الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأخرى على ما يدل عليه، بذكر الاسم أو الكنية أو اللقب، مما قد يكون ذلك سببًا في الوهم، حسب رأي الراوي في الطبقة التي بعده، وقد يميز الاسم خطأ، أو يحدث تصحيف بَصَري أو سمعي أو غير ذلك، مما قد ينتج عنه اختلاف الراوي أو اللفظة.
وهذا النوع من الاختلاف كثيرًا ما تجده في حواشي الطبعة السلطانية.
سابعًا: ومن الأسباب التي أدت إلى كثير من الاختلافات:
إهمال البُخارِيّ نسبة بعض الراوة:
وخاصة في شيوخه اعتمادًا على شهرتهم ومعرفة العلماء بهم، فأدى ذلك إلى تمييز الرُّواة لـ «الصحيح» بما يراه كل واحد منهم صوابًا، مما يؤدي إلى اختلافهم في تمييز بعض شيوخ البُخارِيّ.
ولذا عقد ابن حجر في «مقدمته لفتح الباري» فصلًا؛ لبيان هؤلاء الرواة وتمييزهم؛ لأن ذلك مما عِيْبَ على البخاري.
قال ابن حجر:
الفصل السابع في تبيين الأسماء المهملة التي يكثر اشتراكها:
قال الشيخ قطب الدين الحلبي وقع من بعض الناس اعتراض على البخاري، بسبب إيراده أحاديث عن شيوخ لا يزيد على تسميتهم، لما يحصل في ذلك من اللبس، ولا سيما إن شاركهم ضعيف في تلك الترجمة.
وقد تكلم في بيان بعض ذلك الحاكمُ، والكلاباذي، وابن السكن، والجياني، وغيرهم.
قلت: وقد نقل البياشي - أحد الحفاظ من المغاربة - في «الأحكام الكبرى» التي جمعها عن الفربري ما نصه: كل ما في البخاري محمد عن
عبد الله فهو ابن المبارك، وكل ما فيه عبد الله غير منسوب، أو غير مسمى الأب، فهو بن محمد الأسدي، وما فيه عن إسحاق كذلك فهو ابن راهويه. وما كان فيه محمد عن أهل العراق مثل أبي معاوية وعبدة بن سليمان ومروان الفزاري فهو ابن سلام البيكندي. وما فيه عن يحيى فهو ابن موسى البلخي.
قلت: وقد يرد على بعض ما قال ما يخالفه، وقد يسر الله تتبع ذلك في جميع الكتاب، واستوعبته هنا مبينًا لجميعه، ناسبًا كل قول إلي قائله، نفع الله بذلك! (1) اهـ من «الهدي» .
قلت (الباحث): وهذا الكلام الذي نقله ابن حجر عن البياشي ونسبه إلى الفربري، قد نسبه الجياني إلى ابن السكن، وسيأتي نقله.
وقد قام أبو علي الجَيّانيّ بذكر جميع الرُّواة المهملين من شيوخ البُخارِيّ، وذكر فيهم ما جاء من روايات، مستدلًا في ذلك بأقوال العلماء، ومن سبقه ممن ألفوا في رجال «الصحيح» .
وهذا السبب أدى إلى كثير من الاختلافات، ونتج عنه الاختلاف في بعض الشيوخ الذين لم يذكروا في «الصحيح» إلا مرة واحدة مما قد ينتج عنه إخراج هذا الراوي من دائرة رجال «الصحيح» أو إدخاله فيهم.
ونسخة ابن السَّكن كانت لها قيمة خاصة جدًّا في التعريف بشيوخ البُخارِيّ الذين أهمل أنسابهم، وكانت طريقته في ذلك - كما جاء في
(1) 1/ 222. والبياشي الذي نقل عنه ابن حجر لم أقف على ترجمته، ولعله هو (أبو الحجاج يوسف بن محمد البياسي، المؤرخ الأديب، المصنف الشهير. كما يقول المقري في «نفح الطيب» اهـ، قلت:(البياسي) بالسين المهملة نسبة إلى بياسة من بلاد الأندلس، منها كثير من العلماء، قاله ابن الأثير في «اللباب» 1/ 134.
«الفتح» - (1) أن يذكر نسبة الشيخ المهمل، ويذكر قبلها كلمة:(يعني)؛ للدلالة على الزيادة من عنده على الرِّواية، فيقول - مثلا: يزيد - يعني: ابن زريع.
ولذلك نجد الإمام أبا علي الجَيّانيّ (498) هـ يقول في مقدمة القسم الخاص بالتعريف بشيوخ البُخارِيّ، من كتابه الشامل «تقييد المهمل» ، وهو يعدد من كان له مشاركة في هذا المجال قبله، يقول: وقد نسب أبو علي ابن السَّكن جماعة، منهم في نسخته من «الجامع» التي رواها عن محمد بن يوسف الفَرَبْريّ، عن البُخارِيّ. (2) اهـ.
وكثيرًا ما كان أبو علي الجَيّانيّ ينقل أقوال ابن السَّكن في شيوخ البُخارِيّ.
وينقل لنا أبو علي الجَيّانيّ نقلًا مهمًا عن ابن السَّكن، يمثل قاعدة نهتدي بها ونحتكم إليها في شيوخ البُخارِيّ الذين أهمل أنسابهم، فيقول فيما نقله عنه بسنده إليه:
كل ما في كتاب البُخارِيّ مما يقول فيه: (نا محمد قال: أنا عبد الله)، فهو محمد ابن مقاتل المَرْوَزيّ، عن عبد الله بن المبارك
…
(يراجع رواية ابن السكن في الباب الأول)(3) اهـ.
(1) 1/ 333.
(2)
2/ 942.
(3)
«تقييد المهمل» ص: 1068 - 1069.