الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمُعَاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ:«يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ» . قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: «يَا مُعَاذُ» . قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثَلَاثًا، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ
…
» الحديث (1).
ومما يندرج في هذا الأصل إعطاء الشيخ لتلميذه نسخته الخاصة به، وذلك مثل اختصاص الفربري بالسماع من البخاري عدة مرات، وحصول الفربري على أصل البخاري بعد وفاته ليحدث منه.
النوع الثالث: ما يرجع إلى أحوال التحمل:
تحيط بالتحمل ملابسات وظروف كثيرة، تورث تفاوتاً بين المتحملين، بل التفاوت في تحمل الراوي نفسه، تبعًا لاختلاف المكان والزمان والأحوال، إضافة إلى التفاوت بين وجوه التحمل، فبعضها أقوى من بعض، وبعضها لا يعتبر به أصلًا.
لقد كان تحمل الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم بالسماع والرؤية، ثم تبعهم في ذلك التابعون، وبعد ذلك نشطت حركة التدوين في قرن التابعين، فتحمل عنهم أتباعهم بالسماع تارة، والقراءة تارة أخرى، ثم ظهرت بعد ذلك بدايات التحمل بالإجازة والمناولة، وغير ذلك من وجوه التحمل التي لم تكن شائعة قبل هذا، حتى ازدهر التصنيف في بدايات القرن الثالث، وأصبح العمدة في الرواية على السماع والعرض والقراءة.
ومن الملابسات التي اعتبرها المحدثون في أحوال الرواية:
1 - السن في حال التحمل:
لقد قَبِل المحدثون رواية الصبي، واعتبروا التمييز في صحة التحمل.
لكنهم قدموا رواية من تحمل بالغًا، على رواية من تحمل صبيًّا، في
(1)«صحيح البخاري» (128).
حال اختلاف الروايتين، لمظنة رجحان ضبط البالغ على ضبط الصبي.
وربما تطرقت تهمة إلى الراوي إذا روى عن شيخ لا يحتمله سنه ولُقِيّه. ومما يتعلق بسن الرواية قدم التحمل.
وقدم التحمل من أسباب التفاوت بين الرواة، فيكون ما رواه قدماء الرواة عن الشيخ، أرجح مما رواه المتأخرون من أصحابه، لأن القدماء أقرب عهدًا بسماع الشيخ أو تحمله عن شيخه، فيكون أضبط له.
ولهذا عَدَّ المحدثون من أنواع العلو، العلو المستفاد من تقدم السماع، والعلو المستفاد من تقدم وفاة الراوي.
ولهذا صلة بنوع السابق واللاحق حيث يشترك في الرواية عن الشيخ متقدمٌ ومتأخرٌ، تباين وقت وفاتيهما تباينًا شديدًا (1).
ومما لا بد من ملاحظته أن قِدَم التحمل أو السماع مقدمٌ في الطبقة التي تلي طبقة أصل الحديث، بمعنى أن المتأخر الذي روى عن الرسول في آخر حياته أولى من المتقدم، ولذلك فإذا اعُتبر أن البخاري هو مدار الإسناد، وكتابه هو أصل الرواية، أدى ذلك إلى تفضيل رواية المتأخر على المتقدم، فلا شك أن من تأخر سماعه من البخاري كان أفضل ممن تقدم لدلالة ذلك على اكتمال صورة «الصحيح» عند البخاري في آخر أمره. هذا بالنسبة للشيخ.
أما بالنسبة للراوي فلا شك أن من تقدم سماعه في صغر سنه أولى ممن سمع في حال كبره، ما دام التحمل كان بعد بلوغ سن التميز.
وتميزت لذلك رواية الفربري التي سمعها من البخاري ما بين سنوات (248 - 255) هـ في حين كانت وفاة البخاري سنة (256) هـ
(1)«علوم الحديث» لابن الصلاح ص: 317 - 318.
…
،