الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحال على أصل الإباحة، ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها، ويشير إلى ذلك ما زاده الإسماعيلي في روايته من طريق ابن وهب في هذا الحديث عن ابن عمر قال: كان عمر يقول بأعلى صوته: اجتنبوا اللغو في المسجد.
قال ابن عمر: وقد كنت أبيت في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الكلاب .. فأشار إلى أن ذلك كان في الابتداء، ثم ورد الأمر بتكريم المسجد حتى لغو الكلام. (1) اهـ.
ولذا قال البيهقي في «السنن الكبرى» عقب الحديث: وقد أجمع المسلمون على نجاسة بولها، ووجوب الرش على بول الآدمي فكيف الكلب، فكأن ذلك كان قبل أمره بقتل الكلاب وغسل الإناء من ولوغه، أو كأن علم مكان بولها يخفى عليهم، فمن علمه وجب عليه غسله (2). اهـ.
وتعقبه ابن التركماني في «الجوهر النقي» على قوله بالإجماع فقال: مذهب مالك أنه طاهر، ذكره ابن رشد في «القواعد» وغيره.
حادي عشر: إزالة تكرار حديث أو أثر أو باب في الصحيح
فقد يأتي الحديث أو الأثر في موضع قبل باب مثلًا، ويأتي بعد الباب في رِواية أخرى، فيكرر الحديث أو الأثر في الموضعين مع أن كل موضع منهما خاص برِواية وساقط من أخرى.
1 -
من الأمثلة الدالة على ذلك ما يلي:
أثر الحسن قال: إن منعته أمه عن العشاء في جماعة شفقة عليه لم يطعها.
(1) 1/ 279.
(2)
1/ 243 بعد حديث (1153).
هذا الأثر جاء في «السلطانية» في كتاب الأذان في موضعين (1) جاء قبل باب وجوب صلاة الجماعة، وجاء بعدها مرة أخرى إلا أن في الموضع الأول كلمة (عليه) لابن عساكر فقط وليست في الموضع الثاني، وفي الموضع الأول رمز اليُونِينِيّ لسقوطه من عند ابن عساكر وأبي ذر والأصيلي ونسخة أخرى مما يعني وجودها عند أبي الوَقْت، وهي زيادة ذكرت عند من سبق بعد الباب، وهو الموضع الثاني وهو اللائق كما لا يخفى (2).
أما اليُونِينِيّ ساق هذا الأثر في الموضعين ليجمع اختلاف الروايات، وفي كثير من النسخ المطبوعة من «الصحيح» تجد هذا الأثر في الموضعين وهو خطأ؛ لأنه كما فعل اليُونِينِيّ ليس تكرارًا بينما هو تكرار في إثباته في الموضعين عاريًا عن الروايات.
ولذا نجد جميع شراح البُخارِيّ ذكروا هذا الأثر في المكان اللائق به وهو بعد الباب وعليه شرحوا (3) والله أعلم.
2 -
ومن هذه الأمثلة أيضًا ما جاء في كتاب: التهجد، باب: التطوع بعد المكتوبة:
فقد تكرر قوله بعد حديث رقم (1172) جملة: قال ابن أبي الزناد
(1) 1/ 131.
(2)
وينظر: «شرح القَسْطَلّانِيّ» 1/ 359.
(3)
ينظر: «شرح ابن بطال» 2/ 268، «فتح الباري» لابن رجب 5/ 446، وابن الملقن 6/ 415، «شرح الكرماني» 5/ 36، و «فتح الباري» 2/ 125 وكرره محققو «الفتح» وهو خلاف صنيع المصنف، و «عمدة القاري» 4/ 329، و «منحة الباري» 2/ 359، والسيوطي في «التوشيح» 2/ 674، و «شرح القَسْطَلّانِيّ» 1/ 359.
عن موسى ابن عقبة بن نافع بعد النساء في أهله، تابعه كثير بن فرقد وأيوب عن نافع (1).
ورمز اليونيني أن رواية ابن عساكر بدون الحديث المعلق ومتابعته. ثم ذكر مرة أخرى هذا الحديث ومتابعته بعد الحديث الثاني في الباب وهو حديث رقم (1173) ولم يرمز اليوينيني لأي خلاف فيه.
فترتب على ذلك تكرار هذا الحديث ومتابعته في الأصول المكتوبة، وإنما هو ثابت في بعض الروايات في موضع، وفي الباقي في الموضع الآخر.
3 -
من هذه الأمثلة أيضًا والتي وقع التكرار فيها لاختلاف الروايات تكرار باب وترجمة وحديثين:
فقد جاء في آخر كتاب الأذان بعد باب انتظار الناس قيام الإمام العالم (2) في «السلطانية» تكرار باب صلاة النساء خلف الرجال وحديثين تحت الباب وهما:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ
…
الحديث.
ثم قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، فذكره.
فهذا الباب بحديثيه قد ذُكر في «السلطانية» في هذا الموضع وتكرر لفظًا وسندًا ومتنًا بعد بابين وهو آخر كتاب الأذان.
(1)«اليونينية» 2/ 57.
(2)
1/ 172 - 174 (870، 871).
وعلى كلمة (باب) في الموضع الأول حاشية ونصها: هذا الباب في الأصل مخرج في الحاشية مصحح عليه ثم ذكر بعد بابين ا. هـ. من «اليُونِينيّة» وذكره هنا هو الذي في أصول كثيرة وجرى عليه الشراح. اهـ.
وذكر أيضًا هذا الباب وحديثه مكررًا في آخر الكتاب بعد بابين من الموضع الأول وعلى كلمة باب حاشية نصها: سقط الباب والترجمة عند (ة)(1). كذا في «اليُونِينيّة» وكأنه إشارة إلى أن هذا الباب في حديثه مكرر مع ما سبق اهـ. من هامش الأصل.
وما نقله محققو «السلطانية» في الموضع الأول وقالوا بعده: من «اليُونِينيّة» وهو يوهم أنه من الأصل، وضحه القَسْطَلّانِيّ بقوله: وفي هامش فرع «اليُونِينيّة» هنا ما نصه: وهذا الباب في الأصل مخرج في الحاشية مصحح عليه ثم ذكره بعد بابين.
وقال القَسْطَلّانِيّ أيضًا بعد آخر حديث في باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد:
قال: وزاد في «اليُونِينيّة» كهي (2) هنا باب صلاة النساء خلف الرجال، وهو ثابت فيه قبل بابين فكرره فيه ونبه على سقوط الأخير في الهامش (3) بإزائه عند أبي ذر، وهو ساقط في جميع الأصول التي وقفت عليها لكونه لا فائدة في تكريره اهـ.
وكل الشراح الذين وقفت على شروحهم اقتصروا على إيراد الباب وما تحته في الموضع الأول إلا ما جاء عند ابن الملقن فقد جاء عنده
(1) أي أبي ذر الهروي.
(2)
يقصد: أصل اليونيني.
(3)
وهو ما سبق نقله.