الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] فإضافة (ثلاث) إلى (غرف)، و (عشر) إلى (سور)، و (ثماني) إلى (حجج)، مع إمكان الجمع بالألف والتاء، دليل على أن فُعَلاً وفِعَلاً جمعا قلةٍ، للاستغناء بهما عن الجمع بالألف والتاء.
والحاصل أن (ثلاث غُرف) إن وُجَّه على مذهب البصريين، ألحق بثلاثة قروء، وإن وجه على مذهب الكوفيين فهو على مقتضى القياس.
وعليه يمكن أن يقال أن كلا الروايتين على مقتضى القياس عند أحد المدرستين. فرواية (ثلاث غُرف) و (ثلاث مرار) على مقتضى القياس على مذهب الكوفيين، و (ثلاث غُرفات) و (ثلاث مرات) على مقتضى القياس على مذهب البصريين. والله أعلم (1).
الأمر الثالث: الاختلافات الناشئة لوجود أكثر من وجه إعرابي
وهي كثيرة ومنها على سبيل المثال:
1 -
ما جاء في المثال السابق في كتاب العمرة: باب: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض الصحابة رضي الله عنهم سُئل: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: (أربعٌ) وفي بعض الروايات: (أربعًا).
قال ابن مالك بعد توجيه كلتا الروايتين: فعلى ما قررته: النصب والرفع في (أربع) بعد السؤال عن الاعتمار جائزان، إلا أن النصب أقيس وأكثر نظائر (2).
2 -
ومن هذه الأمثلة الاختلاف الوارد بين الرواة في كلمة: (المجاهرين) في قوله صلى الله عليه وسلم «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَاّ الْمُجَاهِرِينَ» .
(1) يراجع في ذلك «شواهد التوضيح» ص: 89 - 91، «اليونينية» 1/ 59 (248)، «فتح الباري» 1/ 361.
(2)
«شواهد التوضيح» ص: 39.
فقد أخرجه البخاري في كتاب: الأدب، باب: ستر المؤمن على نفسه (1) كذا في النسخة «اليونينية» وكذا هو في النسخة التي شرح عليها ابن حجر، وقال الحافظ في الفتح: كذا الأكثر، وكذا في رواية مسلم ومستخرجي الإسماعيلي وأبي نعيم بالنصب، وفي رواية النسفي:(إلا المجاهرون) بالرفع، وعليها شرح ابن بطال وابن التين وقال: كذا وقع، وصوابه عند البصريين بالنصب، وأجاز الكوفيون الرفع في الاستثناء المنقطع، كذا قال.
وقال ابن مالك: (إلا) على هذا بمعنى: لكن
…
وكذلك المعنى هنا: لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون، فالمجاهرون مبتدأ والخبر محذوف، وقال الكرماني: حق الكلام النصب، إلا أن يقال أن العفو بمعنى الترك وهو نوع من النفي (2) ا. هـ.
ومثل هذا في قوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما كما جاء في «اليونينية» (3) كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} .
قال: «وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلَاّ اللَّهُ» أي: لكن الله يعلم بأي أرض تموت كل نفس (4).
3 -
ومن هذه الاختلافات ويمكن توجيهها إعرابيًا:
ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم في صفة الدجال: «وإن بين عينيه مكتوب كافر» كذا جاء اللفظ في «اليونينية» مصححًا عليه، وفي الحاشية رمز إلى أن في
(1) 8/ 20 (6069).
(2)
«فتح الباري» 10/ 486، وينظر:«شواهد التوضيح» ص: 41.
(3)
9/ 116.
(4)
ينظر: «شواهد التوضيح» ص: 43.
رواية أبي ذر مصححًا، والاصيلي مُصححًا أيضًا:«وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ» (1).
قال ابن مالك: إذا رفع في حديث الدجال (مكتوب) جُعل اسم (إن) محذوفًا، وما بعد ذلك جملة من مبتدأ وخبر في موضع رفع خبرًا لأن، والاسم المحذوف إما ضمير الشأن وإما ضمير عائد على الدجال ..
ثم قال: ومن روى (مكتوبًا) فيحتمل أن يكون اسم (إن) محذوفًا على ما تقرر في رواية الرفع، و (كافر) مبتدأ، وخبره (بين عينيه)، و (مكتوبًا) حال.
أو يجعل (مكتوبًا) اسم (ان)، و (بين عينيه) خبرًا، و (كافر) خبر مبتدأ، والتقدير: هو كافر. ويجوز رفع (كافر) بـ (مكتوب) وجعله سادًّا مسد خبر (إن)، كما يقال: إن قائمًا الزيدان، وهذا مما انفرد به الأخفش (2).
وغير ذلك كثير مما ساقه ابن مالك في «شواهد التوضيح» .
(1) 9/ 60 (7131) كتاب الفتن باب ذكر الرجال.
(2)
«شواهد التوضيح» ص: 147 - 149.