الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلاف في الترتيب مع اقتصاره على ذكر الباب والحديثين مرة واحدة. (1)
ثاني عشر: ثبوت أحاديث ومعلقات أو سقوطها من الصحيح
1 -
من هذه الأمثلة ما جاء في «الصحيح» في كتاب الوصايا، باب مَنْ تَصَدَّقَ إِلَى وَكِيلِهِ ثُمَّ رَدَّ الْوَكِيلُ إِلَيْهِ.
وَقال إِسْماعِيلُ: أَخْبَرَنِي عبد العَزِيزِ بْنُ عبد اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحاقَ بْنِ عبد اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، لَا أَعْلَمُهُ إِلَاّ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال: لَمّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] جاءَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
…
وذكر الحديث بطوله (2).
كذا جاء سياق الإسناد عند اليُونِينِيّ - كما جاء في «السلطانية» - ورمز بما يدل على أن هذا الباب وحديثه ساقط من كل النسخ التي اعتمد عليها إلا رِواية الكُشْمِيهَني خاصة لكن وقع في روايته: (وعلى وكيله) بدلًا من: (إلى وكيله) وثبتت الترجمة وبعض الحديث في رِواية الحمّويي كما ذكر ابن حجر في «الفتح» (3) ولم أر في «اليُونِينيّة» ما يدل إلا على الباب فقط عند الحمّويي.
قال ابن الملقن في «التوضيح» (4): والبُخارِيّ ساقه هنا فقال: حَدَّثَنا
(1) ينظر: «شرح ابن بطال» 2/ 472، و «فتح الباري» لابن رجب 8/ 47، و «شرح الكرماني» 5/ 209، وابن الملقن 7/ 364، وابن حجر في «الفتح» 2/ 350 - 351، و «عمدة القاري» 5/ 236، و «منحة الباري» 2/ 581 - 582، و «إرشاد الساري» 1/ 528 - 529.
(2)
4/ 8 (2758).
(3)
5/ 387.
(4)
17/ 244.
إسماعيل أخبرني عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن إسحاق به. اهـ.
فذكره موصولا.
وذكره المزي في «تحفة الأشراف» (1) وعزاه للبخاري في الوصايا تعليقًا: وقال إسماعيل - هو - ابن أبي أويس، أخبرني عبد العزيز بن أبي سلمة عن إسحاق به. فذكره.
وفي آخر الحديث حاشية نقلها المحقق من النسخة المخطوطة لـ «تحفة الأشراف» والمحفوظة في مكتبة محمد نصيف نقلت من نسخة ابن كثير سنة (774) هـ وفي كلام ابن حجر الآتي ما يدل على أنها من حواشي المزي نفسه، وفي هذه الحاشية: في كتاب أبي مسعود وكتاب خلف: وقال إسماعيل بن جعفر. والصواب - إن شاء الله - إسماعيل بن أبي أويس اهـ.
وقال ابن حجر في «النكت الظراف» معلقا على كلام المزي:
قلت: هذه الطريق ليست في رِواية أبي الوَقْت، ولا في رِواية أبى ذر، (عن النَّسفي)(2) ونقل المزي في الهامش عن أبي مسعود أنه جزم بأنه ابن جعفر ورد عليه، وقد وافق أبو نعيم في «المستخرج» أبا مسعود وقال: إنه رآه كذلك في نسخة أبى عمرو (3) التي كتبها عن الفَرَبْريّ. وزعم مغلطاي أن في «الأطراف» للطرقي (4): خ عن الحسن بن شوكر عن إسماعيل بن
(1) 1/ 84 (181).
(2)
كذا وهو تصحيف، والصواب: ولا عن النَّسفي.
(3)
يعني الجيزي.
(4)
هو أبو العباس أحمد بن محمد الطرقي الأصبهاني الحافظ المتوفى بعد (520) هـ من مؤلفاته: «أطراف الكتب الخمسة» .
جعفر، ولم نر أحدًا ذكر الحسن بن شوكر في شيوخ البُخارِيّ. (1) اهـ.
قلت: (الباحث) مما سبق يتلخص أن في هذا الباب وحديثه الوارد فيه ثلاثة إشكالات:
الأول: ثبوت هذا الحديث وبابه، ويفهم مما سبق نقله أن هذا الحديث وبابه ثابت في رِواية أبي ذر عن الكُشْمِيهَني والحَمُّوييّ إلا أنها عند الحَمُّوييّ جزء من الحديث فقط.
ولم يقع في روايته عن المُسْتَمْلِيّ ولا في رِواية أبي الوَقْت عن الدّاوُدِيّ عن الحَمُّوييّ، ولا في رِواية ابن عساكر ولا الأصيلي، على ما جاء في «اليُونِينيّة» .
الإشكال الثاني: في الحديث هل هو معلق أو متصل.
فهو معلق على ما جاء في «اليُونِينيّة» وكما جاء عند ابن حجر في «تغليق التعليق» (2) وبه جزم المزي في «تحفة الأشراف» وحكاه عن أصحاب الأطراف قبله كما جاء في حاشية «التحفة» وأيده ابن حجر في «النكت الظراف» .
وجاء عند ابن الملقن في «التوضيح» مسندًا بلفظ: حَدَّثَنا إسماعيل وقال: والذي ألفيناه في أصل الدمياطي مسندًا.
الإشكال الثالث: هو في تعيين المعلق عنه وهو إسماعيل:
فالذي يتبادر إلى الذهن - كما ذكر ابن حجر في «التغليق» أنه إسماعيل بن أبي أويس وهو شيخ البُخارِيّ فقد روى الكثير عن عبد الله بن أبي سلمة ويدل عليه أن في بعض الروايات قد جاءت صيغة التحديث:
(1)«النكت الظراف» 1/ 84 (181)
(2)
3/ 424 - 425.
حَدَّثَنا إسماعيل، فيتعين أن يكون ابن أبي أويس لاسيما وأن ابن جعفر متقدم فيكون حديثه معلقًا أيضًا. وصوب ذلك ابن الملقن أيضًا، وجزم به المزي في «التحفة» كما سبق.
وقال ابن حجر في «التغليق» : وزعم أبو العباس الطرقي أن البُخارِيّ أسنده في «الجامع» فقال: حَدَّثَنا الحسن بن شوكر ثنا إسماعيل بن جعفر ثنا عبد العزيز به، ولم يذكر أحد الحسن بن شوكر في شيوخ البُخارِيّ. اهـ.
قلت (الباحث): فتبين من ذلك أن ثبوت رِواية أبي ذر ومقتضاها أن تكون هذه الزيادة من الفَرَبْريّ الراوي عن البُخارِيّ، وعدم ثبوتها يترتب عليه أن هذه الزيادة من البُخارِيّ وساقها لبيان سماع سليمان له من طاوس. والله أعلم.
2 -
ومن الأمثلة التي ترتب على الاختلاف فيها وجود تعليق أو عدم وجوده.
ما ذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» في باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء (1) قوله فيه (2): وقال الأويسى: حدثني محمد بن جعفر عن يحيى بن سعيد وشريك سمعا أنسًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه قلت: (أي ابن حجر): سقط هذا التعليق من أكثر الروايات وهو ثابت في رِواية أبي ذر وقد كرره المؤلف في موضع آخر في الدعوات. اهـ.
وقال في «الفتح» : (3): وهذا التعليق ثبت هنا (4) للمستملي (5) وثبت لأبي
(1) 2/ 393.
(2)
أي البُخَارِيّ في هذا الباب.
(3)
2/ 517.
(4)
أي في باب رفع الناس أيديهم.
(5)
وهو أحد شيوخ أبي ذر.
الوَقْت وكريمة في آخر الباب الذي بعده، وسقط للباقين رأسًا لأنه مذكور عند الجميع في كتاب الدعوات وقد وصله أبو نعيم في «المستخرج» . اهـ.
وهذا التعليق لم يثبت في أصل «اليُونِينيّة» كما في «السلطانية» وكتب محققو «السلطانية» ما نصه في هذا الموضع: وقال الأويسى: حدثني محمد بن جعفر عن يحيى بن سعيد وشريك سمعا أنسًا عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه)(1) رفع يديه حتى رأيت (حتى يثرَى)(2) بياض إبطيه.
ثم قالوا: هذا ثابت عند أبى ذر وابن عساكر وأبي الوَقْت وفي حاشية أبي ذر حديث الأويسى لأبي إسحاق (3) وحده وحديث محمد بن بشار (4) لأبي إسحاق وأبي الهيثم جميعًا إلا أن حديث ابن بشار مؤخر عند أبي الهيثم ا. هـ من هامش الأصل (5).
قلت (الباحث) وما ذكره محققو «السلطانية» هنا يؤيد ما ذكره ابن حجر السابق ذكره، والله أعلم.
وهذا التعليق اتفقت كل الروايات على ذكره في كتاب الدعوات، باب: رفع الأيدي في الدعاء (6) ولم يحك اليُونِينِيّ فيه خلافًا وكذا الشراح، وذكره
(1) كذا هي بين قوسين ورمزوا له عما يدل على رواية ابن عساكر.
(2)
كذا ورُمز لها بنسخة ابن عساكر.
(3)
أي المُسْتَمْلِيّ.
(4)
أي الآتي في أول الباب التالي.
(5)
كذا ذكر في هذا الموضع في «اليونينية» 2/ 32 بعد حديث رقم (1029).
(6)
8/ 74 (6341).
المزى في «تحفة الأشراف» (1) وعزاه للبخاري تعليقًا في كتاب الدعوات. وكرره ابن حجر في «الفتح» في الموضعين (2).
3 -
ومن الأمثلة التي نتج عنها وجود حديث أو حذفه:
ما جاء كتاب العلم باب حفظ العلم (3) قال البُخارِيّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ. قَالَ:«ابْسُطْ رِدَاءَكَ» .. الحديث.
ثم قال البُخارِيّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ بِهَذَا، أَوْ قَالَ: غَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ.
كذا جاء سياق الحديث عند اليُونِينِيّ كما في «السلطانية» ورمز اليُونِينِيّ لحذف هذا الحديث أي من أول قوله: حَدَّثَنا إبراهيم بن المنذر، إلى قوله: غرف بيده فيه من عند ابن عساكر والأصيلي وأبي ذر في روايته عن المُسْتَمْلِيّ أي أنه ثابت في رِواية أبي الوَقْت وأبي ذر عن شيخيه الكُشْمِيهَني والحَمُّوييّ.
ولذا ذكرها ابن الملقن لأن روايته عن أبي الوَقْت، وكذا ذكر القَسْطَلّانِيّ سقوطها من عند هؤلاء ووقع فيه خطأ حيث قال: ساقط في رِواية أبي ذر والأصيلى والمُسْتَمْلِيّ وابن عساكر ا. هـ لأن رِواية المُسْتَمْلِيّ إحدى روايات أبى ذر كما هو واضح في رموز اليُونِينِيّ رحمه الله تعالى (4).
(1) 1/ 239 (910).
(2)
2/ 517، 11/ 141.
(3)
1/ 35، بعد حديث (119).
(4)
وينظر: «إرشاد الساري» 1/ 380، «صحيح البُخَارِيّ» 1/ 101 (112) ط المجلس الأعلى، «التوضيح» لابن الملقن 3/ 603، و «فتح الباري» 1/ 216.
فهذا الحديث ساقط من بعض النسخ وثابت في بعضها مما يترتب عليه زيادة أو نقص بعض الأحاديث. وهذا الحديث أخرجه البُخارِيّ كاملًا في كتاب المناقب باب بعد باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر (1) قال: حدثني إبراهيم بن المنذر حَدَّثَنا ابن أبي الفديك، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: إني سمعت منك حديثًا كثيرًا .. فذكره. اهـ.
قلت (الباحث): فكأن سقوط الرِّواية الأولى عند بعض الرُّواة اكتفاء بما هنا، والله أعلم.
4 -
ومن الأمثلة التي نتج عنها وجود حديث أو حذفه:
ما جاء في كتاب الأذان باب فضل صلاة الجماعة (2) فقد جاء هامش «السلطانية» ما يلي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» .
ورمز في الحاشية على هذا الحديث ما يدل على أنه ثابت في رِواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأبي الوَقْت ونسخة أخرى. وهذا الحديث ليس في أصل «السلطانية» فلست أدري هو هكذا في أصل اليُونِينِيّ أم هو في صلب اليُونِينِيّ وتم استدراكه وحالت طريقة الطباعة من وضعه في المتن، هذا يتوقف على النظر في أصل اليُونِينِيّ.
(1) 4/ 208 (3648).
(2)
1/ 131 (646).
وقال القَسْطَلّانِيّ في «الإرشاد» : وقد اطلع على أصل اليُونِينِيّ (1) وهذا الحديث ساقط في رِواية غير الأربعة. اهـ.
والمزي في «تحفة الأشراف» ذكر هذا الحديث (2) وعزاه للبخاري في الصلاة عن عبد الله بن يوسف، عن الليث، عن ابن الهاد به.
قلت: وجميع الشراح للصحيح أثبتوا هذا الحديث في شروحهم، مع حكاية اختلاف النسخ فيه، وقال ابن بطال (3) قال بعد ذكره حديث ابن عمر: وفيه أبو سعيد مثله، وكذا قال ابن الملقن في «التوضيح» (4) ثم قال: وأما حديث أبي سعيد فهو ساقط في بعض النسخ، وهو ثابت في «الأطراف» لأبي مسعود وخلف دون الطرقي وهو من أفراد البُخارِيّ وذكره أبو نعيم هنا بعد حديث ابن عمرو ذكره الإسماعيلي أول الباب قبله. ا. هـ.
وذكر هذا الحديث أيضا في هذا الموضع ابن رجب الحنبلي في شرحه «فتح الباري» (5) أما الكرماني فقد شرح الحديث دون التعرض للاختلاف في إثباته كأنه لم يقع له خلاف فيه، ومما تجب الإشارة إليه هنا أن الناشر وقد وضع متن «الصحيح» من عنده أهمل ذكر هذا الحديث اعتمادًا على ما جاء في أصل «السلطانية» بينما شرحه المصنف، وهو من الهفوات التي تقع لمن يتصدر لطباعة شروح «الصحيح» دون وضع اختلاف النسخ في الاعتبار، والله أعلم.
(1) 1/ 362 (منحة).
(2)
3/ 372 - 373 (4096).
(3)
2/ 272.
(4)
6/ 423.
(5)
6/ 13.
أما الحافظ ابن حجر فقد شرح هذا الحديث وجعله بعد حديث ابن عمر ثم قال بعده: تنبيه: سقط حديث أبي سعيد من هذا الباب في رِواية كريمة وثبت للباقين، وأورده الإسماعيلي قبل حديث ابن عمر (1).
وكذا فعل العيني في «عمدة القاري» (2) وقال مثل قول ابن الملقن السابق. وكذا شرحه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في «منحة الباري» (3)، والسيوطي في «التوشيح» (4) وسبق ذكر ما قاله القَسْطَلّانِيّ.
وخلاصة القول في ذلك: أن هذا الحديث ثابت في «الصحيح» كما هي رِواية الجمهور وما حدث من حذفه في بعض طبعات «الصحيح» إنما هو من وضع هذا الحديث في الحاشية كما في «السلطانية» ، والله أعلم.
(1) تصحفت في المطبوع من «الفتح» : أبي عمر، وهو خطأ.
(2)
4/ 336 - 337.
(3)
2/ 362.
(4)
2/ 679.