شرح العلامة ابن حجر العسقلاني (852) وذلك لبيانه كثيرا من
(1) كما جاء ذلك في 3/ 164ط الحلبي.
(2)
2/ 193 ط الحلبي.
(3)
وينظر هذه النسخة أيضًا في مبحث: أصول أبي ذر الهروي الموجودة في بلاد المغرب من هذه الرسالة.
(4)
صفحة 42 ط الحلبي.
(5)
كما في 1/ 54، 2/ 53 ط الحلبي.
(6)
كما في 4/ 193 ط حلبي.
(7)
منها على سبيل المثال: 1/ 8، 1/ 15، 16، 3/ 3، 5، 15، 30، 151 وغيرها كثير جدًا، ويراجع قيمة هذا الشرح وعلاقته باليونينة في المبحث الخاص من هذه الدراسة.
الروايات التي اعتمد عليها اليُونِينِيّ (1)
وذلك لأن ابن حجر قد نص في «الفتح» أنه اطلع على نسخة اليُونِينِيّ ولا يبعد أن يكون قد اعتمد عليها؛ لما لها من شهرة كما جاء في «هدي الساري» ص: 224 (2).
3 -
«شرح الكرماني» شمس الدين محمد بن يوسف المتوفى سنة (786) هـ حيث اهتم بشرحه أيضًا بذكر الاختلافات بين الروايات، وجاءت الإشارة إليه في مواضع كثيرة (3).
4 -
شرح العيني في «عمدة القاري» وهو بدر الدين محمود بن أحمد العيني، المتوفى سنة (855) هـ (4).
وغير ذلك من الشروح والكتب الأخرى في اللغة العربية والغريب والضبط، والتي لا يتسع المجال لسردها. والله الموفق.
التصويبات التي تمت على الطبعة «السلطانية»
سبق القول: إن السلطان عبد الحميد أمر أن يطبع «الصحيح» في القاهرة في المطبعة الأميرية ببولاق وأن تعطى بعد الطباعة لتصحيحها ومقابلتها لمجموعة من علماء الأزهر المشهود لهم بالتحري والدقة.
والذين قاموا بتصحيح هذه الطبعة في المطبعة، هم الشيخ محمد الحسيني، والشيخ محمود مصطفى والشيخ نصر العادلي ومعهم جماعة من مصححي المطبعة، وباشر الطبعة مع علماء التصحيح محمد بن علي المكاوي، بدعوة من أحمد باشا مختار المندوب العالي العثماني في القطر
(1) ينظر مثلا: 1/ 8، 15، 16، 3/ 5، 15، 30، 151 وغيرها كثير ..
(2)
يراجع الكلام على (فتح الباري) في المبحث الخاص به.
(3)
ينظر مثلا: 1/ 12، 15، 3/ 71، 4/ 192 وغيرها.
(4)
ينظر مثلا 1/ 16.
المصري في ذلك الوقت.
وبعد ذلك قابل النسخة أكابر علماء الأزهر الذين اختارهم شيخ الأزهر الشيخ حسونة النواوي وعددهم ستة عشر عالمًا، وقد ذكر أسماءهم بالتفصيل في التقرير الذي وجد مكتوبًا في أول الطبعة.
وبعد قراءتهم خرجوا بقائمة من التصويبات التي صحح بعضها في الطبعة والبعض الآخر لم يصحح لتعذره بعد الطباعة فقاموا بإثبات هذا الجدول أول الطبعة مع تمييز ما تم إصلاحه.
ولم يطبع إلا صفحة واحدة من هذا الجدول وهي المصورة في أول الطبعة «السلطانية» وفيها التصويبات من بداية صفحة (7) حتى صفحة (172) من الجزء الأول. ويبدو أنها كانت كثيرة، وأنها لا تقل عن عشر ورقات على أقل تقدير وتشتمل على اختلافات في الشكل أو الرسم أو تسهيل بعض الهمزات أو قطعها أو وصلها، أو ضبط بعض الأسماء التي اختلف فيها.
وبعد الانتهاء من صدور هذه الطبعة قام الشيخ محمد بن علي المكاوي - الذي كان من كبار المصححين بالمطبعة الأميرية، والذي نشر البُخارِيّ بتصحيحه قبل صدور هذه الطبعة وذلك سنة 1286 هـ في المطبعة الأميرية أيضًا - في قراءات خاصة به بمراجعة وقراءة الطبعة «السلطانية» مرة أخرى، وقيد ما وجده مما فات اللجنة السابقة، ثم هذب هذا المستدرك ونقحه وعرضه على الشيخ الأستاذ سليم البشري - شيخ المالكية إذ ذاك - وراجعه فيه من أوله إلى آخره، وبعد تهذيبه وتنقيحه قدمه لأحمد باشا مختار؛ ليأمر بما يراه فأمر بطبعه لتعم الفائدة.
وطبع منه الشيخ محمد المكاوي عدة نسخ زهاء الأصل على نفقته، وهذه التصويبات يوجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية تحت رقم (1522)
حديث بعنوان جدول الخطأ والصواب، وهو يشتمل على اختلافات في الشكل أو الرسم الذي توبع فيه رسم المصحف، أو تسهيل بعض الهمزات أو قطعها أو وصلها، أو ضبط بعض الأسماء التي اختلف ضبطها أو صرفها مما لا يخلو منه كتاب أصلًا.
وقد قامت جمعية المكنز الإسلامي في طبعتها التي صورت فيها الطبعة «السلطانية» بنشر هذا الجدول مع نشر المقدمة التي كتبها الشيخ محمد بن علي المكاوي وذلك في آخر مجلد منها.
وهي في أربعة عشر صفحة، وكان الشيخ علي المكاوي يكتب الجزء ثم الصفحة ثم السطر، ويذكر الخطأ وصوابه بعد ذلك، وربما كان يذكر دليلًا على ما رآه صوابًا.
فمثلًا يقول في الصفحة (18) من الجزء الأول سطر (1): (أبان) ضبطه بالمنع من الصرف وقد نص النووي في شرحه على مسلم أن الأجود صرفه (1).
ويقول أيضًا في الجزء الرابع (ص: 6) سطر (9): وحسان بن ثابت بإسقاط ألف ابن، صوابه: وحسانُ ابن ثابت بإثبات ألف ابن لأنه مخبر به. وغير ذلك.
الطبعة الثانية والثالثة من الطبعة «السلطانية» :
وهذه الطبعة «السلطانية» نفذت فور صدورها وأعيد طبعها في المطابع الأميرية في السنة التالية مباشرة بما عرف بطبعة (1314) هـ وتمت في (1315) هـ واشتهرت بالفكهانية، وهذه الطبعة الفكهانية صححها الشيخ محمد الحسيني، وذكر في آخر الجزء التاسع والأخير منها أنهم طبعوها
(1)«شرح مسلم» للنووي 1/ 95.
على مثال «السلطانية» ، وقام نفس الفريق السابق بتصحيحها الحرف بالحرف والشكل بالشكل والضبط بالضبط، وتم الانتهاء منها في أوائل ربيع الآخر (1315) هـ، وكان القائم بنفقات طبعها التاجر الشهير حضرة محمد أفندي حسين عيد، واشتهرت بالفكهانية نسبة إلى تجارة محمد أفندي؛ حيث كان يتاجر في الفاكهة.
كما ذكر الشيخ محمد الحسيني أن هذه الطبعة كان فيها بعض الأخطاء التي لاحظها عند قراءته لـ «الصحيح» في رواق الأتراك بالأزهر الشريف سنة (1420) هـ مع المقارنة بين «السلطانية» والفكهانية ثم ذكر بعض الأخطاء وتصويبها.
كما علق على الفكهانية أيضًا الشيخ محمد بن علي المكاوي، ويوجد من هذا التعليق نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم (273) حديث تيمور ميكروفيلم رقم (25456).
ثم صدرت سنة (1325) هـ طبعة تقلد هذه الأخيرة (عرفت باسم كالمطبوع)؛ وذلك أنها حاكت طبعة (1314) هـ حتى كأنها أخذت عنها بالتصوير ولم يكن يستعمل بعد، فلو اشتبه النقط بين التاء والثاء في طبعة (1314) هـ نراه مشتبهًا في نسخة كالمطبوع مما يدل على مدى دقة المحاكاة وانتباههم إلى كل ضبط وشكل.
ثم أقبل الطلب على اقتناء هده الطبعة فتسارعت المطابع العربية في إعادة طبعها، فأعادت طباعتها مكتبة الحلبي بمصر، ومطابع الشعب بمصر، ودار الجيل بلبنان، وحديثًا كثرت طبعات الصحيح، وتلاعب المحققون في النص، مما أدى إلى تعدد النصوص، حتى إنك لا تجد طبعة تتفق مع الأخرى، وكل قائم على تصحيح طبعة يدعي أن منهجه هو الصواب.
والسبب الحقيقي في كل ذلك عدم الرجوع إلى أصول خطية لمتن
الصحيح، وإنما اعتمادهم جميعًا على الطبعة «السلطانية» ، وإذا لاحظنا منهج اليُونِينِيّ في نسخته وأنه جمع عددًا من الروايات مستخدمًا الرموز التي تدل عليها، تبين لنا بوضوح عدم إمكان الوصول إلى نص للصحيح من خلال عمل اليُونِينِيّ مجردًا عن الرموز، اللهم إلا إذا انتزعنا رِواية واحدة، وتتبعناها وحذفنا ما عداها، وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى الحديث عن كيفية الوصول إلى نص صحيح.
كل ذلك أعدم الثقة في كل الطبعات الموجودة حديثًا، مما جعل الحاجة ماسة إلى إعادة إخراج الطبعة «السلطانية» مرة أخري.
وكان السبيل إلى ذلك أحد طرق ثلاث:
1 -
تصوير الطبعة «السلطانية» التي طبعت سنة (1313) هـ ولا بأس بخدمتها دون التصرف في النص الأصلي، وذلك مثل ما فعل الدكتور زهير الناصر في طبعة طوق النجاة، وما فعلته جمعية المكنز الإسلامي.
2 -
محاولة حكاية نسخة اليُونِينِيّ، والاعتماد على «السلطانية» ولكن بطريق الطباعة الحديثة، ويتم التعامل مع الرموز بذكر ما تدل عليه، كما فُعل في طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر، بإشراف الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد.
3 -
محاولة الاقتصار على بعض الروايات مثل رِواية أبي ذر الهَرَويّ، عن شيوخه الثلاثة مثلًا، مثل المحاولة التي قام بها الشيخ عبد القادر شيبة الحمد، وإن كانت ليست على الوجه المطلوب.
ولذا سأتحدث عن هذه الأعمال باختصار.
طبعة دار طوق النجاة
هي الطبعة التي أشرف عليها واعتنى بها محمد زهير بن ناصر الناصر المشرف على أعمال الباحثين بمركز خدمة السنة والسيرة النبوية بالمدينة المنورة.
نشرتها دار طوق النجاة للطباعة والنشر والتوزيع ببيروت بلبنان، وصدرت منها الطبعة الأولى سنة 1422 هـ. وهي طبعة فخمة في أربع مجلدات من القطع الكبير، وصورت عن الطبعة «السلطانية» التي أمر بطبعها السلطان عبد الحميد الثاني ببولاق سنة (1311) هـ، والتي تم الانتهاء منها سنة (1313) هـ من الهجرة النبوية في تسعة أجزاء، والتي سبق الكلام عليها بالتفصيل.
وبعد تصوير هذه الطبعة قاموا بخدمتها، وكانت خطتهم في إخراج هذه الطبعة كما يلي:
1 -
اعتماد ترقيم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي في عدّ أحاديث وكتب وأبوب «صحيح البُخارِيّ» ، وما فاته من ترقيم بعض الأحاديث أو الأبواب يُعطى له الرقم السابق مع إضافة رمز (م)، إشارة إلى تكرار الرقم السابق، وفي اعتماد هذا الترقيم تسهيلٌ وتيسيرٌ على الباحثين في الرجوع مباشرة إلى كتاب «فتح الباري» للحافظ ابن حجر العسقلاني، لأنّ المكتبة السلفية ومطبعتها في القاهرة اعتمدت هذا الترقيم في طبعها «فتح الباري» سنة 1380 هـ.
2 -
الإشارة في أعلى كل صفحة إلى أماكن الأحاديث المذكورة فيها من كتاب «عمدة القاري» للحافظ العيني، ومن كتاب «إرشاد الساري» للقسطلاني، وذلك بذكر رقم الجزء والصفحة فيهما، ليتمكن القارئ من الرجوع إليهما والاستفادة منهما بُيسْرٍ وسهولة.
3 -
الربط بين أحاديث «صحيح البُخارِيّ» وبين كتاب «تحفة الأشراف» للحافظ المزي، والإشارة في الهامش إلي رقم هذا الحديث في «تحفة الأشراف» ، وذكر رموز من أخرجه - إنْ وجد - تحت الرقم المتسلسل له، وذلك حسب الخطّة التي سلكها الحافظ المِزّي في تصنيف كتابه، بحيث يتسنّى للقارئ مباشرة معرفةُ من شارك الإمام البُخارِيّ في تخريج هذا الحديث.
4 -
الربط بين الأحاديث المعلَّقة الواردة في «صحيح البُخارِيّ» وبين كتاب «تغليق التعليق» للحافظ ابن حجر العسقلاني، والإشارة في الحاشية إلى موضع كل حديث معلَّق من كتاب «تغليق التعليق» بذكر الرمز (تغ) اختصارًا لاسم الكتاب، مع رقم الجزء والصفحة، تيسيرًا للباحث للوقوفِ على هذا الحديث المعلَّق ومعرفةِ من وصله.
5 -
الإشارة في الحاشية السفلى إلى أرقام الأحاديث المكررة في كل موضعٍ وَرَدَتْ فيه من الصحيح، وبذلك يتسنى للباحث معرفةُ هذه الأطراف ومراجعتُها عند كل حديث يقف عليه.
وبعد أن ذكروا خطتهم في هذه الطبعة ذكروا أيضًا الطبعات التي اعتمدوا عليها وهي كما يلي:
- «فتح الباري بشرح صحيح البُخارِيّ» للحافظ ابن حجر العسقلاني: الطبعة الأولى بالمطبعة السلفية ومكتبتها بالقاهرة عام 1380 هـ، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، في 13 جزءًا.
- «عمدة القاري في شرح صحيح البُخارِيّ» للعلامة بدر الدِّين العيني: عنيت بنشره إدارة الطباعة المنيرة بالقاهرة عام 1348 هـ، 25 جزءًا في 12 مجلدًا.
- «إرشاد الساري لشرح صحيح البُخارِيّ» للحافظ شهاب الدين
القَسْطَلّانِيّ: الطبعة السادسة بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق عام 1340 هـ، في 10 أجزاء.
- «تغليق التعليق» للحافظ ابن حجر العسقلاني: تحقيق سعيد عبد الرحمن موسى القزقي، الطبعة الأولى بالمكتب الإسلامي ببيروت ودار عمار بعَمّان الأردنية عام 1405 هـ، في 5 أجزاء.
- «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف» للإمام جمال الدِّين المِزّي: تحقيق عبد الصمد شرف الدين، الطبعة الأولى بالدار القيمة بالهند عام 1384 هـ، في 13 جزءًا.
وقد ذكر قبالة كل حديث في الحاشية باقي الكتب الستة التي أخرجت الحديث، وذلك باستخدام الرموز وهي (خ) للبخاري، (م) لمسلم، و (د) لأبي داود، (ت) للترمذي في «السنن» ، (تم) للترمذي في «الشمائل» ، (س) النسائي في «السنن» ، (سي) النسائي في كتاب عمل اليوم والليلة، (ق) لابن ماجه، (ع) لما اتفق عليه الجماعة الستة.
وكتب الدكتور محمد زهير مقدمة لهذه الطبعة تكلم فيها باختصار شديد عن البُخارِيّ و «صحيحه» ، وعن الرُّواة عنه، ونسخة الحافظ اليُونِينِيّ وتوثيقها، وخطتهم في إخراج هذه الطبعة، والدوافع التي جعلتهم يخصون هذه الطبعة.
وصوروا الطبعة «السلطانية» حتى التقارير التي كتبت من أولها وجدول الخطأ والصواب الوارد من قبل علماء الأزهر، والفهرسة التي صنعها مصححو الطبعة، كل ذلك حرصًا على نشر هذه الطبعة التي تكاد تكون قد فقدت، فجزاهم الله خيرًا على هذا العمل الجليل.
ومن تمام العمل الذي أعطى له أجمل صورة أنهم جعلوا الرموز سواء كانت في الحاشية أو في الأصل وبدايات الأحاديث وأسماء الكتب والأبواب بالمداد الأحمر تميزًا وإبرازًا لها.
طبعة دار الجيل بيروت
هي الطبعة التي طبعتها دار الجيل ببيروت بلبنان، ونقلتها عن الطبعة «السلطانية» ولم يكتب سنة الطبع، إلا أنها منقولة من الطبعة «السلطانية» وكتب بهوامشها كل التقييدات التي ذكرها مصححو الطبعة «السلطانية» .
وقُدّم لهذه الطبعة بمقالة للشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى - تكلم فيها عن تفكيره في القيام بالإشراف على إخراج كتاب «صحيح البُخارِيّ» إخراجًا صحيحًا متقنًا موثقًا عن الطبعة «السلطانية» المطبوعة بمصر سنة 1311 - 1313 هـ، والتي تليها، والتي طبعت على مثالهما سنة 1314 هـ.
وقال: منذ بضع عشرة سنة فكرت في طبع «صحيح البُخارِيّ» بطلب أحد الناشرين إذ ذاك، ثم لم يقدر أن يتحقق ما أردنا. اهـ.
وتكلم عن الطبعة «السلطانية» والنسخة «اليُونِينيّة» ، وعرّف بهما، وترجم لليونيني، وتكلم عن نسخته الخاصة من الطبعة «السلطانية» ، وعنايته بها هو ووالده رحمهما الله تعالى.
كما تكلم عن مصير النسخة «اليُونِينيّة» الأصلية، وهل جاءت إلى مصر أم لا؟
وهي مقدمة على صغر حجمها إلا أنها في غاية النفاسة، ويبدو أنها كانت مقالة في إحدى المجلات، فهي إلى المقالة أقرب من التقدمة لطبعة دار الجيل هذه؛ لأنه لم يتكلم عن الطبعة من قريب أو بعيد، لا إشارة ولا تصريحًا، مما يوهم أنه أشرف على الطبعة، وهذا غير صحيح، وإنما الطبعة تحاكي الطبعة «السلطانية» .
ومما يجدر التنبيه إليه في هذه الطبعة أن الناشر ذكر في المقدمة نص ما وجد على النسخة «السلطانية» التي صار عليها الطبع، وهو تقرير الشيخ حسونة النواوي شيخ الجامع الأزهر، والمقدمة التي كتبها مصححو النسخة
في المطبعة.
وعند كلام الشيخ حسونة على التصويبات التي وقف عليها علماء الأزهر وأنهم وضعوها في جدول في أول الطبعة ذكر الناشر أنهم استدركوا هذه التصويبات في هذه الطبعة، فجاءت خالية منها ولذا لم يوضع جدول في أول الطبعة.
وهذه الطبعة في ثلاثة مجلدات، كل مجلد ثلاثة أجزاء من تقسيم الطبعة «السلطانية» ، كل صفحة عشرون سطرًا، وكل سطر في حدود أربع عشرة كلمة ولكل صفحة حاشية من خارج الصفحة.
وهي تخالف الطبعة السلطانية في عدد الصفحات وعدد السطور.
طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
هي الطبعة التي صدرت عن لجنة إحياء التراث والسنة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بجمهورية مصر العربية، وذلك بناء على طلب الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد للسكرتير العام للمجلس في ظل قيادة الحكومة المصرية؛ فطلب من الشيخ محمد محيي الدين اختيار لجنة لهذا المشروع، وهو إحياء وتحقيق كتب السنة الستة تحقيقًا علميًّا دقيقًا.
وأشرف الشيخ محمد محيي الدين على فريق من العلماء الذين عُرفوا بالتحري والدقة، وهم كما ذكرهم الشيخ محمد محيي الدين في المقدمة: الشيخ محمد محمد السماحي، والشيخ أحمد إبراهيم الشعراوي، والشيخ عبد العظيم الشناوي، والشيخ محمود فرج العقدة.
وكان أول عمل بدأوا به هذا المشروع هو «صحيح البُخارِيّ» .
وكانت الفكرة الأساسية في إخراجه قائمة على محاكاة الطبعة «السلطانية» التي سبق الحديث عنها، ولكن مع تحويل الرموز التي استعان بها اليُونِينِيّ إلى ما تدل عليه من عبارات، تيسيرًا على الباحثين، مع إضافة
بعض الأشياء الأخرى التي ذكروها في منهجهم في المقدمة كترقيم الأحاديث، وعمل فهارس للكتب والأبواب، والألفاظ وغير ذلك.
والفكرة في ذاتها جليلة وجديرة بالتقدير، وتحرص على الجمع بين الاختلافات بأسلوب ميسر مبني على ما ابتكره اليُونِينِيّ.
وفعلًا تم بذل الجهد والوسع في إخراج هذا الكتاب بهذه الصورة، ولكن يبدو - وللأسف الشديد - أنهم لم يتموا هذا العمل بهذه الطريقة؛ حيث صدرت هذه الطبعة في أحد عشر جزءًا. المطبوع منها بهذه الطريقة سبعة أجزاء فقط بما يعادل آخر سورة المؤمن (غافر) من كتاب التفسير، والأجزاء الأربعة الباقية اكتفوا بإثبات النص مع بعض معاني المفردات دون النظر إلى حكاية اختلاف الروايات، وكأن القائمين على طباعة الأجزاء الباقية قد بدا لهم تغيير المنهج ولم يقتنعوا بالفكرة التي بدأ الكتاب على أساسها، ولو تم كل الصحيح بنفس الطريقة الأولى لتم النفع، والله تعالى الهادي لأقوم سبيل.
وقد كتب الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد مقدمة لهذه الطبعة تكلم فيها عن فكرة المشروع ومنهج العمل فيه، وتكلم عن الإمام البُخارِيّ و «صحيحه» وعمل اليُونِينِيّ وهي مقدمة نفيسة، خاصة في بيان حياة البُخارِيّ ومنهجه في «الصحيح» .
ومن الجدير بالذكر أن المحققين في السبعة أجزاء الأولى قد بذلوا جهدًا مشكورًا في محاكاة الطبعة «السلطانية» ، مع إضافة بعض الزيادات من الشروح، والكتب الأخرى التي خدمت الصحيح، مع حذف بعض التعليقات التي كتبها مصححو الطبعة «السلطانية» ، ولكنهم حكوا كل الخلافات التي وردت في الرموز، سواء كانت في الأصل أو في الحاشية. فجزاهم اللهم خير الجزاء.
طبعة جمعية المكنز الإسلامي
من الجهود التى بذلت في إعادة نشر الطبعة السلطانية ما قامت به جمعية المكنز الإسلامي - وهي جمعية تعنى بنشر التراث الإسلامي وخدمته - حيث قامو بتصوير الطبعة «السلطانية» المطبوعة سنة 1313 هـ ولكن دون أي أعمال إضافية إليها، اللهم إلا إذا استثنينا المقدمة التي كتبوها، ونص جدول تصويب الأخطاء التي وجد في الطبعة «السلطانية» لـ «صحيح البُخارِيّ» لكاتبه محمد بن علي المكاوي، والمقدمة التي كتبت لهذه الطبعة أو لهذه الصورة لم يذكر من الذي أعدها أو كتبها، وهي مقدمة تحدثوا فيها عن النسخة «اليُونِينيّة» والطبعة «السلطانية» .
وهذه الطبعة التي قامت بتصويرها جمعية المكنز الإسلامي قد أضافت جديدًا للطبعات الأخرى وهو أنها نشرت نص جدول الخطأ والصواب الخاص بالشيخ محمد بن علي المكاوي، وهو من كبار المصححين بالمطبعة الأميرية في قراءة خاصة منه للطبعة «السلطانية» ، والذي سبق الحديث عنه في موضعه.
كما قامت الجمعية بربط أرقام صفحات هذه الطبعة لطبعتهم التي قاموا بنشرها بعد أن قاموا بصفها على الحاسب الآلي، وتكميلها ببعض المكملات التي لابد منها، وهو عمل مستقل غير هذا مما لا يسع المجال لتفصيله هنا.