المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سابعا: إزالة سوء الفهم في الترتيب والحذف والإثبات في الأبواب والأحاديث - روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» - جـ ٢

[جمعة فتحي عبد الحليم]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثاني:أسباب الاختلافات

- ‌المجموعة الأولى: أسباب تفاوت الرواة في الروايات وترجيح بعضهم على بعض

- ‌النوع الأول: ما يرجع إلى ذات الراوي:

- ‌1 - الحفظ:

- ‌2 - الفقه:

- ‌3 - العلم بالعربية:

- ‌النوع الثاني: ما يرجع إلى أحوال الراوي مع شيخه:

- ‌1 - البلديَّة:

- ‌2 - القرابة:

- ‌3 - تقديم الشيخ للطالب وإيثاره بالرواية:

- ‌النوع الثالث: ما يرجع إلى أحوال التحمل:

- ‌1 - السن في حال التحمل:

- ‌2 - وجه التحمل:

- ‌3 - حال الشيخ عن التحمل:

- ‌4 - الصحبة والملازمة:

- ‌5 - عناية المحدث بكتابه:

- ‌المجموعة الثانية: أسباب الاختلافات التي تتعلق بالمروي وهو «الصحيح»:

- ‌1 - الاختلاف في النقل عن أصل البخاري نفسه:

- ‌2 - كثرة الرواة عن البخاري:

- ‌3 - ومن الأسباب التي تعود إلى العوامل البشرية:

- ‌أولًا: التصحيف والتحريف

- ‌ثانيًا: ومن الأسباب التي تؤدى إلى الاختلافات:بعض الأسباب التي تؤدي إلى وقوع الإدراج

- ‌ثالثًا: ومن أسباب الاختلافات:اختلاف العلماء في حكم تغيير جمل الثناء على الله عز وجل أو الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أو الترضي والترحم على العلماء

- ‌رابعًا: اختلاف العلماء في حكم جواز إصلاح الخطأ وتقويم اللحن

- ‌خامسًا: ومن هذه الأسباب - أيضًا - الاختلاف بين العلماء في التعبير في صيغ الأداء عن طريقة التحمل

- ‌سادسًا: ومن الأسباب التي أدت إلى كثير من الاختلافات أيضًا:اختلاف العلماء في حكم جواز الرِّواية بالمعنى

- ‌سابعًا: ومن الأسباب التي أدت إلى كثير من الاختلافات:إهمال البُخارِيّ نسبة بعض الراوة:

- ‌ثامنًا: ومن هذه الأسباب:أن يروى الحديث من طريقين ويكون في أحد الطريقين زيادة ليست في الرِّواية الأخرى فيروى الحديث مرة بدون الزيادة ومرة بها

- ‌تاسعًا: ومن أسباب الاختلاف بين الرُّواة:أن يكون الحديث محفوظًا عن أحد الرُّواة من وجهين

- ‌عاشرًا: ومن هذه الأسباب:اختلاف العلماء في جواز اختصار الحديث أو الاقتصار على بعضه دون الباقي

- ‌حادي عشر: ومن هذه الأسباب: اختلاف قراءات القرآن الكريم

- ‌ثاني عشر: ومن أسباب وقوع كثير من الاختلاف في ضبط الكلمات وإعرابها، وجودُ بعض الكلمات في العربية تحتمل أكثر من ضبط لغوي أو أكثر من وجه إعرابي

- ‌ثالث عشر: ومن أسباب وقوع كثير من الاختلافات في تقسيم الكتب والأبواب

- ‌رابع عشر: الاختلافات اللغوية الناشئة عن الاختلاف بين لغات العرب وأوجه الإعراب

- ‌الأمر الأول: الاختلافات الناشئة لاختلاف لغات العرب:

- ‌الأمر الثاني: الاختلافات الناشئة عن اختلاف العلماء في المذاهب أو المدارس النحوية:

- ‌الأمر الثالث: الاختلافات الناشئة لوجود أكثر من وجه إعرابي

- ‌الفصل الثالث:نتائج الوقوف على الاختلافات

- ‌أولًا: إزالة إشكالات وعلل في الإسناد

- ‌ثانيًا: ومن هذه النتائج الإسنادية:جعل بعض الرُّواة على شرط البُخارِيّ وهم ليسوا كذلك

- ‌ثالثًا: الوقوف على أسماء الرُّواة المهملين في الإسناد وخاصة شيوخ البُخارِيّ

- ‌رابعًا: ومن هذه النتائج إزالة التصحيف الواقع في الأسانيد

- ‌خامسًا: اختلاف العلماء في عدد كتب الجامع الصحيح وأبوابه وأحاديثه بناء على اختلاف النسخ

- ‌سادسًا: الوقوف على بعض الزيادات من الرواة

- ‌سابعًا: إزالة سوء الفهم في الترتيب والحذف والإثبات في الأبواب والأحاديث

- ‌ثامنًا: إزالة نسبة الوهم إلى بعض الشراح في عزو الأحاديث

- ‌تاسعًا: إيضاح فهم مراد البُخارِيّ وعلاقة الحديث بالترجمة التي سبقت له

- ‌عاشرًا: إزالة إشكالات في فقه متن الحديث

- ‌حادي عشر: إزالة تكرار حديث أو أثر أو باب في الصحيح

- ‌ثاني عشر: ثبوت أحاديث ومعلقات أو سقوطها من الصحيح

- ‌الفصل الرابع:وسائل توجيه الاختلافات

- ‌مراعاة صحة بعض الروايات، وشهرتها بين العلماء:

- ‌بعض الوسائل التي تساعد في الوصول إلى توجيه الاختلافات:

- ‌1 - النسخ من «الصحيح» التي قارنت بين هذه الروايات:

- ‌2 - الرجوع للكتب المتعلقة بـ «الصحيح»:

- ‌أ - شروح «الصحيح»:

- ‌ب - الكتب التي اهتمت بتقييد هذه الاختلافات وتوجيهها:

- ‌ج - كتب الأطراف:

- ‌د - الكتب المتعلقة بتمييز رجال الصحيح:

- ‌هـ - الكتب المؤلفة في العلل:

- ‌و- الكتب المؤلفة في المستخرجات:

- ‌ز - كتب السنة المسندة:

- ‌ي - الكتب التي اهتمت بضبط غريب الحديث:

- ‌خاتمة الباب الثاني

- ‌الباب الثالث«عناية الأمة بضبط الاختلافات»

- ‌الفَصْل الأول:عناية المشارقة بالصحيح

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: ترجمة اليُونِينِيّ

- ‌المبحث الثاني:نسخة اليُونِينِيّ (701) ه

- ‌المبحث الثالث:الطبعة السطانية

- ‌الفَصْل الثاني:عناية المغاربة بالصحيح

- ‌المبحث الأول:عناية المغاربة بصحيح البُخارِيّ

- ‌المبحث الثاني:نسخة أبي علي الصَّدفي (454 - 514) ه

- ‌المبحث الثالث:نسخة أبي عمران موسى ابن سعادة (522) ه

- ‌الفَصْل الثالث:أهم المصنفات التي تعتني بضبط الاختلافات

- ‌المبحث الأول:ضبط الاختلافات من خلال كتب الشروح

- ‌1 - كتاب «فتح الباري» بشرح صحيح البُخارِيّ لابن حجر العسقلاني (852) ه

- ‌الروايات التى روى الصحيح من خلالها:

- ‌منهج المؤلف في كتابه:

- ‌نماذج الكتاب:

- ‌طبعات الكتاب:

- ‌2 - كتاب «إرشاد الساري إلى صحيح البُخارِيّ»

- ‌روايات الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب في الوقوف على الروايات:

- ‌ طبعات الكتاب:

- ‌«شرح صحيح البخاري»لابن بطال (449) ه

- ‌«التلخيص شرح الجامع الصحيح»للإمام النووي (676) ه

- ‌«الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري» للكرماني (786) ه

- ‌«فتح الباري شرح صحيح البخاري» لابن رجب الحنبلي (795) ه

- ‌«التوضيح لشرح الجامع الصحيح» لابن الملقن (804) ه

- ‌«عمدة القاري شرح صحيح البخاري» لبدر الدين العيني (855) ه

- ‌المبحث الثاني: كتب تقييد الألفاظ واختلاف الروايات والنسخ

- ‌كتاب «تقييد المهمل وتمييز المشكل» لأبي علي الجَيّانيّ

- ‌كتاب «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» للقاضي عِياض

- ‌كتاب «مَطالِعُ الْأَنْوارِ عَلَى صِحاحِ الْآثارِ» لابن قُرْقُول 505 - 569 ه

- ‌خاتمة الباب الثالث

- ‌النتائج العامة للبحث

- ‌كيفية الوصول إلى نص «صحيح البخاري»

- ‌منهج الجمع بين أكثر من رواية من روايات «الصحيح»

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌سابعا: إزالة سوء الفهم في الترتيب والحذف والإثبات في الأبواب والأحاديث

ذلك غير واحد منهم اليُونِينِيّ وابن حجر والعيني وغيرهم.

وأبو جعفر هذا هو محمد بن أبي حاتم البُخارِيّ - وراق البُخارِيّ - وقد ذكر عنه الفَرَبْريّ في هذا الكتاب فوائد كثيرة عن البُخارِيّ وغيره، رواها عنه - أي: الفَرَبْريّ - من كتابه «شمائل البُخارِيّ» كما ذكر ابن حجر وغيره.

ومعنى هذه الزيادة أن ابن المبارك صنف كتبه بخراسان، وحدث بها هناك، وحملها عنه أهلها، وحدث في أسفاره بأحاديث من حفظه زائدة على ما في كتبه هذا منها. وهذه الزيادة ليست عند الكرماني في «شرحه» .

‌سابعًا: إزالة سوء الفهم في الترتيب والحذف والإثبات في الأبواب والأحاديث

كما جاء في كتاب الوضوء، باب الْماءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسانِ

(1).

فقد ذكر البُخارِيّ (2) هذا الباب فقال: باب الْماءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسانِ، وَكانَ عَطاءٌ لَا يَرَى بِهِ باسًا أَنْ يُتَّخَذَ مِنْها الْخُيُوطُ والْحِبالُ، وَسُؤْرِ الْكِلَابِ وَمَمَرِّها فِي الْمَسْجِدِ. وَقال الزُّهْرِيُّ: إِذا وَلَغَ فِي إِناءٍ لَيْسَ لَهُ وَضُوءٌ غَيْرُهُ يَتَوَضّا بِهِ. وَقال سُفْيانُ: هَذا الْفِقْهُ بِعَيْنِهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعالَى:{فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَهَذا ماءٌ، وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ، يَتَوَضّا بِهِ وَيَتَيَمَّمُ.

ثم ذكر تحت هذه الترجمة عدة أحاديث:

أولها: قال: حَدَّثَنا مالِكُ بْنُ إِسْماعِيلَ قال: حَدَّثَنا إِسْرائِيلُ، عَنْ عاصِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قال: قُلْتُ لِعَبِيدَةَ: عِنْدَنا مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَصَبْناهُ مِنْ قِبَلِ

(1) 1/ 45 - 46 (170 - 174).

(2)

كما جاء عند اليونيني في الطبعة السلطانية.

ص: 608

أَنَسٍ أَوْ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ أَنَسٍ. فَقال: لأَنْ تَكُونَ عِنْدِي شَعَرَةٌ مِنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيا وَما فِيها.

وساقه للاستدلال على طهارة الشعر؛ لأنه لما جاز اتخاذ شعر النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك به فهو طاهر.

ثم ذكر البُخارِيّ حديثًا ثانيًا في الشعر فقال:

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الرَّحِيمِ قال: أَخْبَرَنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمانَ قال: حَدَّثَنا عَبّادٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمّا حَلَقَ رأسَهُ، كانَ أَبُو طَلْحَةَ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ.

ثم ذكر البُخارِيّ الأحاديث التي نحابها إلى طهارة الكلب وطهارة سؤره (1): (وهي ثلاثة عند اليُونِينِيّ وأربعة عند جميع الشراح.)

الحديث الأول: حَدَّثَنا عبد اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِناءِ أَحَدِكُمْ؛ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا» .

الحديث الثاني: وهو في هامش «اليُونِينيّة» ، وليس في الأصل وجاء قبله باب إِذا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِناءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا عند ابن عساكر فقط، ورمز اليُونِينِيّ بسقوط هذا الحديث من رِواية الأصيلي وأبي ذر الهَرَويّ، وجاء بعده ما نصه: وهكذا مكتوب في الأصل بالحمرة: ثابت عند (س)(2) بعد حديث عبد الله بن يوسف، ويلي الذي بالحمرة (قال أحمد بن شبيب)(3). اهـ.

(1) ينظر: «التوضيح شرح صحيح البُخَارِيّ» 4/ 240.

(2)

أي ابن عساكر.

(3)

أي الحديث الثالث الآتي.

ص: 609

ثم قال محقق السلطانية: كذا في فرعين من فروع «اليونينية» ، وفي أحدهما، وهذا المكتوب بالحمرة ما خلا التبويب في أصل الحافظ المنذري إلا أن عليه: لا إلى (1).

ونص هذا الحديث كما جاء في هامش «اليُونِينيّة» :

حَدَّثَنا إِسْحاقُ، أَخْبَرَنا عبد الصَّمَدِ، حَدَّثَنا عبد الرَّحْمَنِ بْنُ عبد اللَّهِ بْنِ دِينارٍ، سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَبِي صالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ رَجُلًا راى كَلْبًا ياكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فاخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ، فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْواهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فادْخَلَهُ الْجَنَّةَ» .

ثم ذكر البُخارِيّ الحديث الثالث:

وَقال أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: حَدَّثَنا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ قال: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عبد اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قال: كانَتِ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

كذا سياق الحديث سندًا ومتنًا في «اليُونِينيّة» ورمز اليُونِينِيّ على كلمة: (تبول) وحرف العطف (و) بما يدل على سقوطهما عند أبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأبي الوَقْت ونسخة أخرى.

ثم ذكر الحديث الرابع قال:

حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قال: حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حاتِمٍ قال: سالْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقال: «إِذا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ، واذا أَكَلَ فَلَا تاكُلْ، فانَّما أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ» . قُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي فاجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ؟ قال: «فَلَا تاكُلْ، فانَّما سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبٍ آخَرَ» .

(1) أي علامة الإسقاط.

ص: 610

وفي سياق الأحاديث، يبقى سؤالان:

الأول: هل الحديث الثاني في الأحاديث التي ذكرها في الاستدلال على طهارة الكلب ثابت في نسخ البُخارِيّ أم لا؟

الثاني: هل ترجمة باب: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم .. إلخ. ثابتة أم لا؟ وإذا ثبتت فأين موضعها.

وللإجابة على السؤال الأول أقول:

إن الواضح من صنيع الشراح والكتب التي اعتمدت على البُخارِيّ تدل على ثبوت هذا الحديث في متن البُخارِيّ، وإنما الذي أشكل الأمر هو كتابة هذا الحديث في حاشية الطبعة السلطانية؛ لأن غالب ظني أن هذا الحديث مكتوب في أصل اليُونِينِيّ، والعبارة المنقولة عقب هذا الحديث إنما هي منقولة من الفرعين الذين ذُكرا، والنقل يدل على الاختلاف في إثبات الترجمة (باب إذا شرب الكلب

إلخ) قبل هذا الحديث أو بعده.

ومما يدل على ذلك أن القَسْطَلّانِيّ (1) لم يذكر خلافًا في إثبات هذا الحديث أو عدمه، وإنما حكايته عن موضع الترجمة المختلف في إثباتها.

قال القَسْطَلّانِيّ: وفي رِواية ابن عساكر - كما في الفرع - (2) كأصله (3) قبل هذا الحديث (4)، باب: إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا، حَدَّثَنا عبد الله بن يوسف، وهو الذي شرح عليه الحافظ ابن حجر، لكن يليه

(1) وهو الذي ذكر أنه حكى نص اليونيني كما جاء في فرعه الذي ربما فاق أصله وهو فرع الغزولي وقابله على أصل اليونيني بعد عثوره عليه بعد ذلك.

(2)

أي فرع الغزولي.

(3)

أي أصل اليونيني.

(4)

حديث عبد الله بن يوسف عن مالك، وهو الحديث الأول.

ص: 611

عنده حديث إسحاق بن منصور الكوسج أن رجلًا .. (1)

ثم قال - لإثبات الترجمة السابقة -: وفي رِواية بهامش «اليُونِينيّة» بعد حديث عبد الله بن يوسف: «إذا شرب الكلب ..» ، وسقطت الترجمة والباب في بعض النسخ لأبي ذر والأصيلي (2). اهـ.

فلم يتعرض القَسْطَلّانِيّ للخلاف في ثبوت الحديث أو عدمه، وصنيع محققي «السلطانية» جعل القائمين على إخراج «الصحيح» (طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية) لا يذكرون هذا الحديث في الأصل واكتفوا بالإشارة إليه في الهامش، بينما نجد شراح «الجامع» يذكرون هذا الحديث ويشرحونه، وبعضهم لم يشر إلى الخلاف فيه أصلًا.

فابن الملقن في «شرحه» - وقد اعتمد على رِواية أبي الوَقْت - ذكر هذه الأحاديث السابقة، وبين وجه المناسبة بين هذه الأحاديث وبين باب: الماء الذي يغسل به شعر الإنسان

الخ (3) كما فعل ذلك أيضًا ابن حجر في «الفتح» (4)، وكذلك فعل ابن بطال في «شرحه» (5) والكرماني في «شرحه» (6)، والعيني في «العمدة» (7).

وقد رجعت إلى نسخة مخطوطة وهي نسخة أبي زرعة العراقي وهي

(1) أي الحديث المثبت في هامش «اليونينية» .

(2)

«إرشاد الساري» 1/ 441.

(3)

4/ 240 - 241.

(4)

1/ 278.

(5)

1/ 264 - 266.

(6)

3/ 9.

(7)

2/ 337، وينظر:«صحيح البُخَارِيّ» طبعة المجلس الأعلى 1/ 137، 138 «ومنحة الباري» لزكريا الأنصاري 1/ 460.

ص: 612

لرِواية أبي الوَقْت عن الدّاوُدِيّ ورِواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة ورِواية كريمة المَرْوَزيّة عن الكشمهيني.

فوجدت الحديث فيها في اللوحة رقم (40) ولم يذكر الباب المختلف في إثباته وذكر هذا الحديث بين حديث عبد الله بن يوسف، عن مالك وحديث أحمد بن شبيب، عن أبيه .. إلخ.

مما يدل على أن الحديث لا خلاف في ثبوته بين هذه الروايات.

ومما يؤكد ذلك أن المزي قد ذكر في «تحفة الأشراف» (1) حديثًا: أن رجلًا رأى كلبًا يأكل الثرى

إلخ.

وعزاه للبخاري في كتاب الطهارة (2) ثم قال بإسناد الذي قبله وإسناد الحديث الذي قبله هو: إسحاق، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن ذكوان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

وحديث إسحاق بن منصور: أن رجلًا رأى كلبًا .. الحديث.

رواه البُخارِيّ في «صحيحه» في ثلاثة مواضع أخرى بأسانيد مختلفة عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا.

وهي ما جاء في كتاب المساقاة، باب: فضل سقي الماء (3) قال: حَدَّثَنا عبد الله ابن يوسف أَخْبَرَنا مالك عن سُمَيّ عن أبي صالح به مثله.

وفي كتاب المظالم، باب: الآبار على الطرق إذا لم يتأذ بها (4).

قال

(1) 9/ 432 (12825).

(2)

كذا في نسخته من «الصحيح» وفي النسخ المتداولة: كتاب الوضوء.

(3)

3/ 111 - 112 (2363).

(4)

3/ 132 - 133 (2466).

ص: 613

حَدَّثَنا عبد الله بن سلمة، عن مالك، عن سمي، عن أبي صالح مثله.

وفي كتاب الأدب، باب: رحمة الناس والبهائم (1) قال: حَدَّثَنا إسماعيل، حدثني مالك عن سُمَيّ مولى أبي بكر، عن أبي صالح به.

فالموضع الذي ذكره المزي هو هذا الموضع الذي معنا.

كل ذلك يدل على أنه لا خلاف على ثبوت الحديث. والله أعلم. هذا ما يتعلق بالإجابة على السؤال الأول.

الثاني: هل الترجمة ثابتة أم لا؟ وإذا ثبتت فأين موضعها؟

أقول: إن نقول الأئمة في هذا الباب تدل على أن هذه الترجمة ثابتة في نسخة ابن عساكر كما نص على ذلك شراح الحديث، وكما دل عليه صنيع اليُونِينِيّ، واختلف النقل عن اليُونِينِيّ تبعًا لما نقله محققو السلطانية وهو مقتضى رمز اليُونِينِيّ نفسه، ونقلوا عن فرعين من فروع «اليُونِينيّة» أن التبويب ثابت بعد حديث عبد الله يوسف.

وحكى القَسْطَلّانِيّ في الإرشاد (2) ثلاثة أوجه:

الأول: ثبوت التبويب وهو عند ابن عساكر قبل حديث عبد الله بن يوسف.

والثاني: ثبوته بعده.

والثالث: سقوطه أصلًا، روايتي أبي ذر والأصيلي.

والراجح ثبوته عند ابن عساكر قبل حديث عبد الله بن يوسف كما جزم بذلك اليُونِينِيّ والقَسْطَلّانِيّ وهو المناسب لسياق الحديث وجميع الأحاديث بعده واضحة الدلالة على التبويب.

(1) 8/ 9 (6009).

(2)

1/ 441.

ص: 614