المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمر الأول: الاختلافات الناشئة لاختلاف لغات العرب: - روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» - جـ ٢

[جمعة فتحي عبد الحليم]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثاني:أسباب الاختلافات

- ‌المجموعة الأولى: أسباب تفاوت الرواة في الروايات وترجيح بعضهم على بعض

- ‌النوع الأول: ما يرجع إلى ذات الراوي:

- ‌1 - الحفظ:

- ‌2 - الفقه:

- ‌3 - العلم بالعربية:

- ‌النوع الثاني: ما يرجع إلى أحوال الراوي مع شيخه:

- ‌1 - البلديَّة:

- ‌2 - القرابة:

- ‌3 - تقديم الشيخ للطالب وإيثاره بالرواية:

- ‌النوع الثالث: ما يرجع إلى أحوال التحمل:

- ‌1 - السن في حال التحمل:

- ‌2 - وجه التحمل:

- ‌3 - حال الشيخ عن التحمل:

- ‌4 - الصحبة والملازمة:

- ‌5 - عناية المحدث بكتابه:

- ‌المجموعة الثانية: أسباب الاختلافات التي تتعلق بالمروي وهو «الصحيح»:

- ‌1 - الاختلاف في النقل عن أصل البخاري نفسه:

- ‌2 - كثرة الرواة عن البخاري:

- ‌3 - ومن الأسباب التي تعود إلى العوامل البشرية:

- ‌أولًا: التصحيف والتحريف

- ‌ثانيًا: ومن الأسباب التي تؤدى إلى الاختلافات:بعض الأسباب التي تؤدي إلى وقوع الإدراج

- ‌ثالثًا: ومن أسباب الاختلافات:اختلاف العلماء في حكم تغيير جمل الثناء على الله عز وجل أو الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أو الترضي والترحم على العلماء

- ‌رابعًا: اختلاف العلماء في حكم جواز إصلاح الخطأ وتقويم اللحن

- ‌خامسًا: ومن هذه الأسباب - أيضًا - الاختلاف بين العلماء في التعبير في صيغ الأداء عن طريقة التحمل

- ‌سادسًا: ومن الأسباب التي أدت إلى كثير من الاختلافات أيضًا:اختلاف العلماء في حكم جواز الرِّواية بالمعنى

- ‌سابعًا: ومن الأسباب التي أدت إلى كثير من الاختلافات:إهمال البُخارِيّ نسبة بعض الراوة:

- ‌ثامنًا: ومن هذه الأسباب:أن يروى الحديث من طريقين ويكون في أحد الطريقين زيادة ليست في الرِّواية الأخرى فيروى الحديث مرة بدون الزيادة ومرة بها

- ‌تاسعًا: ومن أسباب الاختلاف بين الرُّواة:أن يكون الحديث محفوظًا عن أحد الرُّواة من وجهين

- ‌عاشرًا: ومن هذه الأسباب:اختلاف العلماء في جواز اختصار الحديث أو الاقتصار على بعضه دون الباقي

- ‌حادي عشر: ومن هذه الأسباب: اختلاف قراءات القرآن الكريم

- ‌ثاني عشر: ومن أسباب وقوع كثير من الاختلاف في ضبط الكلمات وإعرابها، وجودُ بعض الكلمات في العربية تحتمل أكثر من ضبط لغوي أو أكثر من وجه إعرابي

- ‌ثالث عشر: ومن أسباب وقوع كثير من الاختلافات في تقسيم الكتب والأبواب

- ‌رابع عشر: الاختلافات اللغوية الناشئة عن الاختلاف بين لغات العرب وأوجه الإعراب

- ‌الأمر الأول: الاختلافات الناشئة لاختلاف لغات العرب:

- ‌الأمر الثاني: الاختلافات الناشئة عن اختلاف العلماء في المذاهب أو المدارس النحوية:

- ‌الأمر الثالث: الاختلافات الناشئة لوجود أكثر من وجه إعرابي

- ‌الفصل الثالث:نتائج الوقوف على الاختلافات

- ‌أولًا: إزالة إشكالات وعلل في الإسناد

- ‌ثانيًا: ومن هذه النتائج الإسنادية:جعل بعض الرُّواة على شرط البُخارِيّ وهم ليسوا كذلك

- ‌ثالثًا: الوقوف على أسماء الرُّواة المهملين في الإسناد وخاصة شيوخ البُخارِيّ

- ‌رابعًا: ومن هذه النتائج إزالة التصحيف الواقع في الأسانيد

- ‌خامسًا: اختلاف العلماء في عدد كتب الجامع الصحيح وأبوابه وأحاديثه بناء على اختلاف النسخ

- ‌سادسًا: الوقوف على بعض الزيادات من الرواة

- ‌سابعًا: إزالة سوء الفهم في الترتيب والحذف والإثبات في الأبواب والأحاديث

- ‌ثامنًا: إزالة نسبة الوهم إلى بعض الشراح في عزو الأحاديث

- ‌تاسعًا: إيضاح فهم مراد البُخارِيّ وعلاقة الحديث بالترجمة التي سبقت له

- ‌عاشرًا: إزالة إشكالات في فقه متن الحديث

- ‌حادي عشر: إزالة تكرار حديث أو أثر أو باب في الصحيح

- ‌ثاني عشر: ثبوت أحاديث ومعلقات أو سقوطها من الصحيح

- ‌الفصل الرابع:وسائل توجيه الاختلافات

- ‌مراعاة صحة بعض الروايات، وشهرتها بين العلماء:

- ‌بعض الوسائل التي تساعد في الوصول إلى توجيه الاختلافات:

- ‌1 - النسخ من «الصحيح» التي قارنت بين هذه الروايات:

- ‌2 - الرجوع للكتب المتعلقة بـ «الصحيح»:

- ‌أ - شروح «الصحيح»:

- ‌ب - الكتب التي اهتمت بتقييد هذه الاختلافات وتوجيهها:

- ‌ج - كتب الأطراف:

- ‌د - الكتب المتعلقة بتمييز رجال الصحيح:

- ‌هـ - الكتب المؤلفة في العلل:

- ‌و- الكتب المؤلفة في المستخرجات:

- ‌ز - كتب السنة المسندة:

- ‌ي - الكتب التي اهتمت بضبط غريب الحديث:

- ‌خاتمة الباب الثاني

- ‌الباب الثالث«عناية الأمة بضبط الاختلافات»

- ‌الفَصْل الأول:عناية المشارقة بالصحيح

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: ترجمة اليُونِينِيّ

- ‌المبحث الثاني:نسخة اليُونِينِيّ (701) ه

- ‌المبحث الثالث:الطبعة السطانية

- ‌الفَصْل الثاني:عناية المغاربة بالصحيح

- ‌المبحث الأول:عناية المغاربة بصحيح البُخارِيّ

- ‌المبحث الثاني:نسخة أبي علي الصَّدفي (454 - 514) ه

- ‌المبحث الثالث:نسخة أبي عمران موسى ابن سعادة (522) ه

- ‌الفَصْل الثالث:أهم المصنفات التي تعتني بضبط الاختلافات

- ‌المبحث الأول:ضبط الاختلافات من خلال كتب الشروح

- ‌1 - كتاب «فتح الباري» بشرح صحيح البُخارِيّ لابن حجر العسقلاني (852) ه

- ‌الروايات التى روى الصحيح من خلالها:

- ‌منهج المؤلف في كتابه:

- ‌نماذج الكتاب:

- ‌طبعات الكتاب:

- ‌2 - كتاب «إرشاد الساري إلى صحيح البُخارِيّ»

- ‌روايات الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب في الوقوف على الروايات:

- ‌ طبعات الكتاب:

- ‌«شرح صحيح البخاري»لابن بطال (449) ه

- ‌«التلخيص شرح الجامع الصحيح»للإمام النووي (676) ه

- ‌«الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري» للكرماني (786) ه

- ‌«فتح الباري شرح صحيح البخاري» لابن رجب الحنبلي (795) ه

- ‌«التوضيح لشرح الجامع الصحيح» لابن الملقن (804) ه

- ‌«عمدة القاري شرح صحيح البخاري» لبدر الدين العيني (855) ه

- ‌المبحث الثاني: كتب تقييد الألفاظ واختلاف الروايات والنسخ

- ‌كتاب «تقييد المهمل وتمييز المشكل» لأبي علي الجَيّانيّ

- ‌كتاب «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» للقاضي عِياض

- ‌كتاب «مَطالِعُ الْأَنْوارِ عَلَى صِحاحِ الْآثارِ» لابن قُرْقُول 505 - 569 ه

- ‌خاتمة الباب الثالث

- ‌النتائج العامة للبحث

- ‌كيفية الوصول إلى نص «صحيح البخاري»

- ‌منهج الجمع بين أكثر من رواية من روايات «الصحيح»

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌الأمر الأول: الاختلافات الناشئة لاختلاف لغات العرب:

‌رابع عشر: الاختلافات اللغوية الناشئة عن الاختلاف بين لغات العرب وأوجه الإعراب

‌الأمر الأول: الاختلافات الناشئة لاختلاف لغات العرب:

إن لغات العرب مختلفة، ويحدث بين القبائل العربية اختلاف في إعراب أو رسم بعض الكلمات.

وقد جاء في «الصحيح» بعض الأمثلة من الاختلافات، ويمكن إرجاع السبب فيها إلى اختلاف اللغات، فمنها:

1 -

لغة ربيعة:

ووقفت على عدة أمثلة أذكر منها:

أ - ما جاء من اختلافهم في رسم كلمة: (أربع)

وذلك في كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم (1) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وفيه أن مجاهدا وعروة بن الزبير سألاه: كَمْ عدد عُمَرَاتِ النبي صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: (أَرْبَعً) إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ

الحديث.

كذا جاء اللفظ عند اليونيني في أصله: (أَرْبَعً) بصورة المرفوع وعليها فتحتان، ورمز اليونيني لصحة ذلك عند أبي ذر أيضًا.

قال ابن مالك في «شواهد التوضيح» (2) كذا في بعض النسخ برفع (أربع) وفي بعضها بالنصب.

ثم قال بعد أن بسط كثيرا من الأمثلة على جواز رفع أربع أو نصبها من حيث الأوجه الإعرابية، قال: فعلى ما قررته: النصب والرفع في (أربع) بعد السؤال عن الاعتمار جائزان، إلا أن النصب أقيس وأكثر نظائر، ويجوز

(1) 3/ 2 (1775).

(2)

ص: 37.

ص: 560

أن يكون كُتب على لغة ربيعة، وهو في اللفظ منصوب (1).

ب - اختلافهم في كلمة (ثابت)

ما جاء في كتاب: الصوم، باب: الحجامة والقيء للصائم (2).

قال البخاري: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ (ثَابِتً) الْبُنَانِيَّ يَسْأَلُ قَالَ: سُئِلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: لَا، إِلَاّ مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ.

كذا جاءت كلمة (ثَابِتً) بصورة المرفوع وعليها فتحتان، وفي الهامش عليها:(ثابتً)، هو هكذا في «اليونينية» بصورة المرفوع وعليه فتحتان. اهـ.

ولم يتعرض لذلك ابن حجر ولا غيره من الشراح، وجاءت في المطبوع من «الفتح»:(ثابتًا) كذا.

وهذه الصورة التي جاءت في «اليونينية» يمكن تخريجها على لغة ربيعة، والله أعلم.

3 -

اختلافهم في (منع وهات):

ومنه ما جاء في كتاب الخصومات، باب: ما يُنهى عن إضاعة المال من حديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَادَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» (3).

كذا جاءت كلمة (مَنَعَ) في «اليونينية» مصححًا عليها، وبهامشها:(ومنعًا) ورمز اليونيني إلى صحة الرواية عند أبي ذر كذلك.

(1)«شواهد التوضيح» ص: 39.

(2)

3/ 33 (940).

(3)

3/ 120 (2408).

ص: 561

وقال ابن مالك في «شواهد التوضيح» : ومن المكتوب على لغة ربيعة: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَادَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ» أي: منعًا وهات، فحُذف الألف لما ذكرتُ لك، وحذفها هنا بسبب آخر لا يختص بلغة؛ وهو أن تنوين (منعًا) أُبدل واوًا، وأُدغم في الواو، فصار اللفظ بعين تليها واو مشددة، كاللفظ (يعول) وشبهه، فجُعلت صورته في الخط مطابقةً للفظه، كما فعل بكَلِمٍ كثيرةٍ في المصحف، ويمكن أن يكون الأصل: ومنع حق وهات، فحُذف المضاف إليه وبقيت هيئة الإضافة (1).

ج - ومما جاء على لغة ربيعة أيضًا ما جاء في قول عائشة رضي الله عنها فيما أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب: المُحَصَّب (2) قالت: إنما كان منزل ينزله النبي صلى الله عليه وسلم. ا. هـ.

كذا جاء الحديث في «اليونينية» (منزل) بصورة المرفوع والمجرور، وفي الهامش رمز أنه عند أبي ذر:(منزلاً) بالنصب، وكذا هي عند ابن حجر في «الفتح» .

فقد وجه ابن مالك في «شواهد التوضيح» الرواية الأولى بثلاثة أوجه.

وذكر الوجه الثالث منها فقال: الوجه الثالث: أن يكون (منزل) منصوبًا في اللفظ، إلا أنه يكتب بلا ألف على لغة ربيعة؛ فإنهم يقفون على المنصوب المنون بالسكون وحذف التنوين بلا بدل، كما يفعل أكثر العرب في الوقف على المرفوع والمجرور، وإنما كُتب المنون المنصوب بالألف؛ لأن تنوينه يبدل في الوقف ألفًا، فرُوعِي جانب الوقف، كما روعي في (أنا) فكتب بالألف لثبوتها وقفًا، ولم يبالوا بحذفها وصلاً، وكما رُوعِي في

(1) انظر: «شواهد التوضيح» ص: 49 - 45.

(2)

2/ 181 (1766).

ص: 562

(مسلمة) ونحوه، فكتب بالهاء لثبوتها وقفًا، ولم يبالوا بثبوتها في الوصل تاء، وكما رُوعِي في (به) و (له) ونحوهما، فكتبا بلا ياء ولا واو كما يوقف عليهما، ولو رُوعِي فيهما جانب الوصل لكتبا بياء وواو، فمن لم يقف على المنون المنصوب بألف استغنى عنها في الخط؛ لأنها على لغته ساقطة وقفًا ووصلاً. اهـ (1).

2 -

لغة بني الحارث بن كعب.

ومن أمثلة الاختلافات التي جاءت على هذه اللغة:

أ - قوله: (اثنا عشر)

وهو ما جاء في كتاب: الأذان، باب: السمر مع الضيف والأهل (2) من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر: أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ

الحديث، وفيه: فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً.

كذا العبارة في «اليونينية» ، وفي الهامش رمز أن في رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت ونسخة أخرى:(اثني).

قال ابن مالك: مقتضى الظاهر أن يقول: وفرقنا اثني عشر رجلًا. لأن (اثني عشر) حال من النون والألف، ولكنه جاء بالألف على لغة بني الحارث بن كعب، فإنهم يلزمون المثنى وما جرى مجراه الألف في الأحوال كلها؛ لأنه عندهم بمنزلة المقصور (3).

2 -

اختلافهم في لفظة (المتبايعان).

(1)«شواهد التوضيح» ص: 37، «فتح الباري» 3/ 591.

(2)

1/ 124 (602) هامش (17).

(3)

«شواهد التوضيح» ص: 97.

ص: 563

مثاله: ما جاء في كتاب: البيوع، باب: كم يجوز الخيار (1) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا» كذا جاءت الكلمة في «اليونينية» وفي الهامش رمز أنها عند ابن عساكر: (المتبايعان).

قال القسطلاني: هي على لغة من أجرى المثنى بألف مطلقا (2). ا. هـ.

قلت: وهي لغة بني الحارث كما سبق ذكره عن ابن مالك.

3 -

اختلافهم في كلمة (أبا جهل):

ومنه ما جاء في كتاب: المغازي، باب: قول الله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ} (3) من حديث أنس رضي الله عنه في قول عبد الله بن مسعود: أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟

كذا جاء في «اليونينية» وصححها اليونيني في الأصل، وفي الحاشية أن في رواية أبي ذر عن شيخيه الكشميهني والحمّويي، والأصيلي، وابن عساكر:(أَبَا جَهْلٍ) وقال ابن مالك (4) وهو يتكلم عن لغة بني الحارث: ومن لغتهم أيضًا قصر الأب والأخ، كقول ابن مسعود رضي الله عنه لأبي جهل: أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟ ا. هـ.

وقال ابن حجر في «الفتح» (5): قوله: (أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟) كذا للأكثر، وللمستملي وحده:(أَنْتَ أبُو جَهْلٍ؟)، والأول هو المعتمد في حديث أنس

(1) 3/ 64 (2107).

(2)

وانظر «شرح ابن عقيل» على ألفية ابن مالك 1/ 58 - 59.

(3)

5/ 74 (3963).

(4)

ص: 97.

(5)

7/ 295.

ص: 564

هذا، فقد صرح إسماعيل ابن علية عن سليمان التيمي بأنه هكذا نطق بها أنس .. ثم قال: وقد وُجهت هذه الرواية المذكورة بالحمل على لغة من يثبت الألف في الأسماء الستة في كل حالها. اهـ.

3 -

ومن اللغات أيضًا لغة طيء:

ومن أمثلة الاختلافات التي تمثل هذه اللغة ما جاء في كتاب الصلح، باب: الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث .. وفيه في ترجمة الباب: فإن تَوِيَ لأحدهما لم يرجع على صاحبه (1). كذا في «اليونينية» بفتح المثناة وكسر الواو وصحح عليها، وفي الحاشية على هذه الكلمة: عند أبي ذر: (تَوَى) بفتح الواو، وهي على لغة طيء ا. هـ.

4 -

ومن الأمثلة التي جاء الاختلاف فيها تبعًا لأحد اللغات:

أ - ما جاء في كتاب: جزاء الصيد، باب من قال: ليس على المحصر بدل (2). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وفيه: (وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ، وَأَهْدَى).

ضبطت كلمة (مُجْزِيًا) في «اليونينية» بضم الميم وسكون الجيم وكسر الراء وآخرها ألف وعليها فتحتان. وفي الهامش: رمز أن رواية أبي ذر مصححًا، والأصيلي، وابن عساكر مصححًا أيضًا بلفظ:(مُجزئ) بضم الميم وسكون الجيم آخرها همزة وعليها ضمتان. اهـ.

وقال القسطلاني: (مجزيًا) بغير همز في «اليونينية» وكشطها في الفرع، وأبقى الياء على صورتها منصوبًا على لغة من ينصب الجزأين بـ (أن) أو خبر (يكون) محذوفة. ا. هـ

(1)«اليونينية» 3/ 1187.

(2)

3/ 10 (1813).

ص: 565

وقال ابن حجر في الفتح: قوله: (ورأى أن ذلك مُجزئ عنه) كذا لأبي ذر وغيره بالرفع على أنه خبر (أنّ)، ووقع في رواية كريمة:(مجزيًا) فقيل هو على لغة من ينصب بـ (أن) المبتدأ والخبر، أو هى خبر (كان) المحذوفة، والذي عندي أنه من خطأ الكاتب؛ فإن أصحاب الموطأ اتفقوا على روايته بالرفع على الصواب. ا. هـ (1)

قلت (الباحث): وهذه اللغة لغة معروفة وقد جاءت في بعض الأحاديث الأخرى (2).

ب - ومما جاء على القاعدة المشهورة عند بعض العرب، وهي إبدال الهمزة بعد النقل بمجانس حركتها:

ما جاء في كلمة (أخوة) في حديث أبي سعيد الخدري في فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، في كتاب: فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «سُدُّوا الأَبْوَابَ إِلَاّ بَابَ أبا بَكْرٍ

» (3).

قال القاضي عياض (4): في فضل أبي بكر: «وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ» كذا للقابسي والنسفي والسجزي والهروي وعبدوس كما جاء في سائر الأحاديث، قال نفطويه: إذا كانت من غير ولادة فمعناها المشابهة، وعند العذري والأصيلي هنا:(وَلَكِنْ خُوَّةُ الإِسْلَامِ).

(1)«فتح الباري» 4/ 12.

(2)

انظر كتاب «العلل لابن أبي حاتم» ص: 525 مسألة (550) في باب: علل رويت في الصلاة ومسائل رقم (591)، 730 غير ذلك، وانظر:«شرح النووي على مسلم» 3/ 72 حيث حكى اختلاف الاصول في حديث أبي هريرة في الشفاعة في جملة: (إن قعر جهنم لسبعون خريفًا).

(3)

5/ 4 (3654).

(4)

1/ 22 (المكتبة العتيقة).

ص: 566

وكذا جاء في باب: الخوخة في المسجد للجرجاني والمروزي، وعند الهروي:(أخوة)، وعند النسفي:(خلة)، وكذا في باب الهجرة.

قال شيخنا أبو الحسن بن الأخضر النحوي: ووجهه أنه نقل حركة الهمزة إلى نون (لكن) تشبيها بالتقاء الساكنين، ثم جاء منه الخروج من الكسرة إلى الضمة فسكن النون. ا. هـ.

وقال ابن حجر في «الفتح» : ووقع في بعض الروايات (وَلَكِنْ خُوَّةُ الإِسْلَامِ) بغير ألف فقال ابن بطال: لا أعرف معنى هذه الكلمة، ولم أجد (خوة) بمعنى خلة في كلام العرب ا. هـ.

وقد وجدت في بعض الروايات: (وَلَكِنْ خُلَةُ الإِسْلَامِ) وهو الصواب، وقال ابن التين: لعل الألف سقطت من الرواية، فإنها ثابتة في سائر الروايات، ووجهه ابن مالك بأنه نقلت حركة الهمزة إلى النون فحذف الألف، وجَوز مع حذفها ضم نون (لكن) وسكونها، قال: ولا يجوز مع إثبات الهمزة إلا سكون النون فقط. ا. هـ (1)

وذكر ابن مالك في «شواهد التوضيح» أن: (خوة) أصلها (أخوة) فنقلت حركة الهمزة إلى النون وحذفت الهمزة على القاعدة المشهورة ثم قال:

ونبهت بقولي: على القاعدة المشهورة، على أن من العرب من يبدل الهمزة بعد النقل بمجانس حركتها، فيقول: هؤلاء نشؤُ صدق، ورأيت نشأ صدق، ومررت بنشيء صدق .. ثم قال: وشبيه بـ (ولكن خوة الإسلام) في تخفيف مرتين (كذا) وحذف همزته لفظًا وخطًا: قوله تعالى: {لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}

(1)«فتح الباري» 7/ 13 - 14، وينظر:«شرح ابن بطال» 2/ 116، و «شواهد التوضيح» ص: 82 - 83.

ص: 567